الفن والأخلاق عن الإخوان

الفن والأخلاق عن الإخوان

الفن والأخلاق عن الإخوان


09/07/2024

أحمد عبدالتواب

أثار الإخوان فزعاً رهيباً فى صفوف الجماهير والنخب المصرية بعد أشهر قليلة من بداية حكمهم، وقد تفشت حالة الفزع سريعاً لأنهم تَعَجَّلوا من أيامهم الأولى فى فرض سيطرتهم التامة على منابر الصحافة والتليفزيون، فصارت أفكارهم المخيفة عن تصوراتهم وخططهم تُعرَض طوال اليوم فى عموم البلاد، والغريب أنهم كانوا يتسابقون فيما بينهم على مَن مِنهم يكون أكثر تجهماً، وكأنهم يظنون أن الابتسام يتناقض مع الجدية، كما تنافسوا أيضاً على مَن مِنهم يكون أعلى صوتاً فى توبيخ الشعب المصرى على ما يرونه سوء أخلاق. وهاتان مجرد إشارتين فقط من نماذجهم التى تفشت: فقد وَجَّهوا سهامهم مباشرة إلى الفنانين فى تأكيد عدائهم للفن، وكانوا جميعاً يُفَرِّقون بين ما يؤيدونه ويسمونه (فناً ملتزماً) وما يرفضونه ولن يسمحوا بعرضه على الجمهور، لأنه فى رأيهم يتراوح بين (قلة الأدب) و(الخلاعة) و(التسيب) و(التهتك) و(الحضّ على الرذيلة)..إلخ. وظهر بعض أنصار توجههم الفنى على شاشة التليفزيون الحكومى، الذى كان يسيطر عليه وزيرهم للإعلام، وقالوا إنهم أسَّسوا فرقة مسرحية لا تضم إلا الرجال فقط، لأن قيام المرأة بالتمثيل حرام(!)، وأما إذا كان من اللازم أن تظهر شخصية نسائية، فسوف يقوم بدورها رجل من الفرقة!

كما ظهر أحد دعاتهم فى برنامج آخر يتحدث عما اعتبره فهماً خاطئاً شائعاً فى أوساط الجماهير عن الحريات، وحذَّر مَن يظنون أن الحرية تعنى أنه لا رقابة عليهم وهم فى بيوتهم! وأضاف، تقريباً بالحرف: (لا يا حبيبى! دى مش الحرية! إحنا بقى ها (نطبّ) عليك فى بيتك ونعلِّمك الحرية)!! ولكنه لم يشرح: كيف يمكن أن (يطبّوا) على بيوت المواطنين الذين كان تعدادهم آنذاك نحو 90 مليون مواطن؟! وكم عدد مَن سوف (يطبُّون) على البيوت ليتمكنوا من تعليم شعب معنى الحرية؟!

يمكن الآن، بعد سنوات من الاطمئنان إلى انتهاء المحنة، أن تُدْرَس بمنهجية علمية هذه العقلية الظلامية، كما يمكن أيضاً أن يُستَخْلَص منها معالجات كوميدية، لأنه أثناءها لم يكن هنالك سوى الفزع من أن تستمر هذه الرِّدّة المخيفة التى كانت تُهدِّد بدفع مصر إلى قرون بعيدة عانت فيها من تولى هذه العقليات مقاليد الحكم.

عن "الأهرام"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية