الغزّيون بين موتين: وحشية الاحتلال وفتك الأمراض المعدية

الغزّيون بين موتين: وحشية الاحتلال وفتك الأمراض المعدية

الغزّيون بين موتين: وحشية الاحتلال وفتك الأمراض المعدية


06/12/2023

إلى جانب المجازر التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة والقصف والقتل والمحاصرة، والتعذيب والتنكيل، فإنّ الأمراض المُعدية ضاعفت معاناة الفلسطينيين، خاصة الأمراض المعوية والجلدية والتهاب الكبد الوبائي والكوليرا.

منظمات عالمية كثيرة دقت ناقوس الخطر، مؤكدة أنّ الأمراض المُعدية ستعصف بالفلسطينيين في غزة؛ بسبب الأوضاع الصحية الكارثية، وتدمير المستشفيات والعيادات، وعدم توفر المياه الصالحة للشرب، ومحدودية الأغذية، وبسبب عدم تقديم المطاعيم اللازمة للأطفال.

وحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)  التي صرحت على لسان مستشارها الإعلامي بالوكالة عدنان أبو حسنة، فإنّ "الأمراض المعوية في غزة انتشرت بمعدل (4) أضعاف ما كانت عليه سابقاً، والجلدية (3) أضعاف".

المنظمات العالمية: الأمراض المُعدية ستعصف بالفلسطينيين؛ بسبب الأوضاع الصحية الكارثية، وتدمير المستشفيات، وعدم توفر المياه الشرب، ومحدودية الأغذية

وأكد المسؤول الأممي، في تصريح نشر عبر موقعها الإلكتروني، أنّ "هناك تقارير عن انتشار التهاب الكبد الوبائي في القطاع، إلى جانب بدء تفشي أوبئة أخرى، مثل الكوليرا".

وفي سياق متصل، أشار المدير الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، أحمد المنظري، إلى تفشي الأمراض المعدية في غزة، ولا سيّما الكبد الوبائي والإسهال.

وأضاف خلال مؤتمر صحفي حول الطوارئ الصحية في غزة أمس، أنّه رغم تعطل أنظمة رصد الأمراض في القطاع، إلا أنّه تم رصد زيادة في الأمراض المُعدية، ومنها التهابات الجهاز التنفسي الحادة، والجَرَب، واليرقان، والإسهال، والإسهال الدموي، كما بلّغت ملاجئ في الجنوب عن حالات الإصابة بمتلازمة اليرقان الحاد، وهي إشارة مثيرة للقلق تدلّ على الإصابة بالتهاب الكبد، وفق ما نقلت وكالة (فرانس برس).

أبو حسنة: هناك تقارير عن انتشار التهاب الكبد الوبائي في القطاع، إلى جانب بدء تفشي أوبئة أخرى، مثل الكوليرا

وقال المنظري: "رأينا ما حدث في شمال غزة، لا يمكن أن يكون هذا هو المخطط للجنوب، ولا تستطيع غزة أن تتحمل خسارة مستشفى آخر مع استمرار ارتفاع الاحتياجات الصحية"، لافتاً إلى تفشي العديد من الأمراض؛ مثل التهاب الكبد، وحالات الإسهال التي وصلت إلى أعداد كبيرة جداً، إضافة إلى الأمراض التنفسية، وتفشي الكوليرا.

ورجح أن يؤدي تكثيف العمليات العسكرية البرية في جنوب غزة، لا سيّما في خان يونس، إلى تعذر حصول آلاف الأشخاص على الرعاية الصحية، وخصوصاً تعذُّر الوصول إلى مجمع ناصر الطبي ومستشفى غزة الأوروبي، وهما المستشفيان الرئيسيان في جنوب غزة، مع تزايد عدد الجرحى والمرضى.

المدير الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، أحمد المنظري

وعبّر المنظري عن بالغ قلقه إزاء استئناف الأعمال العدائية، بما في ذلك القصف العنيف في غزة، مجدداً مناشدته لإسرائيل لاتخاذ كل التدابير الممكنة لحماية المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات، وفقاً لقوانين الحرب.

وفي السياق، قالت الناطقة باسم المنظمة مارغريت هاريس: "في نهاية المطاف، سنشهد وفيات أكبر جراء الأمراض ممّا نشهده الآن جراء القصف، في حال عجزنا عن ترميم هذا النظام الصحي".

المنظري: تم رصد زيادة في الأمراض المُعدية؛ ومنها التهابات الجهاز التنفسي الحادة، والجَرَب، واليرقان، والإسهال، والإسهال الدموي، ومتلازمة اليرقان الحاد

وأضافت أنّه مع تواصل الحرب، فإنّ أحد أكبر هواجس فرق العمل الإنساني في غزة هو انتشار الأمراض القاتلة التي تنتقل عن طريق المياه مثل الكوليرا والتيفود.

وقد حذّر الأطباء في جنوب غزة من سرعة انتشار الأمراض المُعدية في القطاع؛ بسبب الاكتظاظ الناجم عن النزوح الجماعي للمدنيين مع انتقال الحملة العسكرية الإسرائيلية إلى مناطق الجنوب.

وقال عاصم محمد (24 عاماً)، وهو طبيب متطوع في مستشفى ناصر في خان يونس لصحيفة (إندبندنت): إنّ المنطقة المحيطة بالمستشفى "تملؤها الأمراض المعدية وحالات الأوبئة"، بما فيها "الالتهابات الفطرية" و"الالتهابات الجلدية" و"الالتهاب الرئوي".

 انتشار الأمراض القاتلة التي تنتقل عن طريق المياه مثل الكوليرا والتيفود

بدوره، قال الطبيب المتطوع في مستشفى ناصر، يوسف عدنان (24) عاماً: "إنّ الوضع داخل مستشفى ناصر حالياً كارثي. نحن نعالج آلاف حالات الإسهال بسبب قلة توفر المياه النظيفة".

وشرح الأطباء المحليون كيف سبّب نقص اللقاحات الأساسية لحديثي الولادة بانتشار الأمراض بشكل أسرع عبر المستشفيات، وقد لاحظوا زيادة في نسبة أمراض الالتهاب الرئوي المكتسبة من المستشفيات.

هاريس: سنشهد وفيات أكبر جراء الأمراض ممّا نشهده الآن جراء القصف، في حال عجزنا عن ترميم هذا النظام الصحي

ويزداد خطر انتشار الأمراض في ظل وجود أكثر من (1500) جثة تحت الأنقاض، إضافة إلى شرب مياه البحر الملوثة، وتضرر شبكات الصرف الصحي، وفق خبراء.

وفي هذا الإطار، قال مستشار علاج الأمراض المعدية والأوبئة الدكتور ضرار بلعاوي: إنّ "ما نشهده في غزة هو كارثة إنسانية صحية".

مستشار علاج الأمراض المعدية والأوبئة الدكتور ضرار بلعاوي: إنّ "ما نشهده في غزة هو كارثة إنسانية صحية".

وأوضح في حديثه لموقع (الحرة) أنّ ما يفاقم الأزمة هو غياب الأدوية والوقود، خاصة أنّ "الآلات والمعدات الطبية تعمل بالكهرباء، ومنها أجهزة التنفس الاصطناعي وغسيل الكلى".

وأضاف أنّ "هناك تبعات فورية للقصف، وتشمل الوفيات والهرس الجسدي، أي تهتك الأعضاء، وبعد (3) أيام تبدأ التداعيات متوسطة الأجل، وتشمل التهابات لدى الجرحى؛ بسبب الجروح غير النظيفة، والتهابات في الأعضاء الداخلية، بسبب عدم القدرة على مداواتهم".

الأطباء في جنوب غزة يُحذّرون من سرعة انتشار الأمراض المعدية في القطاع؛ بسبب الاكتظاظ الناجم عن النزوح الجماعي للمدنيين

وتابع: "تزيد أيضاً فرصة انتشار الأمراض المعدية، إضافة إلى التبعات النفسية التي قد تصيب الناجين".

وأكد أنّ فرص حدوث ذلك تكبر بسبب "انهيار المنظومة الصحية، وتهالك منظومة الصرف الصحي، وعدم وجود مياه نظيفة أو غذاء نظيف. وانتشار الأمراض المعدية يقسم إلى (3) أقسام".

وعن أنواع الانتشار، قال بلعاوي: "النوع الأول هو أنّ الأمراض المعدية تنتقل عبر الماء والغذاء، وهذا ما قد يسبب الإسهال والكوليرا والسالمونيلا والتهابات الكبد الوبائي".

...

وأكد أنّ "النوع الثاني هو أنّ الأمراض المعدية يمكن أن تنتقل عن طريق التزاحم، ونتوقع انتقال وانتشار أمراض الجهاز التنفسي والإنفلونزا، خاصة أننا ما زلنا في مرمى الكورونا، وذلك في أماكن الإيواء المكتظة مثل المدارس، إضافة إلى الحصبة والتهاب السحايا".

و"النوع الثالث من الأمراض المعدية هو ما ينتقل عبر الحشرات أو النواقل، وأهمها البعوض، وذلك بسبب وجود مياه راكدة، وتضرر شبكة الصرف الصحي، وانتشار القمامة بسبب غياب الجهات المسؤولة عن إزالتها، ونتوقع انتشار الملاريا والحمى النزفية".

وفي الإطار ذاته، حذّرت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة من كارثة انتشار أمراض وبائية بقطاع غزة جرّاء النقص الحاد بالمياه والغذاء والدواء ومستلزمات النظافة لدى النازحين.

البلعاوي: غزة تشهد كارثة إنسانية؛ بسبب انهيار المنظومة الصحية، وتهالك منظومة الصرف الصحي، وعدم وجود مياه نظيفة أو غذاء نظيف

وقالت الكيلة في مؤتمر صحفي عقدته بمدينة رام الله بالضفة الغربية أمس: إنّ "الحالة الوبائية في مراكز اللجوء من مدارس وتجمعات مستشفيات وصلت إلى إحصائيات كارثية بكل معنى الكلمة"، وفق ما نقلت وكالة (وفا) الرسمية.

ولفتت إلى أنّ ذلك يأتي "جرّاء النقص الحاد في المياه والغذاء والدواء والمستلزمات التي تتعلق بالنظافة، ممّا أدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة بين النازحين وبأعداد مخيفة تنذر بالكارثة المحققة".

ووفقاً للوزيرة، تم تسجيل أكثر من (117) ألف حالة التهاب تنفسي حاد، وأكثر من (86) ألف حالة إسهال وجفاف حاد عند الأطفال دون سن الخامسة، وأكثر من (50) ألف حالة مرض جلدي، منها (26) ألف حالة جرب وتقمل، وأكثر من (2400) حالة جدري.

بالجهة المقابلة، تعرّض الكثير من عناصر الجيش الإسرائيلي في غزة لأمراض معوية وتسمم غذائي.

...

وقالت صحيفة (يديعوت أحرونوت): "إنّ القوات الإسرائيلية في قطاع غزة واجهت ارتفاعاً في حالات الإصابة بالأمراض المعوية والتسمم الغذائي بين الجنود خلال الأسابيع الأخيرة.

وأكدت الصحيفة إجلاء (18) جندياً من الجنود الإسرائيليين من غزة إلى قاعدة تدريب اللواء لتلقي العلاج الطبي، بعد إصابتهم بتفشي مرض الدوسنتاريا (بكتيريا الشيغيلا) وأعراض الإسهال والقيء.

وبشأن الأسباب، قالت الصحيفة: إنّ الجيش يرجح سوء تخزين بعض المواد الغذائية التي تصل الجيش على شكل "تبرعات غذائية".

وكشفت نتائج تحليل الأطعمة وجود بكتيريا تسبب الزحار، وهو مرض يسبب التهاباً واضطراباً في الأمعاء، كما يسبب في كثير من الحالات الإسهال الشديد وارتفاع درجة حرارة الجسم.

مواضيع ذات صلة:

- بعد أسابيع من المحرقة الإسرائيلية.. قطاع غزة يواجه كارثة اقتصادية

المخاطر تحدق بغزة: من لم يمت بالقصف مات بالأوبئة

 

الصفحة الرئيسية