العُمانيون يحتفلون بـ"قرنقشوة".. لماذا تجدد الجدل حول العادة الرمضانية السنوية في السلطنة؟

العُمانيون يحتفلون بـ"قرنقشوة".. لماذا تجدد الجدل حول العادة الرمضانية السنوية في السلطنة؟


19/04/2022

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في سلطنة عُمان ودول الخليج العربي، تجدد الجدل؛ بسبب فتوى دينية "تحرّم" الاحتفال بالعادة الرمضانية السنوية "قرنقشوه"، وانقسمت الآراء بين مؤيد للفتوى وبين مدافع عن هذا الاحتفال الذي يدخل البهجة إلى قلوب الأطفال.

وكان مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان الشيخ كهلان بن نبهان الخروصي قد أفتى عام 2018 بأنّ "قرنقشوه" عادة محرمة ولا تمت بصلة للتراث العُماني، واعتبرها "تقليداً وثنياً حسب ما أثبته علماء الأنثروبولوجيا"، مضيفاً أنّ الكنيسة المسيحية قامت بتبنّي عدد من الاحتفالات الوثنية من بينها هذه العادة.

ووصف الخروصي "القرنقشوه" بالعادة الدخيلة على المجتمع العُماني، ويحتفل بها في البلاد التي اختلطت بحضارات غربية مسيحية، مشيراً إلى أنّ المسيحيين يطلقون عليها  تسمية "عيد جميع القديسين"، ويخرج فيها الأطفال ليقوموا بجولة حول المنازل المجاورة لهم وطلب الحلوى من أصحابها. 

ماذا تعرف عن "قرنقشوه"؟

هو تقليد اجتماعي يقام عادة في منتصف شهر رمضان في عدد من البلدان الخليجية منها سلطنة عمان حيث يخرج الأطفال بعد الانتهاء من الإفطار في مجموعات مرددين عبارات شعبية معروفة لهذه الاحتفالية.

ويحتفل بـ "القرنقشوه" في عدد من ولايات السلطنة وهو الاسم السائد للاحتفالية التي يسميها البعض "القرقيعان" وهو الاسم المستخدم في بعض دول مجلس التعاون الخليجي التي تحتفل كذلك بهذه العادة الرمضانية.

 ويسمى هذا الاحتفال بالـ "كرنكعوه" في قطر و "القرقيعان" في الكويت و "القرنقشوه" في سلطنة عمان .

و"القرنقشوه" عادة ينتظرها الأطفال ويستعد لها الكبار، حيث يجهزون قبل قدومها بأيام، من خلال اختيار الملابس الجديدة، وفي اليوم الـ 14 من شهر رمضان.

وبعد صلاة المغرب يخرج الأطفال في مجموعات لزيارة المنازل التي ينتظرهم عندها الكبار ليستقبلوهم بالحلويات والنقود والمكسرات وغيرها من الحلوى.

ويسير الأطفال في مجموعات منظمة مرددين عبارات "قرنقشوه يوناس..  عطونا بيسة حلوه.. دوس دوس طلع غوازيك من المندوس.. حارة حارة طلع غوازيك من السحارة".

يُحتفل بـ "القرنقشوه" في عدد من ولايات سلطنة عمان وهو الاسم السائد للاحتفالية التي يسميها البعض "القرقيعان" في بعض دول مجلس التعاون الخليجي

 وكلمة "غوازيك" هي جمع "غازي" وتعني عملة معدنية قديمة كان يتعامل بها في السلطنة وهي أصغر من البيسة فيما تعني "المندوس والسحارة" الصندوق الذي تحفظ بداخله الأشياء الثمينة، وفق ما أورده موقع "البوابة الإعلامية" العُماني.

 وتختلف الهدايا المقدمة للأطفال وتتنوع في الوقت الحالي لتتماشى مع تطور المعيشة ورغبات الأطفال ويتنافس كل منزل على تقديم الأفضل للأطفال ليعودوا في نهاية "القرنقشوه" إلى منازلهم وهم في سعادة غامرة ويعرضون على أهلهم الهدايا التي حصلوا عليها في هذه الاحتفالية الرمضانية.

 ولا تقتصر "القرنقشوه" على فئة معينة من الأطفال بل يشارك فيها الأطفال من مختلف شرائح المجتمع، وكان الأطفال في القدم يخرجون في مجموعات ويحدد رئيس لكل مجموعة وهو الذي يستلم الهدايا من الأهالي ويقوم بقية الأطفال بترديد نشيد الاحتفالية وعند الوصول إلى أي منزل يقوم الأطفال بالتحية على أهله والدعاء لهم.

وبعد الانتهاء من "القرنقشوه" يجتمع أطفال كل مجموعة ويقتسمون ما حصلوا عليه ويعود كل طفل إلى منزله ويستقبله أهله في أجواء احتفالية.

وكانت تقتصر الهدايا قديماً على التمر والحلوى العُمانية وبعض المكسرات والنقود إلا أنها تطورت حيث أصبحت الآن تتماشى مع المعيشة ورغبات الأطفال وهو ما يختلف عن السابق.

جدل على مواقع التواصل

الفتوى المتعلقة بهذه العادة والتي يرجع تاريخها إلى 4 أعوام، عادت للانتشار على منصات التواصل الاجتماعي في الخليج وعُمان، مجددة الجدل حول مسألة الاحتفال وسط تباين كبير في الآراء.

وأيد بعض المغردين كلام الشيخ كهلان بن نبهان الخروصي بعدم الاحتفال بهذه المناسبة، والتي وصفوها بالعادة الدخيلة على المجتمع العمّاني كما انتقدوا من يشككون في موقف مساعد المفتي.

 بعد صلاة المغرب، يخرج الأطفال في مجموعات لزيارة المنازل التي ينتظرهم عندها الكبار ليستقبلوهم بالحلويات والنقود والمكسرات

وعلق أحد المغردين على الجدل مؤيداً الفتوى بالقول: "يقومون بسؤال أهل العلم وحينما لا تعجبهم الفتوى يقومون بانتقادهم وتوجيه السهام لهم. العلماء هم مجتهدين لدفع الضرر عن الأمة".

وأضاف: "عادة "القرنقشوه" خرجت عن المألوف وصاحبها أشياء خطيرة لذلك العلماء حذرو منها".

وختم بالقول: "يجي واحد يقول نفرح الأطفال طيب فرحتهم يوم العيد وهذا ما شرعه الله تعالى".

كما وقالت إحدى المغردات إنّ هذه الاحتفالية تحث الأطفال على التسول، مؤكدة على ضرورة احترام فتاوى العلماء بالقول: "القرنقشوه إذا جئنا نتكلم بصراحة فهي عادة دخيلة على مجتمعنا ولا تمت للعادات والتقاليد العمّانية بأي صلة. وأنا ضد هذه العادة التي تعلم الطفل معنى التسوّل ناهيك عن رأي العُلماء فيها في الوقت الذي يجب أن يُحترم فيه رأي العلماء وأن يُأخذ به بعين الاعتبار وكلنا سمعاً وطاعة".

فيما دافع مغردون عن الاحتفال الذي قالوا إنه يدخل السعادة إلى قلوب الأطفال موضحين أنها عادة عمّانية قديمة وجب إحياؤها.

ودعا أحد المغردين إلى إحياء هذه العادة دون إثارة الجدل حتى لو لم تكن عادة في جميع المناطق في عُمان، قائلاً: "#قرنقشوه تعتبر من عاداتنا القديمة جداً فيها فرحة للأطفال بمناسبة انتصاف شهر رمضان المبارك ويفرح الكبار بفرحة الصغار".

وأضاف: "نتفهم أنها ليست من عادات بعض مناطق عُمان ولم يطلب حد انكم تطبقوها ونحترم ذلك لكن رجاء لا تتفلسفوا فيها واحترموا عاداتنا مثل ما نحن نحترم عاداتكم. نفس السالفة كل رمضان".

 قالت إحدى المغردات إنّ هذه الاحتفالية تحث الأطفال على التسول، مؤكدة على ضرورة احترام فتاوى العلماء

واستنكر مغردون إثارة كل هذا الجدل على منصات التواصل الاجتماعي ونعت الأطفال بـ"المتسولين" داعين إلى عدم تضخيم الأمور.

وما بين المؤيدين للاحتفال والرافضين له، برز فريق ثالث دعا إلى الاهتمام بأشياء أكثر أهمية، وقال أحد المغردين: "دعوا الأطفال يفرحوا ولا تسلبوا منهم فرحتهم، #قرنقشوه تظل عادة جميلة وغير مضرة يفرح فيها الصغار ويتذكر حلاوتها الكبار الذين عاشوا تفاصليها وهم صغار".

وأضاف: "لاتقلبوا في صفحات التاريخ القديم عن قضايا غير مهمة، وتتركوا قضايا في المجتمع أكثر منها أهمية وتلامس عيشة المواطن".

مواضيع ذات صلة:

الجدل الديني... مَن أعطى المتعصبين مفاتيح المشهد؟

شم النسيم في رمضان... غاب الجدل وحضرت الذكرى

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية