"العودة إلى سبأ": لعبة إلكترونية تستلهم تاريخ اليمن.. وهذه أهداف مصمّمها

لعبة "العودة إلى سبأ": شكل حديث بمضمون تاريخي

"العودة إلى سبأ": لعبة إلكترونية تستلهم تاريخ اليمن.. وهذه أهداف مصمّمها


17/05/2023

النزاع العسكري في اليمن اتخذ أشكالاً فكرية مستلهمة من الماضي، ففي مقابل اتخاذ الحوثيين من عقيدة "الاصطفاء الإلهي" السلالية وسيلة يستمدون منها أهليّتهم في الحكم، ثمّة عودة إلى تاريخ اليمن متمثلة في حركة "الأقيال" التي تتخذ من حيوان الوعل شعاراً لها، وهو الحيوان الذي نجده في النقوش الأثرية اليمنية.

القَيْل في اللغة اليمنية القديمة مصطلح "يشير إلى أبناء وأحفاد الملوك من الممالك اليمنية التاريخية"، لكنّه يطلق اليوم على كل شخص يناهض فكرة "الاصطفاء الإلهي"، ويدعو إلى هوية يمنية واحدة أساسها المواطنة والديمقراطية. وقد ظهرت حركة "الأقيال" عفوياً على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أعوام من استيلاء الحوثيين على السلطة، ولاقت رواجاً منذ عام 2020، وتضم الحركة طيفاً من الشباب والكتّاب والأدباء والصحفيين والإعلاميين اليمنيين.

عودة إلى الطفولة

الاهتمام بالتاريخ القديم وخط المُسند يظهر هذه المرة، وبشكل فردي وحر، وبعيد عن الانتماءات، من خلال لعبة صممها المبرمج ومصمم الألعاب الشاب نجيب سبيع الذي يحكي هنا عن تجربته الأولى في تصميم الألعاب.

ثمّة جانب طفولي في كل لعبة، حتى لو كانت موجهة للكبار، وحتى لو لم يأخذ المصممون هذا في الاعتبار. الألعاب تخاطب الروح الطفولية فينا، تلك الروح التي لا تشيخ مهما طال بنا العمر. لكن حين يغادر المرء عتبات الطفولة من منظور بيولوجي، حددته المؤسسات العالمية في حدود الـ (15) عاماً، لا يعود مُقدَّراً له اللعب في ميادين الصبا والطفولة، فيلجأ إلى الميدان الإلكتروني الذي لا يفرّق بين صغير وكبير.

هذه هي تجربة نجيب الأولى، وربما تكون الأولى في اليمن

نجيب سُبَيْع شاب في الـ (28)، ويعمل حالياً في تصميم الألعاب الإلكترونية والبرمجة، ويتطلع، كما يقول، إلى تقديم شيء مميز في هذا الجانب ينقل صورة جيدة عن الشاب اليمني القادر على التعلم والابتكار، ويهدف من خلال لعبته "العودة إلى سبأ" تسليط الضوء على الحضارة اليمنية وترسيخها في عقول الأجيال الجديدة، من خلال تعريفهم بالتاريخ والحضارة اليمنية عبر برامج وألعاب يستخدمونها بشكل شبه يومي.

أولى تصميمات سبيع لعبة أطلق عليها اسم "العودة إلى سبأ"، وتدور حول روبوت من المستقبل يحاول العودة إلى سبأ من أجل جمع الحروف الهجائية والمفاتيح للكشف عن حضارة سبأ، وخلال رحلته يواجه عقبات وعليه تجنبها للوصول إلى عرش الملكة بلقيس، ملكة سبأ.

ثمّة جانب طفولي في كل لعبة، حتى لو كانت موجهة للكبار، وحتى لو لم يأخذ المصممون هذا في الاعتبار

مراحل اللعبة عديدة، وفي كل مرحلة تزداد العوائق والصعوبات التي على اللاعب تجاوزها. اللعبة، بحسب سبيع، ما زالت في طور التحديث المستمر، وستضاف شخصيات يمنية تاريخية مثل الملكة بلقيس وغيرها...، كما أنّ اللعبة لن تقتصر على حضارة سبأ فقط، وإنّما ستشمل حضارة معين وقتبان وغيرها من الحضارات اليمنية القديمة.

تسلية ومعرفة

هذه هي تجربة نجيب الأولى، وربما تكون الأولى في اليمن. واللافت أنّ نجيب سُبيع لم يدرس تصميم الألعاب والبرمجة بشكل أكاديمي، لكنّ المجال البرمجي، كما يقول، هو شغفه الأول منذ الطفولة، ولذلك قام بالتعلم وتطوير نفسه في هذا الجانب، وما يزال يواكب كل ما هو جديد في هذا المجال.

طُرحت اللعبة في تاريخ 91 نيسان (أبريل) كنسخة أولية، لكنّ التحديثات مستمرة وتطوير اللعبة متواصل لكي تصبح مكتملة. اللعبة في طورها الأول متوفرة حالياً على منصة (بلايستور)، وستتوفر قريباً على منصة (أبلستور). واللعبة مجانية، وهي موجهة بدرجة أساسية للأطفال، وتقوم فكرتها على التحدي إضافة إلى الجانب التعليمي الكامن في التعريف بالحضارة اليمنية القديمة من خلال بيئة اللعبة ومحتواها والتحديثات القريبة التي ستوضح الفكرة أكثر. وعن عناصر التشويق في اللعبة يقول سبيع: إنّها تختلف بحسب تجربة المستخدم، لكنّ عنصر التشويق يكمن في جانب التحدي والمعرفة.

سبيع: اللعبة ما زالت في طور التحديث المستمر، ولن تقتصر على حضارة سبأ فقط، وإنّما ستشمل حضارة معين وقتبان وغيرها من الحضارات اليمنية القديمة

فكرة اللعبة رافقت سبيع، كما يقول، منذ أعوام عدة، ولكنّه قام ببلورتها وتنفيذها منذ (8) أشهر فقط، وعلى نحو فردي من ناحية التصميم والبرمجة، ولكن أيضاً كانت أسرته هي الداعم الأوّل له من الناحية المعنوية؛ فقد شارك أفراد أسرته ببعض الأفكار والخطط.

فكرة اللعبة رافقت سبيع، كما يقول، منذ أعوام عدة، ولكنّه قام ببلورتها وتنفيذها منذ (8) أشهر فقط

وعن سؤال حول صعوبة تصميم الألعاب الإلكترونية، أجاب: إنّ الصعوبة الأكبر تأثيراً على سير العمل تمثلت في ضعف شبكة الإنترنت وانقطاع الكهرباء؛ بسبب الأوضاع السيئة في اليمن، وعن متطلبات تصميم لعبة إلكترونية، قال: إنّ المتطلبات المادية والبرمجية شيء أساسي في التصميم، لكن لا يمكن أن يكتمل التصميم أو يتم خلق فكرة جيدة دون وجود جانب الخيال والابتكار، وكلّ ما سبق يتطلب الصبر بالدرجة الأولى.

هناك ألعاب إلكترونية تحقق مقولة اللعب للعب (التسلية فقط)، وأخرى لها هدف إضافي أو رسالة يراد تحقيقها. وبهذه اللعبة يربط سُبيع بين الماضي والحاضر، وبين التسلية والمعرفة. والغاية من صناعة الألعاب الإلكترونية بشكل عام، كما يرى سبيع، هي تحقيق المتعة والتسلية، ولكنّ اللعبة تكون أجمل إذا ما تضمّنت رسالة أو معرفة بجانب طابع التسلية والإثارة، وهذا ما يطمح سبيع لتحقيقه من خلال الألعاب التي يقوم بإنجازها، والخطط المستقبلية التي يحضر لها.

مواضيع ذات صلة:

وثائقي نتفليكس عن الملكة كليوباترا: هل يمكن تزوير التاريخ؟!

مراكز الحوثيين الصيفية.. تجييش طائفي وأكبر أماكن تجنيد للأطفال في العالم

وطن من كلمات: المشهد الأدبي اليمني واجهة لخلفية الحرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية