العراق: مجموعات جديدة تابعة للحرس الثوري الإيراني تقلق راحة واشنطن

العراق: مجموعات جديدة تابعة للحرس الثوري الإيراني تقلق راحة واشنطن


03/06/2021

بعثت التوترات الأمنية الأخيرة التي شهدتها العراق من قبل الفصائل والميليشيات المسلحة، بمخاوف جمّة، تحديداً فيما يتصل باستخدام الطائرات المسيرة في الهجوم على القواعد العسكرية التابعة لقوات التحالف الدولي، الأمر الذي جعل الإدارة الأمريكية تراجع إستراتيجيتها لجهة ضبط نشاط المجموعات الولائية، ومن ثم، تحديد سبل وآليات مواجهة التهديدات والمخاطر القائمة، خاصة بعد الهجمات المتكررة على القواعد الأمريكية، والتي تضاعفت خلال الفترة الأخيرة، ومن بينها الهجوم الأخير، قبل نحو أسبوع، على قاعدة الأسد الجوية العراقية، والتي تتواجد فيها قوات أمريكية ودولية.

اقرأ أيضاً: العراق ما بين عراقين.. "عراق الدولة" أم "عراق الفوضى"؟

ويضاف إلى ذلك، التصعيد الميداني الذي قامت به عناصر من هيئة الحشد الشعبي، وتنفيذ استعراض عسكري وسط العاصمة العراقية، بغداد، تحديداً في المنطقة الخضراء التي تتواجد فيها السفارة الأمريكية، ومقرّ البعثات الدولية، والحكومة العراقية، على خلفية رفض اعتقال القيادي في التنظيم، قاسم مصلح، والمسؤول عن تنفيذ عدة هجمات صاروخية، فضلاً عن اتهامه بالتورط في اغتيال الناشط العراقي إيهاب الوزني.

سيناريوهات المواجهة بين طهران وواشنطن

وبحسب قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال فرانك ماكنزي، فإنّ "استخدام طائرات مسيرّة صغيرة من قبل الميليشيات المدعومة من إيران سيزداد في السنوات القليلة المقبلة"، وتابع: "على الولايات المتحدة أن تجد المزيد من السبل لمواجهة استخدام هذه الطائرات من قبل أعداء أمريكا في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، كما نعمل بكلّ جهد لإيجاد حلول تقنية من شأنها أن تسمح لنا بأن نكون أكثر فعالية ضدّ الطائرات بدون طيار".

ولذلك؛ ثمة معلومات كشفت عنها مصادر داخل وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، تشير إلى وجود اتجاهات أو ميل داخل الإدارة الأمريكية، بغية تنفيذ ضربات عسكرية ضدّ المجموعات المسلحة بالعراق، بيد أنّ "المسؤولين سيطلبون موافقة بايدن على أوامر الهجوم في وقت قريب، لكن دون تحديد إطار زمني محدد"؛ وصرّح مصدر في البنتاغون لصحيفة "ديلي كولر" الأمريكية، بأنّ الإدارة الأمريكية "تبحث بجدية مجموعة واسعة من الردود على عدوان الميليشيات ضد الأمريكيين في العراق"، كما أنّ "خطة العمليات والخيارات المختلفة المتاحة ستناقش، خلال الأيام المقبلة، داخل البيت الأبيض من خلال مجلس الأمن القومي".

الفصائل الولائية ومحاولات إخضاع الكاظمي

إذاً، تسببت محاصرة فصائل الحشد الولائية للمنطقة الخضراء، وتهديدها باقتحام مقرات الحكومة، رداً على اعتقال القيادي البارز في هيئة الحشد، قاسم مصلح، قائد عمليات الحشد في محافظة الأنبار، في أزمة جديدة ولافتة، حيث صعدت على مسرح الأحداث، مجدداً، المواجهات بين حلفاء إيران والقوات الأمريكية، حسبما يوضح الباحث العراقي، المتخصص في الشؤون الأمنية والسياسية، منتظر القيسي.

معلومات كشفتها مصادر داخل وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، تشير إلى وجود اتجاهات أو ميل داخل الإدارة الأمريكية، بغية تنفيذ ضربات عسكرية ضدّ المجموعات المسلحة بالعراق

ويرى القيسي في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ الحادث الأخير خلق واقعاً جديداً بالنسبة لأوضاع الفصائل المدعومة من إيران، حيث إنّه "حدّ كثيراً من خيارات الولائيين بخصوص الضغط على رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بعد أن استنفذت كلّ ذخيرتها من التهديدات الرامية إلى إخضاعه الكلّي لأجندتها العابرة للحدود؛ ولم يبقَ أمامها سوى التراجع عن مواقفها المتشددة، ومن ثم، منح الحكومة هامشاً أكبر للخروج بالبلاد من أزمة الاحتجاجات التي ما تزال تنذر بالانفجار في أيّ لحظة، خاصة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، واحتمالات تفاقم المعاناة الإنسانية مع التراجع المخيف في واردات نهري دجلة والفرات".

كما أنّ هناك مخاوف من الذهاب باتجاه استنساخ تجربة "جماعة الحوثي في اليمن، والسيطرة على الحكم مباشرة، ووضع بقية القوى السياسية أمام خيارين؛ إما تأمين الدعم البرلماني لرئيس وزراء بديل، أو الخروج من وليمة السلطة دون أيّة حصة، وهو ما سوف يفتح بالطبع عهد الحرب الأهلية الشيعية الشيعية"؛ يقول القيسي.

اقرأ أيضاً: هل تستطيع الحكومة العراقية ضبط الحدود رغم التحديات؟

وعلى ما يبدو فإنّ حالة التوتر التي يعيشها الولائيون لا ترتبط بحسابات الساحة السياسية المحلية بقدر ما هي انعكاس للقلق من تبعات ونتائج الاجتماعات في فيينا التي تهدف إلى لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، واحتمالات التوصل إلى اتفاق جديد، بحسب الباحث العراقي المتخصص في الشؤون الأمنية والسياسية، وكذا الإشارات القادمة من طهران حول خطط الحرس الثوري الإيراني لاستبدال الفصائل الحالية بأخرى أكثر سرية وفعالية في استخدام تكتيكات حروب الطائرات المسيرة، بما يبقي الوجود الأمريكي في منطقة شرق المتوسط تحت الضغط.

كيف تواجه واشنطن تكتيكات إيران الجديدة؟

في نهاية الشهر الماضي، أيار (مايو)، كشفت وكالة "رويترز" للأنباء مراجعة طهران لأوضاع الفصائل التي تحظى بدعمها في بغداد، وقد بدأت في اختيار "مئات المقاتلين الموثوق بهم من بين كوادر أقوى الميليشيات الحليفة لها، بهدف تدشين فصائل أصغر تابعة لها"، وهو ما يتفق والتقديرات التي خلصت إليها استخبارات الدفاع الأمريكية، حيث قالت إنّ إيران تشكل "التحدي الرئيس" لواشنطن في الشرق الأوسط، نتيجة لـ "قدراتها العسكرية المتطورة، وشبكات الوكلاء والشركاء الواسعة، واستعدادها لاستخدام القوة ضد الولايات المتحدة وشركائها".

اقرأ أيضاً: الكاظمي و"دويلة إيران" في العراق

وأوضحت وكالة "رويترز"؛ أنّ هناك "250 مقاتلاً على الأقل سافروا إلى لبنان، على مدى عدة أشهر، عام 2020، حيث خضعوا لتدريبات على يد مستشارين من الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله اللبناني، بخصوص إطلاق طائرات مسيرة، وإطلاق صواريخ، وزرع قنابل، وشنّ هجمات على وسائل التواصل الاجتماعي".

وأردفت: "المجموعات الجديدة تعمل في الخفاء وقادتها غير المعروفين يخضعون مباشرة لضباط الحرس الثوري الإيراني".

وبحسب تقرير استخبارات الدفاع الأمريكية فإنّ "إستراتيجية الأمن القومي الإيراني تهدف إلى ضمان استمرارية حكم رجال الدين، والحفاظ على الاستقرار الداخلي، وتأمين مكانتها كقوة إقليمية مهيمنة، وتحقيق الازدهار الاقتصادي".

الباحث العراقي منتظر القيسي لـ"حفريات": هناك مخاوف من الذهاب باتجاه استنساخ تجربة جماعة الحوثي في اليمن، والسيطرة على الحكم مباشرة

كما لفت إلى أنّ إيران تقوم بتوظيف أدواتها العسكرية والأمنية والدبلوماسية "بما في ذلك القوات غير التقليدية التي تجنّد وتدرّب الشركاء والوكلاء لتحقيق أهدافها، والقوات التقليدية التي يمكن أن تفرض تكاليف باهظة على الخصوم"، وأردف: "ستسعى إيران إلى تجنب التصعيد مع الولايات المتحدة، بينما تعمل على تقييم السياسة الأمريكية تجاهها، ومتابعة الوجود الأمريكي في المنطقة، خاصة احتمالات الانسحاب الأمريكي واحتمال التصعيد".

ونبه التقرير الاستخباري الذي عرض على مجلس الشيوخ الامريكي إلى أنّ "إيران سوف تستمر في التركيز على الهجمات غير التقليدية بالوكالة أو الإجراءات التي يمكن إنكارها، مثل العمليات الإلكترونية، بدلاً من الانتقام التقليدي الصريح"، موضحاً أنّه "في العراق، تسعى إيران إلى الحفاظ على العناصر التي تدعمها في الحكومة العراقية، والحفاظ على إضفاء الطابع المؤسساتي على قوات الحشد الشعبي لضمان احتفاظ الميليشيات الشيعية المتحالفة معها بنفوذها العسكري والسياسي".

اقرأ أيضاً: العراق.. الحكومة بمواجهة الميليشيات

كما أشار إلى أنّ رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، سوف يواجه "عقبات في تنفيذ الإصلاحات بسبب المصالح السياسية الراسخة والموارد غير الكافية"، إضافة إلى عوامل أخرى، مثل: تفشي فيروس كورونا، والاحتجاجات الشعبية، والصدمات الاقتصادية، وداعش، وزيادة هجمات الميليشيات الشيعية ضدّ المصالح الأمريكية، وانخفاض أسعار النفط".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية