العراق: اقتربت الحكومة الجديدة فسقطت الصواريخ على المنطقة الخضراء

العراق: اقتربت الحكومة الجديدة فسقطت الصواريخ على المنطقة الخضراء

العراق: اقتربت الحكومة الجديدة فسقطت الصواريخ على المنطقة الخضراء


02/10/2022

ثمّة توترات أمنية مستمرة، في العراق، بالتزامن مع تجديد الثقة لرئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، بموافقة 222 نائباً في مقابل 13 نائباً صوتوا باستقالته. وبينما كان البرلمان يتابع في جلسة، الأربعاء الماضي، عملية التصويت، فإنّ المنطقة الخضراء قد شهدت قصفاً صاروخياًـ وتحديداً في محيط البرلمان، حسبما أعلنت خلية الإعلام الأمني في العراق.

ثمن الصراع على السلطة بالعراق

ووفق بيان خلية الإعلام الأمني في العراق، فإنّ الاحتجاجات في محيط البرلمان، والتي تطورت إلى اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن، أسفرت عن إصابة 133 شخصاً، منهم 11 مدنياً، وأربعة ضباط. وطالب البيان كافة القوى بضرورة "الالتزام بالتوجيهات الصادرة عن الأجهزة الأمنية المختصة لكون هذه الإصابات وقعت في أجساد العراقيين، وهم أبناء البلد الواحد".

ورغم التهدئة المؤقتة، إلا أنّ المنطقة ذاتها، التي تتواجد فيها مقرات البعثات الأجنبية والسفارة الأمريكية، وكذا مقر الحكومة العراقية بالإضافة إلى مقر الحشد الشعبي، تعرضت، الخميس، إلى قصف مماثل بواسطة أربعة صواريخ، بينما لم تعلن أيّ جهة مسؤوليتها عن الحادث، بحسب ما نقلت وكالة رويترز للأنباء عن ضابط عراقي (لم تفصح عن هويته). وتم إطلاق هذه الصواريخ من شرق العاصمة العراقية بغداد.  

وإلى ذلك، أوضح رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أنّ الوضع الأمني في العراق يبرز حالة الانسداد السياسي القائمة، مجدداً دعوته للقوى الحزبية للوصول إلى تفاهمات عبر الحوار، كما طالب "القوى الأمنية بمتابعة مرتكبي جريمة القصف الصاروخي للمنطقة الخضراء وإلقاء القبض عليهم".

تجديد الثقة لرئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، بموافقة 222 نائباً في مقابل 13 نائباً صوتوا باستقالته

وشدد الكاظمي بحسب بيان رسمي على "ضرورة التزام القوى الأمنية بواجباتها في حماية مؤسسات الدولة، والأملاك العامة والخاصة، والمتظاهرين السلميين"، داعياً "المتظاهرين إلى الالتزام بالسلمية، وبتوجيهات القوى الأمنية حول أماكن التظاهر".

وقال الكاظمي: "الوضع الأمني الحالي يمثّل انعكاساً للوضع السياسي"، وعليه، طالب بضرورة "الحوار بين كل القوى المتصدية للشأن السياسي للخروج من الأزمة الحالية، ودعم الدولة ومؤسساتها للقيام بمهامها، وتجنيب المواطنين تبعات الصراعات السياسية، والحفاظ على الأمن، ورفض أي مساس بالسلم الاجتماعي".

ويعد رفض البرلمان طلب الاستقالة الذي تقدم به الحلبوسي عشية استئناف جلساته، خطوة أساسية على طريق تشكيل الحكومة الجديدة؛ إذ إنّ تجديد الثقة في رئيس البرلمان من قبل الإطار التنسيقي، الذي يضم مجموعة القوى الحزبية والسياسية الموالية لإيران، يمكن توصيفه بأنّه "عربون ثقة ثمين" بالنسبة للزعيم السني الشاب، وفق الباحث العراقي في العلوم السياسي منتظر القيسي، خاصة أنّ الأخير لم ينجح في الحفاظ على منصبه، فقط، وإنّما وجه ضربة مؤثرة لمساعي خصومه السنة لإطاحته من رئاسة السلطة التشريعية وزعامة المكون السني.

عودة الإطار التنسيقي للحكم

كما ضمن الإطار التنسيقي، بصورة شبه مؤكدة، تأمين نصاب ثلثي أعضاء مجلس النواب لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وهي الخطوة قبل الأخيرة التي تفصل الإطار عن مسعاه الرئيسي لتكليف مرشحه محمد شياع السوداني بمهمة تشكيل  الحكومة، الأمر الذي يبدو مهيئاً من الناحية النظرية، لا سيما بعد التفاهمات بين الإطار التنسيقي والحلبوسي وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.

 

المتحدث باسم المرصد العراقي للحقوق والحريات، عادل الخزاعي لـ"حفريات": الساحة السياسية العراقية بأطرافها، في ظل الصراع الدائر بين الإطار التنسيقي  والتيار الصدري، وصلت إلى "نقطة اللاعودة

 

أما ميدانياً، فيواصل زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي قدم كل "أوراقه دفعة واحدة" بدون خطة مفهومة، على حد تعبير القيسي في حديثه لـ"حفريات"، التصعيد من خلال عناصره، وذلك منذ شرع في سحب نوابه من البرلمان، مروراً باقتحام المجلس والاعتصام بداخله، ووصولاً إلى إعلان اعتزال السياسة بالتزامن مع منح أتباعه "الضوء الأخضر" لإحداث اضطرابات من خلال مهاجمة مقرات الرئاسة والحكومة والحشد الشعبي داخل المنطقة الخضراء.

ويردف القيسي: "يتابع الصدر عملية تعبئة الشارع وتهييج العناصر المنخرطة في الحراك الاحتجاجي، مع الأخذ في الاعتبار أنّ الصدر كان أحد أهم المساهمين في إطفاء شرارة الاحتجاجات سابقاً من خلال حملات التشويه والتحريض على المتظاهرين، بالإضافة إلى دور التيار المباشر في إنهاء الاعتصام في بغداد وبقية المحافظات الجنوبية، لا سيما بعدما تجاهل بارزاني والحلبوسي، حلفاء الصدر السابقين في ائتلاف "إنقاذ وطن"، دعوته إلى استقالة نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة السني من البرلمان".

الخزاعي: عودة الإطار التنسيقي للسلطة هي عودة لحزب الدعوة والمالكي وأحزاب تابعة لإيران

ولم تجد دعوة الصدر سوى "تجاوب محدود" من قبل بعض نشطاء الحركة الاحتجاجية، بحسب الباحث العراقي في العلوم السياسية، مما يجعل التيار الصدري أمام "خيار وحيد" لوقف دوران عجلة تشكيل الحكومة الجديدة، وهو استخدام السلاح، مرة أخرى، لكن بصورة أكثر تنظيماً وأكبر حجماً ووفق أهداف واضحة ومحددة.

سيناريو العنف والفوضى

سيناريو العنف والفوضى هو المرجح، وفق القيسي، ومن المتوقع حدوثه على هامش التظاهرات المزمع الخروج بها لإحياء الذكرى الثانية لـ "ثورة تشرين" لتنفيذ ما يشبه الانقلاب الشعبي على نظام الحكم القائم، من خلال إعلان أو فرض إعلان حكومة مصطفى الكاظمي كحكومة طوارئ، وتعطيل الأجزاء المثيرة للجدل من الدستور، بما يسمح باستبدال المحكمة الاتحادية، وتقييد سلطة رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، الذي صنفه الصدريون كأحد أهم الفاعلين في خطط الإطار التنسيقي وإيران، لإجهاض مشروعه (الصدر) لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية إلى جانب بارزاني والحلبوسي، وذلك من خلال سلسلة الأحكام التي أصدرتها المحكمة الاتحادية ووضعت العصا في دواليب تحالف "إنقاذ وطن".

وفضلاً عن الموقف الدولي الذي عبّر عنه البيان الأمريكي البريطاني المشترك، والذي حذر من استخدام العنف في الأيام القادمة، ومن ثم، ضرورة تشكيل الحكومة الجديدة، بأسرع وقت، فإنّ المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، يتخذ موقفاً أكثر تشدداً لمنع الخروج عن آليات عمل النظام السياسي القائم.

ومن جهته، قال مراسل وكالة الأنباء العراقية (واع)، إنّ المحكمة "ردت الطعن المقدم بعدم صحة استقالة نواب الكتلة الصدرية لعدم توفر المصلحة العامة لدى المدعين".

القيسي:سيناريو العنف والفوضى هو المرجح، ومن المتوقع حدوثه على هامش التظاهرات المزمع الخروج بها لإحياء الذكرى الثانية لـ "ثورة تشرين" لتنفيذ ما يشبه الانقلاب الشعبي على نظام الحكم القائم

ولفت رئيس المحكمة الاتحادية العليا، جاسم محمد عبود، إلى أنّ "هناك عدة دعاوى أقيمت بخصوص استقالة نواب الكتلة الصدرية، وقد ردت بعضها لأنّ طريقة إقامتها غير صحيحة، فيما لا تزال دعاوى أخرى مقامة سيتم النظر بها في وقتها".

وتابع: "الدعوى المقامة للطعن باستقالة نواب الكتلة الصدرية لم يقم بها أصحاب الشأن (التيار الصدري) وإنّما أقيمت من أطراف ليس لها علاقة من الناحية القانونية بهذا الموضوع"، مبيناً أنّ "لكل دعوى ظروفها، لكن مصلحة الشعب العراقي فوق كل شيء. وموضوع عودة النائب المستقيل لا يمكن لرئيس المحكمة الاتحادية أن يعطي رأيه بهذا الخصوص لأنّه يصبح محل نقاش بين جميع أعضاء المحكمة، وبالتالي يجب أن يبحث في ضوء دستوري"، لافتاً إلى أنّ "هناك عدة دعاوى أقيمت بخصوص استقالة نواب الكتلة الصدرية وقد ردت بعضها لأنّ طريقة إقامتها غير صحيحة، فيما لا تزال دعاوى أخرى مقامة سيتم النظر بها في وقتها".

هل يتحالف الصدريون مع قوى تشرين؟

الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق العراقية قيس الخزعلي، أوضح أنّ ائتلاف إدارة الدولة الذي تم تدشينه في الفترة الأخيرة يعكس اصطفافات لجهة تشكيل الحكومة الجديدة، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء العراقية. وتابع: "لا يوجد تغيير في الإطار التنسيقي أو تغيير في القوى السنية والكردية"، مؤكدا أنّ ائتلاف إدارة الدولة "جاء لظروف سياسية جديدة بعد انسحاب الكتلة الصدرية".

وفي حديثه لـ"حفريات"، يوضح المتحدث باسم المرصد العراقي للحقوق والحريات، عادل الخزاعي، أنّ الساحة السياسية العراقية بأطرافها، في ظل الصراع الدائر بين الإطار التنسيقي  والتيار الصدري، وصلت إلى "نقطة اللاعودة".

أوضح رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أنّ الوضع الأمني في العراق يبرز حالة الانسداد السياسي القائمة

وفي ما يبدو أنّ الإطار التنسيقي، المقرب من إيران، "مندفع جداً باتجاه تشكيل حكومة بأيّ ثمن"، خصوصاً بعد فقدان السلطة إثر رحيل عادل عبد المهدي، عام 2019، في أعقاب ثورة تشرين، موضحاً لـ"حفريات" أنّ الأخير "منح الإطار التنسيقي امتيازات واسعة، منها دمج الحشد بالمؤسسة الأمنية والعسكرية، وكذا التحكم بالقرار السياسي وكل مفاصل الدولة".

ويتابع: "الإطار التنسيقي بتشكيله الحكومة الحالية يبعث الروح في سلطته التي فقدها في فترة وجود الكاظمي، حيث تم تجريد بعض قيادات الإطار التنسيقي من صلاحياتهم مثل فالح الفياض. وتحكم الكاظمي بالقرار الأمني وعزل بعض القادة العسكريين والـأمنيين من جهاز المخابرات، كما تابع مسألة بعض المطلوبين أمنياً، ثم كشف النقاب عن المتورطين في اغتيال بعض الشخصيات بحراك تشرين".

ويلفت الخزاعي إلى أنّ عودة الإطار التنسيقي للسلطة هي "عودة لحزب الدعوة والمالكي وأحزاب تابعة لإيران، فضلاً عن فصائل مسلحة تتبع الحرس الثوري. ومن الموكد أنّ هذه المآلات ستشتعل الساحة السياسية والأمنية العراقية من جديد، وبصورة مرعبة. كما سيكون هناك ترابط واضح ومتعسف بين السياسة الإيرانية والعراقية من خلال محور واحد، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، وهذا ما ينذر بمعاملة العراق دولياً كدولة مارقة كما هو التعامل مع إيران حالياً".

وبعيداً عن التداعيات الدولية جراء هذا الترابط مع طهران، فمن الناحية المحلية، هناك جملة انعكاسات كذلك، وفق المصدر ذاته، والذي يرى أنّ ثورة تشرين التي اقتربت من موعدها السنوي بدأت بالتحرك باتجاه التصعيد الشعبي، مع مخاوف جمّة من حدوث صدامات أمنية تؤدي إلى تكرار ما كان يعرف بـ"قضية الطرف الثالث" إبان حكم "الإطاريين"، في عام 2019، التي قضى فيها 800 شهيد، بينما لم يكشف، حتى الآن، عن المتورطين في هذه الجرائم.

ويرجح الخزاعي أنّ التيار الصدري لن يغادر الساحة السياسية الحالية بحيث يملأ فراغها الإطار التنسيقي وإيران، مشيراً إلى احتمالية تحالف التيار الصدري والقوى التشرينية المستقلة في تظاهرات للمرة الأولى، بما يجعل الاحتجاجات مرشحة لدرجات عنف قصوى؛ لأنّها سوف تعكس حالة "صراع وجودي بين القوى المتنازعة على السلطة وليس مجرد تنافس سياسي مؤقت".

مواضيع ذات صلة:

العراق: هل ينتقل كسر الإرادات إلى الصدام المسلّح؟

لماذا اختارت إيران مواجهة الصدر عسكرياً في العراق؟

هل تتحوّل المنطقة الخضراء في العراق إلى حمراء؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية