الطلبة العرب ضحية الأزمة الأوكرانية: ظروف صعبة وممارسات عنصرية

الطلبة العرب ضحية الأزمة الأوكرانية: ظروف صعبة وممارسات عنصرية


01/03/2022

بعد 6 أيام على بدء "الغزو" الروسي لأوكرانيا، ما زال أكثر من 10 آلاف طالب عربي عالقين في أوكرانيا حيث يصعب عليهم مغادرة البلاد، التي باتوا يواجهون فيها تصرفات "عنصرية" من قبل السلطات رغم تأكيد كييف أنها لا تميز بين الناس ولا تنظر إلى جنسياتهم.

ويقصد طلاب من دول عربية عدة أوكرانيا سنوياً لمتابعة تعليمهم الجامعي خصوصاً في اختصاصي الطب والهندسة نظراً لسهولة الحصول على تأشيرات دخول إلى هذا البلد.

ورغم أنّ معظم الدول العربية قد حذرت رعاياها من خطورة الوضع في أوكرانيا، وشددت على ضرورة مغادرتهم إلا أنهم لم يغادروا أوكرانيا، بسبب رفض جامعات منظومة التعليم عن بُعد، وأخرى هددت بمعاقبة الطلاب إذا تركوا مقاعد الدراسة وطمأنتهم بأن الحرب لن تندلع، الأمر الذي ألزم الطلاب بالبقاء في أوكرانيا.

ظروف صعبة

ومن بين آلاف الطلبة من دولة كالمغرب، والذين يزيد عددهم عن 8 آلاف طالب، تمكن حتى الآن نحو 3 آلاف من مغادرتها ولا سيما في رحلات جوية خاصة، وفق وزارة الخارجية المغربية.

وأمام مقر وزارة الخارجية في الرباط، تجمّعت عائلات عدة الجمعة مبدية قلقها إزاء مصير أبنائها.

يقصد طلاب من دول عربية عدة أوكرانيا سنوياً لمتابعة تعليمهم الجامعي خصوصاً في اختصاصي الطب والهندسة

من بين هؤلاء الطالبة في اختصاص الصيدلة نسيمة أقتيد (20 عاماً) التي لم تجد وسيلة للخروج من مدينة خاركيف، ثاني مدن أوكرانيا وحيث دارت الأحد معارك في الشوارع بين قوات كييف وموسكو.

وتقول نسيمة لوكالة "فرانس برس": "فكّرت في مغادرة المدينة لكن الأمر مستحيل، فالحدود الأقرب إلينا هي الحدود مع روسيا"، التي دخلت قواتها المدينة ليلاً.

لم تثمر محاولات الطالب اللبناني سمير عطالله لمغادرة أوكرانيا، شأنه شأن نحو 750 طالباً لبنانياً عالقين في مدن أوكرانية عدّة، من إجمالي 1300 كانوا موجودين قبل بدء الأزمة

 

وفي جنوب أوكرانيا، تمكّنت الطالبة في طب الأسنان رانيا عوكرفي (23 عاماً) من مغادرة مدينة زابوريجيا الى مولدافيا الخميس، بعد وقت قصير من بدء الهجوم الروسي.

كما لم تثمر محاولات الطالب اللبناني سمير عطالله (25 عاماً) لمغادرة أوكرانيا، شأنه شأن نحو 750 طالباً لبنانياً عالقين في مدن أوكرانية عدّة، من إجمالي 1300 كانوا موجودين قبل بدء الأزمة.

ويقول سمير لـ "فرانس برس" في رسائل صوتية عبر تطبيق واتساب، قبل وقت قصير من مغادرة خاركيف الى منطقة أخرى "تركت لبنان قبل شهر ونصف جراء الانهيار" الاقتصادي بعدما "ادخرت مالاً وبعت سيارتي من أجل الدراسة هنا.. وإذ بدأت الحرب".

 

اقرأ أيضاً: تأملات على هامش الغزو الروسي لأوكرانيا

ويوضح "نحاول التواصل مع السفارة اللبنانية وملأنا استمارة على موقعها"، من دون جدوى.

على غرار آخرين، يناشد سمير السلطات اللبنانية التدخّل لتأمين حافلات تقلّهم الى الحدود مع بولندا أو رومانيا، في ظل تعذّر استخدام وسائل النقل العام المعطلة أو المكتظة.

معظم الدول العربية حذرت رعاياها من خطورة الوضع في أوكرانيا

وتحدّث علي شريم، رئيس الجالية اللبنانية في أوكرانيا ومالك مطعم في كييف، عن معاناة الطلاب اللبنانيين وبينهم شابات "يبتن في محطات المترو".

في بيروت، نصح وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب اللبنانيين في أوكرانيا "البقاء في أماكن آمنة لحين جلاء الأمور" جراء "عدم وجود ممرات آمنة لتاريخه" لمغادرتهم. 

وبحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف، هناك 5537 عراقياً في أوكرانيا بينهم 450 طالباً يتوزعون على 37 جامعة

 

رغم وجوده في مدينة في غرب أوكرانيا قريبة من الحدود الرومانية، لم يتمكن الطالب العراقي علي محمّد (25 عاماً) الذي كان يأمل التخرج هذا العام في اختصاص الهندسة من المغادرة. وذهبت سدى عشرات الاتصالات التي يجريها يومياً بسفارة بلاده.

ويقول عبد الله لـ"فرانس برس" من مدينة تشيرنفتسي "غادرت العراق حتى أغيّر نمط الحياة التي عشتها من حرب وتعب ومشاكل". لكنه يجد نفسه اليوم يعيش السيناريو ذاته ويرى "الخوف ذاته" في عيون الناس والأطفال.

ويضيف "ننتظر الفرج"، موضحاً أنّ الطلاب العراقيين والسوريين هم أكثر من يواجهون صعوبات في العودة الى بلدانهم.

وبحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف، هناك 5537 عراقياً في أوكرانيا بينهم 450 طالباً يتوزعون على 37 جامعة.

وتعتزم تونس، التي لا تمتلك تمثيلاً دبلوماسياً في أوكرانيا، إرسال طائرات إلى بولندا ورومانيا لإعادة من يرغب من رعاياها البالغ عددهم 1700 مواطن 80 بالمائة منهم طلاب.

 

اقرأ أيضاً: "غازبروم" الروسية تلقي الكرة في ملعب الصين... وتوقع أكبر صفقة غاز

وأرسلت الخارجية التونسية العشرات من المسؤولين الدبلوماسيين إلى الحدود الأوكرانية - البولندية والأوكرانية - الرومانية لتسهيل عملية نقل التونسيين العالقين في أوكرانيا.

وشكّلت الجزائر التي تربطها بروسيا اتفاقيات عسكرية استثناء، إذ لم تدع نحو ألف طالب في أوكرانيا إلى مغادرة البلاد. لكنها حثتهم على "توخي الحذر الشديد وعدم مغادرة منازلهم إلا في حالات الطوارئ".

ممارسات عنصرية 

ويقول بعض هؤلاء الطلبة إنّ القائمين على هذه الحدود يسمحون فقط للنساء والأطفال بالدخول إلى بولندا. فيما أكد آخرون بأنهم تعرضوا لتصرفات "عنصرية" من قبل الشرطة التي أجبرتهم على العودة إلى مدينة لفيف الأوكرانية التي تقع على بعد 75 كيلومتراً عن بولندا.

هناك 5537 عراقياً في أوكرانيا بينهم 450 طالباً يتوزعون على 37 جامعة

باغي سيلا (24 عاما) مواطن من جمهورية غينيا تعرض حسب ما صرح إلى تصرف "عنصري" على الحدود الأوكرانية عندما حاول الالتحاق بمدينة كراكوفي البولندية هرباً من الحرب. وقال لـ"فرانس24": "كنت نائماً برفقة أخي الأكبر وسمعت في حدود الثانية صباحاً صوت إطلاق كثيف للرصاص في مدينة خاركيف حيث أدرس الطب".

ويضيف: "بقينا في الطابور لعدة أيام. لكن عندما جاء دورنا لكي نعبر إلى الجهة المقابلة، أوقفنا الحرس على الحدود الأوكرانية وقال لنا حرفياً "الأشخاص السود لن يعبروا إلى بولندا لأن سلطات هذا البلد أخبرتنا بأنها استقبلت أعداداً كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين. في نفس الوقت كنا نشاهد أشخاصاً ذوي بشرة بيضاء يعبرون الحدود بدون أي مشكلة".

بلال طالب مغربي يدرس الطب بمدينة بشاروفو الأوكرانية. استطاع أن يصل مع زملائه إلى لفيف. وهو يبحث عن أقرب نقطة حدود ليعبر إلى بر الأمان. لكن الأمر ليس بالسهل بسبب الحرب وقلة توفر وسائل النقل.

وقال بلال لـ"فرانس24": "نريد أن نتوجه إلى أقرب نقطة حدودية سواء كانت في سلوفاكيا أو في رومانيا. بصراحة عشنا 3 أيام من الرعب. كنا نسمع بشكل متواصل صوت صافرات الإنذار والغارات الجوية".

وأضاف: "هناك من حالفه الحظ وتمكن من الوصول إلى الحدود مع بولندا ولكن لم يسمح له في الأخير من العبور بحجة أن سلطات هذا البلد منحت الأولوية للأوكرانيين والعائلات والأطفال وليس للمغاربة". وبخصوص العنصرية المحتملة إزاء الأفارقة والمغاربة، قال بلال "نحن نعاني من العنصرية بدون حرب، فما بالك في وقت الحرب".

يذكر أنّ المتحدث باسم حرس الحدود الأوكراني أندري ديمشنكو، قد نفى وجود تصرفات عنصرية إزاء العرب والأفارقة. وقال لـ"فرانس24": "لا أدري ماذا جرى. ربما تم إبعاد بعض الناس لأنهم لم يحترموا الطابور"، مضيفاً "نحن فقط لا نسمح للرجال الأوكرانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً بالعبور لأنهم معنيون بالمشاركة في الدفاع عن البلاد".

ترحيب أوروبي باللاجئين الأوكرانيين

وفي سياق متصل، رحّبت دول أوروبية وفتحت الباب أمام موجة تاريخية جديدة من اللاجئين الفارين من الحرب في أوكرانيا، بعدما فر أكثر من 520 ألف شخص على مدى أقل من أسبوع، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".

وهو الأمر الذي كان على النقيض عندما شهدت أوروبا موجة لاجئين كبيرة بين عامي  2015 و2016، معظمهم من السوريين الفارين.

أكد بعض الطلبة أنهم تعرضوا لتصرفات "عنصرية" من قبل الشرطة التي أجبرتهم على العودة إلى مدينة لفيف الأوكرانية التي تقع على بعد 75 كيلومتراً عن بولندا

 

ووفق التقرير قال أجامو باراكا، الناشط الأمريكي في مجال حقوق الإنسان: "(..) يرجى توضيح سبب كون حياة الأوكرانيين أغلى من حياة الهايتيين والفلسطينيين والأثيوبيين والأفغان والسوريين، هل فقط صور المعاناة البيضاء هي التي تحركهم؟".

ونقل التقرير عن مسؤول أوروبي تحدث، شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله: "المشاعر مختلفة لأنهم من البيض والمسيحيين".

وعن الازدواجية في التعامل مع ملف اللاجئين صرح بعض القادة بصراحة حول أزمة اللجوء الجديدة، حيث قال رئيس الوزراء البلغاري، كيريل بيتكوف، عن الأوكرانيين: "هؤلاء ليسوا اللاجئين الذين اعتدنا عليهم، هؤلاء الأشخاص أوروبيون".

 

اقرأ أيضاً: مفاوضات أوكرانية روسية... هل تثمر عن تفاهمات لإنهاء الأزمة؟

وأضاف في تصريح صحفي نقلته وكالة "أسوشيتيد برس": "هؤلاء الناس أذكياء ومتعلمون. هذه ليست موجة اللاجئين التي اعتدنا عليها، أشخاص لم نكن متأكدين من هويتهم، أشخاص لديهم ماض غير واضح، والذين يمكن أن يكونوا حتى إرهابيين".

وشدد على أنه "لا توجد دولة أوروبية واحدة تخشى الموجة الحالية من اللاجئين".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية