تواصل الصين جرائمها بحقّ الإيغور، فلم تكتف بملاحقة الأقلية المسلمة في إقليم شينغيانغ، ووضعهم في معسكرات الاعتقال؛ حيث بدأت تتكشف معالم غرس الولاء للحزب الشيوعي الحاكم في عقول أطفال المسلمين، وذلك عبر انتزاعهم من عائلاتهم وإدخالهم فيما يشبه المدارس الداخلية بهدف غسل أدمغتهم وإبعادهم عن عاداتهم وثقافتهم.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً حول هذه المعاناة، متحدثة عن طفلة في الصف الأول، اعتادت أن تكون متفوقة، لكنّها تبدو اليوم حزينة طوال الوقت ما لفت نظر معلمها الذي كتب: "من المحزن أنّ الفتاة كثيراً ما تنهار على الطاولة فجأة، وتغرق في البكاء، وعندما سألتُ عنها، علمتُ أنّ السبب في نوبات حزنها هو افتقادها لأمها التي أرسلتها السلطات إلى معسكرات الاعتقال، ووفاة والدها، ووضعها في مدرسة داخلية تديرها الدولة"، وفق ما نقلت شبكة "الحرة".
الصين تنتزع أطفال الإيغور من عائلاتهم وتضعهم بمدارس داخلية بهدف غسل أدمغتهم وإبعادهم عن ثقافتهم
وفي هذا السياق؛ نشر موقع حكومي صيني وثيقة تؤكد فصل السلطات ما يقارب من نصف مليون طفل عن أسرهم، حتى الآن، ووضعهم في مدارس داخلية.
ويتجه الحزب الشيوعي في الصين إلى تشغيل مدرسة أو مدرستين من هذا النوع، في كلّ بلدة من بلدات شينغيانغ، مع حلول عام 2020، في خطوة تُظهر عدم اكتراث السلطات بالرفض الدولي والتنديدات بهذه الممارسات.
وبحسب الصحيفة؛ فإنّ بعض الطلاب يجبرون على الانتساب لهذه المدارس، خصوصاً إذا تمّ اعتقال أحد الوالدين، أو كلاهما، أو إرسالهما للعمل في أماكن بعيدة جداً عن مكان السكن، أو في بعض الظروف التي تقرّر فيها السلطات أنّ الوالدَين لا يصلحان لتربية الأبناء.
وكي تتمكن السلطات الصينية من تنفيذ حملتها في مدارس الأطفال، جنّدت آلاف المعلمين من عرقية "الهان" في المدارس الموجودة في شينجيانغ، وفي المقابل قامت بسجن المدرسين البارزين والعلماء والمثقفين من أقلية الإيغور.
وتفرض السلطات قواعد صارمة على الأطفال في المدارس الداخلية؛ حيث لا يُسمَح لهم بموجبها بزيارة العائلة سوى مرة واحدة فقط، كلّ أسبوع أو مرتين في الشهر، بزعم أنّ هذه الإجراءات تهدف إلى "وقف تأثير الأجواء الدينية التي تحيط بالأطفال في المنزل"، وفق وثيقة السياسة لعام 2017، المنشورة على الموقع الإلكتروني لوزارة التعليم.
المدارس مراقبة بالكاميرات وتشبه السجون والثكنات العسكرية محاطة بجدار مرتفع ينتهي بأسلاك شائكة
ويذكر تقرير "نيويورك تايمز"؛ أنّ كبير مسؤولي الحزب في شينغيانغ قام بزيارة إلى مدرسة أطفال بالقرب من مدينة كاشجار الحدودية، ودعا المعلمين إلى ضمان أن يتعلم الأطفال "حبّ الحزب، وحبّ الوطن، وحبّ الشعب".
الوثيقة السياسة لعام 2017 وصفت الدين بأنّ له "تأثير ضار" على الأطفال، وقالت إنّ وجود طلاب يعيشون داخل المدرسة "سيقلل من صدمة التنقل بين العلوم التي يتلقونها في الفصل الدراسي، والكتاب المقدس الذي يستمعون إليه في المنزل".
وضمن هذه الحملة حلت اللغة الصينية (المندرين) محلّ نظيرتها الإيغورية، كلغة رئيسة للتعليم في شينغيانغ، وتبرر الحكومة هذه الإجراءات بأنّ تعليم اللغة الصينية خطوة مهمة لتحسين الآفاق الاقتصادية لأطفال الأقليات.
وتحدّث التقرير عن بناء المدارس التي تشبه السجون، مستشهداً بمدرسة تشبه الثكنة العسكرية بالقرب من مدينة هوتان الواقعة على طريق الحرير القديم في جنوب "شينغيانغ"؛ حيث يظهر مبنى المدرسة محاطاً بجدار مرتفع، ينتهي بأسلاك شائكة، وتملأ كاميرات المراقبة جميع مرافقه من الداخل والخارج وعند مدخله يقف حارس يرتدي خوذة سوداء وسترة واقية، وإلى جانبه جهاز للكشف عن المعادن.