الصحف البريطانية تتساءل عن علاقة بلادهم بالمتطرفين.. ماذا قالت؟

الصحف البريطانية تتساءل عن علاقة بلادهم بالمتطرفين.. ماذا قالت؟


24/06/2020

أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" بأنّ الحوادث الإرهابية التي يتولى القيام بها "ذئب منفرد" في ازدياد في بريطانيا. هذا ما ألمحت إليه وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتل، في حديثها لأعضاء البرلمان البريطاني (مجلس العموم) أول من أمس. الوزيرة أشارت إلى أنه الهجوم الثالث في غضون سبعة أشهر، برغم إجراءات الحظر التي فرضها وباء كورونا طيلة الربع الثاني من هذا العام.

"ديلي ميل": سعد الله لفت انتباه جهاز المخابرات البريطاني سابقاً بعد الاشتباه في أنه كان يخطط للسفر لسوريا "لأسباب متطرفة"

الوزيرة كانت تقصد بالحادث الثالث، كما بات معروفاً، اعتقال الشرطة البريطانية قبل أيام ليبيّاً يبلغ من العمر 25 عاماً ويدعى خيري سعد الله؛ بعد تورطه بهجوم طعنٍ بسكين أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح ثلاثة آخرين بإصابات بالغة في بلدة ريدينغ بإنجلترا. لعل هذا يطرح عدداً من الأسئلة حول العلاقة التي توصف بالمعقدة والشائكة بين بريطانيا ومتشددين ليبيين وغير ليبيين.

 وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتل

وأبلغت الوزيرة البريطانية مجلس العموم أنّ "الأجهزة الأمنية كانت على علم بالسيد سعد الله، لكنها قررت بعد المراجعة عدم اتخاذ مزيد من الإجراءات لرصده"، بحسب "فايننشال تايمز". ودافعت باتيل عن سجل الأجهزة الأمنية، مشيرة إلى أنهم أحبطوا 25 مؤامرة إرهابية - ثمانية منهم من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة - منذ 2017، وتعهدت أيضاً بإدخال تشريع جديد إذا لزم الأمر لمواجهة التهديد الإرهابي.

أعادت صحيفة "الغارديان" البريطانية طرح الأسئلة القديمة-الجديدة حول كون بريطانيا مكاناً مفضلاً للمتشددين والمتهمين بالعنف والإرهاب

وأفادت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية بأنّ الليبي خيري سعد الله، كان قد لفت انتباه جهاز المخابرات الداخلية البريطاني "إم آي 5" العام الماضي؛ بعدما اشتبهوا في أنه كان يخطط للسفر إلى سوريا "لأسباب متطرفة"، كما نقلت الصحيفة. وأضافت أنه "يُزعم بأنه حارب إلى جانب تنظيم داعش، لكن تقييم المسؤولين ذكر بأنه يعاني مشاكل في الصحة العقلية". ومع أنّ الصحيفة نقلت عن مصدر، لم تسمّه، تأكيده أنّ "سعد الله كان على رادار إم آي 5 لبضعة أشهر العام الماضي بسبب تطلعاته للسفر إلى سوريا"، وبالرغم من قناعاته الأيديولوجية المتطرفة، فإنه يُعتَقد أنه تم تجنب ترحيله من بريطانيا بسبب سياسة المملكة المتحدة بعدم ترحيل الأجانب إلى "دول فاشلة" مثل ليبيا، بحسب الصحيفة.

اقرأ أيضاً: "الطعنة الأخيرة" لبريطانيا من متشددي ليبيا... هل تعيد لندن حساباتها بدعم "الوفاق"؟

وبالأخذ في الاعتبار قضايا حقوق الإنسان واللجوء، فإنه ينبغي في الوقت ذاته، اتخاذ إجراءات تمنع المتطرفين من استغلال القوانين البريطانية لنشر خطاب الكراهية والعنف، والانضواء تحت تنظيمات راديكالية أو إرهابية، مثل "داعش" و"الإخوان المسلمين" والجماعة الليبية المقاتلة، أو استلهام أفكارها والعمل كـ"كذئاب منفردة".

"الضيوف المتشددون" وضعف استجابة الأمن البريطاني

من جانبها، أعادت صحيفة "الغارديان" البريطانية طرح الأسئلة القديمة-الجديدة حول كون بريطانيا مكاناً مفضلاً للمتشددين والمتهمين بالعنف والإرهاب، وهي تحدثت خصوصاً عن المقاتل في الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا، رمضان العبيدي الذي التحق ابناه سلمان وهاشم بتنظيم "داعش" الإرهابي، وخططا لتنفيذ هجوم في مانشستير، المدينة التي يعرفانها جيداً؛ حيث أقدم سلمان، 22 عاماً، على تفجير قنبلة وسط الحشود خلال حفل فني في المدينة البريطانية، وأسفر عن مقتل 22 شخصاً وإصابة أكثر من 800. وفي شهر آذار (مارس) 2020، استدعى القضاء البريطاني الابن الآخر، هاشم العبيدي، للتحقيق معه بشأن جرائم قتل.

اقرأ أيضاً: هجوما ريدينغ ومانشستر.. هل تدفع بريطانيا ثمن دعمها الإخوان والمتشددين الليبيين؟

وكشفت "الغارديان" عن أنّ جهاز المخابرات الداخلية البريطاني "إم آي 5" أطلق تحقيقاً داخلياً في أيار (مايو) 2017، واعترف الجهاز بأنّ لديه سياسة تسمح لليبيين في المملكة المتحدة بالسفر للقتال في ليبيا والعودة لاحقاً، بما في ذلك الذين كانوا قيد إقامة الجبرية في المملكة المتحدة بسبب إجراءات بحقهم تتعلق بمكافحة الإرهاب. وأفادت "الغارديان" الأحد الماضي أن لجنة المخابرات والأمن في البرلمان البريطاني أعلنت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 أن "إم آي 5" تصرف "ببطء شديد" في تعامله مع عائلة العبيدي. والمعروف أنّ للعائلة صلات وثيقة بحكومة "الوفاق" في العاصمة الليبية، طرابلس.

 وأشار تقرير اللجنة البرلمانية إلى أنّ "ما يمكننا قوله هو أنه كان هناك عدد من الإخفاقات في معالجة قضية سلمان العبيدي"، بحسب "الغارديان"، وهو ما أدى إلى إزهاق أرواح كثيرة؛ تحت ذريعة تقديم الحماية لمتشددين ومتهمين بالعنف والإرهاب، فرّوا من حكوماتهم إلى الخارج، وصوّروا أنفسهم كمعارضين ونشطاء، بينما هناك العديد من الأدلة والقرائن على ارتباطهم بتنظيمات متشددة تحض على الكراهية والعنف.

ويعد أبو أنس الليبي من أوائل عناصر الجماعة الليبية المقاتلة الذين وصلوا إلى بريطانيا، وتمكن من الحصول على حق اللجوء في تسعينيات القرن الماضي. وفي العام 1998، تم إدراجه على قائمة أكثر الأشخاص المطلوبين من قبل مكتب "إف بي آي" الأمريكي؛ بعدما جرى الاشتباه في تورطه في هجوم تنظيم "القاعدة" على سفارات أمريكية في نيروبي ودار السلام، قتل فيهما 224 شخصاً.

والجماعة الليبية المقاتلة تأسست في ليبيا في عقد التسعينيات من القرن الماضي، وهي تنظيم جهادي، يرتبط بـ"القاعدة" بشكل غير مباشر، أسسته عناصر ليبية بعد عودتها من القتال في أفغانستان.

أبو أنس الليبي من أوائل عناصر الجماعة الليبية المقاتلة الذين وصلوا إلى بريطانيا، وحصل على حق اللجوء في التسعينيات

 وفي عام 2004، قام جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني "إم آي 6" بإبلاغ وكالة المخابرات الأمريكية بمكان وجود زعيم الجماعة الليبية المقاتلة، عبد الحكيم بلحاج، في تايلند. وتفيد صحيفة "التايمز" البريطانية بأنّ عناصر من الـ"سي آي إيه" اعتقلوا بلحاج بشكل سري من بانكوك، ثم نقلوه إلى طرابلس واعتقل هناك. وبعد سقوط القذافي بدأ بلحاج ملاحقة قانونية ضد بريطانيا، التي اعتذرت إليه، ودفعت تعويضاً قدره نصف مليون جنيه إسترليني لعقيلته، فاطمة بوشار. وتقول "التايمز" إنّ بلحاج "أضحى اليوم عنصراً فاعلاً في الأزمة الليبية". ويُلقب زعيم الجماعة الإسلامية المقاتلة بـ "رجل قطر في ليبيا"، وبعد الإطاحة بالقذافي ترأس حزب الوطن وأصبح قائد المجلس العسكري في طرابلس، كما أسس شركة الأجنحة للطيران، وأصبح يمتلك طائرات عدة تؤمّن يومياً عشرات الرحلات بين طرابلس ودول أخرى.

اقرأ أيضاً: هجوم ريدينغ الإرهابي يكشف الخطر الداهم للإخوان والمتشددين الليبيين في بريطانيا‎

 يُذكر أنّ نقل المقاتلين المتطرفين من إدلب إلى ليبيا للقتال إلى جانب تركيا وحكومة "الوفاق" يتم عبر الأراضي التركية بوساطة طائرات شركة الأجنحة الليبية المملوكة من قبل عبد الحكيم بلحاج. وتحدثت مصادر عن علاقة بلحاج بمهدي الحاراتي، مؤسس لواء الأمة (جبهة النصرة) في سوريا.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية