الصادق الغرياني.. هل أصبح بوق الإرهاب في ليبيا؟

الصادق الغرياني.. هل أصبح بوق الإرهاب في ليبيا؟


20/04/2020

عبدالباسط غبارة

في بلد يموج بالفوضى جرّاء الصراعات السياسية وانتشار الأسلحة والتنظيمات الإرهابية، يخرج مفتي ليبيا السابق الصادق الغرياني، بين الفينة والأخرى بتصريحات وفتاوى تدعو إلى العنف والقتل بين أبناء الوطن الواحد، يفسرها انحيازه التام للمتشددين في ليبيا حيث يوظف الدين ضدّ أي معارض لمنهجه المتطرف الرافض لإنهاء حالة الفوضى وبناء دولة مستقرة.

آخر الدعوات التحريضية للمفتي المقال من قبل مجلس النواب الليبي، جاءت بإباحته العمليات الإرهابية وتفجير الشباب لأنفسهم ضد قوات الجيش الليبى الذي يشن منذ أبريل/نيسان الماضي عمليات عسكرية  تهدف لتحرير العاصمة الليبية من سيطرة المليشيات المسلحة والتنظيمات الارهابية، وذلك لتكبيدهم خسائر كبيرة فى المعدات والأرواح.حسب زعم الغرياني.

جاء حديث الغرياني المقيم في تركيا، عبر قناة "التناصح" المملوكة لشخصيات داعمة للتيار المتشدد في ليبيا. وردا على سؤال حول ما إذا كان يجوز لمن وصفهم بـ"الثوار" تفجير أنفسهم خشية الوقوع في الأسر أجاب: "قتل النفس منهي عنه، فقد يقع الشخص في الأسر وينجيه الله وقد يخاف أن يقع في الأسر ويأتي من ينقذه، التفجير في العدو بمعنى أن يكون فيه نكاية للعدو، أي يوجد فيه أثر وهزة وانكسار هذا مشروع وجائز".

واعتبر الغرياني تهريب المعتقلين المتشددين من سجون غرب ليبيا على يد ميليشيات تابعة لحكومة الوفاق، "دعامة من دعائم النصر".فعندما دخلت مدن صرمان وصبراتة، أطلقت الميليشيات المسلحة سراح السجناء، ونفذت عمليات إعدام في الشوارع، ونهبت محلات تجارية وحرقت بيوتا ومراكز أمنية واعتدت على أملاك عامة وخاصة وسط تنديد محلي ودولي بانتهاكاتها.

ولم يكتف الغرياني بذلك بل طالب حكومة الوفاق "برفع الظلم عن المسجونين في كل سجون ليبيا لأن فيها أشخاصاً مظلومين اعتقلوا تحت تهم الارهاب"، مناشداً الرئاسي ووزير الداخلية والعدل كونهم المسؤولين بإخراج السجناء الذين تم اتهامهم بالإرهاب لأنهم كانوا يقاتلون حفتر في المنطقة الشرقية، أو كان لديه توجه يخالف توجه الآخرين فالسكوت عن وجودهم بالسجن سيؤخر النصر، بحسب تعبيره.

ويعد الصادق عبد الرحمن علي الغرياني - مواليد 1942م- من عرابي التشدد في ليبيا، خاصة بعدما نصبه الإخوان مفتياً عاماً للديار الليبية في شباط/ فبراير 2012، ليتحالف معهم ومع وذراعهم السياسي حزب العدالة والبناء، الذين شكلوا على مدى السنوات الأخيرة الجناح السياسي والدبلوماسي الداعم للجماعات المسلحة في ليبيا.

ومنذ تنصيبه مفتياً للديار الليبية، بدأ الغرياني في إطلاق فتاوى كثيرة لسفك الدماء فى ليبيا ليطلق عليه الليبيون "مفتي الدم"، و"مفتي الفتنة"، حيث تركزت فتاواه لتصب في مصالح وأهداف الجماعات الإرهابية فقط، ليساهم بذلك في انتشار الفوضى والدم في ربوع ليبيا، فارتكبت عدة جرائم عنف استنادا إلى فتاواه، التي طالب خلالها الجماعات الإرهابية، برفع السلاح ومحاربة قوّات الجيش الليبي.

 

ويتخذ الغرياني الذي يعيش في تركيا حالياً، قناة "التناصح" وهي قناة فضائية مملوكة له، وتمول من قبل قطر الداعم الأبرز للإخوان، لبث سمومه التي يقدمها ضمن وجبات دينية مكثفة، للعبث في عقول الشباب الليبي المتحمس، ليصدر فتاوى تدعم الإرهاب وضد الجيش الوطني الليبي، بل دعا الشباب لقتلهم، وتجاوزت فتاوى أخرى له حدود المنطق والعقل.

ومن أغرب فتاوى الغرياني التى أصدرها، حرمة تكرار الحج والعمرة بحجة أن أموال الحج والعمر ستعود لقتل الليبيين، الأمر الذي أدى لاستنكار واسع في الأوساط الليبية بل دعت للاستغراب والسخرية فى ذات الوقت، حيث دعا بدلا من تكرار الحج إلى تخصيص هذه الأموال لصالح الميليشات الموالية لحكومة الوفاق الوطني لقتال الجيش الوطني الليبي.

وكان الغرياني سابقاً يحرض ضد حكومة الوفاق، التي أوكلت مهمة محاربة تيار المفتي في طرابلس لميليشيا الردع بقيادة عبدالرؤوف كارة ذات المرجعية السلفية. واشتدت المعركة بين الطرفين خلال السنة الماضية عندما نفذت ميليشيا الردع حملة اعتقالات واسعة شملت قيادات ميليشيات قاتلت الجيش الليبي في بنغازي.

ويوجد الآلاف من الإرهابيين والمجرمين في سجون قوة الردع بطرابلس. ويرى مراقبون أنه بمجرد حدوث أول خلاف بين الميليشيات في طرابلس قد يلقى سجن الردع نفس مصير سجن مباحث الغربية بمدينة صرمان الذي كان بداخله العشرات من الإرهابيين الذين أصبحوا أحراراً بفضل مسلحي الوفاق والغطاء الجوي التركي.

ويعمل الغرياني، على إشعال نيران الفتنة بين الليبيين، وخرج  على الشعب الليبي قبل أيام يدعوهم إلى التوقف عن بيع السلع لما سماهم "أهل الباطل" في منطقة شرق البلاد، في إشارة إلى الموالين للجيش الوطني الليبي، وقال لهم: "اتقوا الله ودعوا هذا الأمر، فمن يمول أهل الباطل يصبح في جبهتهم، ومن يفعل هذا الأمر يقاتل مع المجرمين الذين يقاتلون أهل الحق في طرابلس، وعليه أن يتخلص من المال الذي ربحه من هذه التجارة لأن هذا كسب ليس حلالا".

وفي كانون الثاني (يناير) الماضي، دعت وزيرة الصحة السابقة الدكتورة فاطمة الحمروش، محاكمة الغرياني إذا كان سليما.. أو إيداعه مصحة عقلية بحراسة مشددة.وقالت الحمروش في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، إن ما يصدر من هذا الرجل من فتاوى وتحريض على القتال على مر السنين تجعله بحاجة إلى تقييم لتقديمه للمحاكمة.. 

 

 

وأشارت الحمروش بصفتها طبيبة منذ عام 2016 إلى ضرورة إخضاع الغرياني للفحص الطبي لتقييم صحته العقلية وعلاجه، مضيفةً "أنها لم تر وحشية وتحريض على القتل من جهة رسمية كما يفعل الغرياني"، مشيرة إلى أنه منذ عام 2011 لم يتوقف عن الحث على التقاتل وزرع الفتن والكراهية باسم الدين في حين لم تصدر عنه فتوى لبناء الإنسان.

وتأتي تصريحات الغرياني في أعقاب التطورات العسكرية التي شهدتها المنطقة الغربية بعد اعلان حكومة الوفاق بسط سيطرتها على عدد من المدن ومنها صبراتة وغريان،بدعم تركي مباشر.وكشفت مشاهد الفيديو عن تقدم  خليط من إرهابيي القاعدة ومن مجالس شورى المناطق الشرقية الفارين لقوات الوفاق التي دخلت المدينتين ومارست شتى أنواع الانتهاكات والجرائم في حق المدنيين.

وقامت هذه العناصر بفتح السجون لاخراج عدد كبير من عناصر داعش والمتطرفين، وحذر العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي، من أن انتشار الإرهابيين التابعين لحكومة الوفاق في الساحل الغربي للبلاد ينذر بكارثة عودة تنظيم داعش ونشر الإرهاب في دول الجوار. وأكد المحجوب، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الوفاق تعمل على نشر عناصر تنظيم داعش  في الساحل الغربي الليبي من مدينة الزاوية وحتى معبر رأس جدير الحدودي.

وأضاف أن خطر هذه التنظيمات لن يكون حكرًا على ليبيا فقط، بل سيمتد خطرها لدول الشريط الحدودي الغربي والجنوب الغربي ودول الاتحاد الأوروبي على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط. وأشار المحجوب إلى أن قوات الجيش الليبي ستحرم تلك المليشيات الإرهابية التابعة لحكومة الوفاق غير الدستورية، من حلم بناء أي قاعدة لوجودهم كما حرمتهم في بنغازي ودرنة والجنوب وسرت.

وقالت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، في بيان لها أنها تتابع "ببالغ القلق التقارير التي تفيد بوقوع هجمات على المدنيين واقتحام سجن صرمان وإطلاق سراح 401 سجين دون إجراءات قانونية سليمة أو تحقيق علاوة على تمثيل بالجثث وأعمال انتقامية بما في ذلك أعمال النهب والسطو وإحراق الممتلكات العامة والخاصة. ووصف بيان البعثة الأممية ما وقع في صبراتة وصرمان بـ"الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان".

وخلال السنوات الثمانية اعتمد المتطرفون الليبيون على فتاوى الغرياني، كذريعة للقتل، حتى أنه اعتبر أعضاء البرلمان الليبي، والجيش الوطني الليبي "كفاراً يجب قتالهم"، مستخدماً الخطاب الداعشي المتطرف في حشد الشباب الليبي في مواجهة الجيش الوطني.ويخشى متابعون للشأن الليبي أن تكون فتوى الغرياني تصريحاً لعمليات إرهابية جديدة تسيل دماء الليبيين من جديد وتكرر سيناريو سنوات من الدم والدمار يأمل الليبيون أن لا تتكرر.

عن "بوابة أفريقيا" الإخبارية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية