الشبكات الداعمة والممولة لحركة الشباب بالصومال

الشبكات الداعمة والممولة لحركة الشباب بالصومال

الشبكات الداعمة والممولة لحركة الشباب بالصومال


20/02/2024

تحولت الصومال وشرق أفريقيا إلى بؤرة ساخنة للنشاط الإرهابي بفعل تمكّن حركة الشباب (أحد أجنحة تنظيم القاعدة) من التغلغل ونسج روابط "صلبة" مع المجتمعات المحلية، مستغلة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية الهشة، ووجود مساحات "غير خاضعة للحكم" ساهمت في إقامة معسكرات للحركة.

ويتضح من خلال سير العمليات الإرهابية خلال الشهور الفائتة في دولة الصومال تمكّن الحركة من الاستمرارية والسيطرة على ولايات متعددة، وانتقالها إلى مواطن جديدة، تمارس حربها وفق استراتيجيات "حرب الاستنزاف" و"الحرب الاقتصادية" التي تهدف إلى إضعاف الحكومة الصومالية من خلال استراتيجية تشمل: هجمات بارزة ضد رجال أو مؤسسات حكومية أو رمزية، بما في ذلك الخلايا النائمة التي تقوم بهجمات قليلة ولكنّها تستهدف المؤسسات، الكمائن، نقاط التفتيش المؤقتة، عمليات الخطف، العبوات الناسفة، الهجمات الصغيرة على الجنود ورجال القبائل.

الداعمون لحركة الشباب

توفر بعض تنظيمات الإسلام السياسي قاعدة خلفية لحركة الشباب الإرهابية، وقد أعطتها أرضية إسلاموية كبيرة داخل المجتمع الصومالي، سهّلت عليها فيما بعد عمليات الاستقطاب والتجنيد، ومنها تنظيم الإخوان المسلمين، الذي يعمل في الصومال باسم (حركة الإصلاح).

ووفق مركز (المسبار للبحوث) في كتابه عن الإرهاب بالصومال، فقد انقسمت حركة الإصلاح إلى تيارين؛ هما التيار الشرعي، والدم الجديد، والأوّل تفرع منه جماعتان إحداهما بقيادة الدكتور علي باشا والدكتور علي شيخ أحمد، ود. عبد الرحمن باديو، والأخرى بقيادة محمد جريري، وأمّا حركة الدم الجديد، فقد انقسمت إلى جماعتين؛ واحدة بقيادة الشيخ محمد جريري، وأخرى يقودها الدكتور محمد يوسف.

تحولت الصومال وشرق أفريقيا إلى بؤرة ساخنة للنشاط الإرهابي

ومن بين أهم رموز حركة الإصلاح محمد جريري، وعلي باشا عمر الحاج، رابع مراقب للحركة منذ 12 آب (أغسطس) 2008 م حتى 2019، وهو طبيب عيون، وفي عهده شهد التنظيم حالة الانشقاق.

وأمّا الجماعة الثانية، فهي الاعتصام بالكتاب والسنّة، التي تأسست عام 1996، بعد إعادة تأسيس حركة الاتحاد الإسلامي التي انطلقت عام 1983 برئاسة الشيخ علي ورسمة، واندمجت مع التجمع الإسلامي للإنقاذ الذي تأسس عام 1993، وهي تُعتبر من أكبر حركات الإسلامية وأكثرها انتشاراً في شرق أفريقيا.

وللجماعة هيكل إداري يضم الرئيس العام للجماعة الدكتور بشير أحمد صلاد، ومجلس الشورى، وتتفرع منه اللجنة العلمية الدائمة للجماعة التي تُعنى بقضايا التأصيل العلمي، بالإضافة إلى وجود جهاز تنفيذي للجماعة الذي يرأسه حالياً الشيخ أحمد محمد سليمان.

من الخطرين والممولين: مُعلّم أيمن، زعيم جيش أيمن، ومحمود عبدي عدن، وعلي محمد راجي، وعبد الله عثمان محمد، المعروف أيضاً باسم المهندس إسماعيل، وهو كبير خبراء المتفجرات في جماعة الشباب الإرهابية

وتشارك شبكة التطرف والتجنيد المسمّاة (جماعة الهجرة في ماجينجو)، ومقرها كينيا وتنزانيا، في دعم حركة الشباب، وهي جماعة أسسها رجل الدين الكيني في (بومواني) أحمد إيمان علي، الذي ساهم في بناء العديد من المساجد للحركة في ماجينجو، وفي متوابا، ومومباسا، ومركز الشباب المسلم.

كما يدعم جيش أيمن في لامو حركة الشباب، وقد تشكل من وحدة مسلحة اسمها "نبوسيا" تحت قيادة تيتوس نبسيوا، المعروف أيضاً باسم "مُعلم خالد" و"مُعلم كينيا"، وقد عمل في نيروبي بأوامر "أحمد عبدي غودان" زعيم الشباب السابق، وأحد كبار قادته هو عبد اللطيف أبو بكر، ومصطفى أتو، القيادي في حركة الشباب.

ويتخذ "جيش أيمن" من غابة بوني بمنطقة الغابات الشاسعة في لامو ملاذاً لها، وقد أقام صلات مع كتيبة "نبهان" بين شمال شرق كينيا وجنوب الصومال، بقيادة لقمان عيسى عثمان، شقيق عثمان عيسى عثمان، أحد المدبرين لهجوم فندق بارادايس المملوك لإسرائيل في مومباسا عام 2002.

وتوفر شبكة "أبو فداء" في كينيا عناصر كثيرة لحركة الشباب، وتتبعها مباشرة، حيث تنشط في الجامعات، خاصة جامعة (MOI) في غرب نيروبي.

توفر شبكة "أبو فداء" في كينيا عناصر كثيرة لحركة الشباب

يضاف إلى شبكة التنظيمات أخرى من القيادات والممولين والأمنيين، وأهمهم تلك القائمة التي وضعتها وزارة الخارجية الأمريكية، وصنفتها على أنّها من أخطر عناصر الحركة، ومنها: مُعلم سلمان، أحد القادة الرئيسيين لحركة الشباب، الذي اختاره زعيم حركة الشباب المتوفى أحمد عبدي غودان لقيادة المقاتلين الإرهابيين الأجانب الأفريقيين التابعين لحركة الشباب، وهو معروف أيضاً باسم مُعلم سلمان علي وأمير سلمان.

أمّا الشخصية الثانية، فهو مهاد كاراتي، المعروف أيضاً باسم عبد الرحمن محمد، والذي يشغل منصب نائب لحكومة الظل التابعة لحركة الشباب، ويترأس (أمنيات) وهو جناح حركة الشباب المسؤول عن المخابرات والأمن، فضلاً عن الشؤون المالية للجماعة، وهو المعاون لأبي عبيدة (ديري) المعروف أيضاً باسم أحمد عمر، ويشغل منصب زعيم حركة الشباب.

تشارك شبكة التطرف والتجنيد المسمّاة (جماعة الهجرة في ماجينجو)، ومقرها كينيا وتنزانيا، في دعم حركة الشباب، وهي جماعة أسسها رجل الدين الكيني في (بومواني) أحمد إيمان علي

ومن الخطرين والممولين مُعلّم أيمن، زعيم جيش أيمن، ومحمود عبدي عدن، وعلي محمد راجي، وعبد الله عثمان محمد، المعروف أيضاً باسم المهندس إسماعيل، وهو كبير خبراء المتفجرات في جماعة الشباب الإرهابية، وهو مسؤول عن الإدارة العامة لعمليات وتصنيع المتفجرات التابعة لحركة الشباب، وأبوكار علي أدان نائب زعيم حركة الشباب، وعبد الله ياري، المعروف أيضاً باسم عبد الله ياريسو وعبيد، وعبد القادر محمد عبد القادر، المعروف أيضا باسم عكرمة، وفؤاد محمد خلف، المعروف أيضاً باسم فؤاد شونجول، وأحمد إيمان علي زعيم الحركة في كينيا، وحسن أفجوي المسؤول عن الشبكة المالية، وياسين كلوه القائد الإقليمي لحركة الشباب.

شبكة التواجد والمعسكرات

ووفق النشاط والعمليات الأخيرة لها، فإنّها بدت وكأنّ لديها حرية في التنقل ما بين حدود الصومال مع كينيا وأثيوبيا دون وجود رقابة حقيقية، لكنّها فشلت رغم الإصدارات المتتالية لها في تصدير التماسك والتمكّن.

وفيما يخص البنية الداخلية لحركة الشباب، فقد حاولت عن طريق بعض الإصدارات تصدير صورة متماسكة عن طريق إظهار الإجماع وراء زعيم الحركة، وبدا هذا بوضوح في مؤتمر مناقشة الجهاد بشرق أفريقيا، لكنّ هناك معطيات من ناحية الاستراتيجيات والتكتيكات، أثّرت على مجريات الأحداث بشكل كبير؛ ومنها: عدد الضحايا الذين ازدادوا في شرق أفريقيا نتيجة الإرهاب، وانشغال الأثيوبيين في المعارك الداخلية مع التيجراي أثّر بشكل كبير على مجريات الحرب ضد الحركة.

سعت الحركة لتأسيس "دويلة إرهابية"، ويشير ذلك إلى تراجع الإرهاب المعولم إلى إرهاب بطابع محلي لإقامة إمارات، وحرصت على السيطرة على الموانئ من أجل تأمين عمليات نقل المقاتلين والأسلحة، خاصة مع اليمن.

وتتواجد حركة الشباب في معسكرات معروفة وفق الباحث الصومالي نعمان حسن عيديد؛ وهي: معسكر فانولي، وهو يقع في جنوب الصومال قرب العاصمة الثالثة في كيسمايو، وسمّي فانولي لأنّها القناة التي شيدتها حكومة سياد بري لإقامة سد المياه، وهي ثاني أكبر قناة في منطقة القرن الأفريقي، وتقع في هذه المنطقة جميع مزارع الموز وقصب السكر والمانجو، وهي المشاريع التي قامت بها الحكومة الإيطالية في ستينيات القرن الماضي، وهذا المعسكر هو أكبر معسكر شيدته حركة الشباب، وفيه أعضاء أجانب منهم الكينيون التنزانيون ومن جزر القمر.

تتواجد حركة الشباب في معسكرات معروفة

ويوجد للحركة معسكر في الوسط الصومالي وهو ثاني معسكر، وله أهمية كبيرة لأنّه يقع في وسط الصومال في مدينة (عيل بور)، وهي منطقة تشتهر بالمعادن.

والمعسكر الثالث يقع في الجنوب الغربي في مدينة (ساكو) و(وبوآلي) عاصمة جنوب الصومال، وهي تقع في مثلث على شكل جزيرة، وأرض خصبة.

أمّا منطقة الشمال الشرقي التي تقطنها قبيلة (طل بهنتا)، وهي تنحدر من الداروت، فقد سعت الحركة لإقامة كيان خاص لها إلا أنّها لم تستطع.

واستطاعت حركة الشباب إقامة قواعد في لامو ورأس كيامبوني داخل الإقليم الشمالي الشرقي لكينيا، وعلى طول الشريط الساحلي، كما يعملون في اثنين من أكبر مُخيمات اللاجئين في العالم، وهما داداب وكاكوما، على الحدود مع كينيا وسط اللاجئين.

ويتضح ممّا سبق أنّ الحركة تحاول السيطرة مكانياً على كثير من مساحة الدولة الصومالية، ولها شبكة واسعة من القواعد الخلفية وجماعات الإسلام السياسي والممولين، وأنّها تطغى بحكمها بالردة على المتعاونين مع الحكومة الصومالية، أي أنّ مسألة تكفير الأعوان قد توغلت تماماً في فكر الحركة، بما يشير إلى القرب أكثر من التيار الأكثر تشدداً في بنية تنظيم (القاعدة).

وتحاول حركة الشباب بعملياتها الإرهابية الأخيرة أن تظهر كيانها ووجودها في الصومال وكينيا وإثيوبيا وإريتريا وجيبوتي عن طريق أذرعها الخارجية، مستندة إلى شبكة من المعسكرات والممولين والجماعات والنظم العشائرية ورجال الأعمال المستثمرين في الحروب وبعض الزعماء المحليين، ومن هنا فالمرجح هو بقاء الحركة لفترة ليست بالقصيرة، إلا بتغيير الاستراتيجية الحالية في مواجهتها. 

مواضيع ذات صلة:

الصومال وتغيير النظام الانتخابي: ماذا في جعبة الرئيس؟

أزمة الصومال على طاولة مجلس الأمن الدولي.. هذه أبرز الملفات

الصومال: الإرهابيون يخترقون أجهزة الأمن والمخابرات




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية