الحوثيون يستنسخون "شرطة الأخلاق" الإيرانية... ماذا فعلوا؟

الحوثيون يستنسخون "شرطة الأخلاق" الإيرانية... ماذا فعلوا؟

الحوثيون يستنسخون "شرطة الأخلاق" الإيرانية... ماذا فعلوا؟


19/09/2022

في خضم الجدل حول وحشية "شرطة الأخلاق" الإيرانية، ولا سيّما بعد تعذيبها الفتاة الإيرانية مهسا أميني حتى القتل بحجة ارتداء "حجاب غير لائق"، قررت جماعة الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران، استنساخ التجربة الإيرانية بفرض الوصاية على أخلاق الشعب اليمني وقيمه الدينية والثقافية، ففي أيام معدودة اتخذت الميليشيات الإرهابية، التي تُعدّ امتداداً لنظام الملالي الإيراني، عدداً من الإجراءات المتشدّدة ضد اليمنيين.

ووفقاً لصحيفة "الشرق الأوسط"، أغلقت الميليشيات الحوثية عدداً من النوادي والمقاهي وصالونات التجميل ومراكز العناية الصحية ونوادي السباحة في العاصمة صنعاء، ومنعت بيع الشيشة الإلكترونية، وأتلفت مئات الحقائب المدرسية، بزعم وجود رسوم عليها تخالف القيم الدينية وثقافة المجتمع، في ممارسات يصفها السكان بـ"الطالبانية"، من طرف ميليشيات تصف مخالفيها بـ"الإرهابيين والدواعش".

قررت جماعة الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران، استنساخ التجربة الإيرانية بفرض الوصاية على أخلاق الشعب اليمني وقيمه الدينية والثقافية

 "الصرخة الخمينية"

فرضت ميليشيات الحوثي الإرهابية قيوداً في المدارس والجامعات على الطلاب تتعلق بالملابس، وتعدّت ذلك إلى منع الاختلاط والأحاديث بين الذكور والإناث، وفرضت هذه القيود حتى على المعلمين، وتدخلت في خصوصيات الجميع، وحذّرت بشدة من نشر أو عرض أيّ شعارات سياسية، بينما تنشر شعارها: "الصرخة الخمينية" على كل الجدران، بما فيها قاعات الدراسة.

وأعلنت جماعة الحوثي أنّها أتلفت (300) حقيبة مدرسية، عبر مركزها الرقابي في منطقة عفار التابعة لمحافظة البيضاء، نحو (260) كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء، وهي المنطقة التي استحدثت فيها الميليشيات جمركاً للبضائع الآتية من المحافظات المحررة، وجاء إتلاف هذه الحقائب بزعم أنّ الرسومات التي عليها تحمل شعارات تتعارض مع ثقافة وأخلاق المجتمع اليمني.

 ابتزاز وإتاوات

تنفذ الميليشيات حملات تحمل طابعي القمع والابتزاز تجاه التجار والبائعين، فقد نقلت "الشرق الأوسط" عن أحد مالكي محلات المستلزمات المكتبية قوله: إنّ تهمة بيع منتجات تحمل صوراً ورسومات تخالف القيم الدينية والمجتمعية كثيراً ما تكون مبرراً لمضاعفة الإتاوات، وإجبار التجار على دفع المزيد من المبالغ لمنع مصادرة منتجاتهم أو إتلافها.

أغلقت الميليشيات الحوثية عدداً من النوادي والمقاهي وصالونات التجميل ومراكز العناية الصحية ونوادي السباحة في العاصمة صنعاء

وذكر أنّه تم ابتزازه مع عدد من شركائه بسبب حقائب مدرسية، ضمن بضاعة قاموا باستيرادها بمناسبة بدء العام الدراسي، وقد تم احتجاز البضاعة في أحد المنافذ الجمركية، وبعد أن دفعوا إتاوات في الجمرك التابع للميليشيات فوجئوا بقوة ميليشاوية تزورهم في محلاتهم لابتزازهم بالمبرر نفسه، معرباً عن استغرابه من ادعاء الميليشيات مخالفة تلك الرسوم للدين وقيم المجتمع؛ فهي مأخوذة من مسلسلات كرتون للأطفال، ويتم بثها عبر القنوات التلفزيونية العربية.

وفي جامعة ذمار جنوب صنعاء، علقت الميليشيات على بوابات الكليات وأروقتها وقاعاتها الدراسية تعليمات بشأن مظهر الطلاب والطالبات، ملزمة إياهم بعدم ارتداء الملابس العصرية، وإجبارهم على المظهر التقليدي.

ولا يقتصر هذا الأمر على جامعة ذمار وحدها؛ فجميع المؤسسات التعليمية الواقعة تحت سيطرة الميليشيات شهدت خلال الأعوام الماضية إجراءات وقيوداً حوثية على الطلاب والطالبات، بزعم الحفاظ على القيم الدينية والعادات والتقاليد، في الوقت نفسه الذي تفرض فيه الميليشيات مناهج ومقررات دراسية تنشر الطائفية وتعزز الانقسام المجتمعي، بحسب ما يتداوله الناشطون والمراقبون.

ويذكر أحد مدرسي علم الاجتماع بجامعة صنعاء أنّ رئاسة الجامعة التي تديرها الميليشيات فرضت عليه حذف كثير من الفقرات في المواد التي يدرّسها، بزعم أنّها تمثل غزواً فكرياً مقبلاً من الغرب، وتتناقض مع الدين الإسلامي والمجتمع اليمني، وطالبته بالاستفادة من ملازم حسين الحوثي، مؤسس الميليشيات، في مقرراته ومحاضراته.

فرضت ميليشيات الحوثي قيوداً في المدارس والجامعات تتعلق بالملابس، وتعدّت ذلك إلى منع الاختلاط والأحاديث بين الذكور والإناث

والأسبوع الماضي، أغلقت الميليشيات عدداً من محلات "الشيشة الإلكترونية" بذريعة إضرارها بالصحة، إضافة إلى النوادي الصحية النسائية، بحجة مخالفتها للقيم الدينية والعادات والتقاليد، في حين قال مُلّاك هذه المحلات والنوادي إنّ هذه التبريرات قائمة منذ سيطرة الميليشيات، وتُتخذ وسيلة للابتزاز وإجبارهم على دفع الإتاوات والاستجابة للجبايات.

 صحة اليمنيين

تسببت حملة إغلاق محلات "الشيشة الإلكترونية" بموجة سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أوساط الأهالي في صنعاء، وفقاً لموقع "عدن" اليمني الذي نقل عن خالد الحدي قوله: إنّ سياسات الميليشيات وإجراءاتها تسببت بالمجاعة وانتشار الأوبئة وسوء التغذية، ثم تزعم أنّها تسعى للحفاظ على صحة اليمنيين، وتهكّم أوس محمد سعيد بقوله إنّ رؤية أنصار الحوثي في كل شارع ومدخل بناية حكومية أو نقطة تفتيش، إضافة إلى شعاراتهم المنتشرة فوق كل الجدران والمباني والسيارات، تتسبب بالامتعاض والغضب والقلق والتوتر والخوف، وهو ما يتسبب بتدهور الصحة واستسلام المرء للمرض، وبالتالي فالحوثيون آخر مَن يحق له الحديث عن صحة المواطنين.

وبحسب ما تردد من معلومات بعد إغلاق محلات "الشيشة الإلكترونية"؛ فإنّ العديد من هذه المحلات عادت لفتح أبوابها، إثر دفع مبالغ مالية كبيرة للميليشيات بعد أيام من إغلاقها، ما يؤكد أنّ الابتزاز والجباية هما هدف حملات الميليشيات لإغلاق هذه المحلات والنوادي، وليس "صحة اليمنيين" كما تدعي الميليشيات.

علقت الميليشيات على بوابات الكليات وأروقتها وقاعاتها الدراسية تعليمات بشأن مظهر الطلاب والطالبات، ملزمة إياهم بعدم ارتداء الملابس العصرية

 مجتمع نمطي

خنق الحريات العامة والتضييق على اليمنيين ومراقبة تحركاتهم هو سلوك حوثي قائم منذ سيطرة الميليشيات، إلى جانب ممارسات الابتزاز، حسبما نقلت "عدن" عن مراقبين.

وأكد مدرس علم الاجتماع بجامعة صنعاء أنّ الميليشيات تريد خلق مجتمع نمطي مطيع وتابع، ولا يجرؤ أفراده على تجاوز نهج وسلوك جماعة الحوثي، مشيراً إلى أنّ "أيّ جماعة متطرفة تسعى بطبعها لإجبار المجتمعات التي تسيطر عليها على السير وفق نهجها ومعاقبة من يخالفها ووصمه بتهم جسيمة، حيث تُعدّ ممارسة الحريات الفردية تمرداً وسلوكاً ينبغي قمعه، وعدم السماح بتكراره أو تقليده، وحرمان الجميع من التفكير خارج ذهنية الجماعة ومؤسسيها".

ومنذ أعوام تحاول ميليشيات الحوثي تطييف المجتمع وصبغه بالصبغة الطائفية الشيعية، فقد أجبرت أئمة ومؤذني عدد من مساجد مدينة إب وسط اليمن على التوقيع بتأخير أذان المغرب تناغماً مع المذاهب الشيعية، بعد أيام من اختطاف الميليشيات لعدد من مؤذني وأئمة مساجد مديرية القفر شمال اليمن وتهديد أئمة مساجد مديرية المشنة بالسجن لإجبارهم على تأخير أذان المغرب في شهر رمضان الماضي، تماشياً مع المذاهب الشيعية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية