الحرب تتوسع في البحر الأحمر... ما حجم تهديد الحوثيين للسفن؟

الحرب تتوسع في البحر الأحمر... ما حجم تهديد الحوثيين للسفن؟

الحرب تتوسع في البحر الأحمر... ما حجم تهديد الحوثيين للسفن؟


25/01/2024

في حين كان اليمنيون ينتظرون توقيع أطراف الصراع على اتفاقية سلام لإنهاء الحرب، دخلت البلاد في مرحلة جديدة من الصراع، وأصبحت جهود السلام في اليمن مهددة بالانهيار التام، فقد توسعت الحرب الحوثية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب إلى خليج عدن وبحر العرب، ويؤكد خبراء أنّ الحرب التي تشنها ميليشيات الحوثي، ومن خلفها خبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، مدروسة بعناية.

هذه الحرب كشفت أنّ جماعة الحوثي تمتلك العديد من القدرات العسكرية والممرات التكتيكية التي مكنتها من مهاجمة السفن التجارية والعسكرية في مياه البحرالأحمر، وقدمت طهران الدعم الاستخباري والعسكري للحوثيين، التي استخدموها لمهاجمة السفن أيضاً، بحسب ما أوردته دراسة حديثة لـ (المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI) بعنوان: "أمن البحر الأحمر والخليج العربي ـ ما حجم تهديد الحوثيين للسفن؟".

وأشارت الدراسة إلى أنّ قدرات الحوثيين والدعم الإيراني دفع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها لاتخاذ ردود فعل تجاه جماعة الحوثي، وسط مخاوف من توسيع وتيرة الصراع في منطقة الشرق الأوسط.

الموقع الجغرافي للحوثيين

وتتمثل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون حتى 6 آذار (مارس) 2023، بحسب الدراسة، في العاصمة صنعاء ومناطق "البيضاء وإب وعمران والحديدة وذمار وصعدة وريمة والمحويت"، وهو ما يشكّل (23%) من إجمالي مساحة اليمن. 

وبحسب خارطة مناطق إطلاق الصواريخ، فإنّ السلسلة الجبلية الوسطى الممتدة من صعدة إلى عمران وصنعاء وذمار وإب مخازن استراتيجية، بينما المحافظات الخلفية للساحل مثل حجة والمحويت وريمة يتم بناء مخازن تكتيكية للصواريخ فيها. 

هذه الحرب كشفت أنّ جماعة الحوثي تمتلك العديد من القدرات العسكرية

واعتبرت الخارطة المناطق الساحلية في حجة والحديدة والمرتفعات في تعز وصعدة وصحراء الجوف مراكز إطلاق للصواريخ.

هذا، وتشير التقارير الاستخباراتية في 17 كانون الثاني (يناير) 2024 إلى أنّ هناك (4) مراكز جديدة فعلها الحوثيون لإطلاق الصواريخ؛ المركز الأول إطلاق الصواريخ باتجاه البحر الأحمر غرباً وشمالاً، والمركز الثاني إطلاق الصواريخ باتجاه خليج عدن، والمركز الثالث باتجاه باب المندب جنوب البحر الأحمر، والمركز الرابع مديرية الحزم بمحافظة الجوف.

قدرات الحوثيين الباليستية 

وشهدت الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر استخدام الحوثيين لصواريخ (كروز) مضادة للسفن يتراوح مداها بين (80 ـ 300) كيلومتر، من بينها صواريخ (صياد وسجيل). وصواريخ باليستية، أبرزها صاروخ (طوفان) يمتد مداه من (1350) كيلومتراً إلى نحو (1900) كيلومتر. وصواريخ (قدس2، وقدس 3، وقدس 4)، وهي صواريخ باليستية يمتد مداها من (1350) كيلومتراً إلى نحو (2000) كيلومتر. لكنّها تحتاج معلومات استخباراتية محدثة عن الأهداف، عادة ما توفرها طائرات بدون طيار أو القوارب أو قوات الحلفاء في المنطقة.

طائرات بدون طيار للمراقبة والاستطلاع

وتمتلك جماعة الحوثي طائرات بدون طيار، وأبرزها طراز (قاصف-1)، وهي مزودة برأس حربي في مقدمتها، والطائرة الموجهة عن بُعد (راصد)، وتحمل في الأصل اسم Skywalker X-8، ويستخدمها الحوثيون في مهام المراقبة والاستطلاع، وطائرة الاستطلاع المسيّرة (رقيب)، وكذلك (هدهد-1)، وترسانة الحوثيين المسيّرة (صمّاد)، التي صمّمت في الأساس لمهام الاستطلاع، لكنّ الحوثيين استخدموها كمسيّرة مفخخة في عدة هجمات.

 

تمتلك جماعة الحوثي طائرات بدون طيار، وأبرزها طراز (قاصف-1)، وهي مزودة برأس حربي في مقدمتها، والطائرة الموجهة عن بُعد (راصد).

 

كما تمتلك الجماعة مسيّرة (صماد 3) الانتحارية، ويمتد مداها من (1200) إلى (1500) كيلومتر. إلى جانب طائرة (وعيد) المسيّرة، وهي طائرة مشابهة لمسيّرة (شاهد 136) الإيرانية، ويصل مداها إلى نحو (2500) كيلومتر.

قوارب تعمل بالتحكم عن بُعد

استخدمت جماعة الحوثي قوارب صغيرة محملة بالمتفجرات تعمل بالتحكم عن بُعد. ويمثل حجمها الصغير تحدياً لقوات المراقبة، ومن بين الطرق التي اعتمدتها أيضاً عمليات إنزال عناصر بمروحيات أو قوارب، إذ يصعد العناصر على ظهر السفينة المستهدفة ويسيطرون عليها.

إيران ودعم الحوثيين عسكرياً واستخباراتياً

ولفتت الدراسة إلى أنّ البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني تسيطر على جزيرة (فارور)، واستعملت لـ "تدريب جماعة الحوثي"، وأنّ (200) عنصر من الجماعة تلقوا تدريبات في إيران على يد الحرس الثوري في أكاديمية (خامنئي) للعلوم والتكنولوجيا البحرية في منطقة (زيباكنار) الساحلية، واستمرت نحو (6) أشهر تحت قيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري.

 قدرات الحوثيين والدعم الإيراني دفع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها لاتخاذ ردود فعل تجاه جماعة الحوثي

وأكدت أنّ قادة ومستشارين من الحرس الثوري الإيراني قدّموا أيضاً دعماً من البيانات والمعلومات الاستخباراتية لجماعة الحوثي لتحديد عشرات السفن التي تمر عبر البحر الأحمر، وقدمت سفن المراقبة الإيرانية في البحر الأحمر معلومات التتبع التي جمعتها، وتم تسليمها إلى الحوثيين، الذين استخدموها لمهاجمة السفن التجارية التي تمر عبر مضيق باب المندب، من خلال تقديم إحداثيات للطائرات دون طيار والصواريخ الحوثية لاستهداف السفن بدقة.

وتشمل الأسلحة والمعدات العسكرية التي تدعم بها إيران جماعة الحوثي في 16 كانون الثاني (يناير) 2024 أجهزة دفع وتوجيه ورؤوس حربية للصواريخ الباليستية الحوثية متوسطة المدى (MRBMs)، وصواريخ كروز المضادة للسفن (ASCMs)، وصواريخ مضادة للدبابات "إيرانية"، على غرار صواريخ (كورنيت) الروسية، بالإضافة إلى الرادارات الساحلية ومعدات المراقبة الجوية ومكونات مرتبطة بأنظمة الدفاع الجوي، وقد استخدمت جماعة الحوثي هذه المكونات في الصواريخ لتهديد ومهاجمة البحارة على متن سفن تجارية دولية تعبر البحر الأحمر.

 

شهدت الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر استخدام الحوثيين لصواريخ (كروز) مضادة للسفن يتراوح مداها بين (80 ـ 300) كيلومتر.

 

وأشار (فرزين نديمي) زميل معهد واشنطن ومحلل متخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج في 8 كانون الأول (ديسمبر) 2023 إلى أنّ "إيران قد تتدخل لتحسين عمليات الاستهداف التي يقوم بها الحوثيون، سواء من خلال تبادل المعلومات الاستخبارية في الوقت المناسب، أو من خلال تعديل أنظمة الملاحة الصاروخية الخاصة بالحركة، وقد تزوّدهم طهران أيضاً بالنسخة للطائرة المسيّرة (شاهد-136) التي تم تطويرها". 

جماعة الحوثي تحتفظ بقدراتها على إطلاق الصواريخ

(المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI) أشار في الدراسة إلى أنّ الضربات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة دمرت حوالي (90%) من الأهداف التي تم ضربها، حيث أصابت الضربات (60) هدفاً مخططاً مسبقاً في (16) موقعاً. 

كما نفذت موجة ثانية من الضربات على (12) هدفاً آخر تشكل تهديداً للطائرات والسفن ومعظمها يتم تركيبه على منصات متنقلة، ويمكن نقلها أو إخفاؤها بسهولة. لكنّ جماعة الحوثي احتفظت بحوالي (75%) من قدرتها على إطلاق الصواريخ والطائرات من دون طيار على السفن التي تعبر البحر الأحمر وشنّ هذا النوع من الهجمات المعقدة.

وشرح الرائد المتقاعد في الجيش الأمريكي (مايك ليونز) طريقتين محتملتين للقضاء على القدرات العسكرية للحوثيين في اليمن، قائلاً: إنّ إحداها هي زيادة مستوى الهجمات ضد الحوثيين، والقيام بحملة جوية مستمرة ومتواصلة على مدار الساعة، إضافة إلى قطع خطوط الإمداد عنهم في 19 كانون الثاني (يناير) 2024.

إعادة إدراج الحوثيين على قائمة الكيانات الإرهابية 

واستندت الدراسة إلى أنّ إعلان الولايات المتحدة في 17 كانون الثاني (يناير) 2024 إعادة إدراج الحوثيين على قائمة الكيانات "الإرهابية"؛ بسبب هجماتهم المتكررة على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، حيث ألغت واشنطن تصنيفها منظمة إرهابية في العام 2021، بعد أن وضعتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على تلك القائمة خلال الفترة الأخيرة من إدارتها.

وتحاول الولايات المتحدة من خلال تصنيفهم كياناً "إرهابياً"، الضغط على الحوثيين الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من شمال اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء، كي يوقفوا هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وبحر العرب، المنطقة الاستراتيجية التي يمرّ عبرها (12%) من التجارة العالمية.

وقد يتسبب التصنيف في تعقيد الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وضع الحرب في اليمن على سكّة الحلّ. وقد تكون للردّ العسكري على هجمات الحوثيين قيمة رمزية بالنسبة إلى الدول الغربية، وقد يحدّ من قدرات معينة للحوثيين، ولكن سيكون له تأثير إجمالي محدود، بل يمكن أن يجعل الأمور أسوأ.

 

استخدمت جماعة الحوثي قوارب صغيرة محملة بالمتفجرات تعمل بالتحكم عن بُعد، ويمثل حجمها الصغير تحدياً لقوات المراقبة.

 

وقد تدفع تلك القرارت جماعة الحوثي إلى تكثيف هجماتها البحرية وتوسيع نطاق السفن التي تستهدفها. وفي حين أنّ قدرات الحوثيين محدودة مقارنة بتلك التي يمكن للولايات المتحدة أن تستخدمها، فإنّ التقدم في تكنولوجيا الأسلحة يسمح للحوثيين بإلحاق أضرار اقتصادية كبيرة، لا سيّما من خلال استخدام الأسلحة الموجهة عن بُعد. وقد يسعى الحوثيون على طول ساحل البحر الأحمر إلى تعزيز وجودهم العسكري. 

هذا، وتصاعدت التحذيرات ممّا وصف بـ "صدمة جديدة وشيكة في نشاط التجارة حول العالم، على شاكلة الصدمة التي شهدها هذا القطاع الحيوي إبّان وباء كورونا، وذلك بعد قرار شركات شحن كبرى تعليق نشاطها عبر البحر الأحمر؛ بسبب هجمات الحوثيين على سفن تجارية في باب المندب. 

وتوقعت الدراسة رفع كلفة الشحن والتأمين والخدمات اللوجستية البحرية الأخرى بنسب تصل إلى (30%)، كما تتوقع ارتفاعاً في الأسعار في أوروبا والولايات المتحدة بنسبة (10% إلى 15%).

مواضيع ذات صلة:

إيران وأمن البحر الأحمر... ما أهداف استعراض القوة؟

هل يعطل إرهاب الحوثيين في البحر الأحمر عملية السلام؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية