الجيش الوطني الليبي يوجّه رسالة بليغة في أضخم عرض عسكري

الجيش الوطني الليبي يوجّه رسالة بليغة في أضخم عرض عسكري


31/05/2021

أجرى الجيش الوطني الليبي، أول من أمس السبت، أكبر عرض عسكري له منذ سنوات بمناسبة الذكرى السابعة لانطلاق عملية الكرامة. وخلال العرض، أكد القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، استمرار التصدي للإرهاب ودعم الحل السلمي.

وحضر العرض، بالإضافة إلى حفتر، رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الليبية الفريق عبد الرزاق الناظوري، بالإضافة لنائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية عن بنغازي، حسين أعطيه.

وتخرجت الدفعة 53 و54 من ضباط الكلية العسكرية بمختلف التخصصات والصنوف العسكرية، كما تخرجت دفعات من ضباط الصف والجنود بمختلف مراكز تدريب القوات المسلحة ووزارة الداخلية.

وشارك في العرض العسكري أيضاً عدد كبير من جنود الجيش الليبي الأساسيين من كافة البلاد، حيث استعرض جميع وحدات القوات المسلحة الليبية بمعظم تخصصاتها وآلياتها.

طائرة عسكرية تحيي تجمعاً من قوات الجيش

وشهد العرض العسكري حادثاً مؤسفاً، حيث أكد الجيش الوطني الليبي أنّ مقاتلة من طراز "ميغ-21" تابعة له تحطمت خلال العرض العسكري في بنغازي.

وأكدت شعبة الإعلام الحربي في الجيش أنّ قائد المقاتلة المنكوبة لقي مصرعه جراء الحادث، وهو العميد طيار جمال بن عامر.

ووفقا لناشطين، فقد ظن كثيرون أنّ حركة الطائرة جزء من العرض المتفق عليه، لكنها في الحقيقة واجهت عطلاً فنياً خلال الطيران.

القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، أكد استمرار التصدي للإرهاب ودعم الحل السلمي، في أكبر عرض عسكري منذ سنوات بمناسبة الذكرى السابعة لانطلاق عملية الكرامة

وأشاد البعض بحنكة الطيار الراحل، الذي استطاع أن يجنّب الحضور الخطر، وأبعد الطائرة لتسقط بعيداً عن تجمع الجيش الليبي خلال العرض.

ومذ شهور، أجرت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية، استعدادات مكثفة لتنظيم عرض عسكري مهيب لقواتها في مطار مدينة بنغازي، هو الأكبر في تاريخ المنطقة منذ عام 2011، حيث شارك فيه ما بين 30 ألف إلى 50 ألف جندي، من مختلف فروع الجيش الوطني الليبي، ومختلف الألوية والكتائب في شرق البلاد وجنوبها وغربها.

اقرأ أيضاً: أين وصل ملف مرتزقة أردوغان في ليبيا؟.. المرصد السوري يعلق

ويأتي العرض في وقت تشهد فيه البلاد صراعات سياسية حادة، وجهود مضنية تبذلها جماعة الإخوان المسلمين والميليشيات وجزء من الحكومة الانتقالية من المحسوبين عليهم لتأجيل موعد الانتخابات، المقرر في نهاية العام الحالي، خوفاً من ضياع المكتسبات التي حققوها بقوة السلاح عبر الميليشيات التي تهيمن على العاصمة ومدن غرب البلاد.

عرض عسكري مهيب

بمناسبة الذكرى السابعة لثورة الكرامة، التي قام بها الجيش الوطني الليبي وسكان المنطقة الشرقية، لطرد الميليشيات والجماعات الإرهابية التي سيطرت على مدينة بنغازي ومدن البلاد، أحيى الجيش الذكرى بمجموعة من الفعاليات، أهمها عرض عسكري لكافة أفرع قواته، وبعدد جنود قد يصل إلى 50 ألف مقاتل، وتمّ استعراض واسع لمختلف الأسلحة للقوات البرية والجوية والبحرية.

وفي تصريحات تلفزيونية، في 17 من شهر أيار (مايو) الجاري، أشار المتحدث العسكري للجيش الوطني الليبي، اللواء أركان حرب أحمد أبو زيد المسماري، إلى تنظيم الجيش لعرض عسكري ضخم في الذكرى السابعة لثورة الكرامة، وقال إنّه "بعد 7 سنوات من العمل المستمر من الجيش الليبي العربي وُضع الجيش في مصاف الهمم، وإضافة قدرات شبابية جديدة مدربة".

اقرأ أيضاً: ليبيا.. حكومة وحدة أم مغالبة؟

وذكر المسماري؛ أنّ "العرض مُهدى إلى جميع أسر الشهداء وأرواح الشهداء، داعياً الليبيين إلى المشاركة في هذه الاحتفالات، خاصة في مدينة بنغازي التي اعتمدتها اللجنة العليا للاحتفالات".

ونشرت عشرات من الحسابات الليبية على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً متعددة لتقاطر القوات المشاركة في العرض العسكري من مختلف المناطق العسكرية، خاصة المنطقة الجنوبية والشرقية، وأنحاء من المنطقة الغربية، التي تسيطر على معظمها الميليشيات الموالية لجماعة الإخوان المسلمين وعدد من الميليشيات الجهوية والعصابات الإجرامية.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: مناورات في الجزائر وسقطة أخلاقية في المغرب وأنشطة مريبة بليبيا

وحول فعاليات الاحتفال، ذكر المحلل السياسي الليبي، عمر بو أسعيده، أنّ القيادة العامة قررت تنظيم مهرجانات وفعاليات كبرى بمناسبة العيد السابع لثورة الكرامة، وتشمل الفعاليات مهرجانات شعر شعبي ومسابقات في حفظ القرآن الكريم والركض الشعبي، وتنتهي هذة الفعالية بعرض مهيب كبير للقوات المسلحة، وتشارك فيه كل أفرع وقيادات القوات.

المحلل السياسي الليبي، عمر بو أسعيده

وأضاف بو أسعيده، لـ "حفريات": العرض حافل بالمفاجآت؛ من ناحية عدد القوات، وعرض أسلحة نوعية متطورة للمرة الأولى، إضافة لمشاركة سلاح الجو.

وذكر مصدر عسكري ليبي لـ "حفريات"، فضّل عدم الكشف عن اسمه، بأنه ستكون هناك مشاركة لـ 60 ألف جندي، و20 ألفاً من العربات والمركبات، بما فيها الدبابات، المحملة بمختلف أنواع الأسلحة، وأكّد أنّ "العرض سيكون الأكبر في الشرق الأوسط، ويحظى بمتابعة جيدة من الأتراك".

رسائل الداخل

ووجه العرض العسكري رسائل متعددة للداخل والخارج، في الوقت الذي تترقب فيه البلاد الانتخابات العامة خلال شهور، والتي ستؤسس لمرحلة جديدة، لكن هناك تخوفات عدّة من تأجيل الانتخابات، أو الرجوع للصراع المسلّح، في ظلّ عدم التزام الإخوان وحلفائهم في الداخل والخارج باتفاق وقف إطلاق النار، الذي أسس للمرحلة الانتقالية والمسار السياسي.

المحلل السياسي هيثم الورفلي لـ "حفريات": في حال تمّ التلاعب بموعد الانتخابات المتفق عليه في حوار جنيف فإنّ استعمال القوة ما يزال قائماً

ويرى بو أسعيده، أنّ العرض المهيب يحمل رسالة للميليشيات مفادها "لن تنفعكم تركيا ومرتزقتها، وأيّ تحرّك عسكري من جانبكم سيكون الردّ عليه قاسياً".

ويوضح الناشط والمحلل السياسي الليبي، هيثم أحمد الورفلي؛ أنّ رسائل العرض الداخلية موجهة للجيش وداعميه وللطرف الآخر، فمن ناحية؛ الرسالة جلية بأنّ الأعداد الكبيرة من الجنود والضباط جاءت نتيجة لمجهودات قيادة حكيمة وتضحيات رجال أبطال أبوا إلا أن يستعيدوا وطنهم من براثن الإرهاب ومطامع المستعمرين.

وأردف الورفلي، لـ "حفريات"؛ بأنّ الإنجاز العسكري الكبير للعرض جاء في ظروف حصار جائر، وحرب ضدّ الإرهاب والعدوان التركي، ما يعني عرفاناً وشدّاً لعزائم القوات المسلحة والشعب الذي يريد الخلاص من الإرهاب والفوضى.

الناشط والمحلل السياسي الليبي، هيثم أحمد الورفلي

وأضاف: الجيش يعلن رسالته بأنّهم "رجال السلام وفرسان الحرب ورجالها، وأنّ الحرب لإعادة بناء الوطن لم تكن على جبهات القتال فقط، بل في محاريب العلم وساحات التدريب في الكليات والمعاهد العسكرية".

اقرأ أيضاً: هل يتخذ مجلس الأمن قراراً يتعلق بمرتزقة أردوغان في ليبيا؟

وارتباطاً بالعملية السياسية، وموعد الانتخابات، يرى الورفلي أنّ العرض يبلّغ للجميع رسالة بأنّه "في حال تمّ التلاعب بموعد الانتخابات المتفق عليه في حوار جنيف؛ فإنّ استعمال القوة ما يزال قائماً، لأنّ هناك من يعتقد أنّ الجيش انتهى في معركة طرابلس التي أدارها بأقل من 15%‎ من قوته الفعلية".

وبحسب الورفلي؛ فإنّ مشاركة قوات من الشرق والغرب والجنوب في العرض العسكري هي رسالة لمن يخطط لتقسيم ليبيا، بأنّها دولة واحدة، ولا حديث عن أقاليم منفصلة بين أبناء القوات المسلحة.

رسائل الخارج

وحظي العرض بتغطية إعلامية عربية واسعة، ورصد دقيق من جهات دولية وإقليمية، وهو ما يستغله الجيش لإيصال رسالة للقوى الدولية المنخرطة في الملف الليبي، بأنّ الجيش هو المؤسسة العسكرية الوحيدة المنضبطة، والقادرة على تأمين البلاد، إلى جانب تذكيرهم بالتباطؤ في ملف حلّ الميليشيات في الغرب.

وجاء هذا العرض بعد أن شهدت المنطقة الغربية والعاصمة انفلاتاً أمنياً كبيراً، بسبب الصراع بين الميليشيات المتعددة، التي تتصارع على النفوذ والثروة، وخدمة الأجندة التركية التي دفعت قادتهم إلى حصار الفندق الذي يقيم فيه أعضاء المجلس الرئاسي.

أرتال عسكرية في طريقها للمشاركة في العرض العسكري

وفي سياق ذلك، قال المحلل السياسي عمر بو أسعيده؛ إنّ العالم سيعرف الآن "من لديه القوة الحقيقية على الأرض، ومن يستحق الاعتراف به كمؤسسة عسكرية منضبطة، كما أنّ العرض، بتنظيمه وانضباطه، سيعرّي الميليشيات التي تحكم بالقوة في مناطق الغرب".

وتحتفل القوات المسلحة الليبية، في 16 أيار (مايو) من كلّ عام، بذكرى انطلاقة معركة "الكرامة"، التي انطلقت في التاريخ ذاته في عام 2014، لتحرير مدينة بنغازي من سيطرة مجلس شورى ثوار بنغازي، الذي قادته جماعة أنصار الشريعة، المصنفة إرهابياً وفق الأمم المتحدة وواشنطن ودول عدّة، ونجح الجيش في تحرير المدينة من الجماعات الإرهابية، التي كانت مدعومة من كتائب مصراتة والميليشيات الموالية للإخوان والجماعة المقاتلة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية