الجماعة الإسلامية في الهند.. ذراع الإخوان الحذرة

الجماعة الإسلامية في الهند.. ذراع الإخوان الحذرة


24/04/2022

في العام 1941، أسّس أبو الأعلى المودودي، الجماعة الإسلاميّة في الهند، على منهج الإخوان المسلمين، قبل أن يؤسّس بعد ذلك فرع الجماعة في باكستان، حينما انتقل إليها في أعقاب الانفصال، لكن التنظيم في الهند استمر في غالبية الولايات، لكنّه ونظراً للطابع الطائفي في الهند، اقتصر على الأنشطة الثقافيّة الإسلاميّة، مثل؛ طبع الكتب والمجلات الإسلاميّة، وترجمة معاني القرآن إلى اللغات واللهجات الموجودة في الهند، كما أصدر فرع الجماعة في ولاية تبراك مجلة إسلاميّة تسمى الواسطة، وأصدرت الجماعة الإسلاميّة أيضاً عدة دوريات أخرى أبرزها؛ "التنوير" و"مصباح" وغيرها.

حاولت الجماعة الإسلاميّة في الهند العمل بحذر، في ظل ضعف الوزن النسبي للمسلمين في البلاد، في مقابل الهندوس والسيخ، فاقتصر نشاطها على الجانب الدعوي، وفي هذا السياق، أنشأت الجماعة مركزاً للدعوة والدعاة، للهيمنة على المجال الديني.

تحرص الجماعة دائماً على الاحتفاظ بروابط وثيقة مع فرع التنظيم في الهند، حيث تشارك دائماً في معظم المناسبات

ويعتبر المجلس التمثيلي هو رأس التنظيم الإخواني في الهند، ويتكون من 157 عضواً من 22 ولاية، من بينهم 30 امرأة، ويتم اختيار أعضائه عن طريق مجلس الشورى المركزي، ويختص المجلس باختيار أمير الجماعة، وسن اللوائح والقوانين الداخليّة، وكذا إجراء التعديلات عليها، ومناقشة الميزانيّة، وجمع التبرعات، وتنظيم الأعمال الخيريّة والأنشطة الاجتماعيّة داخل المجتمعات المسلمة في الهند.

على الصعيد السياسي، تنظم الجماعة عدة فاعليات جماهيرية من وقت إلى آخر، كما تحاول حشد المسلمين في مواسم الانتخابات، وتوجيههم لانتخاب شخصيات بعينها، من الممكن أن يستفيد منها المجتمع المسلم، لكنّ الجماعة اعتادت عقد الصفقات الانتخابيّة، من أجل الدفع بشخصيات غير مسلمة، للوصول إلى الحكومة المركزية، مقابل تسهيلات تظل محدودة، حيث فشلت الجماعة إلى الآن في تكوين حزب سياسي.

هل يحمل الأمير الجديد فكراً تجديدياً؟

في نيسان (أبريل) العام 2019، انتخب المجلس التمثيلي للجماعة الإسلاميّة، سيد سعادة الله الحسيني، أميراً جديداً لها، لولاية تنظيميّة تمتد إلى 4 أعوام، ليخلف جلال الدين العمري، الذي احتفظ بمنصب الإمارة منذ العام 2007، ولـ 3 فترات متتالية، ويُعد الحسيني من القيادات العضوية داخل الجماعة، فهو إلى جانب نشاطه السياسي، يعتبر كاتباً وباحثاً إسلامياً، متخصصاً في الفكر الإسلامي والحركات الإسلاميّة، وقد تدرّج داخل التنظيم منذ صباه، بداية من جماعات الكشافة الإخوانيّة، بولاية مهاراشترا، مروراً بالمنظمة الشبابيّة، التي تقلد فيها مناصب قياديّة، وكذا العمل الطلابي، حيث كان رئيس منظمة الطلبة الإسلامية (SIO) لفترتين، كما تولى منصب نائب رئيس مجلس إدارة المركز الإسلامي للدعوة والإرشاد، وصولاً إلى عضوية المجلس التمثيلي، قبل أن يصبح أميراً للجماعة، وهو في سن السادسة والأربعين.

حاولت الجماعة الإسلاميّة في الهند العمل بحذر، في ظل ضعف الوزن النسبي للمسلمين في البلاد، في مقابل الهندوس والسيخ

لكن الأمير الجديد، بحسب الدكتور محمد الفرجاني، الباحث في الشؤون الآسيوية، لا يختلف كثيراً عن سابقيه، فهو رجل فكر إسلامي تقليدي، يميل إلى التيار القطبي، ويتمثل كل طروحات المودودي، وأبرزها مبدأ الحاكميّة، دون أيّ تجديد في الفكر، وأكّد الفرجاني في تصريحاته لـ"حفريات"، أنّ الجماعة الإسلامية تبدو في عهده أكثر انشغالاً بمشكلة الاضطرابات الطائفيّة، حيث تنشط في مساعدة المتضررين منها، عن طريق إعادة بناء المنازل، وتقديم التبرعات خاصّة في كوجرات وآسام وغيرها من الولايات، حيث أعادت بناء أكثر من خمسمائة منزل، كما قامت الجماعة بتدشين حملات دعائيّة واسعة، إبان أزمة مسجد بابري، لكن الدور السياسي للجماعة، يظل محدوداً، بسبب نسبة عدد المسلمين إلى الطوئف الأخرى في الهند.

الارتباط بالتنظيم الدولي

ونظراً للارتباط التنظيمي بين الجماعة الإسلاميّة، والتنظيم الدولي للإخوان، فقد حرصت جماعة الإخوان المسلمين في مصر، على تهنئة سيد سعادة، بمناسبة اختياره أميراً للتنظيم في الهند، وذلك في برقية رسميّة، أُرسلت في اليوم التالي لاختياره.

 

محمد الفرجاني: الأمير الجديد لا يختلف كثيراً عن سابقيه، فهو رجل فكر إسلامي تقليدي، يميل إلى التيار القطبي، ويتمثل كل طروحات المودودي، وأبرزها مبدأ الحاكميّة

 

وتحرص الجماعة دائماً على الاحتفاظ بروابط وثيقة مع فرع التنظيم في الهند، حيث تشارك دائماً في معظم المناسبات، ففي أيّار (مايو) من العام 2021، نعت الجماعة، نصرت علي، نائب أمير الجماعة الإٍسلامية الأسبق بالهند، وقدمت التعازي للتنظيم، كما حرص أمير الجماعة على المشاركة في عدة فاعليات افتراضية، نظمها التنظيم الدولي، أبرزها المؤتمر الذي شارك فيه العام الماضي، بصحبة جملة من قيادات التنظيم الدولي، بمناسبة مرور 10 أعوام على أحداث "الربيع العربي".

الذراع العسكرية للإخوان في كشمير

ظهر تنظيم الجماعة الإسلاميّة في جامو وكشمير منذ العام 1953، وسرعان ما انخرطت في الصراع المسلح ضد الهند، وانضمت الجماعة إلى التمرد المسلح، الذي صعّد من هجماته في مطلع التسعينيات، ويقوم التنظيم على نفس المنهج الإخواني، ويستلهم المبادئ القطبيّة، والشعارات الجهاديّة، وهو أكبر من مجرد جماعة مسلحة، بل يمكن القول إنّ الجماعة الإسلاميّة الكشميريّة، هي ذراع إخوانية مسلحة تنتشر في نحو 500 قرية كشميريّة، وتقوم بعمليات تجنيد واسعة للأتباع، بعد اختبارات ولاء مشدّدة، كما تهيمن الجماعة على الأنشطة الاجتماعيّة والتعليميّة، رغم حظرها ووضعها على قوائم الإرهاب في الهند.

الدكتور أحمد فؤاد أنور: الجماعة الإسلاميّة في كشمير انحرفت تماماً عن مبادئ المقاومة، لتنخرط في عدة عمليات إرهابيّة

الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجيّة، خص "حفريات" بتصريحات، قال فيها: إنّ الجماعة الإسلاميّة في كشمير انحرفت تماماً عن مبادئ المقاومة، لتنخرط في عدة عمليات إرهابيّة، استهدفت فيها مدنيين أبرياء، من السيخ والهندوس، وقامت بتفجير المحال والمنازل الخاصّة، ما دفع السلطات الهنديّة إلى القيام بحملات اعتقالات عديدة، لضبط المتورطين، وهو الأمر الذي أساء إلى قضية النضال في كشمير، وكان آخر تلك العمليات الإرهابيّة، قيام الجماعة بقتل صيدلاني هندوسي، وبائع متجول في سريناجار، كما قتلت مدنياً بالرصاص في منطقة بانديبورا الشمالية، أعقب ذلك قتل 7 مدنيين في كشمير، وكان عدد الذين قتلتهم الجماعة في العام 2021، نحو 25 مدنياً في عمليات إرهابيّة.

أنور كشف كذلك عن الدور التاريخي للجماعة في الهند، في دعم المقاتلين الأفغان، عبر الحدود الباكستانيّة، حيث انخرط عدد كبير من أعضاء الجماعة ضمن تنظيم القاعدة بعد الانسحاب السوفياتي.

 مواضيع ذات صلة:

الإسلام في الهند: التجاور مع الهندوسية.. وجذور الطائفية والعنف الديني

العلاقات بين الهند وإيران وتحولاتها... تقارب أم مواجهة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية