الجزائر: إجماع على رفض عودة فلول الإنقاذ.. ما الجديد؟

في الجزائر... إجماع على رفض عودة فلول الإنقاذ

الجزائر: إجماع على رفض عودة فلول الإنقاذ.. ما الجديد؟


04/05/2023

عاد الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة علي بن حاج ليفجّر الجدل مجدداً إثر إطلاقه تصريحات ساخنة رغم تواجده تحت طائلة (10) ممنوعات منذ الإفراج عنه قبل عقدين، فما وراء تصريحات آخر فلول الإنقاذ المحظور منذ آذار (مارس) 1992؟

بعد أكثر من (31) عاماً من فتنة دموية أتت على الأخضر واليابس غداة الذي حصل في شتاء 1992 بالجزائر، لم يتردّد علي بن حاج (66) عاماً في استخدام نبرة التحدّي، ساعات بعد وضعه من طرف القضاء المحلي تحت الرقابة القضائية.

وفي فيديو بثّه على منصة "فيسبوك" أتبعه بتصريحات نارية على قناة (المغاربية) المعارضة، حرص علي بن حاج على تكرار شكاواه التي ظلّ يردّدها منذ الإفراج عنه مطلع تموز (يوليو) 2003، إثر (12) عاماً أمضاها في سجن البليدة العسكري إثر إدانته في "قضية مساس بأمن الدولة" غداة مهاجمته الجيش وسط العصيان المدني الذي أعلنه مع الراحل عباسي مدني في حزيران (يونيو) 1990، للمطالبة بإلغاء قانون الانتخابات.

وبعد إطلاق سراحهما، تمّ إلزام علي بن حاج وعباسي بـ (7) ممنوعات، لكنّ الأول لم يلتزم بذلك، بينما غادر الثاني الجزائر، وأمضى علي بن حاج (8) أشهر داخل سجن الحراش بين أواخر تموز (يوليو) 2005 ومطلع آذار (مارس) 2006، إثر تصريح صحفي أثار استياء الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، واعتبرته السلطات "إشادة بالإرهاب العالمي"، على خلفية تعليقه المثير على قيام تنظيم القاعدة بقتل الدبلوماسيين الجزائريين علي بلعروسي وعز الدين بلقاضي في بغداد، بينما ذهبت عائلة علي بن حاج إلى أنّ "تصريحات الخطيب السابق تمّ بترها، وأنّه كان ينوي دعوة الخاطفين لإطلاق سراح الدبلوماسيين في آخر تصريحه التلفزيوني".

علي بن حاج مع عباسي مدني في حزيران 1990

وانتقد رجل الدين المتشدّد قيام قاضي التحقيق لدى محكمة حسين داي وسط العاصمة الجزائرية بتحديد مقرّ إقامته ومسار تنقلاته، وإلزامه بالإمضاء في مخفر أمني كل (72) ساعة.

إصرار على المحظور

رغم أنّه واظب على الحضور في منصات التواصل الاجتماعي وفضاءات أخرى، إلّا أنّ علي بن حاج أبدى تذمراً إزاء "حرمانه من أيّ تصريح أو نشاط، بما في ذلك أداء صلاة الجمعة ومنعه من زيارة أقاربه"، واختار خرق الممنوعات، بحجّة "رفضه المساس بحقه الدستوري في التعاطي مع الشأن السياسي المحلي"، كما أعلن علي بن حاج أنّه "لن يلتزم بممنوعات قاضي التحقيق"، مشيراً إلى أنّه "رفض التوقيع على أيّ تعهّد".

وعلى منوال مهاجمته قادة الجيش السابقين، لم يكن علي بن حاج رحيماً بقائد أركان الجيش الجزائري، حيث شنّ هجوماً حاداً على الفريق أول سعيد شنقريحة، بعد تأكيد الأخير أنّ "الدولة الجزائرية لن تسمح بعودة المغامرين"، في إحالة على فلول الحزب الإسلامي المحظور الذين نظّموا تجمعاً غير مرخّص قبل نحو شهر، شهد رفع شعارات اشتهرت زمن صعود جبهة الإنقاذ أواخر ثمانينات وأوائل تسعينات القرن الماضي.

بعد إطلاق سراحهما، تمّ إلزام علي بن حاج وعباسي بـ (7) ممنوعات، لكنّ الأول لم يلتزم بذلك، بينما غادر الثاني الجزائر

وزعم أنّ "الجزائر تمر بمرحلة خطرة وعلى الجميع أن يتكلم" (...)، وقال: "سأعمل بقناعاتي، حتى ولو أدى بي ذلك إلى السجن"، وبجانب "طعنه في القضاء الجزائري"، توعدّ بـ "الكلام تحدياً لمن يتحكم في الأجهزة الأمنية". 

وكان قائد القوات المسلحة قد شدّد مؤخراً: "لن نسمح بأيّ حال من الأحوال بعودة المتطرفين الذين كادوا يتسببون في انهيار أركان الدولة الوطنية، والذين جاء خروجهم إلى العلن بإيعاز من دوائر التخريب المعادية"، في إحالة على ما انتاب مرحلة ما بعد إلغاء نتائج تشريعيات كانون الثاني (يناير) 1991". 

وأكّد شنقريحة: "الجزائر التي تخوض اليوم معركة التغيير بتضافر جهود أبنائها ووحدة صف شعبها، تجد نفسها مرة أخرى أمام محاولات بائسة تستهدف أمن واستقرار الوطن، حيث سجّلنا في الآونة الأخيرة أحد تجلياتها ومظاهرها، المتمثلة في عودة بعض الصور والمشاهد لنشاطات بعض الأصوليين الذين يتبنون خطاباً دينياً متطرفاً يذكّرنا بتسعينات القرن الماضي".

وشدّد: "ليعلم هؤلاء المتطرفون أنّ ذلك الزمان قد ولّى إلى غير رجعة، وليعلموا كذلك أنّ الشعب الجزائري الذي انكوى بنار الإرهاب الهمجي وعانى الويلات من العنف الأعمى، لن يسمح لهم بخداعه مرة أخرى، لأنّه أصبح أكثر وعياً وإدراكاً لأساليبهم الخبيثة التي تستغل تعلق الجزائريين بدينهم الحنيف لتحقيق أغراض سياسوية مشبوهة تندرج دون شك في إطار مشاريع تخريبية وأجندات أجنبية معادية".

شنّ هجوماً حاداً على الفريق أول سعيد شنقريحة

وذكرت مراجع مطلّعة أنّ علي بن حاج الذي هاجم بقوة قائد أركان الجيش الجزائري، حاول مقابلته، علماً أنّ أحد أبناء بن حاج، واسمه "عبد القهار" التحق في خريف العام 2007 بما كان يُسمّى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ولقي مصرعه بعد عام من التحاقه بالتنظيم. 

أهداف مرفوضة 

أجمع مغرّدون على رفض عودة فلول الإنقاذ، وما يتصل بهم من مظاهر التطرف والأصولية، وفي هذا الشأن، قال حكيم: "أستغرب جرأة هؤلاء في المطالبة بالعودة إلى النشاط السياسي، مع أنّهم خرّبوا البلد، أهلكونا، أهلكهم الله"، وقال رشيد: "عليهم البقاء بعيدين عن السياسة وعن ديارنا".

وليد خاطب علي بن حاج قائلاً: "أمّة ماتت بسببك، ثمّ تأتي لتشتكي من الاضطهاد!"، وعقّب فرحات: "هو شيخ الفتنة، الله يهديه"، وقال سالم: "احشم، ربع مليون جزائري ماتوا بسببك".

أشار المغرّد نور الدين إلى "انفراط حبات عقد الجبهة المحظورة، وعليه فكل مشروع جديد قديم للحزب الإسلامي المتشدّد سيُولد ميتاً"

وذهبت نصيرة أنّ "مناورة علي بن حاج ستفشل، كما فشلت خطة مدني مزراق، قائد الذراع المسلحة لجبهة الإنقاذ في تموز (يوليو) 2015 في ممارسة السياسة، وجميعكم تتذكرون كيف أنّ مشروع تأسيس (الجبهة الجزائرية للمصالحة والإنقاذ) تلاشى كأنّه لم يكن".

وقال فاروق: "القوانين في الجزائر واضحة، ولن تسمح لمن أوصلوا البلاد إلى الكارثة في تسعينيات القرن الماضي بمعاودة السياسة مجدداً"، ونبّه عصام إلى أنّ ما "يلوكه بن حاج لاغٍ، ولن يتجسّد، فنحن في دولة قانون، والجزائر تسيّرها قوانين تطبق بحذافيرها".

كلّ مشروع جديد قديم سيُولد ميتاً

أشار نور الدين إلى "انفراط حبات عقد الجبهة المحظورة، وعليه فكل مشروع جديد قديم للحزب الإسلامي المتشدّد سيُولد ميتاً"، مضيفاً: "في جزائر 2023 لا أحد من الجيل الجديد يعرف أنور نصر الدين هدّام ومراد دهينة وغيرهما من رموز الحزب الإسلامي المحظور"، واستدل بـ "مشاريع سقطت في الماء لرئيس الهيئة التنفيذية للإنقاذ بالخارج سابقاً، رابح كبير عام 2006، ثمّ الصفقة التي لوّح بها القيادي الإنقاذي السابق الهاشمي سحنوني عام 2014، بما يعني طيّ صفحة الإنقاذ نهائياً، وضمان عدم تكرارها بأيّ شكل من الأشكال، حتى وإن تمّ ذلك تحت مظلّة التدجين".

أحد أبناء بن حاج التحق في عام 2007 بما كان يُسمّى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" ولقي مصرعه بعد عام من التحاقه بالتنظيم

وانتهى عمر إلى أنّ "الزمن الإنقاذي انتهى في الجزائر"، بعدما مكّنت خطة "اليد الممدودة" منذ عام 1995 في استيعاب عشرات الآلاف من الإنقاذيين القدماء، بفعل قانون الرحمة ثم الوئام المدني وميثاق السلم والمصالحة الوطنية في العودة إلى جادة الصواب، ويتعلق الأمر بأكثر من (9) آلاف مسلح كانوا ينشطون في صفوف تنظيمي "جيش الإنقاذ" و"الرابطة الإسلامية للدعوة والجهاد" وزعماء العمل المسلح، أمثال مدني مزراق، علي بن حجر، مصطفى كرطالي، أحمد بن عائشة، عبد الحق لعيايدة، حسن حطاب، إضافة إلى التكفل بـ (40) ألف شخص من عائلات المختفين قسرياً وأسر وأبناء المتشدّدين ضحايا الإرهاب.

مواضيع ذات صلة:

"الإسلام السياسي" انتهى في الجزائر

مناورة إخوان الجزائر في تونس ... اعتداء والتفاف وتعمية

تونس... دعم جزائري ودولي في مواجهة التحذيرات الغربية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية