التصعيد في الشرق الأوسط بين "الخطوط الحمراء" و"الضغط السعودي"

التصعيد في الشرق الأوسط بين "الخطوط الحمراء" و"الضغط السعودي"

التصعيد في الشرق الأوسط بين "الخطوط الحمراء" و"الضغط السعودي"


01/11/2023

جورج عيسى

في محاولة لقراءة المسارات المحتملة لتوسع حرب إسرائيل على غزة، كتب جدعون راخمان في صحيفة "فايننشال تايمز" أن المؤرخين منبهرون باندلاع الحرب العالمية الأولى. إذ كيف أمكن أن يؤدي اغتيال أرشيدوق نمساوي في يونيو (حزيران) 1914، إلى صراع اجتذب كل القوى الكبرى في أوروبا، وفي نهاية المطاف الولايات المتحدة.

قد تقرر إسرائيل ضرب الحرس الثوري في إيران وكذلك في لبنان

والسؤال مثير للقلق بشكل خاص، لأن العديد من القادة المشاركين حاولوا جاهدين تجنب حرب أوروبية عامة. تبادل الإمبراطوران الألماني والروسي العديد من الرسائل في محاولة لنزع فتيل الأزمة التي استمرت شهراً، وتسببت في الصراع. لكنهما فشلا. والآن يخيم خطر مماثل من التصعيد غير المقصود على الشرق الأوسط.
ويقول راخمان في "فايننشال تايمز" إنه بالنسبة لإدارة بايدن، يعتبر التهديد بحرب أوسع نطاقاً التحدي الرئيسي في الأزمة برمتها. وكما يقول أحد المطلعين في واشنطن: "لدى البلدان المعنية عتباتٌ، إذا تم تجاوزها، فسوف تجعلها تعتقد أن عليها التحرك. لكن لا أحد يعرف حقاً ما هي عتبة الطرف الآخر".

تهديد واضح

خلال عطلة نهاية الأسبوع، أصدرت إيران تهديداً واضحاً بأن الأمور تقترب من العتبة الخاصة بها. لجأ رئيس البلاد إبراهيم رئيسي إلى موقع إكس ليصرح بأن تصرفات إسرائيل في غزة "تجاوزت الخطوط الحمراء، وهذا قد يجبر الجميع على التحرك". وأضاف: "واشنطن تطلب منا عدم القيام بأي شيء، لكنهم مستمرون في تقديم دعم واسع النطاق لإسرائيل".

إذاً كيف يمكن أن يحدث التصعيد؟ حسب الكاتب، جاء أحد المؤشرات الأسبوع الماضي، عندما قصفت الولايات المتحدة ميليشيات مدعومة من إيران في سوريا. قالت واشنطن إنها ترد على هجمات ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا نفّذها وكلاء إيرانيون. إذا استمرت تلك الهجمات وقُتل جنود أمريكيون، فإن الرد الأمريكي المقبل سيكون أكثر شراسة.

دور حاسم

إن الدور الذي يلعبه حزب الله المدعوم من إيران هو دور حاسم. إذا صعّد حزب الله هجماته على إسرائيل، فهو يمتلك في ترسانته من الصواريخ الموجهة بدقة ما يكفي لإجبار معظم السكان المدنيين في إسرائيل على اللجوء إلى الملاجئ.

وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لبنان بـ"الدمار"، إذا تعرضت إسرائيل لهجوم من أراضيه. لكن إذا كان حزب الله معرضاً لخطر الدمار، فمن الممكن أن ترسل إيران قوات من الحرس الثوري للقتال إلى جانب حليفها. في تلك المرحلة، قد تقرر إسرائيل ضرب الحرس الثوري في إيران، وكذلك في لبنان.

سيناريو آخر

من المحتمل أيضاً أن يرد وكلاء إيرانيون آخرون في جميع أنحاء المنطقة على حرب يشارك فيها حزب الله من خلال تكثيف هجماتهم على أهداف إسرائيلية وأمريكية. وربما تتصرف إيران أخيراً بناء على تهديداتها العرضية بإغلاق مضيق هرمز، ربما عن طريق زرع الألغام في المضيق. وهذا من شأنه أن يرسل الاقتصاد العالمي إلى حالة من الفوضى.

وستحاول البحرية الأمريكية إعادة فتح المضيق. لكن هذا قد يدفع إيران ووكلاءها إلى الرد. لدى الولايات المتحدة قوات ومنشآت في جميع أنحاء المنطقة يمكن استهدافها. إحدى القوى المدعومة من إيران والتي يراقبها الأمريكيون بقلق خاص هي الحوثيون الذين أطلقوا صواريخ باتجاه إسرائيل الأسبوع الماضي كما ضربوا منشآت نفط سعودية في السابق.

يدرك الجميع ذلك

أضاف الكاتب أن صراعاً ينكشف بهذه الطريقة سيكون كارثة لكل واحد من المشاركين – وجميعهم يعرفون هذا. مع ذلك، يمكن أن يحدث الأمر لأن جميع الأطراف تعتقد أيضاً أن هناك أحداثاً معينة سيكون من الخطير جداً عدم الرد عليها.

لقد غزت إسرائيل غزة من دون خطة خروج ذات صدقية، لأنها تشعر أن عليها "استعادة الردع". وتعتقد إيران أن عليها إثبات أن "محور المقاومة" الخاص بها يدعم الفلسطينيين. وتعتقد أمريكا أنه يجب أن ترد بقوة على أي هجوم ضد قواتها.

محادثة غير مسبوقة

لا يشعر الجميع في المنطقة بالذعر. في الرياض، وجد الكاتب بعض السعوديين ذوي المكانة البارزة يؤكدون بثقة أن هذه مجرد أزمة أخرى في منطقة غير مستقرة تاريخياً. وأصروا على أن أجندة التحديث الطموحة للمملكة – رؤية 2030 – لا تزال تسير على المسار الصحيح.

في الوقت نفسه، يقول أحد المقربين من دوائر القرار إن استراتيجية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هي "الضغط على الأمريكيين للضغط على الإسرائيليين". ويأمل الأمريكيون، من جانبهم، أن يتمكن الأمير بن سلمان وقطر، وحتى الصين، من إقناع إيران بمخاطر التصعيد، والحاجة إلى ضبط النفس.

أدت هذه الأزمة بالفعل إلى محادثة غير مسبوقة بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإيراني. وكما كانت الحال مع الإمبراطورين الروسي والألماني قبل الحرب العالمية الأولى، كان القادة الإيرانيون والسعوديون على استعداد للتحدث مع بعضهم البعض في محاولة لتجنب حرب كارثية. بينما لم تنجح المحاولات سنة 1914، أمل الكاتب في الختام أن يكون الأمر مختلفاً هذه المرة.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية