الانتخابات الرئاسية الإيرانية: من الذي سيضعه المرشد على المسرح في لعبة الكراسي الموسيقية؟

الانتخابات الرئاسية الإيرانية: من الذي سيضعه المرشد على المسرح في لعبة الكراسي الموسيقية؟


25/05/2021

أضفت المتغيرات الدولية والإقليمية، بتفاعلها مع الأوضاع الداخلية، أهمية بالغة ودقيقة في ما يتصل بمشهد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، المزمع إجراؤها، منتصف العام الحالي، وبالتحديد في حزيران (يونيو) المقبل؛ إذ يبدو الاستحقاق الانتخابي القادم في إيران ملفتاً، خاصة وأنّه سوف يعكس معه جملة من المتغيرات، تتمركز حول ماهية العلاقات الدولية التي سوف تلتزم بها طهران، سياسيّاً وميدانيّاً، بالإضافة إلى خططها الجديدة، التي سوف تتأسس عليها عملية إعادة صياغة الاتفاق النووي، ناهيك عن توقيع طهران اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع بكين، الأمر الذي يمهد، أو بالأحرى، يرشح القوى الجديدة التي تتهيأ لتنفرد بالحكم، لتضع رؤيتها إقليمياً ودولياً خلال السنوات الأربع المقبلة.

تتزامن الانتخابات الرئاسية الإيرانية مع ظروف اقتصادية وسياسية بالغة التعقيد

تتزامن الانتخابات الرئاسية الإيرانية مع ظروف اقتصادية وسياسية بالغة التعقيد؛ نظراً لتداعيات فيروس كورونا، وأوضاعه الاستثنائية الصعبة في إيران، وأثر العقوبات الاقتصادية الدولية المستمرة، والتي استهدفت قطاعات اقتصادية مؤثرة، نفطية وتجارية، الأمر الذي يبعث بسؤال مهم حول طبيعة الشعارات التي ينبغي على المرشحين رفعها؛ لحصد أصوات الناخبين، فضلاً عن تحرك دوائر الدولة العميقة، لفرض أجندتها وأهدافها.

شروط الترشح لمنصب الرئيس

تستقر شروط الترشح لمنصب الرئيس، بحسب الدستور الإيراني، على أن يكون المرشح إيراني الجنسية، ومؤمناً بمبادئ الجمهورية الإسلامية ومذهبها الرسمي، ومن بين الشروط الجديدة التي وضعها مجلس صيانة الدستور، أن يكون المرشح حاصلاً على درجة الماجستير على الأقل، وعمره يتراوح بين 40 و 75 عاماً، وأن يمتلك "سجل خدمات" في الثورة، وعدم وجود سجل جنائي ضده.

اقرأ أيضاً: الاستراتيجية الإيرانية الجديدة وتداعياتها على العراق والمنطقة

وقد جرى قبول نحو 40 طلباً، من إجمالي 592 طلباً، بينهم امرأة واحدة، ومن المقرر أن تفصل في طلبات المرشحين، الهيئة المركزية بمجلس صيانة الدستور، خلال مدة أقصاها عشرة أيام.

مسرحية هزلية

وفي حديثه لـ"حفريات"، يشير صلاح أبو الشريف، القيادي في المعارضة الإيرانية، إلى أنّ الانتخابات عبارة عن "مسرحية" يتحكم فيها الولي الفقيه، الذي يدير الاستحقاق من خلال أجنحته الراديكالية، وجنرالاته ومؤسساته العسكرية؛ إذ إنّ المرشد الإيراني هو صاحب اليد الطولى على كافة أجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية، بما في ذلك الحكومة، تبعاً للدستور الإيراني، وعليه، فهو من يحدد الطرف الذي يصعد على المسرح، ليؤدي دوره الوظيفي داخل النظام الثيوقراطي المتشدد، والمغلق على دائرة محددة، مثلما كان يحدد الثنائي التقليدي الإصلاحي-الراديكالي في الحكم، وذلك على مدى أربعة عقود، وهو الأمر الذي على ما يبدو انتهى.

صلاح أبو الشريف

ويلفت القيادي في المعارضة الإيرانية، إلى أنّه لا توجد فروقات جوهرية بين إصلاحي ومتشدد، فتجربة محمد خاتمي، بدأت المشروع، وجاء محمود أحمدي نجاد، الراديكالي، ليحمل المشروع ويصل به لذروته، والآن حسن روحاني، من الفريق الأول، يرفع نسبة تخصيب اليورانيوم، والتهديد بامتلاك قنبلة نووية، وهي النتيجة التي يدركها صناع القرار في المنطقة والعالم.

صلاح أبو الشريف: الانتخابات عبارة عن "مسرحية" يتحكم فيها الولي الفقيه، الذي يدير الاستحقاق من خلال أجنحته الراديكالية، وجنرالاته ومؤسساته العسكرية

وبحسب أبو الشريف، فإنّ نتائج الانتخابات الإيرانية قد تواجه أزمة شرعية، في ظل المخاوف الجادة بخصوص ضعف نسب المشاركة، بحسب الإحصاءات العديدة التي تشير لذلك، وهو ما سبق وتكرر في الانتخابات التشريعية، في شباط (فبراير) قبل عام، والأخيرة شهدت أدنى نسبة مشاركة منذ الثورة الايرانية، ولذلك فالتعويل قائم على حراك الشارع، الذي يقع تحت وطأة الغبن الاجتماعي، وقمع قوى الباسيج والحرس الثوري، بالإضافة للأقليات والمرأة، وهي الكتل الاجتماعية المهمشة، التي لا تتوانى عن فضح الأزمات المحلية، وكذا سياسة طهران التوسعية، وتمويل الإرهاب، الأمر الذي يفاقم مشاكل النظام، وبنفس الدرجة يزعزع استقرار الإقليم.

اقرأ أيضاً: ما مصلحة إيران من الشروط التعجيزية لميليشيا الحوثي؟

من جانبه يرى الدكتور محمد الزغول، مدير وحدة الدراسات الإيرانية، في مركز الامارات للسياسات، أنّه في الوقت الذي دعا فيه أكثر من مسؤول إيراني إلى الإقبال على الانتخابات، مثل المرشد الذي قال: إنّها الأولوية الأولى، ورئيس البرلمان الذي قال: إنّ الجميع سيخسر في حال انخفاض المشاركة، والرئيس الإيراني روحاني، الذي طالب مجلس صيانة الدستور بفتح الباب أمام المرشحين المستقلين؛ لزيادة الإقبال الشعبي، فإنّ الأرقام الصادرة عن مختلف المراكز لا تشير إلى توقع مثل هذا الإقبال؛ إذ فيما تشير استطلاعات المراكز المتشددة إلى مشاركة 47 بالمئة كحد أقصى، بل إنّ مراكز تابعة للحكومة، تشير إلى أنّ نسبة المشاركة المتوقعة، ما زالت عند 39 بالمئة.

خلافات داخلية حول شروط الترشح

تصاعد الخلاف بين الحكومة ومجلس صيانة الدستور، الذي أصدر قراراً ملزماً، يتضمن الشروط الضرورية للمرشحين للرئاسة، من بينها أن يتراوح عمر المرشح بين 40 و75 عاماً، وأربع سنوات من شغل مناصب عليا، أو الحصول على مرتبة الجنرال في القوات المسلحة، وعدم مساهمته في أحداث الحركة الخضراء العام 2009. القرار الذي كان من شأنه إقصاء بعض الأسماء المطروحة مثل: مصطفى تاج زاده، الإصلاحي، ووزير الاتصالات آدري جهرمي، ومحمد غرضي، بينما يضع سعيد محمد، مستشار قائد الحرس الثوري، والرئيس السابق لمقر خاتم الأنبياء، الجناح الاقتصادي للحرس الثوري على الحافة.

الدكتور محمد الزغول

هذا واتهمت عدة تيارات مجلس صيانة الدستور، بتجاوز مهامه الدستورية، وحشر أنفه في التشريع؛ ليزعم المتحدث باسم المجلس، أنّ القرار جاء في إطار صلاحيات مجلس الصيانة، وأنّ الجميع ملزم بالخضوع له.

وانحسرت إلى حد بعيد فكرة الرئيس العسكري، في ضوء ارتفاع نجم رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، الذي أشارت وكالات أنباء محافظة، إلى تصدره الاستطلاعات بنحو 42 بالمئة، مقابل رئيس البرلمان محمد باقر قالي باف، الذي يأتي خلفه بنحو 23 بالمئة، يليه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بنحو 20 بالمئة، ثم أمين سر مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، الجنرال محسن رضائي، بنحو 10 بالمئة، ثم مستشار المرشد الإيراني علي لاريجاني، بنحو 6 بالمئة، كما حاولت جهات محافظة وضع الرجل في الصدارة في استطلاعات شبكات التواصل الاجتماعي.

محمد الزغول: رئيس مركز أبحاث البرلمان، والمرشح المحافظ للرئاسة، أشار إلى أنّ المحافظين سيواجهون مشكلة في الإجماع، في حال لم يتقدم، رئيسي، إلى الانتخابات

وأضاف الزغول في تصريحاته لـ"حفريات": "بينما أعلن وزير خارجية حكومة نجاد، أنّ رئيسي سيكون المرشح الوحيد لجبهة القوى الثورية المحافظة، فإنّ المتحدث باسم الجبهة أشار إلى أنّ العديد من التنظيمات المحافظة، من مختلف المدن، طالبت بتبني ترشيح رئيس السلطة القضائية، وأنّ الجبهة نقلت الواقع له، وتنتظر الحسم في القضية. هذا وأعلن أهم مرشح بديل على الصعيد المحافظ، قاليباف، أنّه لن يترشح في حال قدم، رئيسي، أوراقه، ونقلت مصادر مقربة من سعيد جليلي، موقفاً مشابهاً فيما أعلن علي نيكزاد، وزير الطرق في حكومة أحمدي نجاد، أنّه سيتنازل عن ترشحه لصالح، إبراهيم رئيسي، ودعمه في معركته، وأكّد الجنرالان سعيد محمد، ورستم قاسمي، أنّهما سيترشحان لأنهما لم يتأكدا من موقف، رئيسي، في حين أنّ رئيس مركز أبحاث البرلمان، والمرشح المحافظ للرئاسة، أشار إلى أنّ المحافظين سيواجهون مشكلة في الإجماع، في حال لم يتقدم، رئيسي، إلى الانتخابات".

تحركات الإصلاحيين

ويلفت الزغول، إلى أنّه على الصعيد الإصلاحي، كان رئيسي، محور انتباه؛ إذ أعلن عضو في جبهة الإصلاحيين، أنّ التنافس مع رئيسي ستكون منافسة منقوصة، لأنّ الرجل كان يمتلك منصة التلفزيون الرسمي، على مر السنوات الثلاث المنصرمة.

وبينما حاول المحافظون التنصل عن فكرة تبني ترشيح، علي لاريجاني؛ إذ أكّد وزير الخارجية الإيراني السابق، منوتشهر متكي، أنّ المحافظين لن يتوجهوا نحو ترشيحه، فإنّ الموقف ذاته خرج من منصات إصلاحية، بحسب الزغول؛ إذ أعلن رئيس المجلس المركزي لحزب كارغوزاران، أنّ الإصلاحيين لن يتمحوروا حول لاريجاني، بينما أكد كل من، كرباسجي، المقرب من إسحاق جهانغيري، ومحمود صادقي، المرشح للانتخابات الرئاسية، أنّ مرشح الإصلاحيين سيكون وجهاً من الوجوه الإصلاحية، وأنّ التوجه نحو لاريجاني، مستبعد في المرحلة الراهنة، ووفق هذا الخلاف مع لاريجاني، استمرت التحركات على الساحة الإصلاحية.

اقرأ أيضاً: كيف نقرأ انتخابات الرئاسة الإيرانية قبل شهر من إجرائها؟

 من جهة أخرى، أعلن محمد جواد ظريف، انسحابه من الانتخابات الرئاسية، في بيان أكد فيه أنّ القرار جاء نتيجة ضغوط من المحافظين، تصاعدت في الشهرين الأخيرين، ما جعله يعتقد أنّ الترشح لن يخدم المصلحة العامة، لتنحسر إثر انسحابه، موجة الهجوم عليه، بداعي المقابلة المسربة؛ بينما أكّد إسحاق جهانغيري، الذي كان سابقاً قد رفض الترشح، خلال أحاديثه في النصف الأول من أيّار (مايو) الجاري، أنّه ربما يتوجه نحو الترشح، في حين أنّ نائب الرئيس الإصلاحي، محمد رضا عارف، الذي كان قد أعلن أنّه سيترشح بشعار: حكومة الحياة، عدل عن قراره؛ ليبين في بيان أنّه لا يجد جدوى من الترشح في الفترة الراهنة.

الصفحة الرئيسية