الاعتقالات في تونس.. العلاقة مع "الإخوان"

الاعتقالات في تونس.. العلاقة مع "الإخوان"

الاعتقالات في تونس.. العلاقة مع "الإخوان"


16/02/2023

الهاشمي نويرة

تطوّرت الأحداث في تونس خلال الأيام الثلاثة الماضية بشكل كبير، إذ ومنذ السبت الماضي وإلى حدّ ليل الثلاثاء، عرفت وتيرة الاعتقالات في صفوف حركة النهضة الإخوانية تصاعداً غير مسبوق كمّياً ونوعياً.

ولم تقتصر موجة الإيقافات، التي تمّت بأذون قضائية، على المنتمين تنظيمياً إلى حركة «الإخوان»، بل هي شملت كذلك عدداً من الشخصيات من خارجها والمتورّطة أو التي قد تكون متورطة معها في بعض ما نسب إليها من تهم وقضايا.

ومع مرور الوقت بدأ يتّضح أنّ أسباب بعض هذه الاعتقالات متنوعة ومن الحجم الثقيل وهي تتعلّق إمّا بملفات معروضة أمام القضاء، مثل الاغتيالات السياسية و«الجهاز السرّي» لحركة النهضة الإخوانية و«تسفير الشباب لبؤر التوتّر» و«تبييض الأموال»، أو جديد هذه الملفات .

والتي تهمّ أساساً تهمة «تكوين وفاق إجرامي وتأليب الشارع من أجل قلب النظام بحسب ما أعلنت ذلك المحامية وفاء الشاذلي بمناسبة إيقاف خيام التركي وهو قريب من حركة النهضة الإخوانية وكان مرشّحها لرئاسة الحكومة التونسية.

مع مرور الوقت، تبيّن كذلك أنّ قائمة الموقوفين تضمّنت شخصيات أخرى لا علاقة لها فيما يبدو بالتهم المذكورة أعلاه، ولم تحدّد بعد التهم لبعضهم، مثلما ذكرت ذلك دليلة بن مبارك مصدق محامية صاحب إذاعة «موزاييك أف أم» الخاصّة، مؤكّدة «خلوّ الملفّ من أيّ تهم» ونافية وجود «أيّ علاقة لمندوبها بالملفات والإيقافات الأخرى».

وفي علاقة بصاحب المؤسّسة الاعلامية كما بالنسبة لآخرين، قد يكون تزامن الإيقافات مع بعضها هو الذي قاد إلى بعض الغموض والالتباس، خصوصاً في غياب توضيحات رسمية قضائية وأمنية.

وقد استغلّت حركة النهضة الإخوانية هذا الفراغ الاتصالي الرسمي بشكل كبير، إذ حرّكت ذراعها الإعلامي وصفحات التواصل الاجتماعي التابعة لها من أجل بثّ مزيد الأكاذيب والإشاعات بخصوص إيقافات أخرى غير موجودة أساساً وذلك لبثّ البلبلة في صفوف الناس وترويعهم وتحويل الأنظار عن التهم والملفات الأخرى الخطيرة، التي تشير الدلائل والوقائع ضلوعها فيها.

وتقديم ما يجري في تونس على أنّه استهداف عامّ يشمل كلّ مكونات الطيف المدني والسياسي، في محاولة تبدو فاشلة لإقناع الرأي العام الدولي أنّ تونس تعيش مرحلة «استبداد مزمن وغير قابل للعلاج».

وجدير بالذكر أنّ حجر الزاوية في الدعاية المضادة لحركة النهضة الإخوانية هو التركيز على المسألة الديمقراطية لحساسيتها عند الرأي العام وفي المجتمعات الغربية، وهو خطاب أصبح تأثيره فيما نرى نسبياً لأنّ اليقين يزداد لدى هذه المجتمعات بأنّ علاقة حركة «الإخوان» عموماً بالديمقراطية هي من باب التحايل والمناورة والانتهازية، غير أنّ تردّد الرئيس التونسي قيس سعيّد في التعاطي مع الطيف المدني والسياسي التونسي الوطني مكّن النهضة الإخوانية من تأثيث خطابها المخاتل، ووفّر لها فرصة محاولة استقطاب أطراف سياسية ومجتمعية ساندت الحراك التصحيحي لـ25 يوليو 2021

ورفضت بقوّة على مدى أشهر الانخراط في سياسات وخطابات النهضة الإخوانية، وأبدت رغبة صادقة في إرساء نظام تشاركي يقع الطريق أمام المتربصين بتونس وبمجتمعها ولكنّها جوبهت بنوع من الرفض والتهميش.

إنّ تفكيك ومحاسبة المسؤولين عن آلة ومنظومة الإخوان التي عملت طوال سنوات حكمها العشر على إرسائها وحكمت من خلالها وسعت بواسطتها وبكلّ إمكانياتها إلى وضع اليد بصفة دائمة على مفاصل الإدارة والدولة، كان يوم 25 يوليو 2021 مطلباً شعبياً عاجلاً، وكان الإقدام عليه في حينه غير مكلف من الناحية السياسية والعملية ولكنّ البطء والتردّد منعا حدوث ذلك، بما قد يكون أنعش حلم المعارضين لمسار التصحيح في العودة مجدّداً إلى الحُكْمِ.

وإنّ موجة الاعتقالات الجديدة متى تبيّنت علاقتها بمشاريع الإخوان ومتى اتّصل الغثّ من السمين منها، تعتبر «25 يوليو مكرّرة لأنّها مواصلة فعلية لمسار التصحيح» .

كما أسرّ لنا بذلك أحد المقرّبين من الرئيس التونسي قيس سعيّد. ولعلّ التعجيل بإرساء البرلمان الجديد المنتخب، رغم ضعف المشاركة، والذهاب بعيداً في كشف خبايا الملفّات وحقائق الاغتيالات والتسفير والجهاز السرّي للحركة الإخوانية، سيسهم بشكل كبير في توفير مناخ ملائم للانكباب على المشاغل الحقيقية للمواطن التونسي الطامح إلى توفير شروط العزّة والكرامة.

عن "البيان" الإماراتية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية