فتحت دولة الإمارات العربية المتّحدة الباب لاستقبال الآلاف من العمال الإثيوبيين في خطوة تمثّل أحد أوجه الدعم الاقتصادي الإماراتي لإثيوبيا تشجيعا لتجربتها الناشئة والمتدرّجة بالبلد الواقع في القرن الأفريقي نحو التحوّل إلى قوّة للاستقرار في محيطه من خلال مقاربة سياسية يُظهر القائمون عليها قدرا كبيرا من التوازن والاعتدال.
وأعلن رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد عن توجّه بلاده لإرسال 50 ألف عامل إثيوبي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، في سياق برنامج يهدف إلى تطوير اليد العاملة المحلية، ومن شأنه أن يخفّف الضغط على سوق العمل الإثيوبية بسبب كثرة المقبلين الجدد عليه، حيث يتجاوز عدد السكان المئة وخمسة ملايين نسمة جلّهم من الشباب.
وسبق أن أعلن العام الماضي عن اعتزام دولة الإمارات ضخ ثلاثة مليارات دولار في الاقتصاد الإثيوبي القسم الأكبر منها في شكل استثمارات. ويرسّخ الدعم الإماراتي لإثيوبيا الدور التنموي الذي تقوم به الإمارات في القارّة الأفريقية، وخصوصا منطقة القرن الأفريقي الاستراتيجية التي تمثّل في المنظور الإماراتي أحد أحزمة الدفاع عن الأمن القومي العربي وحمايته.
وسبق للإمارات أن شاركت بفعالية في ترسيخ الاستقرار في القرن الأفريقي من خلال رعايتها إلى جانب السعودية اتفاق سلام أبرم منتصف 2018 بين إثيوبيا وجارتها إريتريا وطويت بفضله صفحة أطول نزاع في القارة الأفريقية.
ويهدف الدور الإماراتي في أفريقيا لبسط الاستقرار في دول القارّة الواقعة في الجوار العربي، ثم تثبيته بتنشيط عملية التنمية في تلك الدول، ليس فقط عن طريق بذل المساعدات لها، ولكن أيضا عن طريق الدخول في شراكات اقتصادية مربحة معها.
وتنطوي السياسات الإماراتية على فوائد كثيرة للمنطقة العربية، ليس أقلّها ملء الفراغات وسدّ الطريق على قوى خارجية منافسة مثل تركيا وإيران اللتين اعتادتا على تسويق الأيديولوجيا والأجندات السياسية ضمن إطار المصالح الاقتصادية والتبادلات التجارية. ومن هذا المنطلق يتمّ تصنيف الحراك الإماراتي في أفريقيا في صميم خدمة الأمن القومي العربي.
وتعيش إثيوبيا في المرحلة الحالية فترة انتقال نحو الاستقرار والازدهار، بدأت تنعكس بشكل إيجابي على مكانتها ودورها في القارّة الأفريقية.
وتجلّى ذلك عمليا في قيامها بدور إلى جانب الاتحاد الأفريقي في رعاية محادثات بين الأفرقاء السودانيين أفضت إلى التوصّل إلى اتفاق ينص على تنظيم عملية تقاسم السلطة خلال المرحلة الانتقالية بين المجلس العسكري الحاكم وتحالف المعارضة وجماعات الاحتجاج.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي في كلمة ألقاها أمام برلمان بلاده إنّ أديس أبابا “تخطط على المدى القصير لخفض مستوى البطالة”.
وتابع أنّ “أحد التدابير المزمع اتخاذها تنص على إرسال يد عاملة مؤهلة إلى الخارج”.
وأعلن أنّ اتّفاقا جرى التوصل إليه بشأن إرسال 50 ألف عامل إلى الإمارات للسنة المالية 2019-2020، مشيرا إلى أنّ محادثات جارية لإرسال 200 ألف عامل في غضون ثلاثة أعوام.
وتمثّل الإمارات بفعل حيوية اقتصادها، وأيضا بفضل تفتّح مجتمعها، قطبا جاذبا للوافدين من مختلف الجنسيات، وخصوصا من العمّال الساعين لتحسين أوضاعهم في ظلّ قوانين تتيح لهم العمل في ظروف جيّدة وتكفل لهم الحصول على حقوقهم.
واعتبر آبي أحمد أنّ الإثيوبيين المعنيين بالعمل في الإمارات سوف يكسبون مرتبات أفضل وسوف يكون بمقدورهم تحسين مهاراتهم، موضّحا أنّ هذا البرنامج يتعلق بمهن مثل التمريض والسياقة، وأنّ محادثات مماثلة جارية مع دول أوروبية لم يحددها، ومع اليابان.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي الذي شرع بفتح الاقتصاد المحلي جزئيا على الرساميل الخارجية، “حين يكون الاقتصاد الإثيوبي قد تغيّر سوف يسنده عمّال شبان ذوو مهارات تدربوا في الخارج”.
عن "العرب" اللندنية