الإمارات تشرّع أبواب المريخ

الإمارات تشرّع أبواب المريخ


13/02/2021

نسيم الخوري

الرهبة والغبطة شعوران رافقاني مساء الثلاثاء، 9 فبراير 2021 مع نجاح مسبار«الأمل» الإماراتي في الوصول إلى مدار المريخ، بعد رحلة 7 أشهر تناولتها في هذه الصفحة في 18 تمّوز/ يوليو 2020 بعنوان:«الإمارات تقرع باب المرّيخ». شاركني النص والحدث شابّات وشباب جامعيون، محاولاً جذبهم لمشروع تاريخي عربيّ جديد تقوم به دولة الإمارات العربيّة المتّحدة. أصبت بذلك هدفاً هو متابعة شؤون علميّة ذات قيمة كبرى، وأخرجتهم ثانياً من دوامة الكلام والمناقشات السياسيّة والإعلامية، وشعرت بالمحصّلة ثالثاً بأنهم باتوا مسكونين أكثر برغبة الهجرة النهائيّة من لبنان.

 طرحت عليهم سؤالاً واحداً: لو قُدر لكم الذهاب إلى دبي أو إلى أيّ بلدٍ آخر، ماذا تفعلون؟

 معظمهم صدّقوا أنهم سيجهزون حقائبهم لترك بلدهم عمّا قريب، أو ظنّوا تعبيدي طرقهم للخروج. وقعت المبادرة عليهم في طرح الحدث ومناقشته، كأنّه الطعم غير المقصود الذي رفع بيننا جسوراً من ثقة وأحلام بالمستقبل عملت على رعايته بالعقلانية والصبر العلميين. وبالرغم من «الكورونا»، بقينا نتابع الموضوع وغيره في لقاءات غير مباشرة لا يمكنني الإحاطة خلالها بالحماسة المشتعلة التي يختزنها الشباب المتماهون مع الإماراتيين، إذ شعرت وكأنّهم في يقظة هائلة على هذا التقدّم العربي الذي بدا بالنسبة إليهم واقعاً علمياً رائداً، ومدعاة للافتخار. فوجئت، بصراحة، بهذا التحوّل في المحيط الشبابي الذي أقامني فيه طلاّبي إلى درجة اتّصال بعضهم للسؤال عن حقيقة وإمكانات إعلان الإمارات منح جنسيتها للشباب الناجح في المجالات الريادية المتنوّعة. صدقاً لم أكن قد علمت بالأمر.

 هنا أقصوصة تسعفني في فهم طموحات شبابنا اللبناني المتعلّقين بقشّة تخرجهم من لبنان: يقرأ هؤلاء صحيفة «الخليج» لماماً، وأزوّدهم بالنصوص والمقالات فيها. وسبق لي أن أخبرتهم يوماً بصداقة تربطني بالرئيس الدكتور سليم الحص، مؤسّس منبر الوحدة الوطنية، وكنت بين المؤسّسين، وقدّمني للمرّة الأولى إلى رائد الصحافة العربيّة الدكتور الجليل عبدالله عمران، طيّب الله ثراه، في عشاء تكريمي له. وكان على العشاء ثلّة من كبار الصحفيين والمفكرين، وصادف أن دار بين الدكتور عبدالله وبيني حوار عابر حول الريادة الصحفية، وجذورها وتحديداً مسألة اعتباري الصحافة موهبة أو علماً يمكن اكتسابه في الجامعات. وجاءت نتيجة الحديث، أن أطراني الرئيس الحص بتواضعه قائلاً للدكتور عبدالله: أنصحك بقلمه. 

 لافت جدّاً جاء الشعار المرفوع هناك: «لا شيء مستحيل»، وكذلك الأحاديث الصحفيّة لوزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، معلناً أنّ المعلومات التي ستحصل عليها البشرية من كوكب المرّيخ ستحدث ثورة علميّة عبر المعطيات المرتقبة التي ستكمل جهود البعثات السابقة بحثاً عن دراسة الغلاف الجوّي وإمكانات إنتاج الطاقة التي تسمح ربّما بالعيش على هذا الكوكب الأحمر. وقع كلامه المتواضع في الاحترام العالمي بإعلانه أنّ الإمارات دولة لم يكن فيها منذ خمسين سنة شيئاً يُذكر، واستطاعت عبر شبابها ومعظمهم في عمر الزهور تحقيق الأمل إذ اعتبرهم هم الأمل في الحاضر والمستقبل لأسباب ثلاثة، هي القيادة، وثقة الشعب، والعزم. لقد بدأنا مشواراً وهذه الخطوة الأولى في برنامج وطموحات كبيرة، ويمكن الاختيار من الشباب العربي والنوابغ الذين سيساهمون في هذا الطموح، لأنّنا لا نفرّق بين جنسٍ أو دين، بل ننظر إلى العلم نظرة واقعيّة. وعندما توجّه إلى الشباب اللبناني بالقول: «لا تيأسوا، شعب لبنان فيه علماء ومبدعون» الشعار الذي تتناقله وسائل الإعلام، انتابني شعور ثالث يشابه أحزان الشيوخ الدامعة. 

 تصوّروا، اتّصل بي عالم الأرقام الدكتور بشارة نجيب حنّا سائلاً: ما الذي يمنعنا من شراكات علمية مع الإمارات؟ وأضاف عند احتدام السباق إلى الفضاء بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، كان لبنان في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1960 رائد برنامج الفضاء عندما قامت مجموعة من طلاب جامعة هايكازيان بإشراف مانوج مانوجيان أستاذ الرياضيات والفيزياء وشكّلوا جمعية الصواريخ اللبنانية التي أطلقت صواريخ الأرز في ال1962 و1963 ليعلن الرئيس فؤاد شهاب عن تقديم دعم حكومي للجمعية التي دفنت لأسباب لا قيمة لذكرها ونحن في انهيارات متواصلة.

عن "الخليج" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية