الإعلام المعادي وماذا يستهدف؟

الإعلام المعادي وماذا يستهدف؟

الإعلام المعادي وماذا يستهدف؟


12/03/2024

ماهر فرغلي

فى عام 2003، بدأت مرحلة جديدة فى الإعلام الإخوانى، وهى التى ركّزت فيها الجماعة على الاستقطاب عبر الإنترنت، وفى هذا الوقت كانت تنتج خطاباً مدنياً خدّاعاً من أجل جذب شرائح جديدة من المجتمع.

وفى المرحلة الأخيرة، وهى ثورات الربيع العربى، امتلكت الجماعة أكثر من 20 وسيلة إعلامية، كان على رأسها قناة 25، وهى القناة الرسمية للجماعة فى هذا الوقت، إضافة إلى استخدام شبكة الإنترنت كقوة تكنولوجية سهلة وميسورة فى الوصول للمواطنين.

وعقب سقوط حكم الجماعة بمصر كانت الخطة اللعب على الملف الحقوقى، وطرح ملف المصالحة وتسويق الخلاف الإخوانى عن طريق قنوات فضائية أنشئت خصيصاً لهذا الغرض، وحسابات وهمية بمواقع التواصل، ومئات الصفحات، ووسائل الإعلام البديلة مثل الفيديوهات القصيرة، والصحف التى تم شراؤها لهذا الغرض.

ونظراً لأن تأثير هذه القنوات والوسائل الإخوانية فشل فى تحقيق هدف الجماعة فى العودة للمشهد السياسى، بدأ هدفها هو التحريض وصرف الناس عن نجاحات الدولة وفق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، من خلال عرض المقطع السمعى أو الصوتى لشخصية عامة فى أحد المجالات، معتمدةً على استراتيجية تقوم فيها بالتهوين من قيمة آرائه لدى المشاهدين، بل والهجوم الشخصى عليه بالربط بين تصرفاته الخاصة أو العامة، وما تقوله أثناء المقطع الذى تقوم بتحليله من خلال المونتاج، بتقطيع اللقطات بطريقة تضعف من قيمة آراء المتحدث، مستخدمة نفس تقنيات الميلودراما، التى ترى أن الشخصيات خيرة صرف أو شريرة صرف، وتمثيل الفضيلة فى الفقر والبساطة، وتمثيل الرذيلة فى المركز الاجتماعى، وإغراق العقل فى العاطفة وفيض الدموع، وهذه التقنيات بالفعل ما تنتهجه القنوات الإخوانية من محاولات الشيطنة لبعض الشخصيات والرموز السياسية، وإظهار ما تنتمى إليه من رموز سواء دولية أو إقليمية على أنها الحملان الوديعة، رغم ما بها أو عليها من مؤاخذات.

ويلاحظ المراقب الفطن حجم التحيز الذى ينتهجه المعد/ المقدم/ المؤدى تجاه الدولة، فى محاولة بناء استراتيجية للإجماع العام على ما يود طرحه من مواضيع، وإظهارها على أنها قضايا مصيرية تمثل تحدياً اجتماعياً، وأن مفاتيح حلها لن تتأتى سوى بالتوافق مع مجموع ما طرحه من آراء وحلول ناجزة حول القضية مثار النقاش.

ومن خلال مراقبتى لأسبوع واحد فقط لتلك القنوات يمكن ملاحظة أن الشبكات الإعلامية للإخوان تعمل بصورة منسقة فيما بينها ووفقاً لأجندة إعلامية متشابهة، وهذا يوحى بأنها فى النهاية تنبع من نفس المصدر، وتخدم نفس الأهداف الدعائية التى رسمها المسئولون عنها، ويتبين من الطرح الذى تقدمه تلك القنوات أن سياستها الإعلامية واحدة فى ضرب (الرئيس - الحكومة - الدول المساندة - محاولة تثوير الشعب وإفقاده الثقة فى الدولة برمتها - صرف نظر المواطنين عن قضايا إقليمية ودولية أخرى)، وهذا ما ثبت من خلال متابعتى الدقيقة لما يقدمه هذا الإعلام المعادى.

وخلال الأسبوع الماضى فقط، تبين من خلال رصدى للقنوات الموالية لجماعة الإخوان استهداف الحكومة والوزراء فى 32 برنامجاً، واستهداف الإعلاميين المصريين فى 9 برامج، واستهداف رئيس الجمهورية فى 35 برنامجاً، واستهداف مؤسسات الدولة الأمنية فى 12 برنامجاً.

ولم تخلُ تلك البرامج من وزير الخارجية فى مرة واحدة، والهيئة العامة للاستعلامات مرة واحدة، واستهداف دولة الإمارات فى 6 مرات، والسعودية مرتين.

وقد تبين أن رئيس الجمهورية هو المستهدف الأول فى أغلب برامج القنوات المعادية، ويليه مباشرة الحكومة، ممثلة فى كل الوزراء تقريباً.

أما عن القضايا التى يتناولها إعلاميو الإخوان، وفق أغلبية البرامج، فهى استهداف رئيس الجمهورية فى شخصه، واستهداف الحكومة عبر الحديث عن الاقتصاد والفساد وبيع الأراضى، والدعوة للثورة على النظام.

أما عن العملية الإعلامية لقنوات الإخوان، فقد تبين من خلال رصدها أن برامج التوك شو هى الرئيسية، وهى التى يقدم فيها الإعلام المعادى رسالته وخطابه الإعلامى، وهى تتناول نفس القضايا، بنفس الطريقة والحدة، وهى تسوق نفس الاتهامات لكن بأسلوب مختلف.

وقد اختلفت قنوات الإخوان أو القنوات الموالية للجماعة فى بعض الأمور؛ فبينما تركز قناة «الشرق» على الاقتصاد والفساد وبيع الأراضى، تركز قناة «مكملين» على الرئيس والإعلاميين والأجهزة الأمنية، وتركز قناة «الشعوب» على شخص الرئيس، بينما تركز قناة «وطن»، وهى القناة الرسمية للإخوان، على الحديث عن الحكومة فقط دون شخصنة باقى القضايا أو الدول الأخرى.

وتقوم تلك القنوات بإغراق المشاهدين فى سيل من العواطف الجياشة تجاه بعض القضايا التى تمثل ثقلاً عاطفياً لدى الجماهير العربية، كقضية القدس أو قضايا القومية العربية، وما يكتنفها من خذلان يكلل الجميع، ومحاولات تلبيس هذه القضية فى وجدان الجماهير على أن السبب الرئيسى فيها هو بقاء تلك الأنظمة رهين ببقاء القدس فى براثن العدو الصهيونى، فى حالة مزاوجة بين تلك القضية وما يطرحه المذيع من قضايا ليست لصيقة لتلك القضية ومنحاها العاطفى الذى يقوم بطرحه، ورغم ذلك فقد فشلت إلى الآن فى تحقيق أهدافها وستفشل.

عن "الوطن"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية