الإخوان في أوروبا... محاولات استنفار تصطدم بجهود مكثفة لتضييق الخناق عليهم

الإخوان في أوروبا... محاولات استنفار تصطدم بجهود مكثفة لتضييق الخناق عليهم


02/06/2022

حالة من الاستنفار تشهدها القارة الأوروبية؛ في محاولة لاحتواء تمدّد الإخوان وأنشطتهم المريبة، وهو الأمر الذي تعمل عليه بشكل خاص، في هذه الأثناء، هيئة الاستخبارات الألمانية الداخلية، في أعقاب تحذيرات متتالية، وتقارير تقدّم بها نواب عن الحزب المسيحي الذي يمثل ثاني أكبر كتلة في البرلمان الألماني (البوندستاغ).

من جهة أخرى، كشفت هيئة حماية الدستور في ولاية برلين، في وقت سابق، عن تزايد عدد المنخرطين في أنشطة التيارات الإسلاموية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وقال تقرير الهيئة إنّ عدد قيادات الإخوان في برلين بلغ نحو (150) قيادياً، وحذّر التقرير من أن تصبح ألمانيا مركز الثقل الثاني في أوروبا للإخوان، بعد بريطانيا؛ ذلك أنّ الجماعة بحسب التقرير "تسعى جاهدة لإقامة دولة إسلامية، أو دولة مدنية ذات إطار مرجعي إسلامي، تستند إلى تفسيرها الخاص للشريعة".

تحذيرات متتابعة وقضايا تهزّ الرأي العام الأوروبي

في سياق موازٍ، نبّه رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس من المخاطر التي تتعرّض لها فرنسا، في ظلّ وجود أنشطة الإخوان المسلمين على أراضيها، مطالباً بتحركات أكثر جدية، لمواجهة خطاب الكراهية والانفصالية الذي يروّج له الإخوان. ويبدو أنّ فرنسا التي خرجت للتو من الانتخابات الرئاسية، وتستعد للانتخابات التشريعية، تنتظر إلى أنّ يستقر الوضع السياسي، وتتضح الرؤية بالنسبة إلى المشهد الحزبي؛ قبل أن تخوض جولة جديدة مع تيار الإسلام السياسي، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين.

وفي جنيف، أعلن المدعي العام انتهاء التحقيقات في قضية الاغتصاب، المتهم فيها طارق رمضان، حفيد المرشد الأول لجماعة الإخوان، والمؤسس حسن البنا، ممّا يعني أنّه سوف يتمّ إصدار لائحة اتهام ضد رمضان، بشكل لا يقبل الاستئناف عليه، وهو ما يضع أطر الجماعة وقواعدها في موقف شديد الحرج، رغم محاولات التبرؤ من رمضان.

 طارق رمضان

موقع موند أفريك الفرنسي أكد بدوره أنّ حفيد حسن البنا سوف يحال إلى المحاكمة، بتهمة الاغتصاب في سويسرا، وفقاً لما أعلن عنه أدريان هولواي، المدعي العام الأول في جنيف، الذي كشف عن انتهاء التحقيقات في أيّار (مايو) الماضي.

جهود مكثفة لكشف بنية العنف الإخوانية

بدوره، سلّط موقع المونيتور الأمريكي الضوء على الجهود التي تقوم بها مصر من أجل توضيح حقيقة الإخوان للحكومات الأوروبية، ففي تقرير مطوّل نشره الموقع بالإنجليزية قال: إنّ القاهرة كثفت مؤخراً من جهودها من أجل تضييق الخناق على جماعة الإخوان المسلمين وأعضائها في بريطانيا، بعد أن حذّر مفتي الديار المصرية شوقي علام، في كلمته أمام مجلس العموم البريطاني في 17 أيار (مايو) الماضي، من الخطر الذي يشكّله أعضاء جماعة الإخوان المسلمين على الأراضي البريطانية.

ووزّع علام تقريراً في مجلس العموم، استعرض فيه الانتهاكات التي ارتكبها الإخوان، وارتباطهم بالمنظمات الجهادية، مثل تنظيم داعش.

 

نبّه رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس من المخاطر التي تتعرّض لها فرنسا، في ظلّ وجود أنشطة الإخوان على أراضيها، مطالباً بتحركات أكثر جدية لمواجهة خطاب الكراهية والانفصالية

 

وبعد (3) أيام من الكلمة التي ألقاها مفتي مصر في مجلس العموم، شهدت جامعة أكسفورد محاضرة، حذّر فيها شوقي علام وسائل الإعلام الغربية، والمنظمات غير الحكومية، من التعامل مع الأفكار المتطرفة لجماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا.

وفي لقائه مع اللورد أحمد، وزير شؤون جنوب آسيا وشمال أفريقيا والأمم المتحدة ودول الكومنولث، قال علام: إنّ "مصر مستعدة لتدريب أئمة في بريطانيا، وإرسال أئمة مصريين لمواجهة الأفكار المتطرفة"، وقد حذّر من "انتشار الأفكار المتطرفة في بريطانيا والعالم".

والتقى الدكتور شوقي علام بقادة الجالية المصرية في بريطانيا، وزار مركز Civitas للأبحاث في لندن، والتقى بالمشرعين والمتخصصين والباحثين. وأكد خلال ذلك الاجتماع أنّ "مصر منفتحة على العالم، وتمدّ يدها للتعاون مع بريطانيا والدول الأوروبية لمواجهة خطر التطرف والإرهاب".

جولة علام في بريطانيا شحنت الرأي العام، وأثارت حفيظة المجتمع والمؤسسات الفاعلة تجاه الخطر الذي تمثله جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما أثار حفيظة قيادات الجماعة في لندن، حيث أرسل القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير رسالة إلى أعضاء مجلس العموم البريطاني ردّاً على تقرير علام.

 

طارق فهمي: الإخوان يحاولون تحويل بريطانيا إلى ملاذ جديد لأعضائها، بعد تحوّل السياسة التركية تجاههم، ولهذا ستكثف الدولة المصرية جهودها في الفترة المقبلة لمواجهة خطة الإخوان

 

مفتي مصر كشف في تصريحات صحفية أنّ جولة لندن "هي بداية لسلسلة من الجولات الخارجية خلال الفترة المقبلة، تشمل عدداً من العواصم الأوروبية، لبيان صحيح الدين الإسلامي، وأهمية اندماج المسلمين في المجتمعات الجديدة".

ويبدو أنّ المساعي المصرية لتضييق الخناق على الإخوان تأتي في سياق التحولات السياسية الأخيرة، بعد انتقال عدد من قيادات الجماعة من تركيا إلى بريطانيا، ودول أوروبية أخرى، بعد أن طلبت منهم السلطات التركية التوقف عن انتقاد النظام المصري.

مصر تخاطب المؤسسات البريطانية الفاعلة

ولأعوام، كانت الحكومة المصرية تحاول إقناع السلطات البريطانية بحظر أنشطة الإخوان المسلمين. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2016 زار وفد برلماني مصري بريطانيا لتقديم تقرير لمجلس العموم البريطاني عن تورط جماعة الإخوان المسلمين في أعمال العنف والإرهاب في مصر والدول العربية، وفي كانون الأول (ديسمبر) العام 2018 التقى وفد برلماني مصري مع رئيس مجلس العموم البريطاني آنذاك جون بيركو.

أحمد فؤاد أنور: تكثيف الجهود لملاحقة التنظيم في أوروبا أصبح أمراً شديد الأهمية

من جهته، قال طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة لـ "المونيتور": إنّ "جولة علام في بريطانيا خطوة مهمة؛ تهدف إلى مواجهة الإخوان، وتقويض تأثيرهم على مراكز صنع القرار البريطانية". وأضاف: "الدول العربية بحاجة إلى تكثيف جهودها، وتنظيم الحملات وإرسال وفود مشتركة إلى مجلس العموم البريطاني، وعقد اجتماعات مع أعضاء مجلس النواب الموالين للإخوان، لتعريفهم بمخاطر الجماعة وتاريخها"، مطالباً الحكومة المصرية بتقديم "أدلة تورط أعضاء جماعة الإخوان، المحكوم عليهم بالإعدام، في قضايا العنف والإرهاب".

فهمي أوضح أنّ "الإخوان يحاولون تحويل بريطانيا إلى ملاذ جديد لأعضائها، بعد تحول السياسة التركية تجاههم، ولهذا ستكثف الدولة المصرية جهودها في الفترة المقبلة لمواجهة خطة الإخوان المسلمين".

 

أحمد فؤاد أنور: زيارة المفتي تمّت وسط دعم من جموع المصريين في بريطانيا، وبالتالي فإنّ محاولة الإخوان إعادة صياغة تواجدهم في أوروبا سوف تبوء بالفشل بالضرورة

 

وفي تصريحات خاصّة لـ"حفريات"، قال الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية: إنّ تكثيف الجهود لملاحقة التنظيم في أوروبا أصبح أمراً شديد الأهمية، خاصة بعد انطلاق الحوار الوطني الذي استثنى الجماعة، بوصفها تياراً غير وطني، ويعمل من الخارج، وكذلك بعد الأحكام المشددة التي صدرت مؤخراً على محمود عزت وعدد من عناصر الجماعة، ممّا يعني أنّ البحث عن ملاذات جديدة أصبح أمراً حيوياً للإخوان، وخاصة بريطانيا.

أنور ثمّن خطوة الدكتور شوقي علام، بتنسيق من رجل الأعمال الوطني سمير تكلا، ذلك أنّ التحركات اعتمدت على عناصر فاعلة في الجالية المصرية في لندن، وهو تحول إستراتيجي يجعل المواجهة مع الإخوان ذات طابع شعبي وطني، ويفقد التنظيم مواطن القوة، ومراكز النفوذ بين المصريين في الخارج، وهنا يأتي التلازم بين التحرك الرسمي والتحرك الشعبي.

واعتبر أستاذ اللغة العبرية بجامعة الإسكندرية أنّ محاولات الإخوان الرامية إلى تشويه الزيارة كانت تحركات يائسة، فالزيارة تمّت وسط دعم من جموع المصريين في بريطانيا، وبالتالي فإنّ محاولة الجماعة إعادة صياغة تواجدها في أوروبا سوف تبوء بالفشل بالضرورة، فالجماعة لم تطوّر أدواتها، ولم تستطع استيعاب تناقضاتها وانقساماتها، وهي الآن تحت مقصلة القوانين الغربية.

مواضيع ذات صلة:

مدارس الإخوان في أوروبا بين تكريس خطاب الكراهية وغسيل الأموال

"شبكات الإخوان في أوروبا".. طرد الجماعة الإسلامية في ألمانيا

الإخوان في أوروبا.. من التجاهل إلى الاستهداف



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية