الإخوان في أمريكا اللاتينية (2): التمدد في البرازيل والمكسيك

الإخوان في أمريكا اللاتينية (2): التمدد في البرازيل والمكسيك


31/03/2022

كثيراً ما يتم الخلط بين التنظيم الدولي للإخوان، وبين حزب سياسي برازيلي، يحمل اسم الإخوان المسلمين (Irmandade Muçulmana) وهو حزب سياسي إسلامي، أسّسه الناشط الإسلامي الشهير باولو ليفاس، العام 1978، وكان في الأصل حركة اجتماعية لنشر الإسلام في البرازيل، وسرعان ما تعاطفت الحركة مع المثل العليا الأكثر تقدمية، واستقبلت أتباعاً من ذوي الدخل المنخفض والطبقة العاملة، في البداية في مدينة ريو دي جانيرو، ثم توسعت عبر باهيا وبالماريس، وتزايد عدد أعضائها في غيانا وكوناني، ويروج الحزب بنشاط ويدافع عن التقدمية الإسلاميّة، والمشاريع الاجتماعية ذات الطابع الاشتراكي، والحزب حالياً هو أكبر منظمة إسلامية في البرازيل، ويحتفظ بالعديد من المعاقل مثل: غويانا وكوناني وبالميراس، على الرغم من أنّ ريو دي جانيرو هي المقر الوطني.

اقرأ أيضاً: كيف أصبحت أمريكا اللاتينية الملاذ الخفي للإخوان المسلمين؟ (1)

وقام الحزب بترشيح مرشح رئاسي مرة واحدة، في انتخابات العام 1986، ويرأسه حالياً مارسيو مارينيو Márcio Marinho، وينتهج الحزب أيديولوجيا اليسار الإسلامي (يسار الوسط)، كما يضم عناصر ناصرية، ويحمل شعاراً على شكل السنبلة والهلال، بداخل نجمة ثمانية Octagram.

 

اقرأ أيضاً: كيف يستغل داعش الإسلام ليضع قدمه في أمريكا اللاتينية؟

ارتبطت الحركة خلال الستينيات، بجماعة أمة الإسلام في الولايات المتحدة، التي تقول بأنّ الإسلام هو الدين الطبيعي للسود، قبل أن ينفجر الصراع بينهما في السبعينيات، وكانت الحركة والحزب، يعتبران منظمة جامعة للحركات الاشتراكية والقومية السوداء، على غرار حزب الفهد الأسود.

المكسيك ومحاولات حثيثة للتمدّد

تأسّس المركز الثقافي الإسلامي في المكسيك في العام 1995، وهو يجمع بين المهاجرين من أصول عربية والمكسيكيين؛ ومع هذا المركز بدأ التبشير الهائل بالإسلام في المكسيك، من خلال معارض الكتب والمواعظ، وكذلك العمل الطلابي، كما تمّ نشر مجلة تسمى الإسلام بلغتك، وجرى تدشين حملات دعائيّة في الإذاعة والتلفزيون.

تأسّس المركز الثقافي الإسلامي في المكسيك في العام 1995، وهو يجمع بين المهاجرين من أصول عربية والمكسيكيين

عزّز المركز التواصل مع المجتمعات الأخرى، في مونتيري، وغوادالاخارا، وفيراكروز، وليون  وموريليا، وسان كريستوبال دي لاس؛ كأساس للمساعدة في الحصول على المواد التعليمية الإسلاميّة، بالإضافة إلى الدورات الإعلامية، والدروس في اللغة العربية، وبسط الإخوان سيطرتهم على غالبية هذه الأنشطة، كما بدأ مسجد دار السلام، الواقع في تيكيسكويتنغو ، نشاطه في العام 2003، كنقطة انطلاق للتنظيم تحت غطاء دعوي، مع تقديم الخدمات الاجتماعية، خاصّة في التجمعات الفقيرة.

كثيراً ما يُخلط بين التنظيم الدولي وبين حزب سياسي برازيلي يحمل اسم الإخوان المسلمين

في العام 2000، ظهر المركز التربوي للجالية المسلمة بالمكسيك، كجمعية مدنية في حي أنزورز، بهدف التمكن من جمع الأموال؛ لبناء مسجد تيكيسكويتنغو، وتأليف قلوب المتحولين إلى الإسلام في مكسيكو سيتي، ونشط المركز في جمع التبرعات، وخاصّة أموال الزكاة، لكنّ خلافاً نشب داخل مجلس الإدارة، بين مدير المركز والتيار الراديكالي، الذي انشق أعضاؤه وأسّسوا المركز السلفي في المكسيك في نهاية العام 2003، في حي جاردين بالبوينا، ولأسباب اقتصادية، كان على المركز أن يغير عنوانه باستمرار، ذلك أنّ الغالبية العظمى من أموال التبرعات كانت تذهب إلى الإخوان.

 

اقرأ أيضاً: كيف تأسس الوجود الإخواني في أمريكا اللاتينية؟

وفي العام 2006، بدأ الإخوان في بناء مركز الحكمة، والذي كان بمثابة مكتب للتبشير بالإسلام، ويسمى هذا المركز أيضاً معهد الحكمة للغة والثقافة العربية، في أراجون، وهو قيد التجديد منذ العام 2015، وبالإضافة إلى التيار السلفي، ينافس الإخوان هناك فرع الصوفية النقشبندية، وجماعة المرابطين، وتنظيم إسلامي يحمل اسم الجماعة الإسلاميّة.

يهيمن الإخوان على ثلاثة مساجد: مسجد تيخوانا ومسجد عمر ومسجد النور في روساريتو الذي افتتح نهاية العام 2011

ويهيمن الإخوان بشكل كبير على ثلاثة مساجد: مسجد تيخوانا، التابع للمركز الإسلامي في تيخوانا، ومسجد عمر، وتُقدم فيه دروس اللغة العربية، وحفلات الزفاف، وخدمات الجنازة، ومسجد النور في روساريتو، الذي افتتح نهاية العام 2011.

 يعمل الإخوان في المكسيك على التمدّد والانتشار من خلال النشاط الدعوي وتقديم الخدمات الاجتماعية والاقتصادية

ومثلها مثل غيرها، يعمل الإخوان في المكسيك على التمدّد والانتشار من خلال النشاط الدعوي، وتقديم الخدمات الاجتماعية والاقتصادية، وتكوين منظومة مالية قوية، تعمد على الاستثمار الريعي، وإنتاج الطعام الحلال، وغير ذلك من أنماط الاقتصاد الديني.

 

اقرأ أيضاً: تركيا توظف "الدبلوماسية الدينية" بأمريكا اللاتينية لتحقيق أهداف سياسية

لكن يظل نشاط الجماعة في المكسيك مقيداً إلى حد كبير بقلة أعداد المسلمين هناك، فوفقاً للإحصاء الرسمي في المكسيك لعام 2010، بلغ عدد المسلمين حوالي 3762 نسمة؛ أي ما يمثل 0,003 بالمئة من السكان، وغالبية المنتمين للإخوان هناك من أصول لبنانية وسورية، لكنّ الشكل التنظيمي لا زال ضعيفاً، مقارنة بالبرازيل مثلاً، وهو ما أكد عليه قال السفير المصري في المكسيك، ياسر شعبان، في أعقاب حادث السياح المكسيكيين في مصر، في العام 2015، حيث أكّد أنّ الجالية المصرية في المكسيك، خالية من الإخوان.

يظل نشاط الجماعة في المكسيك مقيداً إلى حد كبير بقلة أعداد المسلمين هناك

جدير بالذكر أنّه في أعقاب الحادث الذي نتج عنه مقتل ثمانية مكسيكيين في مصر بطريق الخطأ، نشط الإخوان بشكل فعال في المكسيك لاستغلال الموقف، ومخاطبة دوائر صنع القرار في المكسيك، للتحريض ضد القاهرة، كما كشفت تقارير النقاب عن رسائل وجهها الإخوان إلى وزارة الخارجية المكسيكية، وسفراء المكسيك في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهو المخطط الذي أفشلته جهات التحقيق المكسيكية، التي حمّلت المسؤولية لإحدى وكالات السياحة، التي زجت بالسائحين نحو منطقة أمنية خطيرة.

الصفحة الرئيسية