"الإخوان المسلمون".. يكشفون عن سوءاتهم!

"الإخوان المسلمون".. يكشفون عن سوءاتهم!


28/12/2021

علي بن سالم الكعبي

منذ عقود وجماعة «الإخوان المسلمون» في معظم البلدان - إن لم أقل - كلها تعيش انقسامات حادة في البنية، وهو ما انعكس بالضرورة على نهجها الأساسي. صحيح أن الجماعة في بدايات تأسيسها اتخذت من الدين قاعدة ومنطلقاً لها، لكن سرعان ما انقسم المنتسبون إليها، وصاروا بدل الجناح أجنحة، وشقوا صفهم بأياديهم، لكنهم ظلوا يتخذون من الدين ستارة لفكرهم الذي أقل ما يوصف به بأنه متشدد.

من يقرأ في أدبيات الجماعة المنقسمة على نفسها وما وصلت إليه من تغول ومحاولات للاستئثار بالحكم، سيعرف من أي بئر ينهل قادتها اليوم، وأي السبل يتبعون من أجل الوصول إلى غاياتهم مستخدمين القاعدة الماكياڤيلية حيث الغاية تبرر الوسيلة، ومع ذلك هم يعانون من تخبط وخلافات حادة، ومن صراع أقطاب، ويتبادلون الاتهامات في ما بينهم، ويخوِّنون ويخونُون بعضهم البعض، كل ذلك وسواه جعل الجماعة في مأزق تاريخي في ظل استمرار تعرّيها وانكشاف جموحها نحو السيطرة على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا شك أن سقوط ورقة التوت الأخيرة سيتبعه كشف للأسرار التي طالما أخفوها، وفي كل بلد نشأوا فيه.
قد يقول قائل إن للجماعة أنصاراً، وإن بعض الدول لم تصنفها ضمن قائمة الجماعات الإرهابية، وهذا صحيح، لكن هؤلاء الأنصار وتلك الدول يكتشفون وسيكتشفون المزيد من زيف فكرها وخطورة مخططاتها التي لا تفضي إلا إلى الفوضى والخراب وتهديد أمن الناس والدول، وهو ما سيؤدي بالنتيجة إلى انهيارها، خصوصاً وأن التصدع بدأ من داخلها، والنخر بدأ من هيكلها، وبالتالي لا مجال للنجاة لأنها على الباطل والزور تقوم.
إن مأزق الجماعة كبير للغاية، ولا يمكنها أن تنظف الدم الذي أسالته، وإن حدث وتبرأت منه - وهذا مستحيل - فلن تنجو من مصير لا بد أنه قادم وحتمي، فكل الأحزاب والجماعات المتشددة والميليشيات المجرمة التي تغالي بأحكامها وتمارس الظلم وتجور على البشر انتهت وعفّ عنها الزمن، وعلى الباغي دارت وتدور وستدور الدوائر، وتلك حكمة الزمان لنا نحن معشر الناس.

خلال الفترة القليلة الماضية تابع كثيرون سلسلة انشقاقات «إخوانية» كانت مصحوبة بكشف بعض المستور من خباياها وأسرارها، كما حدث في مصر والمغرب والسودان وتونس، وهو ما حال في النهاية بين المنتمين لتلك الجماعة وبين استلام زمام الحكم، ولعل الخلافات والصراعات الداخلية فيما بين قياداتها هي التي ستودي بها إلى مصير حتمي، من دون نسيان دور السلطات ومؤسسات المجتمع المدني في تلك الدول، والتي أسهمت وما تزال تسهم في تعرية فكر الجماعة للإطاحة بها.

صحيح أن الجماعة عبر تاريخها شهدت شداً وجذباً، وكانت في كل حادثة تصلح أو ترمم ما أصابها، لكن عندما وصل التصدع إلى بنيتها الأساسية لم يعد الإصلاح نافعاً ولا الترميم، فطفت صراعات قيادييها وأعضائها على السطح، فبات إخفاء التداعيات أمراً مستحيلاً.
من حيث بدأ ذلك التنظيم نشاطه وقع. ويبدو أن ذات المصير يواجهه في أوروبا التي تحالفت اليوم ضده حينما تأكدت أن التنظيم يهدد استقرارها، فوضعته تحت الرقابة الصارمة، حاله في ذلك حال أي تنظيم ميليشياوي مصنف ضمن قائمة الإرهاب أم لم يصنف بعد. 
التحالف الأوروبي الذي تم الإعلان عنه بمنتدى فيينا في الشهر الماضي ضد التنظيم وتغير الموقف الأميركي، هو مؤشر على الوعي بخطورته باعتباره إرهاباً عابراً للحدود، وكل ذلك يدل على أن الغرب عموماً لم يعد يؤمن بما كان «الإخوان المسلمون» يروجون إليه في سنوات خلت، من دفاعهم عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان. إن التنظيم بقياداته يريد إقصاء وإلغاء كل المختلفين عنه، إن لم يكن بكمّ الأفواه فبالدم، وهو ما شهدناه في عدة أحداث مؤسفة وقعت في دول عربية مختلفة.
لكن الأمس لا يشبه اليوم، واليوم لن يكون مثل الغد الذي سيكشف المزيد من سوءاتهم وأسرارهم لكثيرين من المخدوعين، وهذا الكشف سيأتي منهم أنفسهم، والأيام بيننا.

عن "الاتحاد" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية