في تركيا، دشن فلول الإخوان وحلفاؤهم، فصيلاً سياسياً جديداً، لخطب ود الإدارة الأمريكية، ومواصلة الضغوط على مصر، بينما تواصلت الدعاية الإعلامية الكاذبة، والترويج للمشروع الاستعماري التركي في المنطقة، وفي الأردن مازالت الجماعة تحت تأثير صدمة الانتخابات الأخيرة، حيث يواصل حزب جبهة العمل الإسلامي، ذراع الجماعة السياسي، تقديم المبررات، والإحالة على المؤامرة، وفي اليمن، كشفت تصريحات المسؤولين في حزب الإصلاح الإخواني، وكذلك جماعة الحوثي، عن عمق العلاقات التي تربط بينهما، ومدى التواطؤ الإخواني على اليمن ومقدراته، وفي الولايات المتحدة، قدّم معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، نصيحة لقطر، فيما يتعلق بهيكلة علاقة الإمارة الخليجية مع جماعة الإخوان المسلمين.
الإخوان وإعادة تدوير الوجوه القديمة
في محاولة جديدة لإعادة التدوير، بعد أن استنفذت الجماعة كل أوراقها، بدأ الإخوان المسلمون في تركيا، مرحلة جديدة من العمل في التنظيمي، تحت غطاء سياسي أطلقوا عليه "اتحاد القوى الوطنية"، حيث يحاول التنظيم تقديم نفسه للإدارة الأمريكية الجديدة، كتيار مدني واسع، يضم كل قوى المعارضة في الخارج.
الاتحاد الجديد يرأسه أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، والمرشح الرئاسي السابق، وحليف الإخوان الذي اعتاد دوماً العمل من خلال أبواقهم ومنابرهم، وربما لا يختلف الكيان الجديد، الذي وُلد مشوهاً من رحم التنظيم الدولي، عن كيانات أخرى سبق وأعلن عنها الإخوان، وضمت نفس الوجوه القديمة، التي اعتاد أصحابها الفشل، واستجداء الدعم الخارجي.
إعلام الأكاذيب والتلاسن
على صعيد الدعاية التي تبثها قناة "مكملين"، الذراع الإعلامي للجماعة في تركيا، قال الإعلامي الإخواني، محمد ناصر، في برنامجه مصر النهاردة: "إذا كنتم هتحاسبوا صاحب عقار فيصل المحترق، حاسبوا الحي، هاتوا اللواءات أو العقداء الموجودين في الحي وحاكموهم، عمرك سمعت ظابط جيش كان رئيس حي، اتحول للنيابة واتسجن؟".
تداولت منابر الإخوان وصفحاتهم الاجتماعية رسماً لخريطة تظهر مناطق النفوذ التركي المرتقب
ويبدو أنّ ناصر، كعادته، قرر أن يتجاهل قيام النيابة الإدارية بفتح تحقيق واسع، ضم جميع المسؤولين، وأنّ هناك أكثر من واقعة، حوكم فيها رؤساء أحياء، من ذوي الرتب العسكرية، كان آخرها في آب (أغسطس) من العام الماضي، عندما ألقى القبض على رئيس حي مصر القديمة، وهو برتبة لواء، وسبق ذلك، الحكم على سلفه بالسجن المشدد 10 سنوات، وكان أيضاً برتبة لواء، وغير ذلك من القضايا التي شهدت أحكاماً مشددة على عسكريين.
كشف قيادي حوثي عن مشروع تحالف ثلاثي "حوثي- إصلاحي- قبلي" محتمل للسيطرة على اليمن
من جهة أخرى، وفي أعقاب وفاة الشيخ كرم زهدي، رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلاميّة، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من التلاسن بين الإخوان المسلمين، وأنصار الجماعة الإسلاميّة، الذين انتقدوا الجماعة، لعدم إصدار بيان نعي لزهدي، ما دفع قيادات إخوانية هاربة في تركيا، إلى الرد على الانتقادات، بوصف زهدي، بالعميل، وهو الأمر الذي أثار حفيظة كوادر وقيادات محسوبة على الجماعة الإسلاميّة، التي أسرعت بالرد على الإخوان، مؤكدة أنّ تهجم الإخوان ونيلهم من شيخ راحل، موقف ليس غريباً على الجماعة.
من جهة أخرى، تداولت منابر الإخوان وصفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، رسماً لخريطة تظهر مناطق النفوذ التركي المرتقب في العام 2050، وفيها تظهر مصر إلى جانب ليبيا والجزيرة العربية والشام والعراق وما وراء النهر، ضمن السيادة التركية التي يبشر بها الإخوان المسلمون!
الإخوان في الأردن والهاجس الانتخابي
لم ينسَ حزب جبهة العمل الإسلامي، هزيمته الانتخابية الساحقة بعد، فمازال قادة الذراع السياسي للإخوان يبررون خسارتهم؛ بالإحالة على أسباب خارجية، تتعلق تارة بالقانون الانتخابي، وتارة أخرى بمزاعم تزييف إرادة الناخبين، حيث واصل الحزب انتقاد ما وصفه بــــ"العبث والتدخل الرسمي في الانتخابات النيابية، وهندسة نتائجها قبل يوم الاقتراع وخلاله وما بعده"، مدعياً أنّ التجاوزات اشتملت على "التدخل الرسمي في عمليات تشكيل القوائم الانتخابية، وتعرّض العديد من المرشحين للضغوط، لمنع ترشحهم ضمن قوائم الحزب أو غيرها، أو الانسحاب منها لاحقاً، والتجاوازت التي وقعت يوم الاقتراع والصمت الرسمي تجاه تفاقم ظاهرة شراء الأصوات".
وفي سياق الإنكار الإخواني للهزيمة، دعا النائب الإخواني صالح العرموطي، في مذكرة نيابية، رئيس الوزراء إلى مناقشة مشروع قانون الانتخاب، المقدم من كتلة الإصلاح النيابية في المجلس السابق، ويقترح مشروع القانون المقترح، تقليص عدد أعضاء المجلس من 130 الى 80 عضواً، بزعم تخفيف العبء والكلفة، وتفعيل الدور السياسي، وهو ما فسره مراقبون بأنّ الجماعة لم تعد قادرة على تغطية جميع الدوائر الانتخابية، أو خوض المنافسة على عدد المقاعد الموجود حالياً.
تواصلت الدعاية الإعلامية الكاذبة والترويج للمشروع الاستعماري التركي في المنطقة
من جهة أخرى، طالب الناطق باسم الحزب، ثابت عساف، بوقف ما أسماه "التدخلات الأمنية، والتضييق على العمل الحزبي والسياسي في البلاد"، مؤكّداً أنّ "التغول الأمني ازداد في الفترة الأخيرة بشكل كبير"، وهو يقصد الإصلاحات التي طالت نقابة المعلمين، وشروع الجهات الأمنية في تطهيرها من هيمنة الإخوان ونفوذهم، بعد أن لاحقتهم قضايا تتعلق بالفساد المالي والتحريض.
وكان مدعي عام عمان قد قرر في 25 تموز (يوليو) الماضي، "كفّ يد أعضاء مجلس نقابة المعلمين عن العمل، وإحالتهم إلى القضاء، وإغلاق مقرات النقابة لمدة سنتين، على ذمة قضايا جزائية حول تجاوزات مالية، وقرارات اشتملت على إجراءات تحريضية".
تواصل التواطؤ مع الحوثي
في اليمن يواصل حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، تجاوز كل الخطوط الحمراء، حيث كشف محمد البخيتي، القيادي في جماعة الحوثي، عن مشروع تحالف ثلاثي (حوثي - إصلاحي- قبلي) محتمل؛ للسيطرة على اليمن.
كما كشف، أحمد شرف الدين، رئيس الدائرة الاجتماعية في حزب الإصلاح، عن تفاصيل الاتفاق الذي تم بين حزبه وبين زعيم جماعة الحوثي، عبد الملك، الذي وصفه بــ "ابن العم"، عقب سقوط صنعاء بيد الجماعة في أيلول (سبتمبر) من عام 2014، وذلك في لقاء أجرته قناة الهوية الحوثية مع القيادي الإخواني، الذي هاجم التحالف العربي، ووصفه بالعدوان.
نصائح لقطر من معهد واشنطن للسياسات
نصح تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إمارة قطر بإعادة هيكلة علاقاتها بجماعة الإخوان المسلمين، من أجل ضمان علاقات خليجية مستدامة، منوهاً إلى أنّ "دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين وفروعها المختلفة، يعد من الأسباب الرئيسية التى أدّت إلى اندلاع الأزمة بينها وبين كل من السعودية ومصر والإمارات والبحرين". لافتاً إلى أنّه "بعد أن تمكنت هذه الدول الأربع وقطر، أخيراً، من حل هذه الأزمة بصورة دبلوماسية، فإنّ الكيفية التي ستتعامل بها الحكومة القطرية مع الإخوان، قد تعطي مؤشراً على ما إذا كان هذا الحل، سوف يصمد في المستقبل".