استراتيجية حرب البيانات.. هل تفيد حركة النهضة الإخوانية بعد تآكل شعبيتها؟‎

استراتيجية حرب البيانات.. هل تفيد حركة النهضة الإخوانية بعد تآكل شعبيتها؟‎


26/04/2022

على مدار الأيام الماضية، أصدرت حركة النهضة التونسيّة عدة بيانات متلاحقة، وبشكل غير مسبوق، وكذلك خرج زعيمها راشد الغنوشي بعدة تصريحات، وأجرى جملة من الحوارات الصحفيّة مع "رويترز" و"الجزيرة" وغيرهما، في محاولة للتصدي للإجراءت والمراسيم الرئاسيّة، التي تستهدف تقليم أظافر الإخوان، وربما التمهيد لمحاكمتهم.

في 18 نيسان (أبريل) الجاري، أصدرت حركة النهضة الإخوانية بلاغاً صحفياً، بمناسبة استقبال رئيسها راشد الغنوشي، بمقر حركة النهضة بمونبليزير، لأحمد نجيب الشابي، والذي عرض مبادرته لتشكيل جبهة للخلاص الوطني، ونوه بلاغ الحركة إلى أنّ التقارب كان واضحاً بين الطرفين، وأنّه قد تم الاتفاق بينهما على العمل المشترك.

التصدي للمرسوم الرئاسي

وفي يوم الأربعاء، الموافق 20 نيسان (أبريل) الجاري، انعقد المكتب التنفيذي لحركة النهضة، برئاسة راشد الغنوشي، وفي أعقاب الاجتماع، أصدرت الحركة بياناً، حذرت فيه مما وصفته بــ "الأوضاع المالية الكارثية، والأزمة الاقتصادية الخانقة، التي تمر بها البلاد"، وزعمت الحركة أنّ ما يجري سوف "يعرّض الدولة التونسيّة لمخاطر الهزات العنيفة، ويهدّد قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها، ويهز عوامل الثقة فيها لدى المتعاملين المحليين والدوليين".

البيان حاول تملّق الشعب التونسي، وتوظيف أزماته لكسب شعبية لم تعد موجودة؛ حيث تنبّه البيان لما أسماه الأوضاع الاجتماعية السيئة لعموم التونسيين، وتدهور قدرتهم الشرائية وغلاء الأسعار.

حركة النهضة لم تنس في بيانها الهجوم على الرئيس قيس سعيّد

حركة النهضة لم تنس في بيانها الهجوم على الرئيس قيس سعيّد، مستنكرة ما زعمت أنّه "خطابات تقسيم أبناء الشعب الواحد، والتحريض على السلم الأهلي، وإثارة قضايا محسومة بالدستور تتعلق بهوية الشعب وواجبات الدولة من خلال التلويح بالمسّ من الفصل الأول من الدستور". وندّدت بــ "محاولات الرئيس المتكررة، الهيمنة على مرفق القضاء، وتشويهه وتوظيفه؛ لتصفية خصومه ومعارضيه؛ باجبار النيابة العمومية على إثارة التتبع في قضايا جزائية ضد نواب الشعب". بحسب مزاعمها، وتقصد الحركة نواب البرلمان المنحل، المحالين إلى التحقيق القضائي، بسبب عقد جلسة غير شرعية للبرلمان بعد تجميده.

 

خرج زعيم النهضة راشد الغنوشي بعدة تصريحات، وأجرى جملة من الحوارات الصحفيّة مع "رويترز" و"الجزيرة" وغيرهما، في محاولة للتصدى للإجراءت والمراسيم الرئاسيّة، التي تستهدف تقليم أظافر الإخوان، وربما التمهيد لمحاكمتهم

 

وفي أعقاب صدور مرسوم رئاسي، لتشكيل الهيئة العليا للانتخابات، أصدرت حركة النهضة بياناً جديداً، في 22 نيسان (أبريل) الجاري، أعلنت فيه رفضها القاطع للمرسوم، الذي اعتبرته استخفافاً "بالشعب التونسي وثورته، والإمعان في تفكيك الدولة، والاستحواذ على كل السلطات، وتخريب المكاسب الديمقراطية.

تصعيد لهجة الهجوم

الحركة صعّدت من خطابها، وقالت في البيان المذكور إنّ الرئيس وضع البلاد على سكّة الانهيار الاقتصادي والمالي، ويواصل الدّوس على الدستور، كما ادعت الحركة أنّ الإجراءات الاستثنائية، أنهاها القانون رقم 1، الذي صدر عن جلسة مجلس نواب الشعب، يوم 30 آذار (مارس) الماضي، وهي مغالطة فجة، لأنّ البرلمان المجمد وقتها، لم يكن يملك أيّ مسوغات قانونيّة للانعقاد، أو إصدار أيّ قرارات.

واستمراراً لمحاولة التواجد في المشهد السياسي، وفي أعقاب طرد الغنوشي من صلاة التراويح، في أكثر من مناسبة، حرص الغنوشي على الإشراف على حفلي إفطار في مقر الحركة، كما عقد المكتب المركزي لشؤون المناضلين والعدالة الانتقالية بحركة النهضة، لقاءً بالمشرفين الجهويين والمحليين، في المهدية، وصفاقس، والمنستير، وسوسة، يوم السبت 23 نيسان (أبريل) الجاري.

الحركة صعّدت من خطابها

وعلى صعيد التصريحات التي تبرز إصرار حركة النهضة على مواصلة التحدي، أكّد محسن السوداني، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، أنّ المرسوم الرئاسي يهدف إلى "تفكيك منظومة الديمقراطية"، وسخر من الهيئة الجديدة، قائلاً: "يجب تسميتها بهيئة الرئيس سعيد". وأضاف: "الصورة باتت واضحة، اكتملت كل السلطات بيد شخص واحد، تم ضرب الديمقراطية، وقبرت بشكل كامل، لم يبق له إلا وضع الناس في السجون".

القصوري: تصريحات الغنوشي المتتالية أشبه برقصة الديك المذبوح، في محاولة مستميتة؛ لإرباك المسار التصحيحي والاستقواء بالخارج، لقلب المسار ومحاولة استعادة ما فقدته حركة النهضة من نفوذ

من حهته، قال رياض الشعيبي، مستشار الغنوشي، إنّ "البرلمان التونسي سيواصل عمله، رغم قرار حلّه من قبل الرئيس سعيّد". وادعى أنّ "أغلب القوى السياسيّة، والكتل البرلمانية، رفضت القرار التعسفي بحل البرلمان، واعتبرت ذلك استكمالاً لفصول الانقلاب على التجربة الديمقراطية، لذلك لم تعترف بهذا القرار".

بدوره، قال راشد الغنوشي في حوار مع "الجزيرة نت"، إنّ الرئيس سعيّد، دقّ آخر مسمار في نعش الديمقراطية التونسيّة، عندما حلّ هيئة الانتخابات، معبراً عن رفضه القاطع للمرسوم الرئاسي، زاعماً أنّ "حلّ هيئة الانتخابات، حلقة من حلقات رئيس الدولة؛ لخنق المشروع الديمقراطي والإجهاز عليه"، وأنّ سعيّد بدأ خطواته تلك بحل البرلمان والحكومة، ثم انطلق في تفكيك الهيئات الدستورية، "ووصل الآن لدق آخر مسمار في نعش الديمقراطية، من خلال حل هيئة الانتخابات".

تجاوزات هيئة الانتخابات المنحلّة

جدير بالذكر أنّ هيئة الانتخابات التي حلّها الرئيس قيس سعيّد، طالتها اتهامات بعدم الحياد، والمحسوبية لجهات بعينها، كم سبق للهيئة وتجاهلت الخروقات الانتخابية، والتمويل المشبوه للأحزاب، وخاصّة حركة النهضة، كما أنّ الهيئة التي يرأسها نبيل بفون، فقدت شرعيتها القانونيّة، بحل البرلمان الذي انتخبها بأغلبية الثلثين.

حازم القصوري: حرب البيانات والتصريحات المتتالية، ما هي سوى محاولة للإفلات من العقاب

المحامي والناشط السياسي التونسي، حازم القصوري، خصّ "حفريات" بتصريحات، قال فيها إنّ تصريحات الإخوان ومزاعمهم الكاذبة بشأن مرسوم تصحيح هيئة الانتخابات متوقعة، ذلك أنّ الهيئة التي جرى حلّها كانت تسير في ركاب حركة النهضة، طيلة العشرية السوداء، وهم اليوم يبكون حكماً ضائعاً، ولفت إلى أنّ حرب البيانات والتصريحات المتتالية، ما هي سوى محاولة للإفلات من العقاب، وكذلك تأتي تعبيراً عن الغضب من حل هيئة نبيل بفون، التي راهنت عليها حركة النهضة، حيث تجاوزت الهيئة المنحلة عن كلّ التجاوزات الانتخابيّة التي اقترفها الإخوان، كتصويت الموتى، والتزوير الفج، وتجاوز سقف الدعاية، وشراء الأصوات، والتمويل الخارجي.

القصوري وصف تصريحات الغنوشي المتتالية، بأنّها "أشبه برقصة الديك المذبوح"، في محاولة مستميتة؛ لإرباك المسار التصحيحي، والاستقواء بالخارج، لقلب المسار، ومحاولة استعادة ما فقدته حركة النهضة من نفوذ، لكنّ عقارب الساعة، بحسب القصوري، لن تعود أبداً للوراء، بعد أن أدرك الشعب الجرائم التي ارتكبت في حقه، وأصبحت هناك إرادة قوية ونافذة للإصلاح وتصحيح المسار، والتخلص من كل مواطن الفساد، وعلى رأسها الهيئة المستقلة للانتخابات، التي أصدر الرئيس قراراً بحلها.

مواضيع ذات صلة:

هل تنجح حركة النهضة في كسر طوق الحصار؟

تونس: هل تفضي الاتهامات الموجهة لحركة النهضة الإخوانية إلى حلّها؟

الجهاز السري لحركة النهضة يكشف أقنعة "الإرهاب الإخواني" في تونس



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية