احتجاجات ضد النفاق الغربي: لا تموّلوا الرصاص الذي يخترق قلوب الإيرانيين

احتجاجات ضد النفاق الغربي: لا تموّلوا الرصاص الذي يخترق قلوب الإيرانيين

احتجاجات ضد النفاق الغربي: لا تموّلوا الرصاص الذي يخترق قلوب الإيرانيين


06/10/2022

في ظل التداعيات المستمرة بإيران بعد مقتل الفتاة الكردية الإيرانية، مهسا أميني، وتصاعد الاحتجاجات في سائر الأقاليم والمدن الإيرانية تقريباً، فإنّ الوضع السياسي والأمني يواجه تحديات جمّة، بحسب مراقبين تحدثوا لـ"حفريات"، وذلك على خلفية "تفشي التظاهرات بهذا الحجم في توقيت له حساسيته".

الأزمة التي يقع تحت وطأتها النظام في طهران تتلخص في كونها نجمت عن "تورط أفراد الشرطة في حادث قتل نتيجة ممارساتهم العداونية ضد النساء بسبب الحجاب السيئ. وهذا ملف مأزوم وملتبس، سياسياً ومجتمعياً". وتعد قضية الحجاب الإلزامي بإيران من بين القضايا التي تتباين حولها الآراء والمواقف السياسية والدينية والمجتمعية.

تفريغ الغضب

وثمّة أطراف عديدة داخل النظام، ومن خارج التيار الولائي، ترفض فرض الحجاب قسراً على المرأة. كما أنّ تشدد الشرطة المتمثل في الاعتداءات المتكررة ضد النساء، في فترات زمنية متقاربة، قد نجم عنه حدوث خرق في الحاضنة المؤيدة للنظام، وانتقالها إلى صفوف المعارضين، بهدف إدانة سلوك "شرطة الأخلاق".

تم الكشف، مؤخراً، عن هوية العناصر المتورطة في مقتل أميني، من جانب مجموعة من القراصنة، وقد انفرد موقع "إيران انترناشيونال"، ومقره لندن، بمعلومات عن أفراد دورية شرطة الأخلاق الذين قاموا باعتقال الفتاة الكردية الإيرانية، ثم ضربها على رأسها، وهم النقيب عناية الله رفيعي، والرقيب أول علي خوشنام وند، بالإضافة إلى الشرطية التي قامت بتوقيف الفتاة العشرينية، برستو صفري، وفاطمة قربان حسيني، والأخيرة يصفها الموقع بأنّها "عميلة أخرى لهذا الفريق الذي اعتقل مهسا أميني".

الباحث مصطفى صلاح: هناك مواقف غربية ضعيفة ومتهاونة

ووفق المعارض الإيراني، مهيم سرخوس، فإنّ النظام الإيراني سوف يعمد إلى استثمار هذه المعلومات بهدف تصفية حالة التعبئة المجتمعية والشحن السياسي ضده، موضحاً لـ"حفريات" أنّ هناك أصواتاً من داخل النظام تتجه عن قصد إلى مهاجمة الشرطة الإيرانية بهدف "التشويش على التظاهرات، ومنع الاستجابة لدعواتها الاحتجاجية في مناطق جديدة، أو داخل مكونات اجتماعية وفئات أوسع". ويردف: "صرح قيادي سابق بالحرس الثوري بأنّ أفراد شرطة الأخلاق اعتدوا على الفتاة بالضرب الذي أفضى إلى موتها، كما أنّ جلسة البرلمان الإيراني المغلقة شهدت هجوماً حاداً وعنيفاً على شرطة الأخلاق في ظل حضور وزير الداخلية، وهذا أمر له مبرره بعدما طاولت الاحتجاجات رموز النظام، مثل الإمام الخميني والمرشد الإيراني، ومن ثم، هتف النواب لصالح خامنئي في نفس اللحظة التي رددوا فيها شعارات ضد خروقات الأمن".

أعمال شغب!

وشدد رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قالبيقاف، على ضرورة "تعديل هياكل وطريقة عمل شرطة الأخلاق، بشكل يمنع تكرار مثل هذه الحوادث". وقال قالبيقاف: "سأتابع هذا الأمر ضمن اختصاصي القضائي، وآمل أن يتم اتخاذ قرارات حكيمة وفعالة بالتنسيق مع المسؤولين المعنيين".

وفي المقابل، اتهم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الولايات المتحدة وإسرائيل بأنّهما تقفان وراء التظاهرات، وذلك بعد ظهوره الأول منذ اندلاع الاحتجاجات، وقال خامنئي الاثنين الماضي: "أقول بوضوح إنّ أعمال الشغب هذه والاضطرابات تم التخطيط لها" من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل "ومأجوريهم وبعض الإيرانيين الخائنين في الخارج ساعدوهما".

الأزمة التي يقع تحت وطأتها النظام في طهران تتلخص في كونها نجمت عن تورط أفراد الشرطة في حادث قتل نتيجة ممارساتهم العداونية ضد النساء بسبب الحجاب السيئ

ويلفت المعارض الإيراني إلى أنّ النظام يسمح بالنقد من داخله، وتمرير بعض الأصوات الإصلاحية أو المعارضة لتفادي "موجة احتجاج قوية تهز قواعده"، وبخاصة في "هذا التوقيت الدقيق والحساس الذي يتطلع فيه الإيرانيون إلى الانتهاء من الاتفاق النووي، ورفع العقوبات التي من شأنها تحقيق انفراجة اقتصادية وسياسية للنظام الذي يعيش عزلة دولية، كما يعاني من أزمات فئوية داخل قطاعات اقتصادية عديدة"، مشدداً على أنّ النظام "لم يكن في حسبانه توترات بهذه الدرجة"، مما يجعل وضعه المأزوم أكثر صعوبة.

يتفق والرأي ذاته، الباحث المصري في العلوم السياسية الدكتور مصطفى صلاح، لكنه ألمح إلى وجود مواقف غربية تبدو "ضعيفة ومتهاونة" إزاء القمع العنيف و"الممنهج" الذي يتعرض له المحتجون بإيران، كما هو الحال مع فرنسا، وقد تفادى الرئيس إيمانويل ماكرون توجيه أيّ نقد للرئيس الإيراني في نيويورك أثناء حضورهما جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيراً في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ "الموقف الأمريكي، حتى الآن، يبدو بطيئاً والحديث عن عقوبات جاء متأخراً، في ظل أعداد القتلى التي تتزداد وتجاوزت المائة، بحسب تقديرات الجهات الحقوقية، المحلية والأجنبية، بما يعني أنّ في الكواليس ملفات أخرى يجري التفاوض عليها".

فرصة جيدة للملالي.. ما هي؟

وبالتزامن مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات المتواصلة على مدار ثلاثة أسابيع، قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إنّ الولايات المتحدة، سوف تفرض عقوبات على المسؤولين المتورطين في العنف ضد المتظاهرين السلميين بإيران، بينما شدد على أنّ واشنطن ستقدم الحلول الممكنة كافة لتسهيل وصول المحتجين لشبكات ومواقع الإنترنت بعدما جرى تخفيض نطاقها الترددي، وكذا حجب منصات التواصل الاجتماعي.

رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قالبيقاف

وأبدى البيت الأبيض "قلقه" بخصوص التعامل الأمني الوحشي مع التظاهرات، بينما أوضحت الناطقة بلسان البيت الأبيض، كارين جين بيير، أنّ البيت الأبيض يندد بقمع قوات الأمن الإيرانية للمحتجين السلميين. وتابعت: "نحن قلقون ومنزعجون من التقارير عن رد السلطات الأمنية على الاحتجاجات السلمية لطلبة الجامعة بالعنف والاعتقالات الجماعية".

وأكدت جين بيير أنّ الطلبة "يحق لهم الرد على طريقة تعامل الحكومة مع النساء والفتيات والحملة الأمنية العنيفة المتواصلة ضد التظاهرات السلمية".

وبالعودة إلى الباحث المصري في العلوم السياسية، أوضح أنّه من اللافت في خضم هذه الأحداث الاحتجاجية بإيران اتفاق طهران وواشنطن على تبادل أربعة سجناء؛ إذ إنّ "المقايضة" بملف مزدوجي الجنسية تبدو "فرصة جيدة لملالي طهران لتخفيف الضغوط عليها".

وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أنّ طهران تتوقع الإفراج عن أرصدة مالية لصالحها تصل قيمتها إلى نحو سبعة مليارات دولار، مجمدة في كوريا الجنوبية بفعل العقوبات الأمريكية على إيران.

الباحث المصري في العلوم السياسية مصطفى صلاح لـ"حفريات": الموقف الأمريكي، يبدو بطيئاً والحديث عن عقوبات جاء متأخراً، في ظل أعداد القتلى التي تتزداد وتجاوزت المائة

وقالت وكالة "نور نيوز" الإيرانية إنه قد "تم التفاهم على تبادل أربعة سجناء في إيران مع أربعة سجناء في الولايات المتحدة"، من دون ذكر أي تفاصيل إضافية.

غير أنّ وزارة الخارجية الأمريكية نفت وجود ثمة ارتباط بين اتفاق تبادل السجناء والإفراج عن الأموال المجمدة. بينما قال ناطق بلسان الخارجية الأمريكية: "باقر نمازي احتجز ظلماً في إيران ثم لم يُسمح له بمغادرة البلاد بعد أن قضى عقوبته رغم مطالبته المتكررة برعاية طبية عاجلة"، موضحاً في بيان: "نعلم أنّ رفع الحظر عن سفره والإفراج عن ابنه مرتبطان بمتطلبات (وضعه) الطبي".

وإلى ذلك، غرد نجل شاه إيران السابق رضا بهلوي على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "سيادة الرئيس بايدن! ما زلت لم تساعد شعبنا، على الأقل لا تموّل الرصاص الذي يخترق قلوب أبنائه".

وتابع بهلوي: "نطلب من أمريكا والدول الغربية الأخرى تجاوز الدعم المعنوي للشعب الإيراني. بما أنّ العمال الإيرانيين ينظمون إضراباً للاحتجاج على النظام وإيقافه، يمكن للغرب دعم أسر هؤلاء العمال من خلال إنشاء صناديق الإضراب".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية