اتفاق الهجرة.. ماذا جنت تركيا وماذا كسب الأوروبيون؟

اتفاق الهجرة.. ماذا جنت تركيا وماذا كسب الأوروبيون؟


18/03/2021

بحلول اليوم الخميس يكون قد مرّ على الاتفاق الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي مع تركيا لكبح الهجرة من أراضيها وسواحلها وقبول أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري، يكون قد مر على الاتفاق المثير للجدل نحو خمس سنوات بينما لايزال محل شدّ وشذب بين أنقرة وبروكسل، فيما يوظف كل طرف الاتفاقية لخدمة مصالحه.

ولم يكن القبول التركي بالاتفاق مجانا، فثمة مكاسب سياسية ومالية سعت أنقرة لانتزاعها من التكتل الأوروبي الذي يتوجس من طوفان من اللاجئين والمهاجرين في وقت شكل فيه ملف الهجرة عامل انقسام بين دوله خاصة الشرقية منها التي ترفض وتندد بشدة بحصص توزيع اللاجئين وبالعبء المالي والأمني لهذا الملف.    

وبعد خمسة أعوام من الاتفاق، تقلّصت أعداد الواصلين للاتحاد بشكل كبير، لكن يتبادل الطرفان الاتهام بعدم احترام الالتزامات الواردة في الاتفاق، كما يرغب الأتراك في مراجعته.

وذلك الإعلان الذي وقع بعد "أزمة الهجرة" في 2015 حين تدفق 1.2 مليون شخص إلى أوروبا معظمهم هربا من الحرب السورية، ينص على إعادة "مهاجرين غير قانونيين" من الجزر اليونانية إلى تركيا.

وفي إطار هذا الاتفاق الذي نددت به منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، تعهد الأوروبيون في المقابل "بإعادة توطين" سوريين بقوا في مخيمات اللاجئين في تركيا، في الاتحاد الأوروبي ودفع شريحتين من ثلاثة مليارات يورو لمساعدة تركيا على استقبال اللاجئين.

وكانت بروكسل قد أعلنت قبل أشهر قليلة أنها سددت لتركيا قسطا كبيرا من أصل 6 ملايين يورو كالتزام مالي على أن تخصص تلك الأموال لتحسين ودعم وضع اللاجئين على الأراضي التركية.

وكان يفترض أيضا أن يسرع الاتحاد الأوروبي عملية إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرات الدخول بشرط وفاء أنقرة بعدد من المعايير، تلك المتعلقة بالانضمام إلى الاتحاد وكذلك المحادثات حول توسيع الاتحاد الجمركي. وهذه المسائل لا تزال حاليا في طريق مسدود.

وفي الوقت الذي كان الشركاء الأوروبيون ينتظرون فيه من تركيا تحسين وضع حقوق الإنسان، زادت وتيرة القمع واعتقال المعارضين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وارتفعت وتيرة المحاكمات الانتقامية وبرزت موجة من التهم الكيدية اعتمدتها أجهزة أردوغان لتضييق الخناق على خصومه والزج بهم في السجون.

وسجلت تركيا أسوأ حملة قمع على الإطلاق منذ محاولة الانقلاب الفاشل في يوليو 2016 أي بعد نحو أربعة أشهر من توقيع اتفاق الهجرة مع الاتحاد الأوروبي، حيث اعتقلت السلطات التركية الآلاف من مختلف القطاعات بذريعة الانتماء لشبكة فتح الله غولن الذي تتهمه بتدبير المحاولة الانقلابية.

كما تم طرد الآلاف من وظائفهم واستغل أردوغان تلك الحادثة لتصفية كثير من المعارضين سياسيا من بينهم قادة ونواب في حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد.

وتسببت سياساته في أسوأ توتر مع الاتحاد الأوروبي، فما أن تهدأ أزمة حتى يفجر أخرى لمجرد انتقاد دول أوروبية لحملة القمع وانتهاك حقوق الإنسان وانتهاك حرية التعبير.

وتم التعهد وفق الاتفاق، بدفع ستة مليارات يورو صرفت منها 4.1 مليارات حتى الآن بحسب المفوضية الأوروبية التي دعمت أكثر من 100 مشروع لتزويد اللاجئين بالاحتياجات الأولية والرعاية الصحية والتعليم.

وبحسب بروكسل، من المتوقع أن تتواصل المدفوعات لمعظم المشاريع حتى 2022 و 2023. وفي عام 2020، خصص الاتحاد الأوروبي 535 مليون يورو إضافية لمساعدة اللاجئين في هذا البلد.

من جهتها تؤكد أنقرة أنها صرفت "3.6 مليارات يورو فقط للسوريين" مشيرة إلى أنها تستقبل على أراضيها 3.7 ملايين سوري.

وتراجع عدد المهاجرين الوافدين إلى اليونان بشكل كبير، حيث انخفض عدد الذين يعبرون بحر ايجه من 856 ألفا في 2015 إلى 173 ألفا في السنة التالية و30 ألفا في 2017. ولم يبلغ بالكاد 10 آلاف في 2020 لكن ذلك يفسر إلى حد كبير بسبب تأثير جائحة كوفيد.

وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن هذا الاتفاق "واجه انتقادات شديدة لكنه أعطى نتائج ملموسة" مشيرا إلى "انخفاض كبير في الخسائر في الأرواح وتراجع العبور بشكل غير قانوني وتحسن وضع اللاجئين والمهاجرين في تركيا"، مضيفا "الأرقام موجودة".

ومنذ العام 2016، استعادت أنقرة 2140 مهاجرا من الجزر اليونانية في حين تم توطين 28621 لاجئا سوريا من تركيا في الاتحاد الأوروبي.

ويأخذ الاتحاد الأوروبي على أنقرة توقفها عن إعادة مهاجرين غير قانونيين من الجزر اليونانية منذ بداية الوباء.

وقالت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون في الآونة الأخيرة "نتوقع من تركيا أن تؤدي قسطها، خصوصا مكافحة مهربي البشر وأن تستأنف إعادة المهاجرين من الجزر اليونانية".

وأضافت أنه بعد توقف، استأنف الاتحاد الأوروبي في اغسطس 2020 استقبال لاجئين من الذين بقوا في تركيا، موضحة أنه "تم توطين 2500 إلى 3000 منذ العام الماضي".

وقال نائب وزير الخارجية التركي المكلف بالشؤون الأوروبية فاروق قايماقجي "نحن لا نستعيد المهاجرين لأن الاتحاد الأوروبي لا يفي بالتزاماته الواردة في الاتفاق".

وطالب خصوصا الاتحاد بالتعاون مع تركيا في شمال سوريا لإفساح المجال أمام عودة اللاجئين إلى هناك، لكن أيضا بمساعدة مالية إضافية لتقديم الرعاية لنصف مليون لاجئ من جنسيات أخرى متواجدين على الأراضي التركية.

ويرغب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي هدد في الماضي عدة مرات بإلغاء الاتفاق للضغط على الاتحاد الأوروبي، في تجديده وتوسيع نطاقه، فيما تطالب تركيا بآفاق للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي واستئناف المفاوضات حول الاتحاد الجمركي وتحرير تأشيرات الدخول.

وقال بوريل إن "الإعلان (2016) يبقى ساريا ويجب مواصلة تطبيقه". أما بخصوص المستقبل فأوضح "هذا سيكون جزءا من محادثاتنا، بيننا، الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي وفي وقت لاحق مع تركيا للسعي إلى تجديد هذا الالتزام المشترك".

وستكون العلاقات مع تركيا على جدول أعمال القمة المقبلة للاتحاد الأوروبي في 25 و26 مارس.

عن "أحوال" تركية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية