اتفاق النفط بين العراق ولبنان.. صفقة غامضة مثيرة للشكوك

اتفاق النفط بين العراق ولبنان.. صفقة غامضة مثيرة للشكوك


13/06/2021

ما زال السواد يلف المشهد اللبناني بشكلٍ عام وأزمة الكهرباء والطاقة بشكل خاص، رغم الأمل الآتي من بغداد بعد قرار الحكومة العراقية بزيادة كمية النفط المخصصة لصالح كهرباء لبنان إلى مليون طن بدلاً من 500 ألف طن، مقابل تقديم لبنان خدمات طبية واستشفائية للعراق دون أن يُقدّم أي من الجانبين معلومات أكثر حول الاتفاق.

وشكر الرئيس اللبناني ميشال عون المسؤولين في العراق على قرار مضاعفة كمية النفط الخام المخصصة لبلاده، عبر تغريدة نشرها الحساب الرسمي للرئاسة اللبنانية على موقع "تويتر"، وجاء فيها: "الرئيس عون أبرق إلى كل من الرئيس العراقي ورئيس الوزراء شاكراً لهما قرار الحكومة بمضاعفة كمية النفط التي أقرتها للبنان من 500 ألف طن إلى مليون طن سنوياً".

وقبل شهرين، أعلنت حكومتي العراق ولبنان توصلها إلى اتفاق تبادل يقضي بتقديم العراق الوقود للبنان، وبحسب ما ذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية حينها، يشمل الاتفاق "التعاون في مجال إدارة المستشفيات"، يشارك فيه خبراء لبنانيون وفرق طبية متخصصة ستساهم في إدارة مؤسسات جديدة ومدن طبيّة في العراق، الذي يُعاني أيضاً من أزمة متفاقمة في قطاعه الصحي.

أعلنت حكومتا العراق ولبنان توصلهما إلى اتفاق تبادل يقضي بتقديم العراق الوقود للبنان، حيث يشمل الاتفاق "التعاون في مجال إدارة المستشفيات"

ويُعاني لبنان من أزمة محروقات بسبب عدم فتح الاعتمادات بالدولار من قبل مصرف لبنان لكي يتم استيراد النفط، ما أدى إلى تراجع التغذية بالكهرباء بنسبة تصل إلى 80 بالمئة على الأراضي اللبنانية كافة بما فيها العاصمة بيروت، ويقف اللبنانيون لساعات في انتظار أن يزودوا مركباتهم بالقليل من الوقود، وتتجه المحطات إلى الإقفال قريباً بعد أن وصل المخزون إلى أدنى مستوياته. 

الغموض سيد الموقف

ورغم تصريحات المسؤولين العراقيين واللبنانيين المُبشرة، إلّا أنّ المشهد يسوده نوع من الغموض، ولم يفصح الجانب اللبناني إلى الآن عن تفاصيله، مع أنّه أبرم منذ أكثر من شهرين. 

ورداً على استفسارات موقع "الحرة"، قالت وزارة الطاقة اللبنانية إنّ الاتفاق لم يُنجز بعد وهناك تفاصيل مالية لها علاقة بمصرف لبنان لم تُحل بعد، وفيما يتعلق ببنود الاتفاق الأخرى، قالت الوزارة إن "المفاوضات لا تزال جارية"، من دون الإدلاء بمعلومات أخرى عن الموضوع. 

رغم تصريحات المسؤولين العراقيين واللبنانيين المُبشرة، إلّا أنّ المشهد يسوده نوع من الغموض، ولم يفصح الجانب اللبناني إلى الآن عن تفاصيله، مع أنّه أبرم منذ أكثر من شهرين

ورغم أنّ وزارة الطاقة اللبنانية ليس لديها معلومات وتقول إنّ الاتفاق لم يحصل، كان لافتاً حديث مدير الأمن العام اللبناني عباس إبراهيم في حديث للقناة العراقية الإخبارية أنّ الاتفاق مُنجز بين وزارتي النفط في كل من العراق ولبنان وأنّ الاستيراد سيبدأ في غضون 10 أيام، وهو الأمر الذي نفته مصادر عراقية مطلعة على المفاوضات.

وكان وزير الطاقة اللبناني قد أعلن قبل مدة أنّه سينشر بنود الاتفاق، إلّا أنّ ذلك لم يحصل، ولا يزال التكتم يحيط بكل ما له علاقة بهذا الأمر. 

تلكؤ لبناني

ويبدو أنّ الحكومة العراقية أنجزت من جهتها كُل المطلوب منها، ولا تزال في انتظار الجانب اللبناني كي يوقع على الاتفاق ولكن دون نتيجة، بالرغم من برقيات الشكر التي أمطرتها القيادات اللبنانية للجانب العراقي من رئيس الجمهورية إلى رئيسي مجلس النواب والحكومة. 

وقد أرسلت الحكومة العراقية موفداً ليحصل على العقد موقعاً، بعد تأخّر إرساله من الجانب اللبناني، ولكنّ الموفد استقرّ في بيروت فترة ينتظر رد الحكومة اللبنانية الذي لم يأت، فعاد خالي الوفاض، ما يثير الكثير من الأسئلة حول ما يحصل وحول هذا التأخّر المريب في المضي بالاتفاق، رغم حاجة لبنان الماسة للوقود هذه الأيام.

يرى خبراء في النفط أنّ "الفيول العراقي" غير قابل للاستعمال في لبنان، ولا يمكن الاستفادة منه في معامل توليد الطاقة اللبنانية

وتقول مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الخبيرة في سياسات النفط، لوري هياتيان، لموقع "الحرة": "إلى الآن لم ينشروا أي شيء ونحن لا نعلم عن الاتفاق شيئاً، ونحن نعلم في لبنان كيف تُركَب السمسرات والطبخات فواجب الوزارة أن تعلن عن الاتفاق وبنوده بكامل تفاصيله من دون الدخول بمتاهات البنود السرية".

هل يتناسب النفط العراقي مع احتياجات لبنان؟

ويرى خبراء في النفط أنّ "الفيول العراقي" غير قابل للاستعمال في لبنان، ولا يمكن الاستفادة منه في معامل توليد الطاقة اللبنانية، إلّا من خلال عملية مقايضة بين لبنان وشركة أو مؤسسة بترولية عالمية، تكون قادرة على أخذ الكمية العراقية، مقابل تزويد لبنان بـ "الفيول أويل" بحسب المواصفات اللبنانية.  

وتكمن مشكلة الوقود العراقي، وفق الخبيرة اللبنانية، بأنّه يحتوي على مادة الكبريت بنسبة 4 بالمئة وما يستخدم في لبنان يجب أن يحتوي على 1 بالمئة.

وأضافت هياتيان: "أمّا إذا كان المستورد نفطاً خاماً فلا يمكننا الاستفادة منه بشكل فعّال، حيث يستوجب البحث في الطريقة التي سيعمد فيها لبنان إلى تكريره، فمصافي النفط في لبنان معطلة، ما يستوجب تأمين طريقة لتكريره خارج لبنان، إما في العراق أو عبر طرف ثالث".

تساءل العديد من الخبراء والمراقبين عن قدرة لبنان على تأمين الخدمات الطبية للعراق سيما وأنّ لبنان أيضاً يعاني من أزمة كبيرة في القطاع الصحي

وهنا يدور الحديث عن طرف ثالث قد يكون دولة أو شركة تأخذ النفط العراقي لتكريره بما يتناسب مع احتياجات لبنان، وأشارت بعض التقارير الصحفية إلى أنّ هذا الطرف الثالث قد يكون شركة كردية، وسط تساؤلات عن حصة هذا الطرف من الصفقة، فهناك تكتم شديد على هذا الموضوع، وفق ما أورد موقع "سكاي نيوز".

هل يستطيع لبنان الوفاء بالتزاماته للعراق؟

وتساءل العديد من الخبراء والمراقبين، عن قدرة لبنان على تأمين الخدمات الطبية للعراق، سيما وأنّ لبنان أيضاً يعاني من أزمة كبيرة في القطاع الصحي ونقص في الأدوية والأسرّة المخصصة للمرضى.

ويرزح لبنان تحت ضغط أزمة اقتصادية خانقة، أدت إلى شبه انهيار في القطاع الصحي، مع انقطاع الدواء والمعدات الطبية والاستشفائية بسبب نقص الدولار وانهيار العملة، فضلاً عن هجرة الكادر الطبي بحثاً عن فرص عمل في الخارج لا سيما في دول الخليج العربي وأوروبا والولايات المتحدة. 

ويُقدّر عدد الأطباء الذين هاجروا فعلاً بحوالي 4 آلاف من أصل 15 ألفاً يُمارسون المهنة، وهو الرقم الذي أكّدته نقابة الأطباء نهاية عام 2020، وبالتالي من المؤكد أنّه ارتفع أكثر منذ ذلك الحين.

الجدير بالذكر أنّ مخاوف كانت قد أثيرت حول استفادة كل من حزب الله والنظام السوري من هذه الصفقة، على اعتبار أنّ نقل المواد النفطية سيتم عبر الأراضي السورية بسبب التكلفة المرتفعة لعملية نقله بحراً.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية