إمارات العطاء.. حتى في أحزانها

يوسف مبارك

صاحب خبر وفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رحمه الله خبر التزام دولة الإمارات بدفع 60 مليون دولار لدعم الجهود الدولية لمكافحة جائحة كورونا، في تزامن مشرف لمسيرة عطاء خليجية وعربية ودولية لا تعطلها الجراح.

تزامُن إعلان كرم السياسة الخارجية والالتزام الانساني في هذا الظرف يذكرني بأبيات لحاتم الطائي:

إذا مات منا سيدٌ قام بعدَهُ
نظيرٌ له يُغني غِناهُ ويخْلفُ

هذه مقدمة واجبة أعزي فيها نفسي والجميع في رحيل "بو سلطان" أسكنه الباري عز وجل الجنة، وأستبشر فيها مع محبي الإمارات بمن يخلفه، بعون الله وتوفيقه.

والواقع أن العمل الإنساني لدى دول أخرى ومنها دول كبرى مشروط بأثمان سياسية واقتصادية، فيها من الابتزاز المبطن الآيل للصراحة ما ينتفي معه العرفان بالفضل عند تكشّف الدوافع، ولذلك يبطل مفعول القوة الناعمة عند محك العمل الخيري. لكن حال الإمارات ومعها دول الخليج العربي في هذا الزمن يؤكده شاعرنا آنف الذكر:

وَإِنّي لَأَخزى أَن تُرى بِيَ بِطنَةٌ
وَجاراتُ بَيتي طاوِياتٌ وَنُحَّفُ

ولعل الصدقات السياسية، وإن كانت نصاباً للدولة ضمن جهد أممي، تبيّن لأطراف مغرضة أنه، حتى في الظروف العالمية المعقدة سياسياً واقتصادياً وصحياً ومناخياً، تحافظ دول من هذه المنطقة المباركة على إنسانيتها وتنفق بسخاء لمداراة إنسانية الآخرين، بلا منّة أو ابتزاز، ويقول شاعرنا:

سَآبى وَتَأبى بي أُصولٌ كَريمَةٌ
وَآباءُ صِدقٍ بِالمَوَدَّةِ شُرِّفوا

صنف موقع statista الإحصائي الإمارات في المرتبة العاشرة لأكثر الدول عطاءً في مجال التبرعات الإنسانية لسنة 2021، بإجمالي تبرعات قدرها بحوالي 252 مليون دولار أمريكي، ومعها في ذات التصنيف السعودية خادمة الحرمين في المرتبة الثامنة بحوالي 378 مليوناً، بصفتهما الدولتين العربيتين الوحيدتين بهذا القدر من السخاء، في بحر من الدول الصناعية التي تفتح عطاياها حصرياً أسواق الدول المتلقية للمساعدات أمام بضائعها وشركاتها، أو بفائدة إضافية تغسل سمعة تعديات سياساتها الخارجية على الآخرين، وتعطى المنح الخارجية فيها على حساب محتاجي الداخل في معظم الأحيان.

هذا تأبين واحتفاء في آن، رحيل قائد خيّر، لن يكون في خلافته إلا قائد خيّر، في خضم عمل خير مستمر على الصعيد العالمي، وعمل أفضل على الصعيد الوطني، والحمدلله على كل حال.

عن "سكاي نيوز عربية"