إسلامي.. يساري.. يميني: كل شيء عن التطرف في السويد

إسلامي.. يساري.. يميني: كل شيء عن التطرف في السويد

إسلامي.. يساري.. يميني: كل شيء عن التطرف في السويد


02/10/2023

تناول المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في دراسة له واقع التطرف العنيف في السويد، من حيث مدى انتشار البيئة الإسلاموية العنيفة، والإيديولوجيات اليمينية المتطرفة، والتطرف اليساري العنيف.

 وضمت الدراسة التي نشرت عبر الموقع الإلكتروني للمركز عدة محاور؛ أهمها تداعيات حرق القرآن الكريم، وتخادم اليمين المتطرف مع الإسلام السياسي، والتطرف الإسلاموي العنيف في السويد، خاصة أنّ الدولة الأوروبية تواجه وضعاً أمنياً متدهوراً مع تزايد التهديد بهجمات الإرهابيين والمتطرفين العنيفين.

 ووفقاً للدراسة، فإنّه يتوجب على السويد اتخاذ تدابير إضافية، ليس أقلها الجهود الرامية إلى منع التطرف، لهذا سيتم تكليف المجلس الوطني السويدي لمنع الجريمة بتعزيز التعاون بين الوكالات الحكومية والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة لمنع التطرف.

 وأكد المركز أنّ الاتجاه الإيديولوجي السائد والمهيمن داخل بيئة التطرف الإسلاموي العنيف في السويد اتسم منذ العقد الأول من القرن الـ (21) بالسلفية الجهادية، التي تتمثل بشكل أساسي في التنظيمين الإرهابيين (القاعدة وداعش)، ويمكن وصف البيئة بأنّها جزء لا يتجزأ من حركة عابرة للحدود الوطنية، تقوم على مزيج من المفاهيم والمعتقدات الإيديولوجية الدينية والسياسية، ويشكّل الإسلام جوهر الإيديولوجية السياسية، وتستخدم العنف لتحقيق أهدافها.

 وعن التطور في البيئة الإسلاموية العنيفة في السويد، أكدت الدراسة أنّه تم إنشاء وتطوير شبكات لها صلات بالحركة الإسلاموية العنيفة العالمية في السويد منذ بداية التسعينيات، خاصةً مع القاعدة وشبكات مختلفة في أوروبا.

 منذ ذلك الحين، شارك الأفراد بدرجات متفاوتة في دعم الفاعلين الإسلاميين العنيفين دوليّاً.  وقد سافر العديد من الأفراد من السويد إلى مناطق النزاع مثل البوسنة والشيشان والصومال، ولاحقاً إلى أفغانستان والعراق واليمن وسوريا، للقتال في صفوف الجماعات الإسلامية العنيفة، كما شاركت المجموعات والشبكات داخل البيئة الإسلامية العنيفة في السويد بأنواع مختلفة من الأنشطة، مثل التمويل واللوجستيات المرتبطة بالإرهاب.

 يتوجب على السويد اتخاذ تدابير إضافية

 وأضافت الدرسة أنّه بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) في أمريكا، كثفت أجهزة الأمن الاستخبارية السويدية من رصدها للتطرف الإسلاموي العنيف في السويد، ممّا أدى إلى تحديد المزيد من الأتباع والمتعاطفين.

 وترى أجهزة الأمن أنّ هذه  الهجمات الإرهابية أثرت على تطور التيارات المعادية للمسلمين في السويد، وكان لها تأثير استقطابي في المجتمع، ممّا ساهم بدوره في زيادة التطرف وزيادة جاذبية الإيديولوجية الإسلاموية العنيفة العالمية.

 أمّا عن مدى انتشار البيئة الإسلاموية العنيفة، فتستند المعلومات حول نطاق البيئة إلى التقديرات، حيث لا تقوم المجموعات والمنظمات نفسها بالإبلاغ عن المعلومات العامة حول الأفراد.

 ووفقاً لجهاز الأمن السويدي، فإنّ عدد الأفراد في الوسط الإسلاموي العنيف قد زاد من  بضع مئات ما بين  الفترة 2010 إلى 2018 إلى ما يقدّر بـ (2000)، ويتواجدون في جميع أنحاء البلاد، ولكنّهم يتمركزون بشكل أساسي في استكهولم وغوتنبرغ ومالمو، ومتوسط العمر في الوسط الإسلاموي العنيف (36) عاماً.

سافر العديد من الأفراد من السويد إلى مناطق النزاع مثل البوسنة والشيشان والصومال، ولاحقاً إلى أفغانستان والعراق واليمن وسوريا، للقتال في صفوف الجماعات الإسلامية

 

 ويشارك الرجال بدرجة أكبر من النساء، ويُعزى ذلك إلى الهيكل الأبوي الذي يطغى على البيئة. بشكل عام، يُقدَّر التوزيع بين الجنسين بنسبة 87% للرجال و13% للنساء. وإنّ  70% من الأفراد داخل البيئة كانوا مشتبهين في السابق بارتكاب جرائم؛ مثل: جرائم العنف وجرائم المخدرات والسرقة والجرائم المالية.

إنّ ظاهرة المقاتلين الأجانب داخل الحركات الجهادية في السويد ليست ظاهرة جديدة، فهي تمتد إلى منتصف الثمانينيات، حين شاركوا في صراعات إقليمية مختلفة، على سبيل المثال في أفغانستان والبوسنة والشيشان والصومال. لكنّ أعداد هؤلاء المقاتلين كانت تشكّل جزءاً هامشياً في هذه الصراعات، وتزايد أعداد هؤلاء المقاتلين في مناطق النزاع في سوريا والعراق خلال العقد الماضي، حيث سافر حوالي (300) رجل وامرأة منذ عام 2012 للانضمام إلى (داعش والقاعدة) وغيرها من الجماعات والمنظمات الإسلامية المتشددة. وكانت السويد واحدة من دول أوروبا الغربية التي كانت لديها النسبة الأعلى ممّا يُسمّى بالمسافرين الإرهابيين إلى بؤر الإرهاب.

 وكشفت الدراسات الدولية أنّ الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية قد تم تمثيلهم إلى حد ما بشكل مفرط بين أولئك الذين سافروا إلى سوريا والعراق للقتال. وهناك أيضاً ارتباط بين السجل الجنائي والمقاتلين الأجانب. وكان لأكثر من نصف الذين انضموا إلى الصراع سجل إجرامي في معظم دول أوروبا الغربية.

 واعتبر المركز في دراسته أنّه ما زالت السويد ودول أوروبا تعيش تحت وقع اليمين المتطرف والجماعات الإسلاموية المتطرفة، وهذا ما يُعقد مهام الحكومات في محاربة التطرف والإرهاب من الداخل وسط نقص في المعالجات الحقيقية. إنّ حرق القرآن الكريم من قبل اليميني المتطرف من شأنه أن يخدم الجماعات الإسلاموية المتطرفة وبالعكس.

 يُذكر أنّه لا يوجد قانون في السويد يحظر التجديف أو انتقاد الدين أو التشكيك فيه، وهذا ينطبق على جميع الأديان على قدم المساواة. ولا يوجد قانون يجرّم حرق الكتب الدينية، أو ما يطلق عليه جريمة التجديف.

 وعن تداعيات حرق القرآن الكرم؛ ومن هم المستفيدون، قال المركز الأوروبي: إنّ الإساءة للمقدسات الدينية وحرق الكتب الدينية تسبب حالة من الاستفزاز والغضب لدى كثير من الناس من مختلف الأديان، ولكنّ الرد على هذا الفعل بالعنف وأعمال الشغب والتخريب ليس سوى تفريغ لشحنات الغضب، وإظهار حالة الضعف لدى هؤلاء الأشخاص وعدم المقدرة على التعامل ومعالجة مثل هذه الظواهر "حرق القرآن" بطريقة تتماشى مع قيم الديمقراطية، وهذا بالطبع يعزِّز الصور النمطية التي يحاول اليمين المتطرف تعزيزها عن الأجانب والمسلمين بشكل خاص كمصدر للعنف والتطرف في المجتمع.

 أمّا عن اليمين المتطرف العنيف في السويد، فقد أوضحت الدراسة أنّ السويد تشهد تصاعداً متزايداً للتيار خلال الأعوام الأخيرة، الذي بات يشكّل تهديداً للأمن السويدي والنظام الاجتماعي الديمقراطي، ويؤثر سلباً على عملية الاندماج في المجتمع.

 وأمّا عن أبرز المجموعات في التيار اليميني المتطرف، فهي حركة المقاومة الشمالية، وقوة الشمال، ومجموعة  (يمين الشمال البديل)، وحزب البديل للسويد.

 بناءً على أبحاث ودراسات، فإنّ غالبية الأفراد (79%) الذين ينتمون إلى تلك الجماعات  مولودون هم وآباؤهم في السويد. ووفقاً للبيانات الخاصة بالشرطة وشرطة الأمن السويدية، فإنّ متوسط العمر للأفراد في البيئة هو (23) عاماً للرجال و(21) عاماً للنساء. وتشكل النساء ما يزيد قليلاً عن 10% من الأفراد. ومستوى التعليم بين الأفراد هو مستوى التعليم الثانوي، وينتمي الغالبية منهم إلى الطبقات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا.

 وأوضح المركز أنّ وضع اللاجئين في عام 2015 خلق حالة من الاستقطاب المتزايد في المجتمع السويدي، وحالة من العداء تجاههم، تُرجمت في اندلاع حرائق ضد مساكن اللجوء والمساكن المخطط لها أو القائمة للوافدين الجدد في عدة أماكن مختلفة في البلاد. وكانت (حركة المقاومة الشمالية) وراء أكبر عدد من هذه الأنشطة العدائية ضد اللاجئين، واستغل اليمين المتطرف العنيف وضع أزمة اللاجئين في عملية تجنيد أعضاء جدد من خلال شحن خطاب الكراهية والعداء للّاجئين.

 أمّا عن اليسار المتطرف العنيف، فإنّه يشكّل في السويد، إلى جانب الجماعات المتطرفة الأخرى، تهديداً للأمن القومي والمجتمعي، وهذا ما يثير الكثير من التساؤلات حول اليسار المتطرف العنيف وأهدافه وتداعياته.

عدد الأفراد في الوسط الإسلاموي العنيف قد زاد من بضع مئات ما بين الفترة 2010 إلى 2018 إلى ما يقدّر بـ (2000 )، ويتواجدون في جميع أنحاء البلاد

 

 ويهدف اليسار المتطرف العنيف الى إقامة مجتمع لا طبقي، مجتمع متساوٍ، حيث يعيش الناس على قدم المساواة من مختلف الأصول والتوجهات الجنسية.

 ويعتبر النضال ضد الفاشية والعنصرية من أكثر القضايا المركزية في البيئة المستقلة، بالإضافة إلى مناهضة الرأسمالية، ومناهضة العولمة، ومعاداة الاتحاد الأوروبي، وتتسم الحركة بالرؤية الإيجابية للهجرة والتعددية الثقافية.

 وأبرز المجموعات والمنظمات في التيار اليساري المتطرف العنيف هي الحركة المناهضة للفاشية (AFA) ، وتحالف الشمال الثوري المستقل.

 ووفق الدراسة، فإنّه يوجد في السويد (3) بيئات متطرفة عنيفة بحسب تقييمات شرطة الأمن السويدية (Säpo)؛ وهي: البيئة اليمنية المتطرفة العنيفة ـ القوة البيضاء، والبيئة اليسارية المتطرفة العنيفة ـ البيئة المستقلة، والبيئة الإسلاموية المتطرفة العنيفة ـ السلفية الجهادية.

 وأوضح المركز أنّ هناك أوجه تشابه واختلافات بين البيئات المتطرفة، وعلى الرغم من الاختلافات الإيديولوجية الكبيرة بين الجماعات، إلّا أنّ هناك سمة مشتركة توحدهم، وهي عدم الاعتراف بالمبادئ وقواعد اللعبة الديمقراطية، ممّا يشكّل تهديداً للقيم الأساسية.

 القاسم المشترك بين المتطرفين العنيفين هو عدم الثقة في المؤسسة الحكومية، واللوم على عجز المجتمع أو إخفاقاته يقع على أولئك الذين يُنظر إليهم على أنّهم يمثلون المجتمع، كما توحدهم كراهية النساء والعنصرية، وفق الدراسة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية