إخوان تونس... عامان من إشعال الحرائق السياسية وافتعال الأزمات

إخوان تونس... عامان من إشعال الحرائق السياسية وافتعال الأزمات

إخوان تونس... عامان من إشعال الحرائق السياسية وافتعال الأزمات


26/02/2023

 تُجمع أغلب القراءات المهتمة بالشأن التونسي على أنّ حركة النهضة الإخوانية، التي هُزمت وانتهت شعبياً، ظلّت منذ إعلان إجراءات 25 تموز (يوليو) 2021 التي دفعتها خارج أسوار الحكم تحاول اللعب على وتر الأزمات، لإحداث قلق في الشارع وتأليب الرأي العام ضد الرئيس التونسي قيس سعيّد، أملاً في أن تتاح له ثغرة للعودة إلى السلطة.

وبتزايد حالة الرفض الشعبي والمجتمعي للحركة وتوجهاتها السياسية والفكرية، سعت الحركة عبر تحالف أحاطت نفسها به، لإشعال الحرائق السياسية، وافتعال الأزمات والفتَن، وهو ما حذّر منه سعيّد مراراً، متوعّداً بكشف كل خطط التآمر على أمن الدولة والتلاعب بقوت التونسيين.

التآمر على أمن الدولة

وكان السياسي التونسي عبد الرزاق الخلولي القيادي بحراك 25 تموز (يوليو) قد اعتبر أنّ الاعتقالات الأخيرة في صفوف قيادات من تنظيم الإخوان ورجال أعمال هي بداية المحاسبة، وقال لـ "العين الإخبارية": "إنّ الاعتقالات الأخيرة توفرت بشأنها معطيات وتقارير أمنية، تشير إلى وجود تآمر على أمن الدولة والعمل على إسقاط الرئيس قيس سعيد والانقلاب عليه وعزله عن طريق تأجيج الاحتجاجات الشعبية بعد رفع الأسعار وشح المواد الأساسية من السوق".

وأضاف أنّ هذه الاعتقالات تمّت في إطار مطلب شعبي يتمثل في المحاسبة، داعياً إلى ضمان المحاكمة العادلة للموقوفين.

وأشار إلى أنّ الاعتقالات ما زالت متواصلة، وستشمل أعداداً كبيرة، حيث توجد عصابات ولوبيات ذات مصالح مشتركة، ثبت بالحجة أنّ هناك اتصالات فيما بينها، كما أنّ هناك مخططاً للتآمر على أمن الدولة والانقلاب على الرئيس قيس سعيّد.

السياسي التونسي عبد الرزاق الخلولي

سعيّد نفسه قال: إنّ بعض المعتقلين مسؤولون عن نقص الغذاء وارتفاع الأسعار في البلد، مضيفاً أنّ "الإيقافات الأخيرة أظهرت أنّ عدداً من المجرمين المتورطين في التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي هم وراء أزمات توزيع المواد الغذائية ورفع أسعارها".

وحذّر سعيّد المسيطرين على قطاع توزيع السلع، من أنّهم لن يبقوا خارج حدود المساءلة وتطبيق القانون، مشدداً على ضرورة محاسبة كل من أجرم في حق الشعب، دون استثناء.

حركة النهضة تحاول اللعب على وتر الأزمات، لإحداث قلق في الشارع وتأليب الرأي العام ضد الرئيس التونسي قيس سعيّد

الرئيس التونسي تابع أيضاً: "ليعلم هؤلاء المجرمون الذين باعوا ضمائرهم أنّ الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام من عمل، وما زال يفكر أن يعمل، على تأجيج الأوضاع الاجتماعية برفع الأسعار وتخزين عدد من السلع".

التلاعب بقوت التونسيين

وتعيش تونس خلال الأعوام الأخيرة تأزماً اقتصادياً غير مسبوق، أرجعه خبراء الاقتصاد إلى تراكم السياسات الخاطئة منذ العام 2011 حتى اليوم، وسوء إدارة البلاد، ممّا سبب عجزاً في الميزانية، فقد تراجع بنسبة 75% على أساس سنوي خلال النصف الأول من 2022 وسط ارتفاع في الإيرادات المالية للبلاد.

وارتفعت نفقات الأجور بنسبة 5.3% لتتجاوز (3.28) مليارات دولار، مشكِّلة ما نسبته 55.2% من إجمالي الإنفاق العام. وطالب صندوق النقد الدولي تونس مراراً بضبط فاتورة الأجور، التي تشمل نسبة مرتفعة من إجمالي النفقات، لتحقيق الاستقرار في المالية العامة.

حاولت الحركة وحلفاؤها تأجيج الأوضاع بكل الطرق؛ مثل إثارة الاحتجاجات في بعض الأحياء الشعبية وبعض المدن الداخلية، أو حتى اللجوء إلى العنف

ونتيجة للتداعيات المالية، وارتفاع نسبة التضخم، تتواصل أزمة نقص المواد الأساسية وفقدانها في تونس، وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، وما تزال عدّة مواد أساسية، مثل السكر والقهوة والحليب ومشتقاته، غائبة عن رفوف المتاجر.

على إثر ذلك، خرج الرئيس التونسي بنفسه ليؤكد أنّ الأزمة مفتعلة وغير بريئة، التقطت لحظات ضعف الدولة التي تمرّ بظروف اقتصادية صعبة نتيجة العشرية التي حكمت خلالها حركة النهضة الإخوانية، وأنّ أطرافاً بعينها تحاول تأليب الرأي العام التونسي ضدّ الرئيس التونسي قيس سعيّد.

وذلك بجانب غياب وجود استراتيجية للأمن الغذائي في البلاد. وتُعدّ صناعة الأزمة ممارسة قديمة استخدمت للسيطرة على الأفراد والمؤسسات بهدف تحقيق مصالح وأهداف صانعي الأزمة على حساب الطرف المقابل.

إجهاض الانتخابات

وقبل الانتخابات التي جرت على دورتين في 17 كانون الأول (ديسمبر) و29 كانون الثاني (يناير)، حاولت الحركة وحلفاؤها تأجيج الأوضاع بكل الطرق، مثل إثارة الاحتجاجات في بعض الأحياء الشعبية وبعض المدن الداخلية، أو حتى اللجوء إلى العنف في عدة مناطق.

وقد شهدت فعلاً بعض المناطق في تونس تحركات احتجاجية ليلية، لم تخلُ من عنف، مثل محاولات السطو على بعض المؤسسات، وحرق إطارات مطاطية في الشوارع؛ ممّا استدعى تدخلاً من قوات الأمن.

 ووجهت وزارة الداخلية التونسية اتهامات لبعض الأطراف بالسعي لتحريض عدد من المراهقين والقُصَّر وذوي السوابق العدلية للقيام بأعمال شغب في بعض الأحياء الشعبية (لم تحددها).

وفي 14 كانون الثاني (يناير) فشلت أحزاب المعارضة في رهانها على حشد الشارع خلفها في الذكرى الـ (12) للثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في العام 2011، مثلما فشلت على مدى العامين الماضيين في خلق حالة شعبية معارضة للرئيس سعيّد.

والجدير بالذكر أنّ جلّ تحركات المعارضة، وخصوصاً حركة النهضة، تنصبّ في كيفية العودة إلى السلطة وبأيّ طريقة، دون أن يكون لها أيّ مشروع بديل عمّا يطرحه الرئيس سعيّد.

مؤامرة لـ"تغيير التركيبة الديموغرافية" في تونس

وفي آخر محاولات إشعال الحرائق السياسية تلك المتعلقة بتسهيل دخول المهاجرين الأفارقة، وهو ما وصفه الرئيس التونسي قيس سعيّد الثلاثاء، تدفّق المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، بأنّها مؤامرة "لتغيير التركيبة الديموغرافية" في تونس، مطالباً بضرورة اتّخاذ "إجراءات عاجلة" لوقفها.

وأشار إلى "ترتيب إجرامي تمّ إعداده لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس" من أجل "توطين المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء" في البلاد، وذلك خلال ترؤّسه في قصر قرطاج اجتماعاً لمجلس الأمن القومي "خُصّص للإجراءات العاجلة التي يجب اتخاذها لمعالجة ظاهرة توافد أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس"، وفق بيان للرئاسة التونسية.

وقال: إنّ "هناك جهات تلقت أموالاً طائلة بعد عام 2011، في إشارة إلى حركة النهضة، من أجل توطين المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس"، معتبراً أنّ "هذه الموجات المتعاقبة من الهجرة غير النظامية الهدف غير المعلن منها هو اعتبار تونس دولة أفريقية فقط، ولا انتماء لها للأمتين العربية والإسلامية".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية