أين وصلت علاقة القاعدة وإيران؟ وكيف ساهم الإخوان في نشأة هذه العلاقة؟

أين وصلت علاقة القاعدة وإيران؟ وكيف ساهم الإخوان في نشأة هذه العلاقة؟

أين وصلت علاقة القاعدة وإيران؟ وكيف ساهم الإخوان في نشأة هذه العلاقة؟


08/09/2024

سلط (المركز العربي لدراسات التطرف) المزيد من الضوء على تطورات العلاقات بين تنظيم القاعدة الإرهابية وإيران.

وقال المركز في دراسة له نُشرت عبر موقعه الإلكتروني: إنّه بوفاة أيمن الظواهري في تموز (يوليو) 2022 وتولّي سيف العدل القيادة، أصبح تنظيم القاعدة في ‏وضع يمكنه من تعزيز علاقته مع إيران بشكل أكبر. 

وأضاف المركز: الحقيقة أنّ التحالف بين القاعدة وإيران ليس جديداً، فقد سبق أن زار أعضاء من القاعدة ‏إيران في التسعينيات من القرن الماضي، واجتمعوا مع قيادات الحرس الثوري الإيراني ‏ووكلائه الإقليميين مثل حزب الله للتباحث بشأن التعاون في مجالات التدريب والتكتيكات ‏والأمن. وقد تم استخدام المعرفة المكتسبة في تفجيرات عام 1998 التي استهدفت فيها ‏القاعدة السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام، وكان من الواضح أنّ هذه التفجيرات ‏تشبه في أسلوب تنفيذها تفجير ثكنة بيروت عام 1983 من قبل حزب الله‎.‎

 

بوفاة أيمن الظواهري في تموز (يوليو) 2022 وتولّي سيف العدل القيادة، أصبح تنظيم القاعدة في ‏وضع يمكنه من تعزيز علاقته مع إيران.

 

وأوضحت الدراسة أنّه لم يتوقف التعاون عند هذا الحد، بل هناك أيضاً دليل على تعاون أكثر عمقاً في تفجيرات ‏الخبر عام 1996 في المملكة العربية السعودية، وتعتقد الاستخبارات الأمريكية أنّ ‏أسامة بن لادن متورط، وأنّ إيران قدمت المساعدة اللوجستية والتمويل. 

وعلى ‏الرغم من أنّ إيران الشيعية والقاعدة السنّية لديهما إيديولوجيات وأجندات مختلفة، إلا أنّ ‏كلتيهما تفضلان التركيز على تعزيز المصالح المشتركة، وخاصة محاربة القوات الأمريكية في ‏الشرق الأوسط والمملكة العربية السعودية. وقد كتب أحد كبار قادة القاعدة أنّ إيران ‏ترغب في السيطرة على العالم الإسلامي، لكنّها مستعدة للتحلي بالمرونة والتعاون مع القاعدة ‏لتحقيق أهدافها. وإنّ أيّ شخص يرغب في ضرب أمريكا، فإيران مستعدة لمده بالمال والسلاح ‏وبأيّ وسيلة أخرى، شريطة ألّا تظهر في الصورة، ولا يريد الإيرانيون أن يكون لدى ‏الولايات المتحدة أيّ دليل ضدهم؛ لذلك فهم حريصون على عدم ترك أيّ أثر يشير إليهم‎، بحسب الدراسة.‎

 

تعاونت إيران مع القاعدة في العديد من العمليات الإرهابية، منها تفجيرات عام 1998 التي استهدفت السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام.

 

وذكر المركز أنّه منذ هجمات 11 أيلول (سبتمبر) أصبحت إيران مسرحاً مركزياً للعمليات لكبار قادة ‏القاعدة للتخطيط للهجمات الإرهابية، وتجنيد المقاتلين، وجمع الأموال، وتقديم الدعم ‏اللوجستي. وقد أعلن مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي السابق، في كانون الثاني (يناير) 2021، أنّ ‏القاعدة حولت إيران إلى "قاعدتها الجديدة"، واتهم إيران بإيواء وتقديم الدعم اللوجستي لكبار ‏قادة القاعدة. 

حول نشأة العلاقة بين إيران والقاعدة قال المركز: إنّها بدأت في أوائل التسعينيات؛ إذ أراد حسن ‏الترابي، الزعيم الروحي للإخوان المسلمين في السودان، تشكيل كتلة سنية شيعية موحدة ضد ‏الغرب والإمبرياليين، من خلال تنمية الروابط بين المنظمات السنية والشيعية مثل الجهاد ‏الإسلامي في فلسطين وحزب الله في لبنان وغيرهما، وكجزء من الترويج للرؤية المذكورة؛ فقد ‏توسط بين نشطاء القاعدة الذين لجؤوا إلى السودان والحرس الثوري الإيراني. وفي نهاية عام ‏‏1991 أثمرت جهوده في شكل اتفاق غير رسمي، وافقت إيران بموجبه على تقديم مساعدة ‏تكتيكية للقاعدة في شن هجمات ضد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. وبعد ذلك بوقت ‏قصير سافر كبار أعضاء القاعدة من قسم العمليات التابع لها إلى إيران للتدرب واكتساب ‏الخبرة في مجال المتفجرات‎.‎

وتابع المركز: "وفي عام 1993 سافر وفد آخر من القاعدة ضم سيف العدل إلى جنوب لبنان للتدرب مع ‏حزب الله واكتساب المعرفة في مجالات الأمن والاستخبارات والمتفجرات. وأعجب أسامة بن ‏لادن نفسه باستخدام حزب الله لشاحنات مفخخة في هجوم 1983 على قاعدة مشاة البحرية ‏الأمريكية في بيروت، ويتضح من هجمات القاعدة على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا ‏وتنزانيا عام 1998 أنّه تبنّى هذا الأسلوب‎.‎

 

إيران مستعدة لمدّ القاعدة بالمال والسلاح ‏وبأيّ وسيلة أخرى، شريطة ألّا تظهر في الصورة، فهم لا يريدون أن يكون لدى ‏الولايات المتحدة أيّ دليل ضدهم.

 

وقد شهد أعضاء سابقون في القاعدة على الصلات بين قيادة القاعدة وحزب الله؛ إذ شهد ‏علي محمد، العضو السابق في القاعدة، أنّ عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله، التقى ‏بأسامة بن لادن في أوائل التسعينيات لمناقشة التعاون التنظيمي؛ وفي ما يلي شهادته حول ‏طبيعة العلاقة بين إيران وحزب الله والقاعدة‎:‎

بعد طرد أعضاء القاعدة من السودان عام 1996، استمرت إيران في مساعدتهم. على ‏سبيل المثال، وفرت لهم ممرّاً آمناً على أراضيها في طريقهم إلى أفغانستان. وكان عضو القاعدة وصهر سيف العدل مصطفى ‏حامد، هو الوسيط الذي أشرف على مختلف الترتيبات ‏بين إيران وأسامة بن لادن‎.‎

في تموز (يوليو) 1996 ساعدت إيران القاعدة مرة أخرى، على الأرجح من خلال تقديم المساعدة ‏اللوجستية والتمويل لهجوم إرهابي على مجمع سكني عسكري أمريكي في أبراج الخبر في ‏المملكة العربية السعودية، والذي أودى بحياة (19) جندياً ومئات الجرحى.

وأكد المركز في دراسته أنّ الغزو الأمريكي لأفغانستان في تشرين الأول (أكتوبر) 2001 دفع بالعديد من أعضاء القاعدة والجهاديين ‏الآخرين إلى الفرار من البلاد، ومعظمهم إلى باكستان وإيران. وفي ‏مقابلة مع قناة (الجزيرة)، قال أبو حفص الموريتاني، الرئيس السابق لمجلس شورى القاعدة: إنّ ‏بعض كبار الأعضاء وعائلاتهم لجؤوا إلى زاهدان ‏وبلوشستان، وكان هو من يتفاوض مع الإيرانيين لتأمين وصولهم إلى هناك. وكان مصطفى ‏حامد، المذكور سابقاً، وسيطاً بارزاً آخر بين الإيرانيين وأسامة بن لادن، حيث تمكن من ‏الحصول على الموافقة الإيرانية لإيواء عائلات القاعدة. وكان لسعد الدين، نجل أسامة بن لادن، ‏أيضاً قناة مفتوحة مع الإيرانيين، حيث حصل على الموافقة الإيرانية لإيواء عائلة أسامة بن لادن‎.‎

 

حسن ‏الترابي ‏توسط بين نشطاء القاعدة والحرس الثوري الإيراني، وأثمرت جهوده في شكل اتفاق غير رسمي وافقت إيران بموجبه على تقديم مساعدة ‏للتنظيم الإرهابي.

 

سلطت مجموعة رسائل أسامة بن لادن التي استولت عليها القوات البحرية خلال غارة عام 2011 ‏على منزله الآمن في أبوت آباد الضوء على موجة الهجرة لأعضاء القاعدة إلى ‏إيران في أعقاب الغزو الأمريكي لأفغانستان.

وبينت الدراسة أنّ موقف إيران الودي تجاه القاعدة والجهاديين الآخرين الذين لجؤوا إلى ‏أراضيها اتخذ منعطفاً؛ إذ قررت إيران اعتقال العديد منهم ووضع بعضهم رهن الإقامة الجبرية في ‏فنادق أو في سجون واسعة بامتيازات مثل الدراسة والزيارات العائلية وغير ذلك. ولتفسير ‏التغيير المفاجئ في الموقف، قال عضو بارز في القاعدة: إنّ الإيرانيين قلقون بعد أن ‏اكتشفت الولايات المتحدة أنّ النظام الإيراني كان يؤوي القاعدة، لهذا قرر الإيرانيون مساعدة أعضاء القاعدة والجهاديين ‏الآخرين على مغادرة إيران، إمّا إلى بلدانهم الأصلية، وإمّا إلى بلد ثالث مثل باكستان والعراق ‏وسوريا وماليزيا وتركيا. وحفنة من أعضاء القاعدة وصلوا إلى أوروبا بمساعدة إيرانية، ‏حتى إنّ الإيرانيين ساعدوا أبا مصعب الزرقاوي، الذي شكل لاحقاً فرعاً للقاعدة في العراق، ‏على الهجرة إلى العراق، كما أنّ هذا العضو البارز في القاعدة كشف أنّ إيران عرضت ‏تقديم الدعم المالي لبعض أعضاء القاعدة من أصل سعودي، وجعلهم يتدربون تحت قيادة ‏حزب الله في لبنان مقابل تنفيذ هجمات ضد أهداف أمريكية في المملكة العربية السعودية ‏ودول الخليج. وقال عطية الله، العضو البارز في القاعدة، إنّ عناصر القاعدة الذين كان من ‏المفترض أن يغادروا إيران، طلب منهم تزويد الإيرانيين ببصمات الأصابع وصورة الوجه ‏للتعرف عليهم‎.‎

في عام 2003، مع اقتراب الغزو الأمريكي للعراق، داهمت المخابرات الإيرانية منازلهم ‏واحتجزتهم؛ فقد كان سقوط نظام صدام حسن، وازدياد النشاط الإرهابي ضد الشيعة في ‏العراق من قبل فرع القاعدة المحلي بقيادة أبي مصعب الزرقاوي، والمخاوف من انتقام ‏أمريكي لمساعدة جماعة القاعدة، من بين الأسباب التي أدت إلى تدهور الموقف، وقرر ‏النظام الإيراني اعتبارهم وعائلاتهم أوراقاً للمساومة لحماية المصالح الشيعية والإيرانية‎.‎

 

سعد الدين بن لادن  تحدث عن الظروف السيئة ‏في السجون، حيث تم احتجاز أعضاء القاعدة، والأمراض التي عانوا منها بسبب نقص ‏الرعاية الطبية والتعذيب النفسي.

 

وتحدث أحد أبناء أسامة بن لادن، سعد الدين، الذي هرب من إيران عام 2008، عن الظروف السيئة ‏في السجون، حيث تم احتجاز أعضاء القاعدة، والأمراض التي عانوا منها بسبب نقص ‏الرعاية الطبية والتعذيب النفسي من قبل الإيرانيين، وقد دفع ما سبق بعض أعضاء ‏القاعدة إلى الإضراب عن الطعام أو مواجهة سجانيهم لتغيير الظروف المذكورة‎.‎

اختارت قيادة القاعدة انتهاك الوضع الراهن مع إيران عدة مرات، لإحداث تغيير في السياسة ‏الإيرانية تجاه أعضائها. وكان هروب سعد الدين عام 2008 والرسالة التفصيلية التي ‏أرسلها إلى والده حول الطريقة المشينة التي تعامل بها الإيرانيون مع أعضاء القاعدة حافزاً ‏للقاعدة قصد تغيير سياستها تجاه إيران. ومن مظاهر هذا التغيير الخطاب الأكثر شراسة ‏ضد إيران واتهامها بالتعاون مع الولايات المتحدة في الحرب الأخيرة ضد الجهاديين، ‏وباختطاف دبلوماسيين إيرانيين في بيشاور بباكستان في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008‏‎.‎

وفي نهاية عام 2009 بدأت إيران تدريجياً في إطلاق سراح بعض معتقلي القاعدة‎.‎

وقيّم عطية الله، أحد كبار قادة القاعدة، أنّ الخطاب الأقوى للقاعدة ضد إيران دفع الأخيرة ‏إلى تحسين موقفها تجاه أعضاء التنظيم الإرهابي؛ ففي عام 2010 واصلت إيران إطلاق ‏سراح معظم معتقلي القاعدة بمن فيهم أفراد عائلة أسامة بن لادن، ومن بينهم حمزة، لكنّها احتفظت ‏بأعضاء القيادة العليا. وأصبح التغيير في الموقف الإيراني ممكناً بفضل إيمان بنت أسامة بن لادن، ‏التي كشفت علناً حقيقة حياة معتقلي القاعدة بعد أن هربت ووجدت ملاذاً آمناً في السفارة ‏السعودية لبضعة أشهر قبل الهجرة إلى سوريا‎.‎

 

وزارة الخارجية الأمريكية أشارت أكثر من مرة إلى اتفاق سرّي بين إيران وتنظيم القاعدة، ‏يسمح للتنظيم بالعمل على الأراضي الإيرانية.

 

وحتى بعد القضاء على أسامة بن لادن عام 2011، أبقت إيران على عدد قليل من أعضاء القاعدة ‏رهن الإقامة الجبرية، لكنّها وفرت لهم بيئة معيشية مريحة ومعدات مناسبة سمحت لهم ‏بمساعدة رفاقهم على العمل في مختلف الجبهات. وفي عام 2013 اختطفت القاعدة، مرة ‏أخرى، دبلوماسياً إيرانياً في صنعاء باليمن، لإجبار الإيرانيين على إطلاق سراح قيادتهم ‏العليا، وفي عام 2015 أفرجت إيران عن سيف العدل وأبي الخير المصري نائب الظواهري ‏مقابل الدبلوماسي الإيراني‎.‎

هذا، ونقل المركز في دراسته عن موقع وزارة الخارجية الأمريكية التي أشارت أكثر من مرة إلى اتفاق سرّي بين إيران وتنظيم القاعدة، ‏يسمح للتنظيم بالعمل على الأراضي الإيرانية، سواء كانوا رهن الإقامة الجبرية أو يسافرون ‏عبر البلاد لتجنيد مقاتلين وجمع الأموال والدعم اللوجستي للتنظيم. وفي تموز (يوليو) 2016 نشرت وزارة الخارجية ‏الأمريكية أسماء (3) من كبار أعضاء القاعدة العاملين في إيران، وهم: فيصل جاسم محمد العمري ‏الغامدي، ويسري محمد إبراهيم بيومي، وأبو بكر محمد غمين، بصفتهم المسؤولين عن الدعم ‏اللوجستي للقاعدة في إيران. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية