أنشطته تحت المجهر.. خريطة تكشف إرهاب حزب الله وشبكته السرية في العالم

أنشطته تحت المجهر.. خريطة تكشف إرهاب حزب الله وشبكته السرية في العالم


06/03/2022

منذ نشأته كان حزب الله دائماً متحالفاً بشكل وثيق مع إيران، ولعبت الجمهورية الإسلامية دوراً عملياً رئيسياً في تشكيله، ويُعتبر التزام حزب الله تجاه إيران سبباً رئيسياً للصراع المتأصل وغير المريح في كثير من الأحيان بين أهدافه المتضاربة في لبنان وعبر الشرق الأوسط.

 ويشير تقرير صادر عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عام 1984 إلى أنّ "إيران بدأت في تطوير علاقات وثيقة مع الشيعة اللبنانيين بعد فترة وجيزة من الغزو الإسرائيلي في حزيران (يونيو) 1982، حيث تم إرسال حوالي (800) من الحرس الثوري إلى لبنان عبر سوريا للمساعدة في تجنيد حزب الله، وتوفير التلقين السياسي والديني والتدريب العسكري، بما في ذلك تعليمات في التكتيكات الإرهابية".

 ولا يكتفي حزب الله بممارسة أنشطته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية في لبنان، بل تنخرط الميليشيا أيضاً في مجموعة واسعة من الأنشطة القتالية والإرهابية والإجرامية خارج لبنان، والتي تُعتبر أساسية بالقدر نفسه لفهم الميليشيا في مجملها. وهذا يشمل تدريب حزب الله مجموعات أخرى تعمل بالوكالة لإيران، وحتى نشر أفراد رئيسيين ووحدات عسكرية خارج حدود لبنان. هذه الأنشطة في الخارج أكثر حتى من نشاط الميليشيا في الداخل وحروبها مع إسرائيل، وقد دفعت البلدان في جميع أنحاء العالم إلى تكليف وكالات إنفاذ القانون والاستخبارات لديها لمكافحة أنشطة حزب الله.

 خريطة أنشطة حزب الله خارج لبنان

لا يتوانى حزب الله عن المجاهرة علانية بأنشطته الاجتماعية والسياسية، لكنّه يبذل جهداً كبيراً لإخفاء ملاحقاته وأنشطته السرّية وغير المشروعة، وفقاً لملخص نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

 

لا يتوانى حزب الله عن المجاهرة علانية بأنشطته الاجتماعية والسياسية، لكنّه يبذل جهداً كبيراً لإخفاء أنشطته السرّية

 

وفي كتاب عنونه "حزب الله: البصمة العالمية لحزب الله اللبناني"، وضع ماثيو ليفيت، مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطنن خريطة لأنشطة حزب الله العالمية، مسلطاً الضوء على الأنشطة الاجتماعية والسياسية العلنية في لبنان، والأنشطة العسكرية في لبنان وسوريا ومختلف أنحاء الشرق الأوسط، إلى جانب الأنشطة القتالية والإجرامية والإرهابية السرّية في جميع أنحاء العالم.

وأشار ليفيت إلى أنّ الرسالة المفتوحة لقيادة "حزب الله" في شباط (فبراير) 1985 والمتضمّنة أهداف التنظيم ومبادئه، التي أعلنت ما يلي: "فيما يتعلق بقوتنا العسكرية، لا يستطيع أحد تصوّر أبعادها، لأنّنا لا نملك جهازاً عسكرياً منفصلاً عن الأجزاء الأخرى من منظمتنا. كلّ واحد منّا هو جندي مقاتل متى استدعت الدعوة للجهاد، وكلّ واحد منا يتولى مهمته في المعركة وفقاً لتكليفه الشرعي في إطار العمل بولاية الفقيه القائد".

اقرأ أيضاً: بعد الـ 100 ألف مقاتل.. حزب الله يحوّل لبنان لمصنع للصواريخ الدقيقة

وأضاف أنّه في 1987 لفت محللون في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إلى أنّ "حزب الله، مثل إخوانه الإيرانيين، يؤكد على ضرورة أن تكون الثورة الإسلامية ظاهرةً عالمية، ولا يمكن حصرها داخل حدود بلد واحد"، وكتبوا أنّ "حزب الله يطمح لأن يكون راعياً للأصولية الإسلامية في العالم".

(4) نقاط رئيسية بالخريطة.. ودعوة لعقوبات ضد سياسيين لبنانيين

وفقاً لكاش باتيل، نائب مساعد للرئيس الأمريكي ومدير أقدم لمكافحة الإرهاب في "مجلس الأمن القومي": خريطة أنشطة حزب الله الخارجية هي خريطة تفاعلية جديدة تحتوي على (4) نقاط رئيسية بشكل خاص:

أوّلاً: حزب الله هو منظمة إرهابية، كان قد تمّ تصنيفه من قبل الولايات المتحدة للمرة الأولى على هذا النحو في عام 1997، وتُواصل الحكومة الأمريكية رفضها أيّ تمييز بين "الأجنحة" العسكرية والسياسية للحزب، وبدلاً من ذلك تشجّع المجتمع الدولي على أن يحذو حذوها في تصنيف التنظيم منظمة إرهابية، وفرض عقوبات عليه.

ثانياً: حزب الله هو الوكيل الإرهابي الأكثر خطورة وكفاءة للنظام الإيراني، فالتنظيم يعمل منذ أعوام طويلة على وضع المخططات وتخزين الأسلحة لاستخدامها في الهجمات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية.

 ثالثاً: حزب الله يسيء استخدام النظام المالي العالمي لدعم أنشطته، فإلى جانب الأموال القادمة من إيران، تساعده المخططات وشبكات التمويل غير المشروعة في الحفاظ على وجوده.

 

وضع ماثيو ليفيت، مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن، خريطة تسلط الضوء على أنشطة حزب الله في الشرق الأوسط، والأنشطة القتالية والإجرامية والإرهابية السرّية في العالم

 

رابعاً: تعتقد إدارة ترامب أنّه من الضروري اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة الأنشطة الإرهابية العالمية لحزب الله وعرقلتها ومنعها. على سبيل المثال، عملت الإدارة الأمريكية بشكل وثيق مع الحكومة الألمانية لحظر التنظيم بأكمله، وهو قرار تمّ نشره علناً في نيسان (أبريل). وفي العام الذي سبق أضافت بريطانيا وكوسوفو حزب الله إلى قائمتهما للتنظيمات الإرهابية، شأنهما شأن الدول الشريكة في أمريكا الجنوبية، الأرجنتين وكولومبيا وهندوراس وباراغواي.

 

اقرأ أيضاً: ما هي رسائل حزب الله في كشف شبكات تجسس إسرائيلية في لبنان؟

وقال باتيل: "على الرغم من مواصلة الولايات المتحدة تشجيع بلدان أخرى، بما فيها دول البلقان، على تصنيف حزب الله منظمة إرهابية، إلا أنّ هذه الخطوات والعقوبات المالية ذات الصلة ليست سوى الوسيلة الأولى من بين العديد من الوسائل التي يجب اتباعها للحدّ من أنشطة التنظيم، فالعقوبات ضرورية لجهود الإدارة الأمريكية لشلّ التنظيمات الإرهابية، لكنّها ليست سوى قطعة واحدة من اللغز"، مشدداً على ضرورة أن تستهدف الولايات المتحدة الأمريكية بالعقوبات السياسيين اللبنانيين، الذين يعملون بالتنسيق مع حزب الله أو التعاون معه دبلوماسياً.

وقد سبق لإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن صنّفت اثنين من هؤلاء السياسيين على قائمة الإرهاب، بينما يجري النظر في تصنيف عدة أشخاص آخرين، على حدّ قول باتيل.

عباءة من السرّية

وأشار الباحث بمعهد واشنطن إلى أنّ حزب الله يحفظ أنشطته الخارجية تحت عباءة من السرّية، مضيفاً: "عندما تظهر معلومات حول الأنشطة السرّية وغير المشروعة لحزب الله على الملأ، فإنّها تحدث عادة في دفعات صغيرة: حقيقة من هنا، قصاصة من هناك." 

 

اقرأ أيضاً: كم عدد خبراء حزب الله اللبناني في اليمن؟ وما مهمتهم؟

ونبّه إلى أنّ "أحد الأسباب الأخرى لقلة المعلومات المتوفرة علناً عن عمليات الحزب هو أنّ الحكومات، بالرغم من جمعها كميات كبيرة من المعلومات حول هذا الموضوع، تحذر من استخدام هذه المعلومات السرّية بأيّ شكلٍ علني، خوفاً من الكشف عن مصادر جمع المعلومات الاستخبارية وطرقه". وتابع: "ونتيجة لذلك، لم يظهر حتى اليوم أيّ مركز واحد للمعلومات المفتوحة المصدر التي تمّ جمعها حول أنشطة حزب الله في العالم."

البصمة العالمية لحزب الله وأسرار التنظيم الإيراني

سلطت الخريطة، التي وضعها ليفيت في كتابه "حزب الله: البصمة العالمية لحزب الله اللبناني"، الضوء على الكثير من المعلومات النادرة، وغير المُبلَّغ عنها بتاتاً أو بشكل كافٍ.

ومن بين هذه المعلومات، الاسم الحقيقي للموجّه في حزب الله فادي كساب، مشيراً إلى أنّ اسمه الحقيقي، على الأرجح، هو ماجد عبد الله، وأنّه يحمل على الأرجح جواز سفر بريطانياً أو أوروبياً."

ووفقاً لليفيت، فإنّ الخريطة تكشف كذلك قيام "حزب الله في عام 2010 بتخزين كميات من نترات الأمونيوم المخصصة لصنع المتفجرات في منزل اشتراه أستاذ جامعي لبناني فرنسي يخضع حالياً للمحاكمة"، مشيراً إلى أنّ الخريطة توفر معلومات أخرى حول أنماط السفر التي يتبعها ملياد فرح وعناصر آخرون، قال عنهم الباحث: إنّهم "متورطون في تفجير حافلة بورغاس عام 2012."

 

دبلوماسي أمريكي سابق يشدد على ضرورة أن تستهدف واشنطن بالعقوبات السياسيين اللبنانيين المتعاونين مع حزب الله

 

وتشير الخريطة كذلك إلى نطاق انتشار حزب الله عبر الحدود الوطنية إلى ما يتخطى المشرق، حيث كشفت أحد البنود تفاصيل عن "اعتقال عناصر من حزب الله في الكويت في آب (أغسطس) 2015، كان بحوزتهم كميات هائلة من المتفجرات"، ويكشف بندٌ آخر مؤامرة آذار (مارس) 2017 في بوليفيا البعيدة، وتوثّق عدة بنود أنشطة مموّل حزب الله محمد بزي، الذي تمتد أنشطته التجارية إلى بلجيكا والعراق ولبنان وعدة دول في غرب أفريقيا. وتُظهر الأمثلة الأحدث كهذه أنّه لم يتم ثني التنظيم عن مواصلة أنشطته الإجرامية والمالية والإرهابية في جميع أنحاء العالم، حتى في أوروبا.

مصادر تمويل حزب الله

أشارت الخريطة إلى اعتماد حزب الله المتزايد على تهريب المخدرات وغسل الأموال، بالتزامن مع انخفاض تدفّق الإيرادات من إيران بسبب العقوبات الغربية، وتراجع أسعار النفط، ووباء "كوفيد-19"، على حد قول المعهد.

وفي حين ما تزال طهران تملك الأموال اللازمة لدعم ما أطلق عليه معهد واشنطن "وكلاءها الإرهابيين"، إلّا أنّ معظمها يتمّ تحويله حالياً لدعم نظام بشار الأسد في سوريا، على حدّ قول ليفيت، الذي أضاف: "من المرجح أن يكون الدعم الإيراني لحزب الله أقلّ من المبلغ السنوي المُعلن عنه سابقاً والبالغ (700-800) مليون دولار. وقد دفع هذا الانخفاض إلى قيام التنظيم بإغلاق مكاتب له، وخفض الرواتب، والتكيّف مع بيئة أصبح فيها تنفيذ العمليات أقلّ تساهلاً. وفي غضون ذلك، يعاني الشعب اللبناني من عواقب الفساد الهائل للنخبة في صفوف حزب الله والتنظيمات الطائفية الأخرى التابعة لمختلف الأطراف السياسية."

وأمس، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية إدراج شخصين لـ"تمويلهما" حزب الله اللبناني من منطقة غرب أفريقيا على قائمة العقوبات. ونقلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية عن بيان لوزارة الخارجية الأمريكية قوله: "الولايات المتحدة تدرج (2) من مموّلي حزب الله، هما علي سعادة وإبراهيم طاهر، على قائمة العقوبات، مشيرة إلى أنّ ذلك الإجراء "سيساعد على تعطيل شبكة الأعمال التجارية لحزب الله في غرب أفريقيا، التي تعتمد على الرشوة للتحايل على سيادة القانون".

وقالت الخارجية الأمريكية: "لا يقتصر دعم النشاط المالي غير المشروع لمن تمّ إدراجهم في قائمة العقوبات فقط على الأنشطة الخبيثة للمجموعات الإرهابية فحسب، بل يقوّض أيضاً القطاع التجاري وسيادة القانون في البلدان التي يحدث فيها نشاط مالي مشروع".

وفي كانون الثاني (يناير) الماضي، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على (3) رجال أعمال على علاقة بحزب الله اللبناني، قائلة إنّ نشاطهم في تسهيل التعاملات المالية للميليشيا المدعومة من إيران يستغل موارد لبنان الاقتصادية في وقت يشهد فيه البلد أزمة. وآنذاك قالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان: "إنّها أضافت كلّاً من عادل دياب، وعلي محمد الداون، وجهاد سالم العلم، وشركتهم دار السلام للسفر والسياحة، إلى قائمتها الخاصة بالعقوبات".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية