ألمانيا والنمسا تحاصران الجماعة.. ما دلالات حظر استخدام رموز وشعارات الإخوان؟

ألمانيا والنمسا تحاصران الجماعة.. ما دلالات حظر استخدام رموز وشعارات الإخوان؟


08/07/2021

أصدرت ألمانيا اليوم قانوناً اتحادياً جديداً يقضي بحظر استخدام شعارات جماعة الإخوان المسلمين في أي فاعلية أو الدعوة لهم، وفرضت عقوبات بين الغرامة والسجن على المخالفين، يأتي ذلك بعد شهور من تقارير استخباراتية تصف جماعة الإخوان بالأخطر على مستقبل ألمانيا.

ولا تُعدّ ألمانيا الوحيدة، فقد سبقتها النمسا بحظر استخدام شعارات الجماعة، ووصف البرلمان اليوم الجماعة بالمحظورة، مانعاً إقامة أي فاعلية أو تواجد لها داخل أراضيها، على اعتبارها ممولاً مالياً وفكرياً للكثير من الجماعات الإرهابية.

ورأى مراقبون أنّ الحظر قد يمهد لما هو أكثر، بتصنيف الجماعة منظمة إرهابية صراحة، على غرار الموقف الذي تم اتخاذه من حزب الله بشقيه السياسي والعسكري، خصوصاً أنّ الاستخبارات الألمانية دأبت في تقاريرها المتتالية على التحذير من خطر الجماعة وتغلغلها الناعم في المجتمع بحثاً عن النفوذ.

وتنص اللائحة التنفيذية للقانون الصادر بتاريخ 8 تموز (يوليو) 2021، على أنه   "ينظم هذا القانون الاتحادي حظر استخدام الرموز لـ"تنظيم الدولة الإسلامية، وجماعة القاعدة، وجماعة الإخوان المسلمين، وتجمّع الذئاب الرمادية، وتجمّع حزب العمال الكردستاني، وجماعة حماس، والشق العسكري لحزب الله، ومن قبل الجماعات الأخرى المدرجة في الأعمال القانونية للاتحاد الأوروبي كجماعات أو شركات أو منظمات إرهابية أخرى؛ جماعة الاستاشه".

أي شخص ينتهك الحظر عمداً، يرتكب مخالفة إدارية ويعاقب بغرامة تصل إلى 4000 يورو أو بالسجن لمدة تصل إلى شهر واحد

ويضيف أنه "يُحظر عرض أو حمل أو توزيع رموز مجموعة مذكورة في الفقرة 1 في الأماكن العامة، بما في ذلك بمساعدة وسائل الاتصال الإلكترونية، وتعتبر الشارات والشعارات والإيماءات رموزاً".

وحدد القانون العقوبة بأنّ: "أي شخص ينتهك الحظر عمداً يرتكب مخالفة إدارية (...)، ويعاقب بغرامة تصل إلى 4000 يورو أو بالسجن لمدة تصل إلى شهر واحد، وأي شخص عوقب بالفعل بموجب هذا الحكم يعاقب بغرامة تصل إلى 10000 يورو أو بالسجن لمدة تصل إلى 6 أسابيع".

اقرأ أيضاً: ألمانيا تحظر استخدام رموز الإخوان وشعاراتهم.. وهذه عقوبة المخالفين

ولم تعلق جماعة الإخوان المسلمين التي تمر بمرحلة هي الأسوأ في تاريخها على القرار الأخير، الذي يقوض أنشطة الجماعة في ألمانيا، وكانت الأخيرة ضمن مناطق طموح الجماعة.

ولعبت اليقظة الأمنية والتقارير الإعلامية التي تفضح خطط الجماعة وتغلغلها الناعم دوراً بارزاً في كبح طموح الإخوان قبل توسعه، ولم تتحول ألمانيا إلى دولة تملك الجماعة فيها نفوذاً قوياً مثل بريطانيا وكندا.

وقد تركز نفوذ جماعة الإخوان في ألمانيا في مدينة كولن، في ولاية شمال الراين فستفالن، حيث تحولت إلى شبه مقر لجماعة "الإخوان" فيها، غير أنّ زيادة تأثير الجماعة، وتمددها في المدينة، دفع آنذاك بهيئة حماية الدستور في الولاية (المخابرات الداخلية) إلى التحذير من أنّ الجماعة المتطرفة باتت تشكّل خطراً أكبر من "داعش" و"القاعدة" على ألمانيا، كان ذلك منذ العام 2019، بحسب تقرير سابق لجريدة "الشرق الأوسط".

 

لعبت اليقظة الأمنية والتقارير الإعلامية التي تفضح خطط الجماعة وتغلغلها الناعم دوراً بارزاً في كبح طموح الإخوان قبل توسعه

 

ونقل الصحفي المتخصص في شؤون الإرهاب أكسل شبيلكر، عبر تقرير عن تمدد "الإخوان" نشرته صحيفتا "كولنر شتات أنزيغير" و"فوكس"، عن السلطات الأمنية في ولاية شمال الراين فستفالن، أنّ "شعبية الهيئات والمساجد التابعة لـ"الإخوان" تتزايد بشكل مطّرد، ووصف الكاتب الذي يكتب منذ أعوام عن الجماعات الإسلامية المتطرفة في ألمانيا توسع (الإخوان) في البلاد بأنه (مقلق)".

وتكمن خطورة التغلغل الإخواني الناعم في ألمانيا، حسب الأمنيين والمتخصصين  ووفق الكاتب الألماني بورخهارد فراير، في أنّ قادة "الإخوان" في ألمانيا على مستوى عالٍ من التعلم، وتلقيهم دعماً مالياً كبيراً، وبحسب تقييم الاستخبارات الألمانية، فإنّ هيئات ومؤسسات "الإخوان" تقدّم تعليماً شاملاً، وبرنامج تدريب للمسلمين والأشخاص ذوي الاهتمام الديني من كل الأعمار.

ويدور القلق الرئيسي في دولة مثل ألمانيا على تغلغل الجماعة بين المسلمين الألمان، والجاليات العربية والمسلمة، بتعليم مؤدلج ينشئ أجيالاً من المنتمين أو المتعاطفين مع برنامج الجماعة.

ووفقاً لذلك، فإنّ القانون الأخير، وإن كان قادراً على التضييق على الجماعة، إلا أنه لا يحول دون استمرار خطرها، خصوصاً مع قدرتها العالية على العمل في الخفاء، والعزف على نغمة المظلومية، ما يعني الحاجة إلى قرارات أكثر صرامة ووضوحاً، مع مواجهة اليمين المتطرف وعدائه للمسلمين، إذ تتخذ جماعات الإسلام السياسي من تلك الخطابات العنصرية وحالة العداء المتنامي نحو المسلمين في الغرب مادة للاستقطاب.

اقرأ أيضاً: الأيديوبوجيا الدينية العنيفة تقلق راحة المجتمع الألماني

ورغم ذلك، يظل القانون الأخير قفزة كبيرة إلى الأمام على طريق مواجهة جماعة الإخوان المسلمين، خصوصاً أنها قد تشجع دولاً أوروبية أخرى على سلوك المسار ذاته، ما يقوض طموح الجماعة في أوروبا التي كانت بديلاً مطروحاً بقوة للجماعة بعد التضييق على قيادتها المصرية في تركيا من أجل المصالحة مع مصر.

ودأبت جماعة الإخوان المسلمين على تصدير سيناريو الاضطهاد السياسي والمظلومية وقمع المعارضة للتواجد في أوروبا، غير أنّ القانون الأخير يسد ذلك الباب؛ إذ لا يمكن ادعاء المظلومية لكيان محظور استخدام شعاراته.

الصفحة الرئيسية