أكاديميون عراقيون يكشفون لـ"حفريات" أسباب صراع الفصائل على الوزارات الأمنية

أكاديميون عراقيون يكشفون لـ"حفريات" أسباب صراع الفصائل على الوزارات الأمنية

أكاديميون عراقيون يكشفون لـ"حفريات" أسباب صراع الفصائل على الوزارات الأمنية


29/10/2022

تحديات عديدة تواجه رئيس الوزراء العراقي المكلف، محمد شياع السوداني، للإعلان عن حكومته المقبلة والانتهاء من مسألة الكابينة الوزارية. ففي ظل احتدام المنافسة بين التكتلات الحزبية والفصائل المسلحة، وكذا تنازع السلطة بينهم، فإنّ عملية التصويت على الحكومة، المزمع إجراؤها، خلال الأيام المقبلة، في جلسة برلمانية، ما تزال غير محسومة.

أزمة تشكيل حكومة السوداني

ووفق مراقبين وأكاديميين سياسيين تحدثوا لـ"حفريات"، فإنّ المتوقع هو تشكيل حكومة تكنوقراط، والرهان على "توافر إرادة تكون قادرة على مواجهة إكراهات الإطار التنسيقي، المدعوم من إيران، ومن ثم، الوصول إلى حكومة وحدة وطنية، تتخذ خطواتها للإصلاح السياسي والأمني والاقتصادي".

رئيس الحكومة المكلف حديثاً، أكد على أنّ أولوياته تتصل بتشكيل حكومة بمقدورها مواجهة سائر الصعوبات والمعضلات السياسية والاقتصادية، ثم معالجة سوء الخدمات والفقر والبطالة والفساد.

وبعد جلسة استمرت لأكثر من سبع ساعات، انتخب البرلمان العراقي، عبد اللطيف رشيد رئيساً للجمهورية، ليكون بذلك المرشح الذي أنهى أو بالأحرى عكس تسوية الصراع بين الحزبين الكرديين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، حسبما توضح الأكاديمية العراقية المتخصصة في العلوم السياسية بجامعة تكريت، سرى حسين خضر، كما كلّف رشيد بعد انتخابه، رسمياً، رئيساً للبلاد، مرشح تحالف "الإطار التنسيقي" محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة، وفقاً للمادة (76) من الدستور العراقي النافذ بالبلاد.

سرى حسين خضر: ضغوط على السوداني للقبول بوزراء "فاسدين"

وتوضح حسين خضر، أنّ المعوقات التي تحول دون إتمام الكابينة الوزارية، تتمثل في أنّ السوداني يقوم، حالياً، بإجراء، مفاوضات لتشكيل الكابينة الوزارية، وفي ما يبدو أنّ هذه المفاوضات "تواجه صعوبات جمّة"، وأنّ هناك "ضغوطاً" على السوداني للقبول بوزراء "فاسدين" أو "غير مؤهلين", موضحة لـ"حفريات أنّ "التحدي الأكبر" الذي يواجه حكومته، حسبما توضح العديد من التقارير السياسية والصحفية، هو التيار الصدري.

عاودت السفيرة الأمريكية في بغداد التأكيد على دعم واشنطن للحكومة العراقية الجديدة، وتطلعها إلى توسيع أطر التعاون الثنائي، فيما أكد قائد قوات التحالف ضرورة تعزيز الشراكة

وفي تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قالت النائبة عن الإطار التنسيقي، حنان الفتلاوي: "إذا أردتم للسوداني [محمد شياع] أن ينجح وتنجحوا معه فاتركوا له حرية اختيار كابينته الوزارية وفوضوه قولاً وفعلاً .. لأنّها الفرصة الأخيرة لنجاة ما يسمى بالخط الأول بعد قرابة 20 سنة من العُقد".

فتش عن إيران ومصالح وكلائها

وشدد السياسي المستقيل من الإطار التنسيقي، والنائب السابق عن كتلة صادقون (عصائب أهل الحق) عبد الأمير التعيبان على أنّ "الكتل السياسية تتصارع على الوزارات الدسمة".

ويأتي هذا في وقت تضاربت فيه الأنباء حول موعد عقد جلسة التصويت على حكومة السوداني، وفق الأكاديمية العراقية المتخصصة في العلوم السياسية؛ إذ إنّه بعدما دعا ائتلاف إدارة الدولة في بيان إلى عقد الجلسة السبت الماضي أوضحت مصادر نيابية تأجيلها إلى يوم الثلاثاء، الأمر الذي لم يحدث، فتأجلت، مرة أخرى، لتزامن الموعد مع ذكرى تظاهرات 25 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2019، وذلك منعاً لخلق أزمات جديدة.

وبسؤال حسين خضر عن صراع الأحزاب والفصائل المسلحة على الوزارات الأمنية، تجيب: "خاضت الكتل والأحزاب السياسية العراقية صراعاً حاداً، منذ أيام، على الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة، بشكل عام، والوزارات الأمنية، بشكل خاص. كما أنّ الصراع يركز على الوزارات السيادية الخمسة كـ(الداخلية، الدفاع، الخارجية، المالية، النفط). بينما لا تزال الحوارات مستمرة بين السوداني والكتل السياسية حول أن تقوم كل كتلة بتقديم خمسة مرشحين لشغل المنصب الوزاري الذي من نصيبها، ويحق للسوداني اختيار واحد ورفض البقية، وتبقى حقيبة الداخلية وكذا الدفاع من اختيار رئيس الحكومة فقط، وفقاً للكفاء والقدرة، وبمعزل عن الخلفية السياسية. لكنّ ذلك لا يعني بالطبع عدم التشاور مع الأطراف المعنية، وحتى هذه اللحظة لم يُحسم الأمر بعد".

سمية دهام كاظم: إذا توافرت الإرادة الحقيقية

وذكر السوداني على موقع التواصل الاجتماعي "تلغرام"، أنّه أكد خلال لقاء مع السفيرة الأمريكية، في بغداد، آلينا رومانوسكي، وقائد قوات التحالف الدولي، ماثيو مكفارلن، على أنّ الحفاظ على الأمن هو السبيل الوحيد لأي إصلاح اقتصادي.

وأوضح أنّ الطرفين بحثا "استمرار التعاون والتنسيق الأمني بين البلدين في مجال محاربة الإرهاب في إطار المشورة والتدريب، وبما يحفظ سيادة العراق ويساعد في تنمية قدرات القوات الأمنية العراقية".

وفي المقابل، عاودت السفيرة الأمريكية في بغداد التأكيد على دعم واشنطن للحكومة العراقية الجديدة، وتطلعها إلى توسيع أطر التعاون الثنائي، فيما أكد قائد قوات التحالف ضرورة تعزيز الشراكة بين الجانبين.

صدام الإرادات

وفي حديثها لـ"حفريات"، توضح الدكتورة سمية دهام كاظم، الباحثة العراقية والأكاديمية في العلوم السياسية، أنّه وفقاً لما يدور، الآن، في المشهد السياسي، وما أعلنه الإطار التنسيقي بخصوص تقديم الكتل السياسية أسماء المرشحين للوزارات، ثم تعهد رئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومة قادرة على النهوض بالبلاد ومحاربة الفساد، فيمكن القول إنّ الحكومة القادمة بتشكيلتها الوزارية "في حال كانت بعيدة عن تكرار الأسماء وتوزيع المناصب على المتنفذين، سيؤدي ذلك، بالتبعية، إلى تشكيل حكومة تكنوقراط والمتخصصين في مجال عملهم. وفي حال توافرت الإرادة الحقيقية وعدم خضوع السوداني لما يمليه عليه الإطار التنسيقي، فيمكن الوصول إلى حكومة وحدة وطنية قادرة على اتخاذ خطوات جادة للاصلاح".

هناك العديد من الصعوبات والتعقيدات التي قد تحول دون تشكيل الحكومة، وإتمام الكابينة الوزارية، وفق دهام كاظم، وتتمثل في "تراجع التيار الصدري، خاصة أنّ الخلاف بينه وبين الإطار التنسيقي ما يزال قائماً، بالإضافة إلى مطالبة التيار الصدري باستحقاقاته الانتخابية، وكذا حشد أنصاره ومؤيديه للخروج بمظاهرات ومحاولة الدخول إلى المنطقة الخضراء، ومنع تدشين الجلسات في البرلمان، كما حصل قبل ذلك مع جلسة اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء".

كرار نوري حميد الجبوري: الوزارات الأمنية تمثل حلقة مصالح بين الكيانات السياسية

ويضاف إلى ذلك "صعوبة إرضاء مختلف الأطراف للمشاركة في الحكومة، خاصة في ما يتصل بتوزيع الحقائب الوزارية. وعدم منح الحرية للسوداني في تدوير الوزارات فيما بين المكونات. وكذلك محاولة بعض الأطراف الاستحواذ على وزارت محددة مستندة لثقلها الانتخابي". تقول دهام كاظم.

وترى الباحثة والأكاديمية في العلوم السياسية، أنّ هناك أزمة مهمة متمثلة في "تصادم الإرادات"، حيث يسعى السوداني إلى اختيار كابينة وزارية ومرشحين على أساس الكفاءة والخبرة، وبعيدة عن المحاصصة، الأمر الذي يصطدم مع الكتل السياسية المتمسكة بكامل استحقاقاتها، وأسماء المرشحين الذين سبق وقدمتهم إلى هذه المناصب.

معضلة الوزارة الأمنية

وبسؤالها عن أزمة الوزارات الأمنية خصوصاً مع الأحاديث المتداولة بشأن رغبة بعض الكيانات الاستحواذ عليها، تجيب: "هناك بيان واضح أصدره مكتب رئيس الوزراء المكلف، ويتصل بعملية تقديم الكتل السياسية أسماء المرشحين للمناصب الوزارية، مع الأخذ في الاعتبار أنّ السوداني له الحق في تحديد أسماء المسؤولين بالوزارات الأمنية، أي وزارتي الداخلية والدفاع. ويرغب (السوداني) في إسنادها لشخصيات عسكرية أو مدنية ذات كفاءة مهنية وخبرة، الأمر الذي يعني تشكيل حكومة قوية فاعلة تتفق مع البرنامج الوزاري".

الأكاديمية في العلوم السياسية سمية دهام كاظم  لـ"حفريات": في حال توافرت الإرادة الحقيقة، يمكن الوصول إلى حكومة وحدة وطنية قادرة على اتخاذ خطوات جادة للاصلاح

وتتابع: "وقد تتضح بوادر الأزمة من خلال ما أصدره ائتلاف الدولة بخصوص موعد انعقاد جلسة التصويت على الكابينة الوزارية، والمتوقع إجراؤه السبت المقبل، إلا أنّ مصادر نيابية كشفت عن احتمالية تأجيله ليوم الاثنين، وهذا ما يدل على عدم وجود توافق تام، لا سيما في ظل محاولة استحواذ بعض الأحزاب على أهم الوزارات، والسيطرة على أهم مفاصل الدولة، بما يعني أنّ هذا الصراع قد ينتهي بمزيد من العراقيل أمام تشكيل حكومة السوداني، أو إنهاء تكليفها".

يتفق والرأي ذاته، الأكاديمي العراقي المتخصص في الشؤون الاستراتيجية، كرار نوري حميد الجبوري، والذي يرى أنّ التشكيلة الأخيرة للحكومة، من خلال تمرير منصب رئيس الجمهورية، وتكليف النائب محمد شياع السوداني، قد تم كل منهما على أساس "التوافقية السياسية"، وهذا يعني "انفراجة في الأزمة السياسية، خصوصاً بعد أحداث العنف الأخيرة بين أنصار التيار الصدري والحكومة، فضلاً عن وجود توافق بين الكتل على تمرير الكابينة الوزارية حتى بعد انسحاب التيار الصدري".

لكن هناك مجموعة معوقات يمكن توقعها، حسبما يوضح الجبوري لـ"حفريات"، ومنها "عدم توافق الكتل على اختيار المرشحين لحكومة السوداني، والوقوع في فخ ترشيح أسماء متهمة بالفساد. كما قد يرفض البرلمان والشارع هذه الشخصيات التي سبق لها تولي المسؤولية في الحكومات السابقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى انزلاق البلاد لأحداث عنف في بغداد والمحافظات كما حدث سابقاً"

ويختم: "في الحقيقة أنّ الوزارات الأمنية تمثل حلقة مصالح وتنافس بين الكيانات السياسية وبعضها؛ لأنّ هذه الوزارات تمتلك ميزانيات وموارد ضخمة  من موازنة الدولة، وأيضاً كونها تبتعد عن اهتمامات المواطن العراقي الخدمية، ولا تمت بصلة مباشرة لخدماته، وذلك على العكس من وزارات الصحة والتعليم والكهرباء والنفط، والأخيرة هي وزارات خدمية لها صلة مباشرة بالمواطن واحتياجاته اليومية، بالتالي، فإنّ أزمة الوزارات تعود إلى التوافقية بين الكتل السياسية، وقد تم الاستحواذ عليها، فعلاً، بعد اتفاقيات بين رئيس الوزراء المكلف والكتل السياسية من أجل تمرير الكابينة الوزارية".

مواضيع ذات صلة:

دلالات اعتزال المرجع الشيعي كاظم الحائري... ورقعة الشطرنج العراقية

لماذا اختارت إيران مواجهة الصدر عسكرياً في العراق؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية