أصابع الاتهام تشير إلى الإخوان... من يتلاعب بالأمن الاقتصادي التونسي؟

أصابع الاتهام تشير إلى الإخوان... من يتلاعب بالأمن الاقتصادي التونسي؟

أصابع الاتهام تشير إلى الإخوان... من يتلاعب بالأمن الاقتصادي التونسي؟


16/08/2023

برغم تواتر التحذيرات من استمرار بعض القوى السياسية المحسوبة على الإخوان، والتي ما تزال نافذة في الدولة، في تأجيج الأوضاع، وفي محاولة لاستغلال الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تونس، والدعوات المتكرّرة للتصدي لهذه المحاولات، ما تزال تونس تئنّ تحت وطأة الأزمات الاجتماعية وخاصة نقص المواد الاستهلاكية الأساسية، في مقدمتها الخبز.

وتشير أصابع الاتهام إلى وقوف تيارات سياسية خلف الأزمة، في مقدمتها حركة النهضة الإخوانية، وتطالب قوى سياسية بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المتورطين، والتسريع بإيجاد حلول عاجلة للأزمة التي أرهقت التونسيين منذ قرارات سعيّد التي أطاحت بحكم الإخوان.

يأتي ذلك في وقت تشهد فيه تونس حملة لمواجهة الاحتكار والمضاربة، وهي استمرار لبرنامج أعلنت عنه السلطات منذ أكثر من عام، وتمّت بمقتضاه توقيفات في صفوف تجار جملة ورجال أعمال واجهوا خلالها تهم ممارسة الاحتكار والمضاربة بإخفاء مواد وتخزينها، فضلاً عن توقيف سياسيين لهم علاقة بحركة النهضة الإخوانية، ووُجهت إليهم تهم التآمر على أمن الدولة.

حملات رقابية شرسة

إلى ذلك، أعلنت الرئاسة التونسية مساء الثلاثاء اكتشاف مضاربين ومحتكرين يقفون وراء أزمة الحبوب التي تعيشها البلاد.

وقالت الرئاسة: إنّ "حملة المراقبة التي تمّت في عدد من المطاحن أسفرت عن اكتشاف عدد غير قليل من المضاربين والمحتكرين الذين يقفون وراء أزمة شح الحبوب المفتعلة"، وقد دعا سعيّد خلال الاجتماع إلى "ضرورة تطبيق القانون على هؤلاء الذين يختلقون الأزمات كل يوم، بهدف تأجيج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".

وشدّد على "ضرورة مواصلة اليقظة، واستمرار المراقبة تحسباً لأيّ محاولات يائسة لافتعال أزمات جديدة".

خلال الأيام الأخيرة شهدت مخابز تونس نقصاً في الدقيق

وقد أقال الرئيس التونسي المدير العام لديوان الحبوب بشير الكثيري، وعيّن بدلاً منه سلوى بن حديد، في وقت تشهد فيه البلاد نقصاً كبيراً في هذه المادة، مّما أدى أساساً إلى اضطراب في إنتاج الخبز.

وفي تموز (يوليو) الماضي طالب الرئيس التونسي حكومة بلاده باتخاذ "إجراءات عاجلة" تتعلق بأزمة الخبر، محمّلاً "لوبيات" (إشارة إلى الإخوان) مسؤولية ذلك.

تشير أصابع الاتهام إلى وقوف تيارات سياسية خلف الأزمة، في مقدمتها حركة النهضة الإخوانية

يُذكر أنّ سعيّد أصدر أمراً رئاسياً رقم (117) لعام 2021 لمقاومة المضاربة غير المشروعة، ولتأمين التزويد المنتظم للسوق ومسالك التوزيع. ويُعدّ بمقتضاه جريمة مضاربة غير مشروعة كل تخزين أو إخفاء للسلع أو البضائع أيّاً كان مصدرها وطريقة إنتاجها، ويكون الهدف منه إحداث ندرة فيها واضطراب في تزويد السوق بها، وكل ترفيع أو تخفيض مفتعل في أسعارها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أو عن طريق وسيط.

أزمة الخبز تتفاقم

وخلال الأيام الأخيرة شهدت مخابز تونس نقصاً في الدقيق، ممّا أدى إلى نفاد أنواع كثيرة من الخبز، وتكدست طوابير طويلة أمام الأفران التي ما زالت تعمل، بعد أن أغلقت بعض الأفران أبوابها.

ونقلت تقارير صحفية محلية وجود معاناة كبيرة في تحصيل الخبز في عدد من الولايات،   وتعلن عدة مخابز عن إفلاسها، وبات تحصيل خبز كافٍ لكلّ يوم أمراً في غاية الصعوبة.

الرئيس سعيّد اتهم "لوبيات وأطرافاً" دون أن يسميها بافتعال أزمة الخبز، وذكر خلال زيارته لمقرّ وزارة الزراعة التونسية أنّ على الدولة أن "تتصدى للمحتكرين والعابثين بقوت التونسيين"، قائلاً: إنّ "الهدف من هذه الأزمات المتعاقبة هو تأجيج المجتمع لغايات سياسية واضحة".

واتهم سعيّد ما وصفها بـ "جهات أخرى وأحزاباً لا تظهر في الصورة، تقف وراء كل هذا، يقوم مسؤولون في الإدارات التونسية بخدمتهم"، لافتاً إلى أنّه يعرفهم بالأسماء، وأنّه لن يسكت على تجويع الشعب التونسي"، وأرجع المسؤولية كذلك إلى خلل في مسارات التوزيع، وأنّ النسبة الكبرى من السلع المهمة "تدار خارج المسالك الرسمية".

حركة النهضة تسعى لتنفيذ مخطط جديد، وهو فقدان عدد من المواد الغذائية لتأجيج الوضع الاجتماعي، لكي تستفيد سياسياً وتضرب ثقة الشعب التونسي في قيادته

يُذكر أنّه ثبت خلال التحقيق في أزمة البنزين والسكر والقهوة تورط بعض القوى السياسية، في مقدمتها النهضة التي استغلت رجال الأعمال المتحالفين معها من أجل خلق أزمة اقتصادية واجتماعية، بهدف حشد الشارع للتظاهر وصناعة الفوضى.

وقد شهدت تونس سابقاً "ثورة الخبز"، نتيجة عدم توافر المواد الغذائية في الأسواق، الأمر الذي تسعى بعض القوى السياسية لتكراره في الوقت الراهن، لتنفيذ أجندة سياسية تتعلق بعودتها إلى المشهد السياسي.

ووفقاً لأرقام رسمية عن المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، فإنّ معدل استهلاك الخبز للفرد الواحد في تونس يصل إلى (70) كيلوغراماً سنوياً، لكنّ هذا المعدل يرتفع بوضوح خلال شهر رمضان الذي يشهد تغيراً في نمط الاستهلاك، ليرتفع معدل استهلاك الخبز بنسبة 34% للفرد.

الإخوان على الخط

في الأثناء، تحاول حركة النهضة الإخوانية، بعد هزيمتها سياسياً ودحرها شعبياً، اللعب على وتر الأزمات، لإحداث قلق في الشارع، أملاً في أن تتاح لها ثغرة تستطيع من خلالها ضرب البلد، وتحاول، بحسب تلميح سعيّد، افتعال الأزمات بين الحين والآخر أملاً في ضرب العلاقة بين الرئاسة والتونسيين الداعمين لسعيّد.

 تحاول حركة النهضة الإخوانية، بعد هزيمتها سياسياً ودحرها شعبياً، اللعب على وتر الأزمات

إلى ذلك، يرى مراقبون أنّ التنظيم، وبرغم الضربات التي تلقاها حتى الآن، ما زال يحاول افتعال الأزمات بين الحين والآخر أملاً في ضرب العلاقة بين الرئاسة والتونسيين الذين اختاروا مسار 25 تموز (يوليو) 2021، والتسلل مجدّداً إلى السلطة.

كما تؤكد قيادات سياسية، بينها حركة الشعب، أنّ حركة النهضة، بعد فشلها الذريع طوال الفترة الماضية، ما بين النزول في تظاهرات فاشلة والدعوة إلى تعطيل المسارات السياسية في الانتخابات ومن قبلها الاستفتاء، تسعى لتنفيذ مخطط جديد وهو فقدان عدد من المواد الغذائية، لتأجيج الوضع الاجتماعي، لكي تستفيد سياسياً وتضرب ثقة الشعب التونسي في قيادته.

وكانت الإعلامية التونسية سعاد محمد قد أكدت أنّ جماعة الإخوان الإرهابية هي السبب المباشر والأساسي، بل إنّ الإخوان يتحملون وحدهم مسؤولية افتعال الأزمة لخدمة مصالحهم، والاستفادة من كل هذا سياسياً.

سعيّد أصدر أمراً رئاسياً لمقاومة المضاربة غير المشروعة، ولتأمين التزويد المنتظم للسوق ومسالك التوزيع

وأضافت أنّ ما يروّجه الإخوان ليس إلا "خزعبلات" لن تجد طريقة أخرى سوى المحاسبة وتطبيق مبدأ سيادة القانون بخصوص هذه الجرائم التي تمسّ كلاً من الأمن الاقتصادي والسلم الأهلي الذي يريد الإخوان التلاعب به، مشددة على أنّه بالرغم من كل هذه المحاولات، فإنّ مستقبل التنظيم انتهى إلى الأبد.

وتابعت الإعلامية التونسية: "إنّ القانون يجب أن يأخذ مجراه ضد هذه الرؤوس الفاسدة، وإن اقتضى الأمر يجب عزلهم سياسياً لخطورة الأفعال التي اقترفوها ضد الدولة والمؤسسات".

مواضيع ذات صلة:

جدل العلاقة بين حركة النهضة الإخوانية وجبهة الخلاص في تونس

هل تكون جبهة الخلاص بوابة تنازلات النهضة لاسترضاء قيس سعيد؟

تونس... هل ينجح البرلمان الجديد في ما فشل فيه برلمان الإخوان؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية