أزمة الجوع تبلغ ذروتها في اليمن... وتحذيرات من السيناريو الأسوأ

أزمة الجوع تبلغ ذروتها في اليمن... وتحذيرات من السيناريو الأسوأ

أزمة الجوع تبلغ ذروتها في اليمن... وتحذيرات من السيناريو الأسوأ


04/01/2023

يصارع ما يزيد عن (19) مليون يمني شبح الموت جوعاً بشكل يومي، تأثراً بأزمة نقص الغذاء الحاد التي تعصف بالبلاد خلال الأعوام الماضية، والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنّها الأسوأ في تاريخ البلاد، فيما تتواصل التحذيرات من كارثة محتملة تهدد ملايين الأشخاص من مختلف الفئات والأعمار، إذا لم تنجح المنظمات الإنسانية في توفير الإمدادات الغذائية والصحية اللازمة خلال العام الجاري 2023.

وأثارت صور انتشرت على نطاق واسع عبر موقع "تويتر" الأسبوع الماضي لمواطنين يمنيين في العاصمة صنعاء، يحاولون الحصول على بعض فتات الطعام من صناديق القمامة، أثارت حالة من التعاطف والغضب العربي والدولي، ومطالب بمحاسبة المسؤولين عن تفاقم أزمة الجوع بالبلاد، والتدخل العاجل لتوفير الإمدادات الغذائية اللازمة لليمنيين.

تقرير صادم يرصد معدلات جوع كارثية

المقاطع التي أثارت سخطاً حقوقياً واسعاً أظهرت صوراً ولقطات صادمة لأسر يمنية تقتات من صناديق القمامة، وأظهرت لقطات لآخرين يقفون في طوابير طويلة أمام المطاعم التي تقدّم وجبات مجانية للمواطنين. 

تزامن ذلك مع مجموعة تقارير حذّرت من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن الذي بات يحتل المرتبة الثانية عالمياً في قائمة الدول الـ (8) الأكثر تضرراً من انعدام الأمن الغذائي، التي تهدد بمستويات كارثية من الجوع، وفق تقرير صادر عن منظمة "إنقاذ الطفولة" يوم 29 كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

وبحسب التقرير، "يوجد في اليمن ثاني أكبر عدد من الأشخاص الذين يعانون من مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك سوء التغذية الحاد، فقد ارتفع هذا العدد خلال العامين الماضيين إلى (6) ملايين شخص من (3.6) ملايين، بزيادة قدرها 66%".   

وذكر مكتب المنظمة التي مقرّها بريطانيا أنّ الأطفال يتحملون وطأة أزمة الغذاء في اليمن؛ "لأنّهم أكثر عرضة لسوء التغذية والموت، لأنّ أجسامهم النامية أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، كما أنّ سوء التغذية يترك على الناجين من الأطفال آثاراً تدوم مدى الحياة، بما في ذلك ضعف النمو البدني والنمو المعرفي".

70% من اليمنيين بحاجة ماسّة للمساعدات

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد ذكرت أخيراً أنّ غالبية اليمنيين بحاجة ماسّة إلى المساعدات الإنسانية، من جرّاء الصراع الدائر في البلد منذ نحو (8) أعوام.

 وأوضحت اللجنة عبر حسابها في "تويتر" أنّ "أكثر من 70% من الناس في اليمن اليوم في حاجة إلى مساعدات إنسانية".

وضاح الجليل: ميليشيات الحوثي تبوء بالإثم الأكبر في الأزمة الإنسانية برفضها كل دعوات ومبادرات السلام، واستمرارها في نهب موارد الدولة وقوت اليمنيين، وفرض الجبايات والإتاوات عليهم، وحرمانهم من وصول المساعدات الدولية

 

وقالت: إنّ 51% فقط من المرافق الصحية تعمل في اليمن، مع وجود أكثر من (4.7) ملايين امرأة وطفل يعانون من سوء التغذية الحاد، وأنّ هناك أكثر من (3.3) ملايين شخص في اليمن فرّوا من منازلهم.

 (25.5) مليون مواطن تحت خط الفقر

من جهتها، قالت الأمم المتحدة في تقرير حديث: إنّ نحو (25.5) مليون نسمة في اليمن، من إجمالي السكان البالغ (30) مليون نسمة، باتوا يعيشون تحت خط الفقر، وبحاجة ماسّة إلى الدعم أكثر من أيّ وقت مضى.

 في حين توقّع تقرير دولي حديث تصاعد الصراع في اليمن؛ بسبب تعنت الجماعة الحوثية تجاه تجديد الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة، ورجحت شبكة الإنذار المبكر بشأن المجاعة أنّ يؤدي ارتفاع مستويات الصراع مرة أخرى إلى تقليل فرص اكتساب الدخل للأسر وإعاقة واردات الوقود عبر موانئ البحر الأحمر، وفق "الشرق الأوسط".

 وقالت الشبكة: إنّه نظراً لأنّ تجديد الهدنة مشروط بمطالب من غير المرجح أن تتحقق خلال فترة التوقع، فمن المتوقع أن يتصاعد الصراع تدريجياً.

 من المسؤول عن تفاقم أزمة الجوع باليمن؟

يُحمّل الكاتب الصحافي اليمني المختص بالشأن السياسي وضاح الجليل جميع الأطراف المنخرطة في الصراع في البلاد مسؤولية الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن، لكنّه يعتبر أنّ  ميليشيات الحوثي هي من تبوء بالإثم الأكبر فيها؛ فهي السبب الأوّل والمباشر لهذه الأزمة بانقلابها على الحكومة الشرعية وشنّها الحرب على اليمنيين، ثم بعد ذلك رفضها كل دعوات ومبادرات السلام، واستمرارها في نهب موارد الدولة وقوت اليمنيين، وفرض الجبايات والإتاوات عليهم، وحرمانهم من وصول المساعدات الدولية.

الجليل: تكمن الإشكالية لدى المجتمع الدولي في أنّه يتعامل مع الأزمة الإنسانية في اليمن بمعزل عن الأزمة السياسية والانقلاب والحرب، كأنّ هذه الأزمة ولدت من الفراغ، ولا يوجد لها أسباب مباشرة وموضوعية

 

ويقول الجليل لـ "حفريات": إنّ الأزمة الراهنة توجب على جميع أطراف النزاع السياسي، وأيضاً المنظمات الحقوقية والإنسانية، تكثيف جهودها من أجل حلّ هذه الأزمة، وتقديم المساعدة لليمنيين بكل السبل المتاحة، والعمل على إنهاء المعاناة بكافة الطرق.

هل يتقاعس المجتمع الدولي عن مدّ يد العون؟

بحسب الجليل، تكمن الإشكالية لدى المجتمع الدولي في أنّه يتعامل مع الأزمة الإنسانية في اليمن بمعزل عن الأزمة السياسية والانقلاب والحرب، كأنّ هذه الأزمة ولدت من الفراغ، ولا يوجد لها أسباب مباشرة وموضوعية، فهذه المعاناة، كما ذكرنا، سببها الانقلاب والحرب ونهب موارد الدولة وقوت اليمنيين، لكنّ المجتمع الدولي يرى الوضع الإنساني بعيداً عن ذلك.

ويشير الجليل إلى أنّ المجتمع الدولي ربما يسلك طرقاً خاطئة لإيجاد حلول بعيدة، مثل جمع التبرعات والمساعدات الإنسانية من الأطراف الدولية المعنية، وهو بهذه الطريقة يعمل على حلول غير مجدية أو عملية لهذه الأزمة، وذلك لأنّ أغلب الأموال التي يتم جمعها تذهب في مصروفات لفعاليات وعمليات توزيع هذه المساعدات، وهي في المحصلة لا تجدي إلّا في تقديم سلال غذائية بسيطة التكلفة، ولا تكفي الأسر المستهدفة إلا لمدة زمنية قصيرة. 

والأجدر بالمجتمع الدولي أن يتوجه إلى حل حقيقي للأزمة في اليمن؛ يتمثل بإنهاء الانقلاب وفق القانون الدولي، وحصار الميليشيات الحوثية بوصفها جماعة إرهابية لا يجدي معها أيّ حوار أو حلول سياسية، وتمكين المجتمع من استعادة دولته.

 أمّا على صعيد المساعدات الإنسانية؛ فيقول الجليل: إنّ من الأجدر أن تتحول إلى مشاريع تنموية مستدامة يستفيد منها المجتمع بشكل دائم، وتحقق له الحدّ الأدنى من الاكتفاء الذاتي، عوضاً عن المساعدات المؤقتة التي يتلقاها اليمنيون كصدقات.

مواضيع ذات صلة:

اليمن 2022: لا سلم ولا حرب، ولكن إلى متى؟

بعد إقصائهم... إخوان اليمن يتحالفون مع تنظيمات إرهابية

إحصاء أممي قاتم: أطفال اليمن في فم الموت اليومي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية