إحصاء أممي قاتم: أطفال اليمن في فم الموت اليومي

إحصاء أممي قاتم: أطفال اليمن في فم الموت اليومي

إحصاء أممي قاتم: أطفال اليمن في فم الموت اليومي


22/12/2022

يواصل الحوثي تأزيم الأوضاع باليمن ضد المدنيين، خاصة في ظل تفاقم الخروقات الحقوقية بحق الفئات الضعيفة. وتكاد لا تتوقف الممارسات العدوانية للتنظيم المدعوم من إيران، منها الألغام التي تستهدف مواطنين عاديين، وكذا الخطف القسري للأطفال، وتجنيدهم، والاعتقالات العشوائية للنشطاء والصحفيين. فيما تضاعف عدد ضحايا الحرب باليمن من الأطفال لنحو 11 ألفاً بينهم أكثر من 3700، وفق إحصاءات نشرتها الأمم المتحدة.

محارق الحوثي

وبالتزامن مع مقتل ثلاثة مدنيين، قبل أيام، في مديرية حيس جنوب الحديدة، قضى ثلاثة أطفال مجندين في صفوف ميليشيات الحوثي بينما أصيب طفل رابع، إثر انفجار مقذوف في أحد المعسكرات التابعة لهم بمحافظة ذمار، وسط اليمن. ويشير تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إلى أنّ الألغام ومخلفات الذخائر غير المنفجرة تمثل أحد الأسباب الرئيسية لوقوع ضحايا بين المدنيين في مختلف أنحاء اليمن.

وكان البرنامج الوطني اليمني للتعامل مع الألغام بالاشتراك مع البرنامج السعودي لنزع الألغام في اليمن "مسام" قد نجح كل منهما في تطهير قرابة 13 مدرسة، والطرق المتاخمة لها من كميات كبيرة من الألغام. ونزع البرنامجان (الوطني اليمني والسعودي) في مديرتي بيجان بشبوة وحريب بمأرب، فقط، ما يقرب من 7700 لغم وعبوة ناسفة تم زرعها بواسطة ميليشيات الحوثي.

الناشط اليمني أحمد القرشي: بعيداً عن المساءلة تزداد جرائم الحوثي

مطلع الأسبوع، كشف وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، في تغريدة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، عن مجموعة مشاهد من المعسكرات التي استحدثتها ميليشيات الحوثي لتجنيد وتدريب أطفال دون 10 أعوام.

وقال وزير الإعلام اليمني إنّ الحوثي يواصل تجنيد الأطفال من خلال ما يعرف بـ"المراكز الصيفية" تحضيراً للزج بهم في مختلف جبهات القتال في ظل الهدنة الأممية، ورداً على مساعي التهدئة وإنهاء الحرب واحلال السلام

الميليشيات المدعومة من طهران دشنت "مراكز صيفية"، بغية "غسل عقول" الأطفال، وزرع ثقافة طائفية تحريضية، حتى تتمّ تهيئة مجموعات منهم للقتال في الجبهات المسلحة

ووفق الإرياني فإنّ "ميليشيات الحوثي الإرهابية عملت على تجنيد الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرتها والدفع بهم لخطوط النار في ظل صمت دولي مستغرب وغير مبرر، بالإضافة إلى تقاعس منظمات وهيئات حقوق الإنسان وحماية الطفل من القيام بدورهم في التنديد بهذه الجريمة النكراء، ووقف عمليات القتل الجماعي لأطفال اليمن".

وطالب وزير الإعلام اليمني، المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأمريكي بمواقف واضحة من تصعيد ميليشيات الحوثي "الإرهابية" لعمليات تجنيد الأطفال، وممارسة ضغوط حقيقية لوقفها فوراً، وملاحقة المسؤولين عنها من قيادات وعناصر الميليشيات وتقديمهم للمحاكمة باعتبارهم "مجرمي حرب".

وبينما ذكر التقرير الأممي الأخير أنّ ضحايا الحرب باليمن من الأطفال قد وصل لنحو 11 ألفاً، بينهم أكثر من 3700 قتيل، فإنّ أعداد الأطفال المجندين قد تضاعفت، هي الأخرى، لقرابة 4 آلاف بينهم 91 فتاة.

اعتقال وعنف جنسي

وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، كاثرين راسل، بعد زيارة لليمن، خلال الشهر الحالي كانون الأول (ديسمبر): "بالنسبة إلى الأطفال أصبحت الحياة صراعاً من أجل البقاء. لقد فقد آلاف أرواحهم، ولا يزال مئات الآلاف غيرهم معرضين لخطر الموت".

وبحسب تقرير أممي تم رفعه لمجلس الأمن الدولي بينما نشر مطلع العام، فإن هناك لائحة تضم 1406 أطفال تراوح أعمارهم بين 10 و17 عاماً، جندهم الحوثيون ولقوا حتفهم في الحرب عام 2020. كما جرى اعتقال 445 طفلاً في النزاع، واختطاف 152، فيما تعرض 47 طفلاً لعنف جنسي مرتبط بالنزاع، هم 29 فتى و18 فتاة. ووقع 672 هجوماً على منشآت تعليمية، و228 على مرافق صحية".

هشام طرموم: حالة استغلال قصوى بها ميليشيات الحوثي للأطفال وصغار السن بهدف تعبئة بعضهم في جبهات القتال

إذاً، يؤكد تقرير "يونسيف" الأخير وضع الأطفال في اليمن، وتنامي الانتهاكات وجرائم الحرب بحقهم، بشكل مستمر، في ظل غياب أيّ حماية تحقق العدالة، وتحد من الجرائم والانتهاكات، من جهة، وآثارها النفسية والجسدية المدمرة، من جهة أخرى، حسبما يقول رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة في اليمن، أحمد القرشي.

ويشير القرشي إلى أنّ إفلات المجرمين من العقاب، في اليمن، وعدم خضوعهم للمساءلة أو العقاب، يعد أحد أسباب تصاعد واستمرار العنف والانتهاكات بحق اطفال اليمن، خلال سنوات الحرب، لافتاً في تصريح لـ"حفريات" إلى أنّه "بعد 8 سنوات من الحرب واسعة التمدد، في اليمن، جعلت الاطفال هم الأكثر تعرضاً لمختلف الجرائم والانتهاكات على مستوى العالم من دون رادع حقيقي".

الناشط اليمني أحمد القرشي لـ"حفريات": إفلات المجرمين من العقاب، وعدم خضوعهم للمساءلة أو العقاب، أحد أسباب استمرار العنف والانتهاكات بحق اطفال اليمن خلال الحرب

ويتابع: "للأسف؛ الجهات الأممية المعنية بحقوق الطفل في ظل النزاع المسلح، في اليمن، لا يتجاوز دورها التقارير الحقوقية وكذا تغطيات وسائل الإعلام لبعض الحالات فلا يوجد ثمّة عون قضائي أو دعم نفسي للأطفال. وهناك تدخلات محدودة للغاية في الدواء العلاجي. وهذا العجز المريع سيسهم في تحويل الكثير من الإصابات، الجسدية والنفسية، إلى عاهات مستدامة تلازم الضحايا وذويهم مدى الحياة. بل وتساهم في استمرار التدهور الاقتصادي والأمني بما يعيق جهود السلام والتنمية بعد توقف النزاع المسلح لعقود قادمة".

تقرير "اليونسيف" يمثل "الحد الأدنى" من الانتهاكات التي تعرض لها أطفال اليمن؛ حيث إنّ "آليات" و"معايير" الأمم المتحدة تفصح، فقط، ما تم التحقق منه بشكل موثق. بينما واقع حقوق الطفل "أكثر بشاعة ودموية". والكثير من الانتهاكات لا يتم رصدها وتوثيقها لأسباب عديدة، منها صعوبة الوصول إلى المعلومة نتيجة ارتفاع المخاطر على الراصدين. و"عسكرة" بعض مواقف المنظمات الحقوقية وتحويل تقاريرها إلى مجرد أدوات صراع"، يقول القرشي.

ومنذ احتدام الصراع في آذار (مارس) عام 2015، قتل وأصيب أكثر من 11 ألف طفل بحسب تقارير حقوقية أممية. وقالت اليونسيف في تقريرها الصادر قبل أيام إنّه قد تم مقتل 3774 طفلاً (2742 فتى و983 فتاة و49 مجهولاً)، وإصابة 7245 طفلاً (5299 فتى و1946 وفتاة).

وفي الفترة بين بين نهاية الهدنة الأخيرة باليمن، بداية تشرين الأول (أكتوبر) ونهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، قتل أو جرح 62 طفلاً. كما أنّ هناك ما لا يقل عن 74 طفلاً من بين 164 شخصاً قتلوا أو أصيبوا على خلفية ألغام أرضية وذخائر غير منفجرة بين شهري تموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر) عام 2022.

ورغم أنّ الأمم المتحدة قد تمكنت من التحقق من هذه الأرقام، إلا أنّ التقرير الأممي يرجح أن تكون الأعداد الفعلية أعلى من ذلك بكثير.

وتقول المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف إنّه "إذا كان لأطفال اليمن أيّ فرصة لمستقبل لائق، فيجب على أطراف النزاع والمجتمع الدولي وجميع من لهم نفوذ ضمان حمايتهم ودعمهم"، مضيفة "سيكون التجديد العاجل للهدنة خطوة أولى إيجابية".

وفي حديثه لـ"حفريات"، يؤكد الصحفي اليمني، هشام طرموم، أنّ هناك حالة استغلال قصوى وحشد مستمر تقوم به ميليشيات الحوثي للأطفال وصغار السن بهدف تعبئة بعضهم في جبهات القتال، لافتاً إلى أنّ هناك أعداداً هائلة من القتلى من الأطفال بينما تقوم المنصات الإعلامية التابعة لميليشيات الحوثي ببث مجموعة من الصور لأطفال مجندين قتلوا في المعارك.

ولا تكاد تختلف هذه الصور التي تعد دليلاً على ممارسات الحوثي (وكل المنظمات المدعومة من الحرس الثوري، كما هو الحال في سوريا، مثلاً)، ونشاطهم المحموم، عن اعترافات قادة حوثيين لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية بتجنيد الأطفال، قبل شهور، بما يؤكد على "اطمئنانهم التام لعدم المساءلة والعقاب وبخاصة من المجتمع الدولي".

وكان طرموم قد سبق وتحدث في تقرير سابق لـ"حفريات" عن آليات الحوثي وإستراتيجياتهم لتجنيد الأطفال، وذلك من خلال "المراكز الصيفية" أو "المخيمات الصيفية"، موضحاً أنّها مسميات مرتبطة بالمعسكرات الحوثية التي تقام فيها دورات ثقافية لتمرير أفكار وسياسات طهران الأيديولوجية من خلال وكلائها المحليين، فضلاً عن نقل خبرات عسكرية مختلفة للأطفال، وهذا يعكس ما هو أبعد من مجرد نشاط تكتيكي للتصعيد الميداني، وسد العجز في صفوف الحركة المسلحة.

وهذه الجماعة المدعومة من طهران دشنت ما تعرف بـ "مراكز صيفية"، بغية "غسل عقول" الأطفال، وزرع ثقافة طائفية تحريضية، حتى تتمّ تهيئة مجموعات منهم للقتال في الجبهات المسلحة. ومنذ سيطرتها على العاصمة اليمنية، صنعاء، عمدت الميليشيات الحوثية إلى استهداف التعليم، وضرب العملية التعليمية، من خلال اختطاف بعض المعلمين، وقتل البعض الآخر، فضلاً عن تحويل بعض المدارس إلى معسكرات وسجون، وفق الصحفي اليمني، ما يؤكد استهدافها للتعليم، وأنها تريد جيلاً غير مؤهل سوى لأهدافها الدموية والقتالية.

مواضيع ذات صلة:

صحفي يمني يكشف لـ"حفريات": زملائي يواجهون الإعدام في سجون الحوثي

لماذا يرفض الحوثيون فك الحصار عن محافظة تعز؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية