أزمة أوكرانيا وعلاقتها بالسعودية وأوبك+

أزمة أوكرانيا وعلاقتها بالسعودية وأوبك+


20/02/2022

أدى ارتفاع أسعار النفط والمخاوف من الغزو الروسي لأوكرانيا إلى معضلة للمملكة العربية السعودية: هل تساعد الغرب عن طريق ضخ المزيد من النفط الخام لترويض السوق (ارتفاع أسعار الطاقة)، أم تقف إلى جانب تحالف نفطي (أوبك+) عمره خمس سنوات يساعد موسكو على حساب واشنطن. هذا التساؤل طرحته صحيفة "وول ستريت جورنال"، ولدى إجابتها قالت: "في الوقت الحالي، لا يزال أكبر مصدر للنفط الخام في العالم (السعودية) متمسكاً بروسيا، والأخيرة تدرك أنّ تحالف (أوبك+) لم يكن مهمّاً إلى هذه الدرجة كما هو الآن. وبحسب الصحيفة "يمثل التهديد بغزو روسي لأوكرانيا أول اختبار جيوسياسي رئيسي لتحالف الطاقة السعودي مع روسيا".

اقرأ أيضاً: أسعار النفط ترتفع لأعلى مستوى في 7 أعوام... ما الأسباب؟

لم تفلح زيارة وفد أمريكي إلى الرياض الأسبوع الماضي بإقناع السعودية بضخ أقصى طاقتها في السوق النفطي ولاحتواء انعكاسات أي هجوم روسي على أوكرانيا، بما سيزيد من حالة الفتور الاستراتيجي بين الجانبين، وفق محللين. الزيارة التي قام بها منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط، بريت ماكغورك، ومستشار الخارجية لشؤون الطاقة، آموس هوشستين، كانت "لمناقشة نهج تعاوني للتعامل مع ضغوط السوق المحتملة الناجمة عن الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا"، بحسب البيت الأبيض. إلا أنّ المعطيات الاقتصادية والمتغيرات في العلاقة السعودية-الأمريكية أعادت الوفد إلى واشنطن من دون اختراق ملموس، كما يذكر أولئك المحللون.

رفض وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الدعوات لضخ المزيد من النفط

اجتماعات الرياض جاءت بعد أسبوع من اتصال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بالملك سلمان بن عبد العزيز والتي، بحسب البيت الأبيض، كان فيها التزام ثنائي باستقرار السوق النفطي. إلا أنّ هذه العبارات والالتزامات اليوم تصطدم بواقع وصول أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من 7 سنوات واحتمال تخطيها عتبة الـ100 دولار للبرميل خلال الأشهر القليلة المقبلة وبشكل يؤذي شعبية بايدن والديمقراطيين في الداخل الأمريكي.

 

لم تفلح زيارة وفد أمريكي إلى الرياض الأسبوع الماضي بإقناع السعودية بضخ أقصى طاقتها في السوق النفطي ولاحتواء انعكاسات أي هجوم روسي على أوكرانيا

 

أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى إذكاء التضخم في الولايات المتحدة، وعقّد مقدرة الغرب على فرض عقوبات على موسكو. وتقول "وول ستريت جورنال": يمكن للمملكة العربية السعودية أن تخفّض الأسعار؛ لأنها لا تضخ بكامل طاقتها البالغة حوالي 12 مليون برميل يومياًوتنتج حالياً حوالي 10 ملايين برميل يومياً ويمكن أن تصل إلى طاقتها الكاملة في ثلاثة أشهرويقول محللون نفطيون إنّ أي إشارة على استعدادها للقيام بذلك ستؤدي على الأرجح إلى انخفاض أسعار النفط".

اقرأ أيضاً: أزمة النفط والكهرباء تعود إلى ليبيا.. ما الجديد؟

وبحسب "وول ستريت جورنال"، رفض وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الدعوات لضخ المزيد من النفط. وقال إنّ إعادة التفاوض بشأن الحصص بين أعضاء أوبك يخاطر بإحداث تقلبات في أسواق النفط بدلاً من استقرارهاوقال مندوب في أوبك للصحيفة "المملكة ليست على الصفحة نفسها مع الولايات المتحدة حالياً. نعلم جميعاً أنهم غير مستعدين للتعاون مع الولايات المتحدة لتهدئة السوق". ويقول مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إنّ العقوبات المفروضة على صناعات النفط والغاز الروسية لم يتم النظر فيها الآن، وهو اعتراف بأنّ مثل هذه الإجراءات ستؤدي إلى زيادات غير مستدامة في الأسعار. ولكن حتى العقوبات ضد البنوك الروسية وغيرها من القطاعات يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في إمدادات الطاقة لأنّ تجار النفط والغاز قد يتراجعون عن مخاطر العمل مع دولة خاضعة للعقوبات. يقول الخبراء، بحسب "وول ستريت جورنال"، إنّ العقوبات الغربية التي تجري مناقشتها قد تقطع نحو 7٪ من إمدادات النفط العالمية.

وجهة النظر السعودية هي أنه لا يوجد اختلال في التوازن بين العرض والطلب في سوق النفط العالمي

كانت موسكو والرياض في السابق عدوين زمن الحرب الباردة، لكنهما دخلتا في تحالف لإنتاج النفط في عام 2016 عندما أبرمت روسيا وحوالي 12 دولة أخرى اتفاقية مع أوبك لتنظيم الإنتاج. وأعطى الاتفاق نفوذاً جديداً في السوق لروسيا، أحد أكبر ثلاثة منتجين للنفط الخام في العالم، وألزم السعودية ، أكبر مصدر للنفط في العالم ، بصفقات أبرمت مع موسكو. جاءت الاتفاقية مع صعود ولي العهد السعودي الشاب، الأمير محمد بن سلمان.

 

يشير تقرير أوبك إلى وجود فائض عالمي قدره 1.4 مليون برميل يومياً في الربع الأول، مما يثير مخاوف من تخمة المعروض

 

وتشير "وول ستريت جورنال" إلى أنّ لدى السعوديين أسباباً وراء تحالفهم مع روسيا للتحرك بحذر في زيادة إمدادات النفط. وجهة النظر السعودية هي أنه لا يوجد اختلال في التوازن بين العرض والطلب في سوق النفط العالمي الذي يتطلب المزيد من الخام، وأنّ الارتفاع الحالي في الأسعار هو مجرد تكهنات بشأن أوكرانيا. يشير تقرير أوبك إلى وجود فائض عالمي قدره 1.4 مليون برميل يومياً في الربع الأول، مما يثير مخاوف من تخمة المعروضكان السعوديون حذرين بشأن التصرف بمفردهم لاستخدام قوتهم السوقية في الماضي، بما في ذلك في عام 2008 عندما سمحوا للأسعار بالارتفاع إلى مستوى قياسي بلغ 147 دولاراً للبرميل قبل أن تؤدي الأزمة المالية إلى انهيار السوق مرة أخرىإذا كان هناك ارتفاع في الأسعار مشابه لما حدث في 2008، قال المسؤولون السعوديون إن بإمكانهم إعادة النظر وضخ المزيد من النفط إذا شعروا أن الأسعار مرتفعة للغاية بحيث سيكون لها تأثير طويل المدى على الطلب، لكن من غير الواضح، تضيف "وول ستريت جورنال"، ما الذي سيحتاج السعوديون لإعادة النظر فيه. تعطي الأسعار المرتفعة للسعوديين حقنة من السيولة ستساعد الأمير محمد بن سلمان على رؤية بعض مشاريعه الأكثر طموحاً، بما في ذلك التحول في اقتصاد البلاد المصمم لتعزيز الصناعات غير النفطية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية