أدب العشق: عندما يختنق الحب في عباءة الفقيه

أدب العشق: عندما يختنق الحب في عباءة الفقيه


23/01/2018

"الوصايا في عشق النساء" كتاب أثار غضب عضو البرلمان عن التيار الإسلامي، مصطفى محمد مصطفى، الذي تحرّك عام 2004، ضدّ الكتاب؛ الذي ألّفه الشاعر المصري أحمد الشهاوي، نائب رئيس تحرير مجلة "نصف الدنيا" في ذلك الوقت، متهماً الكتاب بأنّه يتضمن مجموعة من العبارات التي "تستهين بالدين، وتستفز مشاعر المسلمين". وانتهت تحرّكاته تلك بمصادرة نسخ الكتاب من المكتبات، ومحلات بيع الصحف، بناء على توصية الأزهر الشريف، الذي طالب بمنع الكتاب.

لم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ؛ فقد تلقّى الشاعر أحمد الشهاوي، رسالة تهديد بالقتل، من جماعة تطلق على نفسها اسم "أنصار الإسلام"، جاء فيها: "قد علمنا ما كان من أمر كتابكم الناضح بالكفر البواح المسمَّى "الوصايا في عشق النساء"، وحذارِ من نشر الجزء الثاني منه، ثم حذارِ من البطش الشديد والعقاب الأليم".

جُبن الناشرين

وقد صرّح الشهاوي، بأنّ تأخّر نشر الجزء الثاني من الكتاب مدّة 15 عاماً، بعد صدور الجزء الأول، لم يكن امتثالاً لتهديدات الجماعات المتطرفة؛ بل لأنّ الناشرين أرادوا تجنّب خوض تلك المغامرة الخطيرة.

في آب (أغسطس) 2016؛ يكشف الشهاوي اللثام عن الجزء الثاني، الصادر عن "الدار المصرية اللبنانية"، بعنوان "أنا من أهوى- 600 طريق إلى العشق"، الذي أقيم حفل توقيعه الخميس 18 كانون الثاني (يناير) 2018، في فرع مكتبات "ألف" في حي مصر الجديدة.

حين ضعفت الأمة العربية انتباتها كثير من الأضرار وانتقل الحب من موضوع حياة إلى موضوع في الفقه

مفارقتان لفتتا الانتباه في حفل التوقيع، الأولى: أنّه أقيم في مكتبة "ألف"، التابعة للشركة العربية الدولية للتوكيلات التجارية، التي سبق وأصدرت لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان في القاهرة، في آب (أغسطس) عام 2017، قراراً بالتحفظ عليها؛ للاشتباه في تبعيتها للجماعة، وهي شكوك لم تتأكد بعد، وما تزال لجنة التحقيق تعمل على التأكد من ذلك.

المفارقة الثانية: أنّ الحفل أقيم على بعد خطوات من الميدان الذي شهد تجمهر ملايين المصريين، في 30 حزيران (يونيو) 2013، ضدّ سطوة التيارات الدينية المتطرفة.

الشهاوي: "نحن أصحاب نظرية في الحب"

الشاعر أحمد الشهاوي، كشف في تصريحات لـ "حفريات": "عُرض عليّ أن أختار بلداً آمناً بين أربعة بلدان، لكنّني رفضت، فأنا لا يمكن أن أعيش مضطهداً".

وعن كتابه "الوصايا، يقول الشهاوي": "لم أفكر أن أكتبه نهائياً، كنت في مدينة المنستير التونسية، أكتب كتاباً آخر، لم أكمله للأسف، ووجدتني أبدأ في كتاب عنوانه "الوصايا"، دون ترتيب مسبق، وحين عودتي إلى القاهرة أكملته، وعبارة "في عشق النساء" أضفتها لاحقاً".

الشهاوي: عرض عليّ أن أختار بلداً آمناً بين أربعة بلدان، فرفضت، فأنا لا يمكن أن أعيش مضطهداً

يشير الشهاوي، إلى أنّه لم يتعمَّد خَطّ كتابٍ في الحب أو الوصية، لافتاً إلى أنّ المرأة لديها حدس وحسّ ومعرفة بروحها، ولا تحتاج إلى وصية رجل، أو وصايا فقيه. موضحاً أنّه منشغل بإرثٍ عربي موجود لدينا في أشكال الكتابة التي سبقت أزمانها، لكنّنا نتركه ونذهب للآخر، مستدركاً: "لست ضدّ الآخر، لكن، لماذا ننسحق أمام الأشكال التي يبدعها الآخرون، ونحن أصحاب إرثٍ قديمٍ أشكاله لا تزال صالحة للدهشة؟"

يستكمل الشهاوي مشروعه في أدب العشق، بكتاب جديد يصدر ذلك العام بعنوان "كن عاشقاً"، يعتبره  بمثابة "تنظير للحبّ" متسائلاً: "هل يمكن لنا أن نكون أصحاب نظرية في العشق، في ظلّ الذي نعيش فيه من اختلاط أمور كثيرة، بين ما هو ثقافي وسياسي واجتماعي وأدبي، نعيش حياة ديكتاتورية، نحن في أوجها، فكيف تَطلُب من أناس يعيشون تحت مظلة الاستبداد، أن يعشقوا وأرواحهم مكبلة؟".

وعن معركة رجال الدين مع معاني الحبّ، يقول الشهاوي: "الأمم عندما تضعف ينتابها كثير من الأضرار، والأمة العربية حين ضعفت، انتقل الحب من موضوع حياة إلى موضوع في الفقه".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية