منذ أكثر من نصف قرن والأديبة والكاتبة والطبيبة المصرية نوال السعداوي، التي غيّبها الموت في 21 آذار (مارس) 2021 عن عمر يناهز التسعين عاماً، تثير الزوابع، وتنبش في الموروث، وتفجّر الجدل، في قضايا تمسّ السياسة والدين وحركة الاجتماع والنظرة تجاه المرأة.
تعدد الزوجات يخلق الكره بين الأطفال والزوجات كما يزيد من الحوادث وهو كذب ولم يرد في القرآن الكريم
ودفعت السعداوي ثمناً باهظاً من حياتها وهنائها الشخصي وحريتها، لقاء أفكارها التي لم تستسلم في الدفاع عنها، فعقوبت بالسجن في عهد الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات عام 1981، وخرجت أشد عزماً على مواصلة المشوار الذي ترى أنه لا بد منه من أجل تغيير المجتمع العربي، وتنويره وتثويره، في حين يرى خصومها بأنها داعية لهدم الدين، وإفساد أخلاق المجتمع، ويصفونها بسبب ذلك بأقذع العبارات.
اقرأ أيضاً: هل المرأة أكثر استجابة للخطاب الديني من الرجل؟
آخر ما أثارته السعدواي، كان دعوتها إلى إجراء "تعديل وتغيير بخصوص النصوص السماوية كافة من جميع الأديان"، وهو ما دفع محامياً مصرياً، إلى تقديم بلاغ للنائب العام المصري نبيل صادق، يتهم السعداوي فيه بـ"ازدراء الأديان"، وبالدعوة الصريحة إلى "الإلحاد والكفر بالنصوص القرآنية".
ورصدت "حفريات" عشر قضايا متفجرة أثارتها الدكتورة نوال السعداوي التي تؤمن بأنّ الجهر بالحق خير من الصمت والتواطؤ مع الباطل:
أولاً: مطالبتها الأخيرة في 1 تموز (يوليو) 2018، على شاشة BBC نيوز في برنامج "بلا قيود" بتغيير نصوص الكتب السماوية في القرآن والإنجيل والتوراة إذا تعارضت مع المصلحة العامة؛ إذ قالت: "لا يوجد ثوابت في الأديان ولا يوجد نص ثابت، وتجديد الخطاب الديني يعني تغيير الثوابت".
اقرأ أيضاً: السجن المقدس: المرأة حرةٌ في النصوص عبدة في التفسيرات
ثانياً: قالت في عام 2014 إنّ جذر اضطهاد المرأة يرجع إلى النظام الرأسمالي الحديث والذي تدعمه المؤسسات الدينية. كما ترى أنّ نظام الميراث الإسلامي ظلمٌ كبير للمرأة، ويجب مساواة ميراث الرجل والمرأة.
ثالثاً: علقت في عام 2007 على وفاة الطفلة صاحبة الاثنتي عشرة سنة، بدور شاكر أثناء عملية "ختان": "بدور، هل كان يجب عليك الموت لتنيري هذه العقول المظلمة؟ هل كان يجب عليك دفع هذا الثمن بحياتك؟ يجب على الأطباء ورجال الدين أن يعلموا أنّ الدين الصحيح لا يأمر بقطع الأعضاء التناسلية. كطبيبة وناشطة في مجال حقوق الإنسان أرفض تماماً هذه العملية، كما أرفض ختان الذكور، وأؤمن أنّ الأطفال جميعاً؛ ذكوراً وإناثاً، يجب حمايتهم من هذا النوع من العمليات". وكانت السعداوي نشرت في عام 1972 كتاباً بعنوان "المرأة والجنس"، ناقدةً جميع أنواع العنف التي تتعرض لها المرأة كالختان و"الطقوس الوحشية التي تقام في المجتمع الريفي للتأكد من عذرية الفتاة".
السعداوي: والدي تخرج من الأزهر وكان ناقداً للتعليم الأزهري وكان يقول الإيمان بالوراثة باطل
رابعاً: تعتقد أنّ الحجاب والنقاب من صور العبودية وضد الأخلاق والأمن، وأنّ الحجاب لا يعبر عن الأخلاق. فلماذا تتحجّب المرأة ولا يتحجّب الرجل، بالرغم من وجود شهوة لكل منهما؟
خامساً: أعلنت، في أحد حواراتها، أنها ترفض فكرة تعدد الزوجات قائلة "إنّ تعدد الزوجات يخلق الكره بين الأطفال والزوجات، كما يزيد من الحوادث، وأن تعدد الزوجات كذب، وليس بالقرآن، وبلاد عربية مثل تونس منعت".
اقرأ أيضاً: المرنيسي تكشف تهافت الحديث عن ولاية المرأة بوقائع من زمن النبي
سادساً: دافعت السعداوي، عن المثليين الجنسيين وحقوقهم، قائلة: "الجنس عادة وتعوّد، والمثلية لها أسبابها، وجزء منها وراثي بجانب التربية والخوف، والأمر يتطلب تحليله وإرجاعه لأسبابه الاجتماعية والبيولوجية، وليس وضعهم في السجون، لأنّ هذا ليس الحل، ولازم يكون فيه حرية، فالمجتمع والدين لا دخل لهم بالجنس". وقالت: "لم نتربّ على حرية الجنس، والعلاقات الجنسية شخصية".
سابعاً: عن حياتها المبكرة، قالت السعداوي :"والدي تخرج من الأزهر، وكان ناقداً للتعليم الأزهري وواسع الأفق. وكان يقول الإيمان بالوراثة باطل". وقالت عن طفولتها: "أنا كنت طفلة شقية جداً، والمدرسين كانوا بيقولوا لي إنتي هتروحي جهنم، لكن والدتي كانت بتقول مفيش نار في الآخرة دي رمز".
اقرأ أيضاً: هل تؤمن أنّ المرأة أقل كفاءة من الرجل ولا تصلح للقيادة؟!
ثامناً: تزوجت السعداوي ثلاث مرات، وكان الزوج الثالث، كما تقول، شريف حتاتة، والد ابني، كان رجلاً حراً جداً، وماركسياً، وتم سجنه 13 عاماً. عشت معه 43 عاماً، وأخبرت الجميع: هذا هو الرجل (النسوي) الوحيد على وجه الأرض. ثم بعد ذلك اضطررت للطلاق أيضاً. كان كاذباً. كان على علاقة بامرأة أخرى. إنه تعقيد الشخصية ذات الطابع الأبوي. ألّف كتباً عن المساواة بين الجنسين، ثم خان زوجته. أنا متأكدة أنّ 95% من الرجال هكذا".
اقرأ أيضاً: شيرين خانكان تشتبك مع المحظور الديني: المرأة مستقبل الإسلام
تاسعاً: ترى السعداوي أنّ ثورة يناير 2011 أجهضت؛ لكن المرحلة التي تمر بها مصر الآن أحسن من عصر الرئيسين السابقين أنور السادات وحسني مبارك، بالرغم من الأخطاء الكبيرة التي تقوم بها الحكومة والدولة بحبس الشباب والمفكرين والشعراء، وتناقُض ذلك مع الدعوة لتجديد الخطاب الديني.
عاشراً: تقول نوال السعداوي: "جريمتي الكبرى أنني امرأة حرّة في زمن لا يريدون فيه إلا الجواري والعبيد، ولدتُ بعقل يفكّر في زمن يحاولون فيه إلغاء العقل".
اقرأ أيضاً: متلازمة المرأة والغواية: من الموروث الديني إلى الثقافة العامة