اليهود في الخليج.. حين هربوا من تنكيل العثمانيين وصاروا مواطنين

الخليج العربي

اليهود في الخليج.. حين هربوا من تنكيل العثمانيين وصاروا مواطنين


04/12/2017

منذ العام 1913، حين نجح عبد العزيز آل سعود بضم منطقة الأحساء التي كانت تعاني من غياب الأمن وضعف الموارد الاقتصادية بسبب استهتار العثمانيين آنذاك، بدت المنطقة حينها شبه خالية من اليهود، الذين هربوا من العثمانيين باحثين عن الأمن ولقمة عيشٍ أفضل.
وعلى غرار ذلك، انتقل العديد من يهود العراق إلى منطقة البحرين والكويت في ذلك الوقت، هرباً من التجنيد الإجباري في الجيش العثماني؛ حيث كان الجنود يذهبون إلى الحرب، ولا يعودون منها، وربما أنّ لليهود المشرقيين خصوصيتهم، بسبب احتلال فلسطين منذ نكبة عام 1948؛ إذ تحول عدد كبير منهم من يهود عرب، إلى يهود إسرائيليين، لكن الجانب التاريخي لتواجدهم في المشرق طويل، ويمكن التركيز على جزءٍ منه، في الخليج العربي، منذ مطلع القرن العشرين.

لم يكن وجود اليهود العرب في منطقة الخليج العربي يشكل أي بعد طائفي سلبي، إنما كانوا مواطنين عاديين

ولم يكن وجود اليهود العرب في منطقة الخليج العربي يشكل أيّ بعد طائفي سلبي، إنما كانوا مواطنين عاديين تقريباً، كما تشير الوقائع المتعلقة بحياتهم هناك، وهو عكس ما روّجت له الروايات الإسرائيلية عن تعرض يهود الشرق للقمع والتنكيل، وفي كتاب "اليهود في الخليج العربي" للباحث الكويتي والأستاذ في التاريخ يوسف المطيري، الصادر عام 2011 عن دار مدارك للنشر، يذكر المطيري أنّ اليهود في الكويت مثلاً، حصلوا في العام 1931 على حقوق إدارة أعمالهم من خلال فتح "شركاتٍ خاصة في الكويت وعمان، إضافة إلى تجارة التمور والتجارة البحرية".

استقروا في عمان والكويت والبحرين
ويشير الباحث في كتابه أيضاً، إلى أنّ يهود الخليج العربي في مطلع القرن العشرين، استقروا في عمان والكويت والبحرين، أي "أبعد ما يمكنهم عن السيطرة العثمانية"، في الفترة التي كانت فيها بلاد الخليج تعاني انحسار عهدٍ عثماني غير مستقرٍ أمنياً واقتصادياً، وبداية انتداب طال الوطن العربي من قبل بريطانيا ودولٍ أخرى، وهو ما يقود إلى أنّ يهود الخليج العربي عاشوا ذات الظروف التي عاشها العرب في ذلك الحين تقريباً بغض النظر عن كونهم أقلية.

يهود الخليج استقروا في مطلع القرن العشرين، في عُمان والكويت والبحرين، أي "أبعد ما يمكنهم عن السيطرة العثمانية"

وباحتلال فلسطين، هاجر يهود من العراق ودولٍ أخرى تجاه فلسطين، أما من فضلوا الإبقاء على هويتهم العربية، فبقي بعض منهم في البحرين والكويت تحديداً؛ حيث وسعوا أنشطتهم التجارية الخاصة، واستمروا محافظين على كونهم عرباً ومخلصين للبلاد التي يقطنون فيها، وينوه المطيري في كتابه بأنهم عاشوا في ظروفٍ "تتميز بالتسامح الديني ونبذ التعصب وتقبل الآخر المتمايز عنهم دينياً".
كما يتطرق المؤلف في كتابه إلى مساهمتهم الطبيعية في المجتمع المدني، بإنشائهم أول دار سينما في البحرين، وأول شركة تسجيلاتٍ موسيقية، واندماجهم بالتجارة والأعمال اليومية، إضافة إلى انخراطهم في أعمال فنية، فمنهم ملحنون وموسيقيون ومثقفون، خصوصاً أولئك الذين كانوا من أصولٍ عراقية، وهم تابعون في لغتهم وثقافتهم لتاريخ العراق الطويل.
زواج مسلمين من يهوديات
أما بخصوص وضعهم الاجتماعي، فقد عاشوا قرب مصالحهم التجارية، وشكلوا حولها تجمعاتٍ سكانية كما في مسقط والكويت، وشهد تاريخ وجودهم في هذه الدول حالات زواج مسلمين من يهوديات، وزواج يهود أسلموا من مسلمات، وبشكل عام، لم تكن هنالك معوقاتٌ رئيسية باندماجهم في المجتمع أو ممارسة شعائرهم الدينية وطقوسهم الخاصة بهم.
وبانتقالهم من السعودية، ثم إلى الكويت، التي بقوا فيها حتى عام 1950، وكذلك البعض منهم في عُمان؛ حيث عملوا في تجارة الذهب والسيارات والبنى التحتية إلى ما قبل عام 1948، ظل الامتداد الوحيد لهم في دولة البحرين، حتى إنّ السفيرة السابقة لمملكة البحرين في واشنطن "هدى عزرا"، كانت يهودية، لكنها بحرينية وعربية قبل كل شيء وفقاً لتاريخ اليهود المشرقيين، والذي يعود إلى ما قبل الانتداب واحتلال فلسطين.
وربما إنّ تاريخ اليهود المشرقيين في الخليج، يتركز في فترة عدم الاستقرار والانتداب والهجرات الداخلية والخارجية المتعددة لليهود في الوطن العربي منذ نهايات القرن التاسع عشر؛ حيث شكل رحيل عددٍ كبيرٍ منهم إلى فلسطين المحتلة، نهاية لتواجدهم في دول الخليج العربي ودولٍ عربيةٍ أخرى، ويذكر التاريخ أنّ البيئة العربية الإسلامية المتسامحة بصورة عامة، لم تطردهم، ولم تنكل بهم.

الصفحة الرئيسية