المقتلة السورية ثمرة كرسي عرش زائف!

المقتلة السورية ثمرة كرسي عرش زائف!


01/04/2018

ما إن اندلعت المظاهرات السورية التي عمت البلاد كلّها، باستثناء القرى العلوية والمسيحية، حتى كان النظام أمام سؤال مصيري: كيف ينجو من هذه الهبّة الشعبية؟

لم يكن السؤال سؤالاً وطنياً؛ بل سؤالاً مرتبطاً بمصير السلطة نفسها، وليس بمصير الوطن.

وحتى في الجواب عن هذا السؤال الزائف، لم يخطر على عقله المحدود، أيّ جواب معقول، يحمي البلاد والعباد، كان جوابه العملي هو البقاء كما هو، حتى ولو على جثة بقايا وطن، فكان ما كان، أن تحوّلت سوريا إلى أجزاء مبعثرة، تتحكم بها وبمصيرها دول خارجية. 

أربع دول خارجية، وشبه دولة، تمارس القتل في سوريا؛ من الغوطة إلى عفرين، مروراً بحوران وحماة وحلب، كلّ ذلك ثمرة كرسي عرش زائف، تتمسك به جماعة استولت على السلطة بالقوة العسكرية وأدمنتها، ومع اقتسام سوريا بين هذه الدول لم يبق من العرش سوى شكله الخارجي، وحتى بقاء هذا الشكل الخارجي، أو زواله، رهن بالسؤال عن وظيفته في الاقتسام، وغالباً ما سيفقد حتى هذه الوظيفة، فرؤساء الدول (روسيا، إيران، تركيا)، الذين  يجتمعون في الأستانة  للاتفاق، يجتمعون في غياب أصحاب العلاقة، وأمريكا تستفرد بمشروع خاص بها، وترسم حدوده الحمراء، وإسرائيل لها حصتها التي فرضتها على الجميع.

أربع دول وشبه دولة تمارس القتل بسوريا من الغوطة لعفرين مروراً بحوران وحماة وحلب من أجل عرش زائف

دول أربع، وإسرائيل، وشبه دولة، اتّحدت جميعها ضدّ شعب أراد العيش بحرية وكرامة، وقال لا لدويلة ما تزال تسري فيها روح سرايا الدفاع.

دول أربع، وشبه دولة، صنعت ميليشيات الوسخ التاريخي واستدعوه، ميليشيات الوسخ التاريخي الشيعي التي يسيرها الولي الفقيه المتخلف، ظلّ الله على الأرض، وميليشيات الحماقة السنية الساعية إلى خلافة أكل الدهر عليها وشرب، نصر الله وبغدادي وجولاني وخرساني وسليماني، ومسلم، وكائنات ذات أسماء قبورية، يحتلون ساحة الرقص بأغاني الهبل التاريخي، ويستدعون القتلة من خزان الفقر العراقي والإيراني واللبناني والسوري والكردي، بعملية تزييف للوعي الذي قوامه الحقد والوعد. وقتل مستقبل الأكثرية من الشعب السوري، صاحب العقل الطليق والمدنية العريقة، وصاحب الحرفة والحرف، وصاحب القيم النبيلة وحبّ الحياة.

أحقاد الأصولية الشيعية المتعفنة، وأوهام الأصولية السنية الحمقاء، وأوهام الجماعة الحاكمة البربرية، وأطماع الدول كلّها، اتّحدت ضدّ إرادة شعب عظيم، وطموحه المشروع في بناء دولة العقد الاجتماعي الديمقراطية، دولة الحق والحرية.

أهل الغوطتين، وأهل جبل الزاوية، وأهل حوران، وأهل وأهل، لم يرفعوا السلاح في حياتهم إلّا مرتين: مرة ضدّ المستعمر الفرنسي، ومرة ضدّ المحتل الأسدي، لكن شتّان بين الاستعمار الفرنسي والاحتلال البربري الأسدي.

لم يهجر السوريون ديارهم خوفاً من بطش الفرنسي، لم يهيموا في الأرض الغريبة لاجئين خوفاً على حياتهم من غورو، لم تدمَّر الغوطة على رؤوس أهلها بسبب ثوار الغوطة، فيما أفسد الاحتلال البربري الأسدي في الأرض، دمّر القيم، نهب البلاد والعباد، وقتل مليون شخص، وأحرق الغوطتين، واستدعى آخر الهمجيات المتبقية على وجه الأرض لإنقاذه من شعب عظيم.

السوري لم يحقد على الفرنسي؛ بل طرده من البلاد مستعمراً، وأبقى على سفارته في قلب دمشق.

القتل من أجل السلطة قديم مرتبط بمفهوم العرش أمّا أن يمارس بالقرن الواحد والعشرين فهذا أمر ليس معقولاً

حسان مريود، ابن أحمد مريود، ومنصور الأطرش، ابن سلطان الأطرش، يذهبان للدراسة في منحة فرنسية إلى باريس، محمد الأشمر يعود محافظاً على هيبته في الشام، هنانو الثائر الذي أثخن الفرنسيين بالقتل، أطلق القاضي الفرنسي سراحه بعد المحاكمة، معتبراً ثورته ثورة سياسية مشروعة، معلناً استقلالية السلطة القضائية الفرنسية عن السلطة العسكرية.

فيما المحتل الأسدي، صفّى ستين ألف سجين، واحتفظ بعشرات الآلاف، دمّر الغوطتين، وحلب وقراها، دمّر داريا وشرّد أهلها، زجَّ بخيرة شباب الطائفة العلوية بحرب أهلية، هيهات أن تضع أوزارها، وشرّد الملايين.

والحق، أنّ فكرة القتل من أجل السلطة وعي قديم مرتبط بمفهوم العرش، أمّا أن تمارسه جماعة في القرن الواحد والعشرين، وبدعم دولتين متخلفتين، وعيهما مكون من بقايا كسروية، وبقايا قيصرية، فهذا أمر ليس من معقولية التاريخ أبداً.

الصفحة الرئيسية