صحوي سابق يكشف أسرار وخفايا "السرورية" في السعودية

صحوي سابق يكشف أسرار وخفايا "السرورية" في السعودية


06/03/2018

كشف صحوي سعودي سابق في شهادة خص بها "العربية.نت" خفايا وأسرار الصحوة والصحويين في السعودية، وهو ذلك التيار الذي حقق انتشارا كبيرا في الأوساط الشبابية بداية من منتصف ثمانينات القرن الماضي، وما رافقه وتابعه من أحداث وأشرطة كاسيت اسلامية صارت الأكثر بيعا وتداولا في هذه المرحلة.

في هذه الشهادة، يقدم عبدالعزيز العلي (وهو اسم مستعار لشخصية تحتفظ العربية.نت بهويتها الحقيقية) تفاصيل التيار الصحوي من الداخل، والأساليب والطرق التي اتبعها لتأسيس القاعدة الصحوية التي يتم البناء عليها، وكيفية تهيئة وتجنيد شباب يؤمنون بأفكارها ويضحون من أجل نشر مبادئها في المستقبل، وأساليبهم لنشر ذلك الفكر بين أفراد المجتمع.

وتناول هذه الصحوة التي عرفت في الأوساط الاعلامية "بالسرورية" قائلا إنها انتشرت في المجتمع السعودي انتشار النار في الهشيم، وكانت لها أهداف تسعى إلى تحقيقها، وآليات سهلت انتشارها, ورموز نظروا وأصلوا لها.

وشرح المقصود بالسرورية، بأنها نسبة لمؤسسها (الشيخ محمد سرور زين العابدين) الذي جمع بين عباءة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبين "بنطال" سيد قطب ومحمد قطب, حتى غدت هذه الشخصية أهم وابرز مرجع حركي للشباب الصحوي السعودي من خلال إمساكه بكتاب التوحيد باليد اليمنى والظلال باليد اليسرى, أو من خلال قيامه بعقد قران بين الوهابية والقطبية واللذان انجبا مولودا نجيبا سمي بالسرورية.

خلل في كتابات تناولت الصحوة
وأكد العلي أن من كتب عن هذه الصحوة كان معنيا بتتبع ودراسة الخطاب الصحوي العام فحسب, والذي كان موجها من قبل رموزها الذين ذاع صيتهم منذ مطلع التسعينات الميلادية، إلا أنها استوفت جانبا واحدا وهو الجانب التنظيري للصحوة من خلال تلك المحاضرات والدروس وبعض المؤلفات للرموز الصحوية.

وأشار الصحوي السابق إلى حدوث "خلل لدى بعض من كتب في ذلك الشأن حيث تم الخلط لديهم بين التيار الصحوي كمفهوم وتنظيم له أهدافه ووسائله وأساليبه وبين غيرها من التيارات والحركات الإسلامية المعاصرة لدينا, حتى أصبحت اقرأ لبعض الكتاب نسبة عدد من المفاهيم والمواقف والأساليب للصحوة لدينا".

وفي شرحه لهذا الخلل قال إن "المتعمق نظريا وعمليا لتلك الصحوة يدرك أن تلك النسبة غير دقيقة، ومن ذلك الخلط نسبة بعض الكتاب الصحفيين المتحولين كالكاتب الصحفي مشاري الذايدي والكاتب عبدالله بن بجاد العتيبي والكاتب منصور النقيدان وغيرهم من المتحولين عن الفكر الصحوي، رغم أن بعض هولاء قد مروا بتجارب صحوية قد لاتتجاوز السنتين من أعمارهم وهم في مقتبل العمر".

وأضاف "لا أظن أن أحدا منهم ينسب نفسه للفكر الصحوي كتجربة عميقة عاشها ولكنهم وبلا شك خاضوا تجارب عميقة وذات أهمية كبيرة في عدد من التيارات والمدارس الدينية الأخرى كالتيارات الجهادية ومدرسة أهل الحديث".

تجربة 15 عاما
وتابع بأن شهادته التي تنشرها "العربية.نت" هي تجربة واقعية من داخل رحم هذه الصحوة, أمضى فيها من عمره أكثر من 15 عاما, كان فيها صحويا منذ بدايتها وحتى نهايتها, ولم يحد طيلة تلك السنين عن ذلك المسار قيد أنملة، وكانت كفيلة بالمرور على الكثير من المحطات الصحوية في حياته.

وكشف بأن جماعة التوعية الاسلامية أو جماعة الثقافة في المرحلة الثانوية كان هو المسمى الغالب لأنشطة التيار الصحوي والتيار الاخواني، فقد تجد في هذه المدرسة أن جماعة التوعية الإسلامية تابعة للتيار الصحوي وتجد في أخرى أن جماعة التوعية الإسلامية تابعة للتيار الاخواني وهكذا وفي بعض المناطق قد تجد اختلاف في المسميات، لكن العلاقة بين النشاطين في معظم المدارس كانت علاقة صراع حقيقي.

وأرجع عبدالعزيز العلي ذلك إلى الخلاف الأيدلوجي بين التيارين، فكل واحد منهم ينتمي لتيار معين نشأ وتربى على مفاهيمه وأساليبه، وهو يسعى في نشره بكل الوسائل الممكنة, ومن أهم تلك الوسائل ضم اكبر عدد ممكن من طلاب المدرسة لجماعته لتأسيس قاعدة صحوية كانت أم اخوانية.

وقال إن أحد ابرز مسببات هذا الصراع هو ما حصل أحيانا من وجود خلاف وتنافس على احد الطلاب المتميزين والمتفوقين في المدرسة, فإذا كان هذا الطالب ليس محسوبا على إحدى الجماعتين تجد سباقا محموما من كلا الطرفين لضمه لجماعته.

الخلاف بين الاخوان والصحويين
أضاف أن الخلاف والصراع بين مشرفي النشاطين قد يصل أحيانا إلى توتر في العلاقات الشخصية بينهما فتجد كل واحد منهما يتحاشى السلام على الآخر أو الكلام معه, ويظهر ذلك جليا على أفراد كل جماعة حتى وان كان هولاء الطلاب وهم في هذه السن لا يدركون فحوى وحقيقة هذا الصراع، لكن وبدافع الانتماء يتولد لديهم التعصب لجماعتهم ولمشرفهم , ويبدأون يشعرون بوجود خلاف كبير بينهم وبين من يسمونهم بالآخرين ويقصدون بهم أعضاء الجماعة الأخرى.

واستطرد في تلك النقطة بقوله "تجد أفراد جماعة التوعية الإسلامية يصلون صلاة الظهر في مقرهم ولايصلون في مقر جماعة الثقافة وكذلك العكس بل يتعدى الأمر إلى خارج فناء المدرسة فلا يمكن لأعضاء جماعة التوعية مثلا الذين ينتمون لتيار الصحوة أن يصلوا في مسجد او جامع او يحضروا محاضرة او فعالية اخوانية وكذلك العكس، وكل ذلك بتأييد ودعم من مشرفي مثل تلك الانشطة والحلقات والمكتبات".

وقال إنه انضم وبقية زملائه لجماعة التوعية الإسلامية بالمدرسة والتي يتبع مشرفها للتيار الصحوي وذلك حسبما كان مقرر ومنسق لهم، وكان مناطا عليهم عملية جذب الطلاب الجدد، خاصة المتميزين، والتميز وهذا التميز قد يكون لتفوقه الدراسي او لكونه ينتمي لعائلة من وضع اجتماعي جيد.

وأضاف أن المشرف عليهم كان يذكر له ولبقية زملائه بعض الأسماء تحديدا ويقترح علينا بعض الأفكار من اجل إقناعهم بالمشاركة في النشاط وغالبا ماتكون البداية بأن يشارك الطالب الجديد في مثل هذه الانشطه بالنشاط الصباحي أي في الفسحة وفي حصة النشاط ومحاولة اغرائه طيلة هذه الفتره للمشاركة في النشاط المسائي.

وقال: في هذه المرحلة تستمر عملية البناء الإيماني بشكل وطريقة تناسب هذه المرحلة كأن يبدأ الطالب على التعود على صيام الاثنين والخميس، ويشارك زملاءه بإفطار جماعي ليستشعر الطالب من ذلك لذة العبادة والقرب من الله.

الاعجاب والتعلق بالطالب الوسيم
وتابع بأن "المشرفين كانوا يواجهون مرحلة ضعف وفتور إيماني من الطالب, فهو كان متحمسا في المرحلة المتوسطة كبداية الطريق وبعد ذلك يبدأ حماسه يفتر ويضعف, بل ويبدأ طغيان الشهوة لديه وهذا أمر طبيعي لفترة المراهقة التي يعيشها, لذلك تكثر التساؤلات من كثير منهم عن حكم العادة السرية ولولا وقوع عديد كبير منهم بما يسمى العادة السرية لما وجدت كثرة الأسئلة من طلاب المرحلة الثانوية عن هذه القضية".

واستطرد عبدالعزيز العلي قائلا إنه "تبدأ أيضا بالظهور وبسبب قوة العلاقات التي تكون بين طلاب النشاط مشكلة الإعجاب والتعلق بالطالب الوسيم في النشاط من قبل زملائه، والتي قد لا يعرف الأستاذ المشرف إلى أي حد قد تتطور إليه هذه العلاقة في الخارج, بل إن هذه المشكلة قد يقع فيها بعض المشرفين على الأنشطة، وهذا ما كنت أراه بعيني حيث كنت أرى المشرف غالبا يقوم بتوصيل أحد الطلاب الوسيمين ويأخذه معه كثيرا عند ذهابه لقضاء بعض الحاجات والإكثار من المزاح والمداعبة مع أمثاله، ومثل تلك التصرفات كانت ملحوظة لدى عدد ليس بالقليل منا".

وقال "ان حصول ذلك ليس أمرا مستغربا في مثل هذه الأوساط فللقارئ أن يلقي بنظرة على بعض الاستفسارات التي ترد لأحد ابرز المنظرين التربويين في التيار الصحوي وهو الشيخ محمد الدويش" ضاربا أمثلة باستفسارات وردت إلى موقعه على الانترنت تتناول تلك المشكلة.

وتابع بأن "هذه القضية تخفى على معظم الآباء وأولياء الأمور الذين يلتحق أبناؤهم بالأنشطة والمكتبات, فهم يظنون أن (الولد) مع شباب مطاوعه (ملتزمون دينيا) ولا خوف عليه وهو بأيدي أمينة بل ويضعون كامل ثقتهم في ذلك المشرف او المعلم".

قضايا أخلاقية وسلوكية
وفي هذه الجزئية يكشف الصحوي السابق عبدالعزيز العلي أن "مثل هولاء الأولياء لا يدركون أن عددا من القضايا الأخلاقية والسلوكية تقع في مثل هذه الأوساط, لذلك اعرف احد الزملاء لديه اثنان من الأبناء وقد التحق منذ أن كان بالمرحلة المتوسطة بإحدى المكتبات ورأى حينها عددا من العجائب والغرائب التي حصلت معه ومع غيره من مشرف المكتبة ومن بعض الطلاب".

وقال إن هذا الزميل "سأله ذات مرة إمام المسجد المجاور لمنزلهم: لماذا لا تسجل أبنائك في الحلقة خصوصا أن سيما الخير والصلاح عليك؟.. فرد عليه:أنا اسمح لأبنائي بالصلاة بالمسجد ولا أريد أن يلتحقوا بأي حلقة لأنني على معرفة تامة بما يجري في مثل هذه الحلقات ,فسكت إمام المسجد ولم يجب".

وأضاف العلي "أتذكر أيضا عندما كنت في تلك المرحلة ماكان يحصل بين الطلاب أنفسهم من تدقيق النظر والتلميس والتقبيل بحجة المحبة في الله وقد رأيت ذلك أمام عيني العديد من المرات".

وقال إن "الصحوة في هذه المرحلة تهتم بالبناء التربوي وهي العملية الرئيسية التي تقوم بها الأنشطة لغرس المفاهيم الصحوية في عقول الطلاب منذ الصغر, وتقوم على تحقيق ذلك بعدة وسائل كإلقاء الدروس العامة لجميع الطلاب من قبل المشرف على النشاط, والاستماع لأشرطة دروس ومحاضرات بعض المشايخ الذين يطلق عليهم مسمى (تربوي) لاهتمامهم وتخصصهم في طرح القضايا التربوية للشباب كالشيخ محمد الدويش والشيخ محمد المنجد".

لقاءات سرية
أشار أيضا إلى وسائل اعتبرها مهمة جدا مثل "إقامة لقاءات وجلسات خاصة مع الطلاب البارزين في النشاط والذين يغلب على الظن انه سيكون لهم دور صحوي في المستقبل حيث يقوم المشرف أولا على تحديد تلك الفئة بحيث لايتجاوز عددهم السبعة أفراد، وذلك لأن مثل هذه الجلسات تنبني على السرية التامة بحيث يتم تعليمهم على الكتمان والسرية، وذلك لأن ثمة أمورا تنظيمية للتيار في المستقبل سوف تستدعي السرية".

وتابع بأنه تلقى في هذه اللقاءات دروسا في تفسير القران الكريم، ويتم أيضا تدارس لبعض الكتب والرسائل ككتاب معالم الانطلاقة الكبرى لمحمد عبد الهادي المصري وبعض مؤلفات الشيخ عمر الأشقر وغيرها من الكتب والرسائل القصيرة، وهذه الدروس لايقدمها المشرف نفسه إنما يقوم الطلاب بالتحضير لها مسبقا ويتم اختيار احدهم لتقديم الدرس، بحيث يتم التحقق من رسوخ هذه المعلومات لدى الطالب ويقوم المشرف بالتعليق عليها".

وأوضح الصحوي السابق بأنه يتم من خلال هذه اللقاءات ربط الطالب بالواقع ومعرفة مستجدات الأخبار والأحداث المتعلقة بالشأن الدعوي, ونظرا لأن مثل هذه الأخبار والمعلومات لا يمكن طرحها على المستوى العام فإنها تطرح بشكل خاص على أفراد هذه المجموعات.

وقال إن "كافة التطورات التي تلت أزمة الخليج كمنع بعض الأشرطة أو ايقافات الدعاة والخطباء وأخبار بعض المنكرات والتجاوزات الشرعية ونحو ذلك من الأخبار كنا نستقيها من المشرف علينا في هذه المجموعة".

وأضاف أن مثل هذه اللقاءات تعقد في منأى قدر الامكان عن أعين بقية الأعضاء وفي بيوت وأماكن غير ملفتة للنظر لما تسببه من حزازيات وتساؤلات كثيرة بسبب تخصيص هذه المجموعة بلقاءات ودروس خاصة, وكذلك تحفظا من الجانب الأمني.

ومضى عبدالعزيز العلي قائلا إن الشاب يتلقى مثل هذه اللقاءات في المرحلة الثانوية وكذلك في المرحلة الجامعية وقد تستمر أيضا بعد ذلك, و الطالب في المرحلة الثانوية الذي يختار لهذه اللقاءات قد لايكون راغبا بحضورها لما تتضمنه من قراءة وإعداد وتحضير ولأنه لايدرك أهميتها لمستقبله الصحوي,ولكن قد يكون الذي يعجبه هو تخصيصه واختياره ضمن فئة معينة بالاهتمام والعناية من قبل المشرف.

وكشف بأن المشرفين والقائمين على هذه الأنشطة يدركون أن القليل من أعضاء النشاط هم الذين سيكون لهم دور مستقبلا في العمل الدعوي, وهولاء القلة الذين يختارون لمثل هذه الجلسات واللقاءات تكون لهم عناية ومتابعة خاصة, ويتم إعطاؤهم برنامجا مكثفا من اجل تهيئتهم وإعدادهم.

وقال إن التيار يهتم أيضا في هذه المرحلة وبشكل مبسط بالبناء العلمي من خلال تلقي الطالب لبعض الدروس العلمية في الحديث والفقه عبر دروس يتم تلقيها داخل النشاط او عبر تلخيص وسماع أشرطة الدروس العلمية لبعض المشايخ الموثوق بهم.

ماذا يحدث في المراكز الصيفية
وتحدث عبدالعزيز العلي أيضا عن المراكز الصيفية التي تبدأ قرب الاجازة وقال إنها أيضا "إما تكون تابعة للتيار الصحوي, وإما أن تكون تابعة لتيار الإخوان, وكان من المعلوم قديما أن المراكز الصيفية التي تقام في المعاهد العلمية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود في جميع مناطق المملكة تكون تحت سيطرة الصحويين , والمراكز التي تشرف عليها وزارة المعارف آنذاك تكون تحت سيطرة الإخوان".

وقال إن هذه المراكز التي تتكون من عدد من الحلقات والمكتبات والأنشطة "يتم تهيئة جميع أمورها قبل بداية الإجازة, ومن الصعب اختراقها, فالإدارة والمشرفون والأعضاء هم من تيار واحد, فلا يمكن لأي طالب من خارج هذه الأنشطة المذكورة أن يسجل بها إلا ما ندر وذلك وفق ضوابط محددة من إدارة المركز خاصة إذا كان هذا الطالب لا تظهر عليه علامات التدين فيستحيل قبوله, وذلك لأن هذه المراكز تخدم تيارات معينة".

وأوضح ذلك مشيرا إلى من اكبر الأخطاء التي ارتكبت من قبل المسؤولين في الفترة الماضية أنها "تركت مثل هذه المراكز تحت سيطرة التيار الصحوي أو التيار الاخواني وكان كل واحد منهم يضع أجندته وأهدافه التي يسعى من تحقيقها".

وأضاف أنه "تم استدراك ذلك متأخرا من قبل المسؤولين, حيث تم وضع خطط وأهداف وأساليب معينة لمتابعة المراكز الصيفية ولكن لا أظن أنها ستجدي كثيرا, وذلك لأن هذه التيارات قد تمكنت من السيطرة عليها ولديهم من الخبرة الكافية للتعامل مع المسؤولين, فهم يستطيعون التكيف مع التوجيهات وفي الوقت ذاته تحقيق أهدافهم التي يريدون تحقيقها من خلال هذه المراكز الصيفية".

الغزو العراقي للكويت
وتحدث عن بدء الغزو العراقي للكويت في أوائل التسعينات في منتصف وقت هذه المراكز الصيفية، متناولا "توزيع شريط للشيخ أحمد القطان الداعية الكويتي واحد رموز التيار الاخواني على جميع الطلاب بعنوان مسلسل تدمير الأخلاق, هذه المحاضرة ألقيت قبيل فترة الغزو بقليل وقد حكى الشيخ فيها بعضا من صور الانحلال الخلقي في المجتمع الكويتي".

وقال عبدالعزيز العلي إن "القائمين على المركز استغلوا من توزيع هذا الشريط فرصة لبيان خطورة المعاصي والفواحش والآثام، وأن ما أصاب الكويت إنما كان بسبب ذنوبهم وأنه قد يصيبنا ما أصابهم إذا نحن لم نتق الله ونبتعد عن المعاصي".

وأضاف أنه "بسبب ذلك العدوان الغاشم توقفت المراكز الصيفية في عدد من المناطق ولتهيئة تلك المباني لاستقبال اللاجئين الكويتيين، واستمرت البقية, واستغل الصحويون ذلك الحدث على مستوى كافة الأصعدة، فبادروا كعادتهم في استغلال الفرص بالتحرك في المساهمة، ابتداء في خدمة أولئك اللاجئين في المدارس، لأن الصحوة تحرص على الاستفادة من كل فرصة تمنحها وتساعدها على توسيع وتمديد قاعدتها بين الناس، وفي نفس الوقت إعطاء صورة ايجابية لأهدافها ومقاصدها ومن ذلك مساهمتها في العمل الاجتماعي والتي تكون وسيلة لتحقيق أهدافها ولنشر أفكارها".

وعبر عن هذه الفترة بقوله "لا اذكر أنني سمعت أحدا ممن كانوا يوجهوننا حينها حديثا عن بشائع النظام العراقي وعن جرائمه بقدر ماكنت اسمع عن خطورة ذلك التوافد الأجنبي الكبير لبلاد المسلمين".

محاضرة لسفر الحوالي
وتحدث عن "نزول محاضرة الشيخ سفر الحوالي بعد فترة من الغزو، والتوجيه الذي جاءهم بالاستماع لها جيدا، باعتبار أنه أفضل من تكلم في تلك الحادثة ومن وضع النقاط على الحروف خصوصا في قضية التواجد الأجنبي والتي بالأصل لم تكن تعني شبابا في مثل سننا في تلك المرحلة".

وقال الصحوي السابق "بحكم أن القضية في نظر القائمين والموجهين كانت كبيرة وخطيرة كان لزاما علينا أن نفهم ما يجري حولنا وما يخططه الغرب لنا, ثم كانت محاضرة الشيخ ناصر العمر والتي طلب منا حضورها وتلخيصها بعد ذلك, حيث كانت تصب في خطورة توافد وتداعي الأمم الكافرة علينا وأن ما يصيبنا إنما هو بسبب ذنوبنا ومعاصينا وبعدنا عن الله".

ويتذكر عبد العزيز العلي خطبة شهيرة "لإحدى الشخصيات التربوية المعروفة والذي كان يدير أحد المحاضن الطلابية بشأن التحذير من التواجد الأجنبي والتي كانت سببا في اعتقاله وإيقافه والتحقيق معه من قبل الجهات الأمنية, ومن عجائب الزمان أن مثل هذه الشخصية مع مضي السنين أصبحت تحتل مركزا مرموقا وحساسا في وزارة التربية والتعليم".

ذهاب الشباب لأفغانستان
ثم يتناول الصحوي السابق مرحلة مهمة وهي ذهاب الشباب إلى افغانستان وتكلفة ما يسمى "اعداد مجاهد في سبيل الله" حيث كان عدد من المشايخ يستقبلون العديد من الأموال من عدد من التجار من اجل تجهيز الشباب للذهاب لأرض الجهاد, وقد كانت تصل تكلفة إعداد شاب للجهاد قرابة خمسة عشر ألف ريال.

وقال إن عددا ليس بالقليل من المنتمين لتيار الإخوان كانوا يذهبون للتدريب في أفغانستان والشيشان ومعظمهم يذهبون بدون إذن من أهاليهم, وكانت الأنشطة الطلابية التابعة للإخوان تعرض وبشكل دوري في أثناء الفسح أشرطة الفيديو عن معارك المجاهدين الأفغان وعن مأساة البوسنة والهرسك ومأساة الشيشان وكوسوفو في ظل غياب أدنى معايير الرقابة المدرسية عن ما يتم طرحه في الأنشطة المدرسية.

وأوضح العلي أنه كان "في النشاط أو الجماعة من ضمن الطلبة المميزين من قبل مشرف الجماعة والذي كانت تربطه علاقة قوية بعدد من القيادات الصحوية كالشيخ سفر الحوالي والشيخ سلمان العودة والشيخ ناصر العمر وغيرهم من المشايخ والدعاة والمربين وكانت بينه وبينهم زيارات متبادلة".

وقال إن هذا المشرف "كان يتميز باهتمامه بالقضايا الفكرية واهتمامه بقضايا فقه الواقع فلقد تلقينا على يديه أنا وبقية زملائي في اللقاءات والجلسات الخاصة العديد من المفاهيم الفكرية من خلال دراسة بعض الكتب والتي كان من أهمها في تلك المرحلة كتاب معالم في الطريق لسيد قطب والذي يعتبر من أهم مؤلفات سيد قطب ومن أهم الكتب التي يعتنى بأخذها في هذه المرحلة".

وأضاف أن "المشرف كان يربط كلام سيد قطب بواقعنا وبأوضاعنا الداخلية في المملكة خصوصا الأوضاع التي حصلت من بعد أزمة الخليج, وكان يقول لنا دائما إن كلام سيد قطب موجه لكم وللأجيال التي تليكم فأنتم عليكم مسؤولية التغيير لمستقبل الإسلام والمسلمين".

أسرار مجلة "السنة"
وتناول عبدالعزيز العلي أيضا مجلة "السنة" التي كانت تصدر من لندن وممنوعة من دخول السعودية واعتبرها الصحويون مصدرا مهما لتحليل الأوضاع ولفهم قضايا الواقع، وكان المشرف يرى أن إيصالها إلى بعض الخطباء والدعاة الصحويين أمر مهم جدا.

وقال العلي إن المشرف سأله "هل تعرف المسجد الفلاني؟.. أحد المساجد الضخمة في بنائها والذي بني على نفقة احد أبرز التجار لدينا , قلت : نعم اعرفه , قال: المسجد يضم ثلاثة غرف في ساحة المسجد غير مستخدمه ولها مدخل من طريق جانبي أحد هذه الغرف قمنا بتجهيزها بآلة تصوير وبجهازين لنسخ أشرطة الكاسيت، وأريد منك ومن فلان أن تقوموا بتصوير عشرين نسخه من كل عدد من إعداد مجلة السنة حيث سأقوم بإحضار نسخة واحدة وانتم تقومون بتصويرها مع التأكيد على سرية هذا الموضوع وعدم خروج أي معلومة لأي احد عن هذا المكان سيتسبب في عدة مشاكل أمنيه خطيرة".

أضاف الصحوي السابق "أخذت منه مفتاح الغرفة وذهبت لها، ورأيتها مجهزة بأجهزة تعتبر متميزة في ذلك الوقت سواء من حيث سرعة التصوير أو سرعة أجهزة نسخ الكاسيت, وبدأت أمارس تلك المهمة الخطرة والتي كنت اعتبرها خدمة عظيمة لمصلحة الدعوة والصحوة".

وقال "كنت مولعا بقرائتها ومن خلالها بدأت أتعرف على قضايا وأمور كثيرة تتعلق بهذا البلد وبالبلدان الأخرى كقضية فوز جبهة الإنقاذ في الانتخابات بالجزائر وما تبعها من أحداث كثيرة, وكذلك ما يتعلق بمؤتمر السلام الفلسطيني الإسرائيلي وأهدافه البعيدة, وأوضاع الجماعات الإسلامية في السجون السورية وملفات أخرى".

يستدرك عبدالعزيز العلي بقوله "الذي كان يشدني متابعته كثيرا قسم آخر الأخبار والذي كنت أتصفحه مباشرة حيث كنت اقرأ من خلاله أخبارا كثيرة متعلقة بالنظام السعودي وعن تجاوزات بعض المسؤولين وعن أخبار المشايخ والدعاة وأخبار الاعتقالات والايقافات، خصوصا أن هذه المجلة وكما هو معروف كانت تهاجم الدولة السعودية وتكفرها وتصفها بأبشع الأوصاف".

وقال إن هذه المجلة التي كان يشرف عليها الشيخ محمد سرور زين العابدين "فتحت لي أفقا واسعا من الإطلاع على فهم وإدراك كثير من التطورات السياسية كنت افهم بعضها وبعضها لا افهمه. لقد كان الشعور الذي كنت الحظه في قراءتي لتلك المجلة هو أن الحكومات تسعى وبتوجيه من الغرب وبشتى الوسائل في محاربة هذا الدين وإجهاض المشاريع الدعوية خصوصا حكومة هذا البلد. لقد أصبحت وأنا مازلت طالبا في المرحلة الثانوية املك الكثير من المعلومات الخاصة والمهمة جدا والتي كانت تخفى على من هم في مثل سني بل وأكثر من ذلك".

وقال الصحوي السابق "كنت أقوم كذلك بنسخ بعض أشرطة الكاسيت الممنوعة كأشرطة الشيخ سلمان العودة والتي أصبحت ممنوعة وغير مفسوحة من الإعلام حيث كان المشرف على النشاط يطلب مني نسخ كميات كبيرة منها ,ويقوم الشباب بنشرها وتوزيعها".

التيار يحددوجهة الطالب الجامعية
وتناول عبدالعزيز العلي مرحلة الانتقال إلى الجامعة وقال إن "انتقال الطالب من المكتبة او الجماعة او النشاط من المرحلة الثانوية إلى المرحلة الجامعية يتم بتنسيق وترتيب, فالمشرف على النشاط هو من يقوم بتحديد الجامعة المناسبة للطالب خصوصا المتميز منهم والذي ينتظر منه الكثير في المستقبل, حيث يقوم المشرف بإقناع الطالب بأهمية الدور الذي سيكون له مستقبلا في حالة ذهابه للجامعة الفلانية".

وكشف أن "بعض طلاب الأنشطة المتفوقين دراسيا في التخصصات العلمية يتم توجيههم إلى تخصصات شرعية وذلك تبعا للمصلحة, حيث يدرك التربويون في التيار الصحوي أنه بذهاب الطالب المتميز إلى إحدى الجامعات العلمية لدراسة الهندسة او الطب مثلا فإنها تقلل من فرصة قيامه بدور صحوي مستقبلا في بعض المجالات والتي من أهمها المدارس , إذ أن أهم مجال لديهم لتأسيس قاعدة صحوية هي عن طريق فتح الأنشطة المدرسية ابتداء من المرحلة المتوسطة".

وتابع بأن مثل هولاء الطلاب يتم توجيههم إلى الكليات والجامعات الشرعية والأدبية ليتخرجوا منها ويقوموا بدورهم التربوي في مجال تربية النشء بالطريقة التي يريدونها من خلال تلك الأنشطة المدرسية. كاشفا بأن "معظم المشرفين على مثل هذه الأنشطة والحلقات والمكتبات هم من أصحاب التخصصات الشرعية والأدبية العاملين في قطاع التعليم وذلك لأن أهم خيار وظيفي لهم هو مجال التعليم".

وأشار إلى أنه "يحصل أن يتفاجئ بعض الآباء من رغبة أبناهم بالالتحاق والتسجيل في كليات شرعية وأدبية رغم تخصصهم في المجال العلمي وتفوقهم فيه, فالأب يتمنى أن يرى ابنه يحمل شهادة عليا في الهندسة او الطب ولكنه يفاجئ برغبة ابنه بالالتحاق بكلية شرعية او أدبية, وما علم ذلك الأب أن هذه الرغبة هي إملاء وإقناع من قبل مشرف النشاط المدرسي والذي شحن ذهن الطالب المسكين بالدور المناط عليه مستقبلا في خدمة هذا الدين وأن الإنسان قد يضحي بأمر دنيوي من اجل مصلحة دينية يعود نفعها على المجتمع".

وقال إن الطالب في المرحلة الجامعية "يظل متلقيا للتوجيهات, ولكن الحياة الجامعية تختلف كثيرا عما سبقها من مراحل تعليمية خاصة في الجوانب التنظيمية , ففي هذه المرحلة تبدأ دائرة الأفق لديه بالاتساع".

الجامعات تحتضن الصحويين والاخوان
وكشف بأن الجامعات في السعودية باختلاف تخصصاتها تحتضن ابرز التيارات الدعوية الحركية وهما التيار الصحوي وتيار الإخوان المسلمين، قائلا إن المتتبع يلحظ أن التيار الصحوي يكتسح معظم الجامعات الشرعية والعلمية لدينا سواء بأعضاء هيئة التدريس المنتمين إليه او المتأثرين فيه، وكذلك يمتلك قاعدة طلابية ضخمة في مقابل تيار الإخوان والذي قد يكون له حظوة وتواجد في بعض الجامعات، وذلك إما بسبب ظروف المنطقة التي قد يتواجد ويتركز فيها أعداد كبيرة من أتباع تيار الإخوان أو بسبب سيطرة بعض القيادات الاخوانية على بعض المواقع الحساسة في بعض الجامعات خاصة المتعلقة منها بشؤون الطلاب.

واستطرد بأنه يوجد في معظم الجامعات في السعودية "من يشرف على تلك التيارات من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة , فالتيار الصحوي لديه من المعيدين او المحاضرين او الأساتذة الذين يشرفون على تنسيق وتنظيم البرامج والدروس المتعلقة بالشباب المنتمين إليه, وكذلك الأمر بالنسبة للتيار الاخواني , وغالبا مايكون هذا الإشراف بصورة غير مباشرة وذلك لاسباب واعتبارات كثيرة".

عن "العربية.نت"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية