خريطة الجهد الإماراتي في مكافحة الإرهاب في اليمن

اليمن والإمارات

خريطة الجهد الإماراتي في مكافحة الإرهاب في اليمن


26/12/2017

في تقرير نشرتْهُ  وكالة "رويترز" في شهر أيار (مايو) الماضي، ذكرتْ أنّ قوة يمنية، درّبتها وموّلتها دولة الإمارات العربية المتّحدة، كانت قد تمكنتْ من استعادة ميناء المكلا الجنوبي من مقاتلي تنظيم "القاعدة"، وذلك في إشارة إلى نجاح "قوات النخبة الحضرمية" من طرد التنظيم من مدينة المكلا في نيسان (أبريل) عام 2016، وحرَمته من ملايين الدولارات التي كان كسبها هناك من الرسوم الجمركية على الاستيراد، واستغلال الموارد النفطية لمدّة تزيد على العام. وأكدتْ "رويترز" أنّ استعادة المكلا من "القاعدة" كانتْ إنجازاً كبيراً للقوة التي ترعاها الإمارات؛ فالمكلا- الواقعة على خليج عدن-عاصمة محافظة حضرموت، التي تضم أغلب الثروة النفطية اليمنية.
بعض الأفراد من قوات النخبة الشبوانية بعد قبضهم على عناصر تابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي بمدينة الحوطة

دعم وتدريب "قوات النخبة الشبوانية"
وفي سياق تعزيز دعمها للقوات اليمنية في مواجهة مليشيا الحوثي والتنظيمات الإرهابية، عملت الإمارات على دعم وتدريب "قوات النخبة الشبوانية"، ونشرتها على طول الساحل في كانون الأول (ديسمبر) عام 2016؛ حيث قامت تلك القوات بتأمين حماية منشأة "الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المُسال" في بلحاف. كما أنّ ثمة انتشاراً محدوداً كانت وحدات "النخبة الشبوانية" قد نفّذته في وقت سابق من العام الجاري، وسيطرتْ من خلاله على مواقع عدّة من مديرتي ميفعة ورضوم. هذا الأمر جاء كمحصّلة في إطار خريطة الجهد الإماراتي في مكافحة الإرهاب في اليمن، وبمشاركة ومساعدة لوجستية من قبل الولايات المتحدة. بمعنى آخر، لقد تمّ ما يشبه المحاكاة لتجربة "قوات النخبة الحضرمية" في طرد تنظيم "القاعدة" في ساحل حضرموت، وهذا يجيء ضمن حزمة أشمل من الترتيبات التي أنجزتها الإمارات في جنوب اليمن، وضمن تنسيق الأدوار مع حليفتها، المملكة العربية السعودية. وكان تنظيم "القاعدة" قد شنّ عمليات ضد أهداف تابعة لـ"النخبة الشبوانية"، لكنّ حصيلتها كانت متواضعة للغاية.

استعادة المكلا من "القاعدة" كانت إنجازاً كبيراً للقوة التي ترعاها الإمارات لأنها تضم أغلب الثروة النفطية اليمنية

وثمة حاجة، من أجل المحافظة على هذه المكتسبات في مواجهة التنظيمات الإرهابية في الجنوب، إلى تمكين أبناء محافظة شبوة من إدارة شؤون مناطقهم، ومعالجة أي جوانب ضعف في تمثيل قبائل المحافظة بين صفوف مجندي النخبة.
أفراد من ميليشيات الحوثي في صنعاء

تحدي الإرهاب ما يزال قائماً
ولكنْ، على الرغم من الجهود الإماراتية والأمريكية في محاربة التنظيمات الإرهابية في اليمن وإضعافها وتوجيه ضربات لقياداتها والتمكّن من طردها من الكثير من المواقع، فإن تحدي الإرهاب ما يزال قائماً، وهو يتمثّل في عجز الحكومة المعترف بها دولياً من خوض مواجهة شاملة مع الإرهاب في اليمن، وما يمنع من ذلك ربما:
أولاً، التّداخل وصعوبة الفصل الكامل بين التنظيمات الإرهابية وبعض فصائل المقاومة ذات الطابع الديني في بعض مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

تحدي الإرهاب يتمثّل في عجز الحكومة المعترف بها دولياً من خوض مواجهة شاملة مع الإرهاب في اليمن

ثانياً، أنّ العائق الأكبر لذلك هو استيلاء مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، على السلطة في الشمال واستمرار احتلالهم للعاصمة صنعاء، وهو دافع للمجتمع الدولي بزيادة دعمه للتحالف العربي بقيادة السعودية من أجل تمكين الحكومة الشرعية من بسط نفوذها على كامل البلاد، في سياق حل سياسي ينهي الحرب المأسوية، يقوم على المرجعيات الثلاث (مخرجات الحوار الوطني اليمني، وبنود المبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصِّلة، وخصوصاً القرار رقم 2216)، وبما يعزز الشرعية، ويوجّه الجهود لمحاربة التطرف والإرهاب وإعادة الإعمار. ولعل من التوصيات العملية في هذا المجال أن يتم، وعبر دعم ومساندة إقليمية ودولية، استحداث لجان فنية تحت إشراف الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، تعمل على حصر أسلحة الجيش وعتاده العسكري، بغرض منع المتاجرة بها أو تسريبها إلى مليشيات وجماعات مسلحة، أو استخدامها في أعمال إرهابية. وتكتسب هذه التوصية أهميتها ورهانيتها في ظل التطورات الأخيرة في اليمن بعد اغتيال الحوثيين في بداية الشهر الجاري حليفهم السابق، الراحل، علي عبد الله صالح، وقيامهم بتصفيات واعتقالات للعديد من قيادات حزب "المؤتمر الشعبي العام"، وإدماجهم الكثير من الوحدات العسكرية التي كان يسيطر عليها في إطار المليشيات الحوثية، ومصادرة مخازن الأسلحة (وبعضها أسلحة أمريكية متطورة) التي كانت بحوزة قوات علي عبد الله صالح، قبل انقلابه على تلك المليشيات، ما أدى إلى قتله والتمثيل به.

 

الصفحة الرئيسية