
رغم سقوط خلافته المزعومة قبل سنوات، لم يختفِ تنظيم "داعش" من المشهد السوري. بل تشير المعطيات الميدانية والمعلومات الاستخباراتية إلى أنه أعاد تنظيم صفوفه وبدأ ينشط مجددًا، مستفيدًا من هشاشة الوضع الأمني والفراغ السياسي في مناطق متعددة، خصوصًا في البادية السورية والحدود الممتدة بين دير الزور والرقة.
وفي متابعة نشرتها إندبندنت عربية، كشف مسؤول أمني سوري أن التنظيم لا يزال يشكّل تهديدًا فعليًا، وقد خطّط مؤخرًا لتنفيذ عمليات كبرى، من بينها "محاولة استهداف رئيس الجمهورية نفسه"، إضافة إلى اغتيال شخصيات سياسية بارزة وتنفيذ تفجيرات ضد كنائس وأهداف مدنية.
تفجير كنيسة مار إلياس في قلب العاصمة دمشق كان رسالة واضحة بأن التنظيم قادر على ضرب عمق المناطق المحصنة، رغم كل الإجراءات الأمنية. وبحسب التحقيقات الجارية، فإن الخلية التي نفّذت الهجوم تلقت أوامرها من قياديين في التنظيم موجودين في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة، وتحديدًا في ريف دير الزور وجنوب الرقة، وهي مناطق تنشط فيها خلايا "داعش" بغطاء سكاني وعشائري في بعض الأحيان.
وتشير التقارير الأمنية إلى أن التنظيم يعيد تفعيل استراتيجية "الذئاب المنفردة"، وينفّذ هجمات نوعية مستهدفًا مراكز الشرطة ونقاط التفتيش، مستفيدًا من الانشغال الأمني بالحرب في شمال البلاد، ومن الانقسامات الإدارية التي ظهرت بعد سقوط النظام السابق في نهاية 2024.
ورغم الحملات التي تنفذها وحدات من الجيش السوري بمساعدة روسية، إلا أن الطبيعة الجغرافية الصعبة للبادية، وتورط خلايا نائمة داخل بعض الأوساط المدنية، تجعل من اجتثاث التنظيم مسألة أكثر تعقيدًا. كما تلوح مخاوف من أن يعود "داعش" لتجنيد الفئات الأكثر فقرًا وتهميشًا، خاصة في مناطق لم تحظَ بإعادة إعمار أو دعم اقتصادي بعد الحرب.
ويرى المحللون أن عودة نشاط التنظيم في سوريا يعكس فشلًا دوليًا في معالجة الجذور الاجتماعية والسياسية للتطرف، ويحذّرون من أن الفراغ الأمني وتضارب الولاءات داخل سوريا يفتح الباب مجددًا أمام تمدد الجماعات الجهادية، في مشهد يذكّر بمرحلة ما قبل 2014.