
أشار تقرير حديث لموقع "أمد للإعلام" إلى أن تيارات الإسلام السياسي تمر بمرحلة مفصلية عالمياً، في ظل ما وصفه التقرير بـ"التحولات العميقة في المزاج الشعبي، والانحسار التدريجي للثقة الجماهيرية"، بعد أكثر من عقد من التجارب المتعثرة في الحكم والانخراط السياسي.
وأوضح التقرير الذي أعدّه الباحث الفلسطيني أحمد يوسف، أن تجارب الإسلاميين في بلدان مثل مصر وتونس والسودان كشفت هشاشة البنية التنظيمية لهذه التيارات عند وصولها إلى السلطة، ما أدى إلى سقوط سريع أو انسحاب قسري، نتيجة صراعات داخلية أو ضغوط شعبية، أو بفعل تدخلات المؤسسة العسكرية.
ولفت التقرير إلى أن الحركات الإسلامية التي وصلت للحكم بعد 2011 لم تنجح في بناء أنظمة حكم رشيدة تحوز على شرعية ديمقراطية ومشروعية شعبية في آن، ما عجّل بانقلاب المزاج العام عليها، مشيراً إلى أن "الوعود الإسلامية" لم تصمد أمام الأزمات الاقتصادية والانقسامات الأيديولوجية.
في المقابل، سلط التقرير الضوء على تجارب إسلامية معتدلة نسبيًا مثل حزب العدالة والتنمية في تركيا وأنور إبراهيم في ماليزيا، باعتبارها نماذج حاولت الجمع بين المحافظة الإسلامية والانفتاح السياسي، لكنّها واجهت بدورها تحديات تتعلق بتآكل الحريات أو صراع الهوية، ما يجعلها أيضًا بحاجة إلى مراجعة.
وأضاف تقرير "أمد" أن تجربة حزب العدالة والتنمية المغربي تمثل نموذجًا آخر لمآل الحركات الإسلامية ضمن أنظمة ديمقراطية، حيث عانى الحزب من خسارة ساحقة في انتخابات 2021 بعد سنوات من الحكم، نتيجة ما وصفه التقرير بـ"فقدان التماهي بين الخطاب الديني والواقع الاجتماعي"، ما أدى إلى اهتزاز قاعدة الدعم الشعبي.
وأكد التقرير أن الأجيال الشابة في العالم العربي والإسلامي لم تعد ترى في الإسلام السياسي مشروعًا جذابًا أو مقنعًا، وبدأت تتجه نحو أنماط تعبد فردية أو قطيعة مع الخطاب السياسي الديني، ما يعكس تحوّلًا ثقافيًا واجتماعيًا يتطلب من التيارات الإسلامية إعادة التفكير الجذري في مضامينها وأساليبها.
وفي توصيفه لمستقبل الإسلام السياسي، حدّد التقرير أربعة سيناريوهات مرجحة لمسار هذه الحركات: أولها الانكفاء إلى العمل الدعوي، وثانيها الانخراط في مراجعات فكرية وتنظيمية، وثالثها السعي إلى تحالفات مدنية، وأخيرًا التركيز على التنظيم الداخلي في ظل غياب الأفق السياسي المفتوح.
وختم "أمد" بالإشارة إلى أن مستقبل الإسلام السياسي لن يحسمه القمع ولا الحظر، بل المراجعة والتجديد من الداخل، داعيًا قادة هذه التيارات إلى الاعتراف بأخطائهم، والتخلي عن النزعة التسلطية التي أضرت بمشروعهم، والبدء ببناء خطاب جديد أكثر ملاءمة للمرحلة التاريخية الراهنة.