
استُشهدت الصحفية والمصورة الفلسطينية فاطمة حسونة، البالغة من العمر 25 عامًا، إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزل عائلتها في حي التفاح بمدينة غزة، أمس الأربعاء، ممّا أدى أيضًا إلى مقتل عشرة من أفراد عائلتها، بينهم شقيقتها الحامل. وجاءت هذه الغارة بعد يوم واحد فقط من إعلان اختيار فيلم وثائقي يروي قصتها للمشاركة في مهرجان كان السينمائي.
وُلدت فاطمة حسونة في غزة عام 1999، وتخرجت في تخصص الوسائط المتعددة من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية. وبرزت كواحدة من أبرز الصحفيين المحليين الذين وثقوا معاناة المدنيين خلال الحرب الإسرائيلية على غزة منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2023. عُرفت بصورها المؤثرة التي التقطت لحظات من الدمار، النزوح، والمقاومة اليومية، ونشرتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كانت تملك أكثر من 35 ألف متابع.
في أحد منشوراتها الأخيرة، كتبت فاطمة: "إذا متُّ، أريد موتًا صاخبًا... لا أريد أن أكون مجرد خبر عاجل أو رقم في مجموعة، أريد موتًا يسمعه العالم، وأثرًا يبقى عبر الزمن، وصورة خالدة لا يمكن دفنها".
كانت فاطمة الشخصية الرئيسية في الفيلم الوثائقي "ضع روحك على كفك وامشي" للمخرجة الإيرانية المقيمة في فرنسا، سبيده فارسي. يروي الفيلم، الذي تمّ اختياره للعرض ضمن مهرجان كان 2025، تفاصيل الحياة اليومية في غزة من خلال محادثات فيديو بين فاطمة والمخرجة. قبل وفاتها بساعات، أبلغت فارسي فاطمة باختيار الفيلم للمهرجان، ودعتها للحضور، لكن فاطمة أعربت عن رغبتها في العودة إلى غزة بعد العرض، قائلة: "سآتي إلى كان، لكن يجب أن أعود إلى غزة. لا أريد مغادرتها".
وأعلن مهرجان كان عن عزمه تكريم فاطمة حسونة خلال فعالياته، مؤكدًا أنّ وفاتها تضفي بُعدًا إنسانيًا عميقًا على الفيلم. وجاء في بيان المهرجان: "شاهدنا فيلمًا تبدو فيه طاقة هذه الشابة كمعجزة. ابتسامتها كانت ساحرة مثل عزيمتها. كانت شاهدة، ومصورة، وموزعة للطعام رغم القصف والجوع".
من جهتها، أدانت منظمة "مراسلون بلا حدود" مقتل فاطمة، مشيرة إلى أنّها انضمت إلى قائمة تضم ما يقرب من 200 صحفي قُتلوا في غزة خلال 18 شهرًا. وأكدت المنظمة أنّ استهداف الصحفيين يُعد انتهاكًا صارخًا لحرية الصحافة، داعية إلى تحقيق دولي مستقل في هذه الجرائم.
وتحولت فاطمة إلى رمز للمقاومة الإعلامية في غزة. صورها وكلماتها انتشرت عالميًا، وأصبحت تمثل صوتًا للمدنيين الذين يعيشون تحت الحصار والقصف. قالت المخرجة سبيده فارسي: "كانت فاطمة ناري وعيني في غزة. صورت ضحكاتها، دموعها، آمالها، واكتئابها. كانت شجاعة ومليئة بالحياة".
ومن المقرر عرض الفيلم الوثائقي في مهرجان كان في مايو 2025، حيث سيُعرض كتحية لفاطمة، ويُتوقع أنّ يسلط الضوء على معاناة الصحفيين في مناطق النزاع، ويُعيد التأكيد على أهمية حماية حرية الصحافة.